المهدي الإدريسي* 

وكأن الأمر جلل فيه انتقاص من هيبة الدولة و خدمها حتى لا نقول خدامها، لكي لا نتهم بالسطو على المفاهيم الجديدة للدولة الرسمية، حتى يخرج وزيران ببلاغ دفاعا عن والي الجهة ضدا على منطق انتخابوي شرس لا يحترم دولة القانون .

وهكذا نجد أن البلاع ينص على أن “القطعة الأرضية التي أثارت الجدل جزء من تجزئة سكنية، مخصصة لموظفي وخدام الدولة، مند عهد الملك الراحل الحسن الثاني”، وأن “ثمن وشروط اقتناء القطع الأرضية التابعة لهذه التجزئة، يحددها بتدقيق مرسوم للوزير الأول صادر بتاريخ 26 دجنبر 1995”
و الحال أنه وجدنا في بلاغكما الذي يصف ما قام به السيد الوالي بالقانوني، وجدنا نوعا من الخلط المفاهيمي حتى لا نقول الجهل بمفهوم القانون و الحق و دولة الحق و القانون .
سيداي الوزيران ، سيدى الوالي
لقد ارتبط القانون ارتباطا وثيقا بفكرة وجود قوة ذات سيادة في كل دولة بحيث تكون لهذه القوة السلطة على سن القوانين وإلغاءها. وهنا نكون إزاء فكرة مفادها أن الدولة هي التي تخلق القانون . ولكن هنا عن أي قانون نتحدث؟ فإذا كان القانون هو مجموعة القواعد العامة والمجردة التي تطبق على الأفراد بغية تنظيم المجتمع فإننا نعتقد أن السؤال يبرز عن العلاقة بين القانون والحق. ويكفي أن نسوق المثال التالي لتفكيك هذه العلاقة : في ألمانيا النازية كانت تعتبر كل المتلفظات ضد النظام جرائم يعاقب عليها القانون والذين يسمعونها كانوا ملزمين بالإبلاغ عنها للسلطات بعد سقوط النازية بعد الحرب العالمية الثانية تمت ملاحقة امرأة وصت بزوجها الذي أوقفته السلطات وحكمت عليه بالإعدام ونقدت العقوبة . فهل يجب محاكمة هذه المرأة؟ ألم تقم المرأة هنا فقط بتطبيق القانون ؟؟؟؟
إن القاضي هنا لا يمكن أن يتابع المرأة ، كما لا يستطيع أي قاضي آخر ان يتابعك سيدي الوالي لأن ما قمت به ” قانوني ” .
لكن هيجل يرى أنه يجب أن تتوفر في القانون الشروط التالية لكي يعبر عن الحق يكون مرآة له:
•يلزم أن يكون عاما وشاملا أي أن يطبق على جميع أفراد الدولة بلا استثناء .
•لا يكون القانون مشروعا إلا إذا كان معروفا على نحو كلي، فبما أنه قد تم أقراره ليطبق بشكل إلزامي على كل المواطنين يجب أن يكون مضمونه معروفا من قبل كل مواطن وفي غياب ذلك سيكون صعبا جدا اعتبار المواطنين مسؤولين أمامه. فالقانون مختص بالحرية وهذا يستلزم أن يعرف الإنسان حدود حريته.
•ضرورة وجود سلطة عمومية تحمي القانون و وتنفذه ، إذ لا حرية بدون سلطة تحميها وتكمن مهمة هذه الأخيرة في التحقق من أن العدالة قد أخذت طريقها الطبيعي. كلما حدت انتهاك للقانون.
احترام إرادة أو ما يسميه هيجل بروح الشعب.

هل احترمت صفقة “زعير’” هذه المبادئ ، هل انسجم المرسوم الذي أسستم دفاكم بموجبه على قانونية الصفقة مع هذه الأبجديات ؟
سؤال لن أغامر بالخوض فيه… و لكن عوض هذا فإني أقترح أن أختم بفكرة ” لا علاقة ” لها بما سبق وهي فكرة الدولة الرخوة كنقيض لدولة الحق و القانون ، نعم ، أسيادي ،الدولة الرخوة التي طرحها عالم الاقتصاد والاجتماع السياسي السويدي جنار ميردال عام 1980 ، وهو يعني بالدولة الرخوة، دولة تُصدِر القوانين ولا تطبِّقها، ليس فقط لما فيها من ثغرات، ولكن لأن لا أحد يحترم القانون، الكبار لا يبالون به؛ لأن لديهم من المال والسلطة ما يحميهم منه، والصغار يتلقون الرشاوى لغضّ البصر عنه. و حتى مع اعترافنا بأن الفساد والرشوة موجودان بدرجة أو أخرى في جميع البلاد، ولكنهما في ظل الدولة الرخوة يصبحان أسلوب حياة .

التعليقات على رسالة إلى الوالي.. دولة الحق و القانون أم الدولة الرخوة ؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…