هذا بيان للحكام العرب والمسلمين.. كفانا من الحروب

المصطفى المعتصم

منذ 1980 عرفت المنطقة العربية والإسلامية العديد من النزاعات والحروب. لن أتكلم عن حروب الكيان الصهيوني ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني ولكن حديثي سيتناول فقط الحروب البينية بين الأنظمة في العالم العربي والإسلامي: الحرب العراقية الإيرانية، حروب أفغانستان، الغزو العراقي للكويت، حرب الخليج الثانية، حرب الخليج الثالثة واحتلال العراق وأفغانستان، الحرب الأهلية في الجزائر، الحرب الأهلية في الصومال، الحرب الأهلية في السودان، حرب الصحراء، حروب بلاد الساحل، حروب الربيع العربي الأهلية في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، انقلاب مصر، الخ..

ملايير الملايير من الدولارات أنفقت في هذه الحروب والنزاعات والآلاف عفوا الملايين من الضحايا بين شهداء وقتلى وجرحى ومشردين. حروب الرابح فيها هو الفساد والاستبداد وأرباب الشركات النفطية وشركات الأسلحة المتعددة الجنسيات. أما الشعوب فهي الخاسر الأكبر في كل هذه الحروب…

منذ القرون الوسطى، ثم بعد الثورة الفرنسية سبقتنا أوروبا لمثل هذه الحروب المدمرة واستطاع ملوك وحكام حمقى، افتقدوا الحكمة، أن يقودوا القارة العجوز نحو الخراب وكان التتويج في القرن العشرين من خلال حربين عالميتين أتتا على الأخضر واليابس في هذه القارة وأفقداها الريادة العالمية. ولم تخرج أوروبا من تيهها وحمق سياسييها وحكامها إلا باقتناع حكمائها بالجلوس للتفاوض من أجل بناء أوروبا الموحدة، أوروبا الأورو والإيرباص والحلف الآطلسي والسوق الأوروبية المشتركة. والمتأمل في الشعوب الأوروبية سيجدها أكثر الشعوب اختلافا دينيا ومذهبيا وعرقيا ولغويا كما أن تاريخها البيني تاريخ دموي بامتياز.

اليوم، حيث تدق مسامعَنا طبولُ حرب لن تكون نزهة بالنسبة لأطرافها، السعودية وحلفاؤها وإيران وحلفاؤها، لا بد للشعوب من أن ترفع حناجرها مرددة: كفا ودعونا، دعونا من الحروب.

لا بد أن ترفع شعوبنا صوتها متساءلة بشكل استنكاري: يا أيها الحكام، أليس فيكم رجل رشيد. وإذا كان رأس الحكمة مخافة الله، فيا حكام العالم العربي والإسلامي خافوا الله إن كنتم لا تأبهون لردود فعل شعوبكم. اتقوا الله في بلدانكم ومواطنيكم.

أيها الحكام، لا تمنحوا الاستعمار والصهيونية المزيد من الفرص لنهب خيرات بلداننا وتبدير إمكانياتها وترهنوا حاضرها ومستقبلها لأعداءها..

أيها الحكام، جربتم الحروب ولم تحصدوا سوى الدمار والويل والثبور وإطلاق يد الاستعمار والصهيونية في بلداننا حتى صار جلكم رهائن ودمى يعبث بها هذا الاستعمار كيفما شاء. فجربوا رجاءً أن تجلسوا بصدق بينكم لحل خلافاتكم.

ماذا لو جلست إيران والسعودية على مائدة مفاوضات لبناء نظام إقليمي في الخليج يستفيد منه كل دول وشعوب هذه المنطقة؟

ماذا لو جلست إيران وتركيا والعراق وسوريا من أجل بناء سوق اقتصادية وترتيب أمني لمنطقتهم؟

ماذا لو اجتمع العرب من أجل إعادة بناء نظام عربي جديد يحاكي ما فعلته أوروبا وما تفعله اليوم دول الآسيان والميركاسول؟

ماذا لو توقفت الحرب في اليمن وحلت قضيته حلا سياسيا برعاية دول إقليمية مؤثرة في الساحة اليمنية وثم إدماج هذا البلد في سوق التعاون الخليجي؟

ماذا لو جلس المغرب والجزائر واتفقوا على فتح الحدود وبناء تعاون إقليمي في إطار التحالف المغاربي؟

على الذين يثيرون الحروب والفتن بالعنوان الطائفي والمذهبي والعرقي أن يقرؤوا التاريخ جيدا قبل فوات الأوان، فالانتصار للطائفة والمذهب والعرق كانت دوما مدخلا من مداخل الفتن وذهاب الريح والتوطئة لدخول الاستعمار الماغولي التتري والصليبي والرأسمالي الغربي. على الذين يعتقدون أن الصهيونية والاستعمار بإمكانهما ضمان استقرارهم واستمرارهم في الحكم مقابل بئر نفط واعتراف بالكيان الصهيوني وحفنة دولارات أن يعودوا للدرس التاريخي ومنه سيتعلمون أن الضمانة الحقيقية هي ضمانة الشعوب أما الاستعمار فلا تهمه سوى مصالحه.

 

التعليقات على أيها الحكام العرب.. الضمانة الحقيقية هي ضمانة الشعوب مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…