“حكاية صحفية”.. زاوية نسعى من خلالها إلى استعادة وقائع ومواقف مفارِقة أو مفاجئة أو صعبة.. حدثت لصحفيات وصحفيين مغاربة خلال مسارهن ومسارهم المهني. يحكيها كل يوم زميل أو زميلة على موقع “الأول”

مع خالد الجامعي

– ما قصة علاقتك بفؤاد عالي الهمة؟

— فؤاد لم تكن لي به سابقة معرفة قبل أن تقدمه إلي سميرة سيطايل.

– كيف تعرفت على سميرة سيطايل التي ستتحول لاحقا إلى واحدة من ألدِّ خصومكم في “لوجورنال”؟

— علاقتي بسميرة سيطايل تعود إلى نهاية الثمانينيات حين زارتني في مكتبي بـ”لوبينيون” شابة في العشرينيات من العمر، وقدمت إلي نفسها كصحافية في الإذاعة والتلفزة الوطنية وقالت إنها أنجزت ربورطاجا عن جناح المصابين بمرض السيدا في أحد مستشفيات الدار البيضاء، رفض المسؤولون عرضه. حينها، لم يكن أحد يتحدث عن السيدا في المغرب. سألتها عن المقال “السينوبسيس”، أعطتني إياه، فقلت لها: غدا سوف ينشر كمادة رئيسية في الصفحة الأولى من “لوبينيون”. وقد كان الأمر سابقة، فلأول مرة يتم اعتماد ربورطاج حول السيدا كمادة افتتاحية في جريدة مغربية، وكان من توقيع سميرة سيطايل. بعد صدور المقال، ازدادت علاقة سميرة سوءا بإدارة القناة الأولى، فانتقلت للاشتغال في “دوزيم”. وفي سنة 1993، اتصلت بي سميرة للمشاركة في “ليلة من النقاش” دأبت “دوزيم” على تنظيمها، مع كل انتخابات أمريكية، وكانت المنافسة حينها بين جورج بوش الأب وبيل كيلينتون الذي سيحسمها لفائدته. كانت هذه أول مرة أظهر فيها على هذه القناة. وذكرا للحقيقة، فقد فتحت لي سميرة المجال واسعا للظهور في عدة مناسبات على شاشة “دوزيم” التي كانت قد انفتحت على وجوه جديدة، بل إن عددا من الوزراء الجدد تم استوزارهم بعدما ظهروا على “دوزيم”، فقد كان الحسن الثاني يتابع برامج القناة الثانية، “ومنين كانت كتبان ليه شي نقلة كيقرقب عليها”. في هذه الظروف، نشأت وتطورت علاقتي بسميرة سيطايل، وأصبحت علاقة عائلية.

– من سميرة سيطايل إلى فؤاد عالي الهمة؛ كيف قدمت إليك الصحافية صديقَ الملك؟

— ذات يوم، من آخر أيام حكم الحسن الثاني، اتصلت بي سميرة تخبرني بأن فؤاد عالي الهمة يريد رؤيتي. أذكر أننا كنا في شهر رمضان، ولم يكن لي سابق لقاء بصديق دراسة الملك. التقيت بفؤاد وبدأنا نتحدث في السياسة، ولست أدري ما إذا كان ذلك ترتيب اللقاء قد تم بإيعاز من ولي العهد الذي ربما ودَّ معرفة أفكاري ومواقفي من عدد من الأمور..

