الثامن من شتنبر 2023، تاريخ سيظل راسخا في أذهان المغاربة كمحطة كارثية مؤلمة أصابت المملكة وتركت خلفها دمارا هائلا وألما بليغا.
بعد عقود من “كارثة أكادير” التي أودت بحياة نحو ثلث سكان المدينة، بالإضافة إلى تشريد عشرات الآلاف وإحداث خسائر مادية فادحة، شهدت المملكة نهاية الأسبوع الماضي أعنف زلزال في الألفية الجديدة حيث خلف الأخير الكثير من القتلى والجرحى، لكنه أظهر للعالم عمق الانتماء الوطني والمعدن الأصيل للإنسان المغربي ومدى التحامه في مواجهة التحديات والأزمات.
وما إن ظهرت النتائج الكارثية للزلزال الذي أودى حتى اللحظة بأكثر من ألفين قتيل، حتى أطلقت في المملكة حملات التبرع بهدف توفير كميات كافية من الدم والمستلزمات الغذائية والملابس والأغطية وغيرها من المساعدات التي من شأنها التخفيف من وطأة الزلزال.
حملات للتبرع بالدم
في هذا السياق لاقت الدعوات استجابة واسعة لدى المواطنين المغاربة حيث غصت المراكز المخصصة للتبرعات بالراغبين بالتبرع في العديد من المدن المغربية.
وتهافت المغاربة من كل الفئات، بشكل عفوي وطوعي، للتبرع بهذه المادة الحيوية للمساهمة في المبادرة التضامنية والإنسانية لإنقاذ أرواح المصابين وتلبيةً لنداء الوطن في هذه الظروف الاستثنائية.
كما تفاعلت عدة مؤسسات حكومية وغير حكومية مع النداء حيث بادرت للانخراط الفعلي والايجابي في هذا الفعل التطوعي النبيل.
وبينما كانت الجهات الإغاثية والسلطات تسارع الزمن لإنقاد العالقين تحت الأنقاض، تحول الشارع المغربي إلى ملاذ للتضامن والدعم، حيث تجمع الناس من كل فج أمام الأسواق والمحلات التجارية الكبرى لشراء كل ما قد يلزم المتضررين من الزلزال، من أغطية وأدوية ومواد غذائية، ليتم فيما بعد ذلك نقلها إلى المناطق المنكوبة.
وانطلقت من الشمال إلى الجنوب، عشرات القوافل المحملة بالأطنان من المواد الغذائية والألبسة والأفرشة والأدوية، كانت وجهتها واحدة، وهي ساكنة المناطق المتضررة من هذه الكارثة المفجعة.
الحملة التضامنية التي أطلقتها فعاليات جمعوية ونشطاء مواقع التوصل لقيت إقبالا كبيرا من لدن المواطنين وهو ما وثقثه صور وفيديوهات، مقدمين بذلك درسا إنسانيا رفيعا، عبروا من خلاله عن المعدن الأصيل للمغاربة وتلاحمهم وتضامنهم الاستثنائي والمبهر في الأزمات.
من جهة أخرى، سارع المغاربة من داخل وخارج أرض الوطن إلى التبرع بمبالغ مالية لفائدة الصندوق الذي تم إحداثه بتعليمات ملكية، لدعم ضحايا الزلزال.
نشطاء الفضاء الأزرق عبروا عن اعتزازهم وفخرهم من المشاهد الأخوية والإنسانية التي عبرها عنها المغاربة حيث كتب أحدهم: “على قدر الحزن على ضحايا الفاجعة على قدر الاغتباط لما يبين عليه الشعب المغربي من تضامن مع المكلومين”.
وقال أخر: “حقا مانراه هاته الأيام في بلدنا من تضامن للشعب من كل ربوع المملكة و حملات من طرف الشعب مساندة للمدن المتضررة جراء الزلزال تفتخر كونك مغربي و أن بلدك المغرب فيه شعب واحد”.
وأضاف أخر: “في كل الشدائد و الظروف الصعبة يظهر المعدن الأصيل للشعب المغربي.. لحمة وطنية كبيرة بين جميع شرائح الشعب، تضامن و تآزر و صمود.. لنحافظ على هذا النفس الإيجابي”.
قيم متأصلة في المغاربة
من جهة أخرى أجمع مختصون على أن القيم التضامنية التي برزت بعد “زلزال الحوز” هي قيم متأصلة في الشعب المغربي وفي ثقافته وأنثروبولوجيته.
وأكدوا أن المغرب الذي خاض الكثير من التجارب في مواجهة الشدائد والمحن والأزمات سواء منها الاقتصادية أو الصحية أو الطبيعية، له من القدرات والإمكانيات ما يجعله، قادرا على الخروج مرة أخرى منتصرا من هذا “الامتحان” العسير، حيث يكفي أن تتواصل روح “تمغرابيت” وتضافر جهود الجميع بهمة في الاتجاه الصحيح.
الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل “حاخام” إسرائيلي
أعلنت وزارة الداخلية الإماراتية يوم أمس الأحد إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص فيما يتعلق بمقتل…