الكاتبة اليسارية لطيفة البوحسيني: ترد على دعوة إلياس للمصالحة الوطنية

إن الدعوة إلى وحدة وطنية، من الناحية المبدئية والأخلاقية العامة لا يمكن إلا الاستبشار والقبول بها. لكن أن تنبع الدعوة من طرف رئيس حزب الأصالة والمعاصرة الذي أقام كل مشروعه على ضرب واستئصال مشروع العدالة والتنمية، فإنها تنزع عنها كل مصداقية وصدقية بل ويطرح أكثر من سؤال عن النوايا الحقيقية وغير المعلنة لهذه الدعوة … أكثر من ذلك ومما يزيد الطين بلة هو اختيار توقيت هذه الدعوة، أي مباشرة بعد الانتخابات.

لقد استعملت كل الوسائل بما فيها الأكثر خساسة طيلة مدة انتداب الحكومة التي ترأسها العدالة والتنمية وقيل في هذا الحزب ما لم يقله مالك في الخمر وتم التشهير بعدد من قيادييه وبلغ السيل الزبى قبل وأثناء الحملة الانتخابية وتمت شيطنته بما جعل جزءاً من المغاربة يلتفون حوله ويصوتون لصالحه ويبرهنون على حس سياسي وطني حقيقي. لكن، حينما تبث بالملموس فشل خطة الأصالة والمعاصرة وتمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على المرتبة الأولى، يخرج إلينا العماري بدعوته لوحدة وطنية. لماذا لم يقم بذلك قبل الانتخابات؟ لماذا لم يتحرك لديه الحس الوطني قبل الانتخابات؟ إن هذه الأخيرة تشكل فرصة للتبارز والمنافسة بين مشاريع متناقضة ومختلفة بالضرورة، وهو أمر عادي لبناء الديمقراطية بل ومن صميمها، وإلا لا حاجة لنا لهدر الزمن وتقديم مشاريع للناخبين، إذا كنا في النهاية سندعو لوحدة لا يمكن أن يصدق خلفياتها أي عاقل وأي مبتدئ في العمل السياسي.

من وجهة نظري، إن هذه الدعوة هي محاولة لزرع الشك والتشويش على سيرورة المفاوضات الهادفة لتشكيل أغلبية حكومية والتي يبدو ميلها واضحا نحو تجميع شتات مكونات الأحزاب التاريخية.

المغرب لا يعيش حالة نكسة أو أزمة خارجية تستدعي بالضرورة وحدة وطنية، خصوصا وأن كل مكونات الطيف السياسي الذي يشارك في الانتخابات والمؤسسات تتفق وتتوحد على القضايا الجوهرية لبلدنا كالملكية البرلمانية والوحدة الترابية مثلا… ومع ذلك، إذا كان حزب الأصالة والمعاصرة حريصا على وصادقا في دعوته، ما عليه إلا أن يبادر بطرح فكرة الوحدة الوطنية على قضية إصلاح التعليم مثلا التي تستحق اليوم أن تتشكل حولها وحدة وتتوحد حولها كل القوى الحية في البلاد.

وبإمكان هذا الحزب أن يقوم بذلك من موقعه كمعارضة وليس بالضرورة من قلب الأغلبية والمشاركة في الحكومة.

أما كون  إلياس العماري ينشر الدعوة في جريدة أخرى غير أحد جرائده، فهذا يبين بالملموس عدم ثقته في  فعالية مشروعه الإعلامي الذي ضخ فيه أموالا طائلة.