قالت الجمعية المغربية لحقوق الانسان تعليقاً على الأحداث التي شهدتها مدينة الفنيدق والمجال المحيط بمدينة سبة المحتلة أول أمس السبت، إن هذا “الهروب الجماعي يجد تفسيره في كون الفساد في جميع المجالات وصل إلى مستويات قياسية يجعل الغالبية العظمى من الشعب تعيش الفقر المدقع في الوقت الذي تغتني فيه قلة من الفاسدين والمفسدين بسبب نهب خيرات البلد وتكديس الأموال وتهريبها إلى خارج الوطن”.
وأكدت الجمعية في بيان لها توصل “الأول” بنسخة منه، على أنها تتابع “بغضب واستنكار بالغين، المشاهد الصادمة الآتية من شمال المغرب، التي تجري أحداثها، منذ يوم 14 شتنبر، على الحدود الاستعمارية الفاصلة بين سبتة المحتلة ومدينة الفنيدق، لمئات وربما آلاف المغاربة ـ بينهم قاصرين ـ الذين وفدوا ويفدون إلى المنطقة من مختلف جهات المغرب من أجل الهجرة الجماعية غير النظامية إلى مدينة سبتة المحتلة”.
وأضافت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، “وإن كنا قد تعودنا على نفس المشاهد المتكررة لشباب وشابات من إفريقيا جنوب الصحراء وهم يحاولون الهجرة إلى مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين رغم كل المخاطر بسبب تشديد المراقبة على الحدود من طرف السلطات الإسبانية والمغربية لمنع وصولهم إليهما، فإن هاته المشاهد المؤلمة اصبحت اليوم تهم آلاف المواطنات والمواطنين المغاربة الذين يعرضون أنفسهم لكل المخاطر بما فيها الموت غرقا، وهوما عبرت عنها شهاداتهم/ن وصرخاتهم اليائسة”.
وقالت الجمعية في بيانها: “وإذا كان الموقف الإسباني مفهوما لأنه يسعى الى تكريس استمرار استعمار المدينتين إلا أن الموقف الرسمي المغربي يثير الكثير من الغضب لأنه يكرس الموقف الإسباني؛ وهوما نعتبره تخلي للدولة المغربية عن المطالبة المشروعة باسترجاع المدينتين السليبتين.. وما يزيد الطين بلة، هو تهافت المواطنات والمواطنين المغاربة في الوصول لهاتين المدينتين المحتلتين من أجل تغيير واقعهم/ن المعاش والذي يتميز بتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي العام وتراجع خطير للحقوق والحريات حيث يتم التضييق بشكل ممنهج على حرية الرأي والتعبير وانحسار فضاء المجتمع المدني بالإضافة إلى ارتفاع مستويات البطالة وتراجع القدرة الشرائية بسبب التزايد المستمر في نسب التضخم وارتفاع الأسعار وضرب الحق في القطاعات الاجتماعية وخاصة الصحة والسكن والتعليم”.
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن “عسكرة المنطقة وكأننا في حرب، ومنع المواطنات والمواطنين من حقهم في التنقل كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها من طرف الدولة المغربية واعتقال العشرات من المواطنين بموجب قوانين مجحفة لن يحل أبدا معضلة التفكير في الهروب من البلد ومحاولة البحث عن ملاجىء آمنة توفر لهم الحد الأدنى من العيش الكريم”.
وذكرت الجمعية، حسب البيان، “الدولة المغربية بأن استمرارها في تجاهل مآسي الهجرة غير النظامية والتي كانت تمس بشكل أساسي بالمهاجرين/ات من إفريقيا جنوب الصحراء، أصبحت منذ 2016 بعد حراك الريف وعجز السلطات المغربية عن حل المشاكل المتراكمة بسبب السياسات غير الديمقراطية واعتمادها بشكل أساسي على تسخير كل الإمكانيات البشرية والمادية لتشديد المراقبة على الحدود لن يخدم إلا الهواجس الأمنية الإسبانية في منع وصول المهاجرين/ات إلى الأراضي الإسبانية وإحكام قبضتها على المدينتين السليبتين سبتة ومليلية”.
وطالبت الجمعية في بيانها بـ”رفع العسكرة عن الشواطئ والسماح للمواطنين بالولوج اليها، واحترام حرية التنقل والتجول كما هو منصوص عليه في الصكوك الأممية لحقوق الانسان؛ وإطلاق سراح المواطنين المغاربة المعتقلين ومتابعة المسؤولين الحقيقيين عن هاته الوضعية التي يعيشها البلد والتي تؤدي إلى نشر اليأس وعدم الاستقرار، وتفعيل مبدأ عدم الافلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
ودعت إلى “وقف التوقيف والترحيل التعسفيين لشباب وقاصرين يتواجدون بمنطقة الناظور والمضيق والفنيدق، ومحاسبة الحكومة والبرلمان على السياسات التي أدت الى هاته الفضيحة الدولية التي تناقلتها وسائل الاعلام الوطنية والدولية بسبب انتشار الصور الصادمة للشابات والشباب المغربي الفارين من بلدهم والتي جابت أنحاء المعمور، ولأن هاتين المؤسستين لم تستطيعا إلى الآن تبني سياسات تخدم مصالح المواطنات والمواطنين بدل خدمة المصالح الضيقة لحفنة من المفسدين”.
وطالبت الجمعية بـ” إقرار سياسات للتنمية كعملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية المجموعات والافراد من المواطنات والمواطنين كما ينص عليه الاعلان العالمي للحق في التنمية”.