عبد الوحيد خوجة

الطريق ضيقة لاتتحمل أكثر من سيارة واحدة. تضطر السيارات للركون والتوقف بمحاذاة الجرف لتوفير الحد الأقصى من المساحة لمرور الحافلة. منعرجات وسط جبال تكسوها غابات الصنوبر. تقطع الحافلة الطريق الجبلي الفاصل بين صويير وبالما في جزيرة مايوركا في أكثر من ساعة. تتوقف مرات عديدة لتستقبل أو تودع مسافرين اختاروا سلوك الطريق الوعرة لاستمتاع بجمالية طبيعة الجزيرة. بجانبي، سيدة عربية اللسان، قرطبية الملامح، بمجرد أن بدأت الحافلة تصعد إلى قمة الجبل رأيتها تتمسك بمقبض الحافلة وهي تردد “أمولاي عبد السلام” تذكرت آنذاك الطريق الوعرة المؤدية إلى مولاي عبد السلام بن مشيش الذي تحتضنه جبال الريف الشامخة غير بعيد عن تطوان. أسرق النظر من خلال النافذة وأن أكرر في سريرتي مقطعا من أغنية شعبية يرددها سكان جبالة في الحال والترحال “يا الطالعين يزورو في العقبة يرتاحو”. استوقفتني إشارة مكتوب عليها بني البوفار تذكرت أن العرب والبربر ومن عاشرهم من اليهود مروا من هنا واحتفظ الإسبان بآثارهم غير الدينية…. حمامات وقصور.
يذكر تاريخ الجزيرة أن قبائل غمارة استوطنت الجزيرة إلى أن طرد غير المسيحيين من الجزيرة في بداية القرن الثالث عشر.
في العودة من بالما إلى صويير وتجنبا للضيق الذي أحدثه سلوك الطريق الوعرة اخترنا أن نسلك طريقا تخترق الجبال. حفرت سلطات الجزيرة نفقين يشقان الجبال الشاهقة ويمكنان المسافرين من الوصول من وإلى بالما في أقل من نصف ساعة. استعمال النفق يكلف ما مقداره ستون درهما للرحلة.

تذكرت وأنا أعبر النفق الطريق الرابطة بين تازة والحسيمة ومنعرجات تيشكا المؤدية إلى ورزازات وحضرني نداء كان قد أطلقه صحفي مغربي فحواه أن تقدم المغرب بربط شمال المغرب بجنوبه وذلك بتطوير البنية التحتية واقترح عبد الرحيم اريري منذ أكثر من خمس سنوات بناء طريق سيار يربط الحسيمة بسمارة مرورا بورزازات عبر فاس وبني ملال.
في طريق العودة أثارني العدد الكبير من العائلات المغربية العائدة من أوروبا عبر المضيق بعد قضاء العطلة السنوية. ألهيت نفسي – وأنا أتحاشى الانتباه إلى هيجان البحر الذي كان يلعب بالباخرة كلعبة بلاستيكية – بعملية حسابية بسيطة هي نتيجة فكرة مبنية على مبدأ التضامن الوطني بين الجهات والأفراد وذلك بأن يقرر المغاربة قاطبة أن يتوقفوا سنة واحدة عن قضاء عطلهم خارج الوطن وقضاء عمرة رمضان مع ماتكلف هاتين العمليتين من نزيف في العملة الصعبة ويقررون طواعية بناء صرح جديد على غرار مسجد الحسن الثاني الكبير بإحداث حساب يمكن من جمع تبرعات لبناء نفقين واحد في شمال المغرب يسهل الولوج إلى شمال المغرب عبر الحسيمة وآخر في جنوبه ييسر الوصول إلى ورزازات وتحاشي عذاب اجتياز ممر تيزي تيشكا.
مطار بالما يعج بالمسافرين، نظرت إلى الشاشة وبدأت أحسب في انتظار موعد إقلاع الطائرة عدد الرحلات القادمة والمنطلقة من المطار يوميا. توقفت بعد أن وصلت إلى 400 رحلة يوميا خلال شهري يوليوز وغشت من الجزيرة إلى باقي دول أوروبا فأشفقت من حال مطاراتنا وبنيتنا التحتية التي لاتساعد إطلاقا على إقلاع اقتصادي يوفر سبل العيش الكريم للمواطنين.

التعليقات على مولاي عبد السلام المايوركي مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

نزار بركة يوجه نداءا للمؤتمرين الاستقلاليين عشية المؤتمر 18 للحزب من أجل “وحدة الصف”