خرج القاضي حكيم الوردي، عضو نادي القضاة بالمغرب، ونائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، منتقدا موقف مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وبلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، حول موضوع إحالة عبد العالي حامي الدين على المحاكمة بتهمة “المشاركة في قتل الطالب اليساري أيت الجيد بنعيسى، واصفا هذا الموقف ب”الخطاب العنيف”، و” على درجة كبيرة من الخطورة ليس فقط لكونها تشكل تدخلا في قضية معروضة على القضاء وخرقا للمادة 109 من الدستور”.
واعتبر الوردي في تصريح لـ “الأول”، ماجاء في تصريح الرميد وبلاغ “البيجيدي” ” يشكل إنتهاكا جسيما لكرامة ونزاهة القضاء فضلا عن أجواء الشحن التي خلقتها الهبة والنفير الحزبي في مواجهة قرار قضائي”.
واسترسل الوردي، “مع التشديد على مبدأ عدم جواز التعليق على قضية معروضة على القضاء واستلهاما لمبادئ “بنغالور” كما تم شرحها من طرف كبار القضاة فإن النقاش القانوني المثار في شأن قضية المرحوم أيت الجيد وخصوصا مسألة سبقية البت عرض على قاضي التحقيق وأصدر في شأنه قرار استأنفه دفاع المتهم خارج الأجل، وأصدرت الغرفة الجنحية قرارها بعدم قبول الاستئناف ولازال المجال مفتوحا أمامه”.
وتابع الوردي “ولكن لمساسها بسمعة واستقلالية القضاء من أعضاء في السلطة التنفيذية والتشريعية وقد يستشهد بها مستقبلا من طرف منظمات حقوقية دولية، مهما كان موقفنا منه فلا يمكن مواجهته إلا بالطرق المحددة في قانون الإجراءات الجنائية، لممارسة حق الدفاع أمام غرفة الجنايات الابتدائية والاستئنافية والنقض”.
موضحا “قاضي التحقيق مؤسسة مستقلة، ومن يقول العكس عليه الإتيان بالدليل، وإلا فكلامه هو والعدم سواء”.
وأكد الوردي على أن ” الدفع بسبقية البت دفع موضوعي يستقل بتقديره قضاء الحكم وليس قاضي التحقيق ويستلزم وحدة في الوقائع.. ولأن المسألة كما قال السيد وزير الدولة من الأبجديات فلا يتصور أن يصدر عن قاضي تحقيق زميلنا، ذ الطويلب المعروف بتجربته وكفاءته ونزاهته أمر بالاحالة عن وقائع سبق المحاكمة عنها.. علما أن المساهمة في مشاجرة نتج عنها وفاة ليست هي المساهمة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.. والمادة369 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثانية واضحة مادامت تمنع المتابعة من جديد عند البراءة أو الاعفاء..”.
موضحا “وللتبسيط نطرح السؤال هل أثناء المحاكمة سنة 1993 كان هناك شاهد أدى اليمين وصرح تحت مسؤوليته بأن المتهم ساهم بقتل الضحية.. لا إذ لو كان لما أدين من أجل مجرد جنحة.. وهذه التصريحات أدلي بها فقط في، 26/12/2016، تصريحات الشاهد المعتمدة في المتابعة أظهرت وقائع لم يسبق أن حوكم أو أدين من أجلها المتهم”.
وتابع الوردي “قرار قاضي التحقيق بعدم فتح تحقيق سنة 2013 لأن الوقائع الجديدة التي نسبت للمتهم وضع رجليه على رأس الضحية والمساهمة في قتله عن إصرار وترصد لم تظهر إلا بمناسبة أداء شهادة في دجنبر 2016 في قضية لازالت معروضة على غرفة الجنايات بفاس”.
وقال الوردي “على كل حال فإحالة الملف على غرفة الجنايات يرفع السرية، ولا شك أنه بإمكان الجميع تتبع المحاكمة التي يعتبر المتهم في ظلها بريء إلى حين إدانته بقرار مكتسب لقوة الشيء المقضي ومستنفذ لجميع طرق الطعن”.
مؤكدا أن على “جميع الفرقاء السياسيين النأي بالقضاء عن التجاذبات ومحاولة إقحامه في كل مناسبة في التراشقات السياسوية.. القضاء لا شأن له بالسياسة”.
مشيرا إلى أنه ” كان مفهوما قرار الحفظ المتخذ من طرف الوكيل العام للملك لدى استئنافية فاس بالحفظ سنة 2012.
مشددا على “الجميع أن يحترم أحكام القضاء ترسيخا لاستقلاليته في مرحلة انتقالية مهمة لا يمكن التشويش عليها بمنطق فئوي..”.
ودعا الوردي “الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية والجمعيات المهنية للقضاة اليوم أكثر من أي وقت مضى لمواجهة حملة التشكيك والترهيب بالدعوة إلى اجتماع استثنائي لأجهزتها التقريرية لاتخاذ ما يلزم لإيقاف نزيف الكرامة وفرملة محاولة التأثير، لاسيما وأن بلاغ الأمانة العامة يخبرنا عن تشكيل لجنة برآسة شخصية حكومية لتتبع ملف معروض على السلطة القضائية”.