علي جاوات – فاس –
أخرج دفاع عبد العالي حامي القيادي في حزب العدالة والتنمية، اليوم الثلاثاء، خلال جلسة محاكمته، كل ما في جعبته من القراءات القانونية، والدستورية، من أجل الدفع ببطلان إجراءات متابعة موكله.
وتكلف بتقديم الدفعة الأولى من والملتمسات الأولية، كل من المحاميان محمد لشهب والطيب الأزرق، الذين حاولا جاهدين تبيان بطلان متابعة حامي الدين بكل الوسائل طيلة ثلاث ساعات من الترافع.
وقد ربط المحامي الطيب الأزرق، بطلان متابعة حامي الدين، بأن الدعوة في شموليتها خرق للدستور، الذي ينص في ديباجته على دسترة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وسمو التشريعات الدولية والقانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان على التشريعات المحلية.
وبحسب الأزرق، فإنطلاقا مما سبق فإن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي صادق عليه المغرب، ينص في أحد مواده على وجوب عدم محاكمة شخص مرتين بنفس التهم بناء على نفس الوقائع، وهي ذات الحالة في ملف حامي الدين الذي حوكم وأدين بنفس الوقائع، والذي برأته المحكمة من المساهمة في قتل أيت الجيد بنعيسى سنة 1993، وعاقبته بالمساهمة في مشاجرة والضرب والجرح الذي أفضى إلى وفاة.
من جهته فإن المحامي محمد الشهبي أكد على عدم قانونية إجراءات المتابعة، وشرح وفصل وجهة نظره إعتمادا على جميع المراحل التي مرت بها هذه القضية على مدار 26 سنة.
وقال الشهبي في مرافعته، “بعد إجراء التحقيق والإستماع إلى المشتكى به وإلى المطالب بالحق المدني والشاهد الخمار الحديوي أصدر قاضي التحقيق أمرا بتابعة عبد العالي حامي الدين من أجل جناية المساهمة في القتل العمد مع سبق الإصرار معللا قراره بأن الواقعة موضوع الشكاية تشكل في حق حامي الدين وصفا أشد وتختلف عن التي حكم وأدين من أجلها بمقتضى القرار الصادر في حقه في ملف 1993/229، والذي كان موضوع متابعة من أجل المساهمة في مشاجرة أدت إلى وفاة”.
وأضاف الشهبي، الذي بدى متأثرا، حيث انفعل في لحظات من مرافعته ” وهو تعليل فضلا عن كونه معيب ومخالف للحقيقة ومبني على مقتضيات لا علاقة لها بمسطرة التحقيق لأن الفصل 369 من قانون المسطرة الجنائية يتعلق بالمحكمة وليس بقاضي التحقيق، وهو تعليل مخالف للقانون ولما استقر عليه الفقه والإجتهاد، وأخل بمقتضيات المادة 751 من قانون المسطرة”.
وبخصوص الأسباب التي يقول الشهبي على أنها تهدم قانونية إجراءات المتابعة، فقد ذكر من بينها، إنه قد” أخل بحجية الأمر بالإحالة الصادر بتاريخ 17 ماي 1993، ذلك أن المسطرة الجنائية لا تتضمن أية مقتضيات تسمح بفتح تحقيق من جديد بعد صدور الأمر بالمتابعة والإحالة على المحكمة، وأن مهمة قاضي التحقيق سواء أجرى التحقيق بملتمس من النيابة العامة المادة 84 أو بناء على شكاية قدمت من طرف من ادعى أنه تضرر بجناية أو جنحة المادة 92 هي القيام بإجراءات التحقيق التي يراها صالحة للكشف عن الحقيقة، وأن قاضي التحقيق ينتهي دوره ويرفع يده عن الملف ويصدر أمرا بعدم المتابعة أو عند الإقتضاء أمرا بالمتابعة يبين فيه فقط الوصف القانوني للفعل المنسوب للمتهم، ويبين فيه بدقة الأسباب التي من شأنها أن تدعم وجود أدلة كافية، أو عدم وجودها”.
وتابع ذات المتحدث، “وبالتالي فإذا أصدر قاضي التحقيق أمرا بالمتابعة، فإنه يرفع يده عن الملف بصفة نهائية ويحيله على المحكمة المختصة ولا يمكنه مطلقا أن يعيد فتح التحقيق من جديد بعد صدور الأمر بالمتابعة لأن هذا الأمر له حجيته في حدود ما قضى به، وأن محكمة الإحالة هي التي يرجع لها بعذ ذلك البت في موضوع المتابعة”.
وأضاف “وبالتالي، وحيث أن الوقائع التي تمت يوم 25 فبراير 1993 كانت موضوع الأمر بالإحالة الصادر عن قاضي التحقيق، فإن هذا الأمر أصبح نهائيا، ويمنع إعادة فتح تحقيق من طرف قاضي التحقيق لأي سبب كان ولا يمكن بالتالي قبول الشكاية مباشرة من الطرف المدني بشأن نفس الوقائع ولو اختار الطرف المدني أن يعطيها وصفا آخر لأن قاضي التحقيق بمجرد إنهائه للتحقيق واتخاذه للأمر بالمتابعة يرفع يده عن الملف ويحال على المحكمة التي لها كامل الصلاحية سواء فيما يتعلق بالوقائع أو بالتكييف القانوني لها”.
ولم يكتف الشهبي بهذا بل انتقل إلى الدور الذي لعبه الوكيل العام للملك في القضية قائلا: ” تخل بحجية القرار المتخذ من طرف الوكيل العام للملك بتاريخ 20 نونبر 2012، متابعة حامي الدين تشكل مسا بحجية هذا القرار، القاضي بحفظ الشكاية التي قدمت ضده في الموضوع بتاريخ 12 نونبر 2012 لسبقية البت في القضية بمقتضى قرار قضائي”.
وقال الشهبي “حقا إن المادة 40 من قانون المسطرة الجناىية تنص في فقرتها الرابعة على أن للوكيل العام أن يحفظ الشكايات بمقرر يمكن دائما التراجع عنه، لكن هذا القرار قرار التراجع وككل القرارات القضائية يجب أن يكون معللا ويجب أن يكون هناك ما يبرر التراجع عنه، وقرار الحفظ المتخذ في 20 نونبر 2012 تعليله هو سبقية البت في القضية وهذا السبب لم يتغير”.
واعتبر الشهبي أن “المس بهذه الحجية له عواقب خطيرة تتعلق بالمس بالأمن القضائي وباستقرار المجتمع وبالثقة العامة وبالإطمئنان الذي من واجب القضاء أن يحافظ عليه ويصونه ويعمل على عدم زعزعته”.
ومن المتوقع أن تشهد محاكمة حامي الدين نزالا قانونيا وفقهيا، بين أطراف القضية، وهو أمر متوقع حسب المتتبعين للملف بالنظر إلى طبيعة المحاكمة في ملف تعود أطواره لأزيد من 25 سنة مضت، ونظرا للجدل القانوني الذي اندلع حتى قبل إنطلاق جلسات المحاكمة، بمجرد صدور قرار قاضي التحقيق بمتابعة حامي الدين، ومع وجود الشاهد الحديوي الخمار الذي ستكون شهادته محددة في القادم من الأيام.