معاد بادري

نحن معشر المغفلين نريد منكم فهم الآتي، ولا نريد منكم أخذه على محمل الجد:

(1)

التغيير لن يخرج من المسجد، قطعا، لكنه قد يُفكّر فيه في حانة!!

(2)

نعمل ونتحدث لصالح الوطن/صالحنا/صالحهم، وهُم الأخيرة تعود على أبناء الوطن/الشعب. لكننا في كل الأحوال وباعتبارنا مغفلين نخبويين، نرى هذا الشعب مغفلا بقدر لا يمكن أن تلحق به صفة النخبوية. العمل الحقيقي هو “نخبنته”. وإن لم تكن مغفلا مثلنا فقد تذهب بالنخبوية والنخبنة في اتجاه الفكرة/النخبة كما في اتجاه الأصل/النَّخْب!!

(3)

لم تكن الوصاية خطأ مرفوضا يوما ما، الخطأ أن تكون وصاية دينية أو محافظة. وصايتنا يجب أن تكون تقدمية، أناركية، “تثقيفية”، وبتعريفات أخرى نحتفظ بها لأنفسنا، ولا نَعلمُها الا نحن. ونقول أيضا بأنها يجب أن تكون، لا يجب أن تعمل، لذلك فنحن لا نمانع بأن ترطُن وصايتنا هذه بلغة فرنسية مطعمة بدارج يومي، أو دارج مفرنس!!

(4)

نفهم جيدا أن من هم فوق ضد كل مشروع بالمعنى الأكبر للكلمة، يحمل خلفية إيديولوجية، ونرفض ذلك تماما ونقهر في دواخلنا يوميا لهذا السبب. لكن ولأن مشروعنا الإيديولوجي هو مشروع أقلية الأقلية اليوم، إن لم يكن مشروعا منقرضا، فلا مانع من أن نشارك الفوق/القاهر في هدم أي مشروع أيديولوجي آخر، ولا تهمنا الأسباب بقدر ما تهمنا عملية الهدم في حد ذاتها.

(5)

إن الأصوليين خطر علينا نحن بالذات، وخطر على نمط حياتنا، لذلك فنحن نخشاهم ونرتعد لخروجهم الى السطح. لا نهتم حقا بما لم ينجزوه وبوعودهم الانتخابية التي بدت لنا ولهم وللجميع كاذبة، لن نحاكمهم على أساس تعاقد ما، لأننا نعلم أن التعاقد -وإن كان- لم يكن على هذا الأساس، ولم نكن طرفا فيه لسببين: لأنه كان بينهم وبين الفوق، ولأننا ساعتها كنا مسحورين بالشارع، وحالمين بقوة قول “لا”، ولم تفد كل “الحجابات” التي قرأناها وشكلت “ثقافتنا” و”نخبويتنا” في إفاقتنا لا ساعة التعاقد القديم، ولا في المساومة القائمة الآن.

(6)

نحن ديمقراطيون، أو على الأقل نقول بأننا كذلك. ونفهم مما قرأنا وممن مارس علينا وصاية ارتضيناها، بأن الديمقراطية وسيلة لحكم الشعب، وجعله مقررا لمصيره بنفسه. لكننا في الآن ذاته نشترط استبعاد كل “اللاديمقراطيين”، وعدم الاستماع للشعب حقيقة لأنه لا يزال مغفلا، أو الأصح لم يصبح مغفلا نخبويا بعد. نقلب لغتنا نحو العاطفية و”التمسكن” من هذا الخطر. لكننا لا نمنع نفسنا من نقد “تمسكن” الأصولي، ونعلم أنه يريد أن يتمكن، وهو ما لا نريده له، لأننا نعلم أنه لن يكون لنا.

(7)

لا يهم إن كان عشاء واحدا، ومغفلين اثنين، فنحن نعلم أننا أقلية ونقول بذلك بدون أدنى حرج. نطمح لأن يزيد المغفلون مثلنا، لكننا في هذه اللحظة لا نهتم كثيرا إن كان هؤلاء لديهم بين أيديهم عشاء أم يبيتون جوعا، فآباؤنا الذين آمنوا بالعمال والطبقية وتوزيع الثروات، وآباء الأصوليين الذين بكوا لمبيت أحد أفراد “الرعية” بدون عشاء، كانوا خارج التاريخ، حالمين ومضيعين لوقتهم وطاقاتهم. ما يجب أن يهمنا نحن اليوم هو عشاءنا هذا الذي بين أيدينا، وطاولتنا المملوءة، وبالتأكيد نَخبُنا ونخبويتنا.

(8)

خارج السياق:

يحكى أن ابن الشيطان سأل أباه يوما: لماذا يا أبت كلما خرجت الى الشوارع، ومشيت بين الناس أجدهم يسبونك ويلعنونك ويستعيذون بالله منك؟ أكل ما يقع بسببك؟ سكت الشيطان، وقال لابنه هيا بنا الى السوق. وإذ هما يمشيان بين الناس في السوق، انتبه الشيطان لسقوط محفظة أحدهم منه دون أن ينتبه، فأمر ابنه بأخذ المحفظة وإرجاعها لصاحبها. فعل، فما كان من صاحبها الا أن علق: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

والشيطان في الأول والأخير فكرة ووسم، والا لما تشيطنّا ولا شيطنّا!!

التعليقات على على هامش عشاء المغفلين: التغيير والانتخابات وأمراض “النخبة” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…