– هل انعقد اللقاء في منزل سميرة سيطايل؟

— نعم. وعندما أخذنا في الحديث، فاجأتُ فؤاد بالقول “واش وجدتو من بعد؟”، فقال لي: “من بعد آش؟”، قلت: “بعد موت الحسن الثاني”، ثم أردفت: “الملك مريض.. ومبقاش قد ما فات، وغدا ستجدون أنفسكم في الحكم، لذلك فإنني أسألك عما أعددتموه لاستقبال المرحلة الانتقالية”. فوجئ فؤاد بالصراحة التي تحدثت معه بها وقال: “إيوا الله يطول فعمر سيدنا”، فأجبته: “نعم، أطال الله في عمره، لكن الحكم يقوم على مبدأ “مات الملك.. عاش الملك” واستمرارية الدولة، فهل فكرتم في الأشخاص الذين سيتحملون المسؤولية إلى جانبكم، وهل وضعتم استراتيجيتكم للحكم؟ (يصمت) لقد خرجت من هذا اللقاء مقتنعا بأن محيط ولي العهد لم يكن يتوفر على تصور كاف للمرحلة الانتقالية، لذلك قلت لفؤاد: هذا رأيي فانقله إلى ولي العهد.

– لماذا ركزت في لقائك الأول بالهمة على معرفة مدى استعداد محيط ولي العهد لمرحلة ما بعد الحسن الثاني؟

— لأنني عرفت حينها من مولاي هشام أن أيام عمَّه أصبحت معدودة. وبالفعل، فبعد أشهر من ذلك اللقاء توفي الحسن الثاني.

– ألم يسألك الهمة، خلال هذا اللقاء، عن علاقتك بمولاي هشام؟

— (يضحك) هذا جاء في لقاء لاحق.

– ما الذي دار بينك وبين الهمة، في اللقاء اللاحق، عن مولاي هشام؟

— لاحقا، عندما تطورت الأمور بيننا، وكان محمد السادس قد أصبح ملكا، قلت للهمة: “خاص هاذ الغضب يتطفا بين الملك ومولاي هشام”، فأجاب الهمة: “هاد الشي منهدرش فيه”، ثم لاذ بالصمت، ففهمت أنهم لا يريدون مولاي هشام.

– بعد هذا اللقاء، سوف تتكرر لقاءاتك بفؤاد عالي الهمة؟

— لا، بعدها تم استدعائي من قبل الكتابة الخاصة لولي العهد، والتي كان فؤاد عالي الهمة مديرا لها، للحضور إلى حفل استقبالٍ على شرف هيلاري كلينتون، زوجة الرئيس الأمريكي حينها، في مراكش، فقلت لسميرة سيطايل: “يمشيو يلعبو.. واش نمشي أنا لحفلة يجمعو فيها الناس فواحد القنت لينتظروا مرور هيلاري كلينتون”. لاحقا، أسست علاقتي بفؤاد على أساس: “وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى”، أي أن سيدي محمد شاب، يداه نقيتان ولا سوابق له في الحكم، كما أنني كنت أحتفظ له بذكرى طيبة عن استقباله لحكيمة حميش ونفيسة بنشمسي، على هامش حملة التطهير لسنة 1996، حيث جاء متأخرا بثلاث دقائق فاعتذر إلى المرأتين كأي مواطن. وقد كنت أدعو قائلا: “الله يجيب على يديه الدُّوزان” وننتقل معه إلى الديمقراطية بدون صراع ولا صُداع ولا دم. لذلك اقترحت على فؤاد عالي الهمة مجموعة من الأسماء التي يمكن أن تساعد الملك الجديد على إرساء قواعد حكمه على أسس ديمقراطية.

– أين كنت تلتقي بفؤاد عالي الهمة بعدما أصبح محمد السادس ملكا؟

— (يضحك) تلح على التفاصيل.. كنا نلتقي في فيلا تابعة لوزارة الداخلية، كانت سابقا تحت تصرف ادريس البصري، في شاطئ قريب من الرباط، أظن أنه الهرهورة. لقد كان الهمة يسكن فيها مؤقتا في انتظار تجهيز سكناه الحالية، وكنت أذهب إليه أحيانا على متن سيارة “خرشاشة” تابعة للجريدة وأحيانا أخرى كان يبعث إلي بسائقه الخاص.

حلقة الغد. فتيحة أعرور: هكذا رافقت الملك والأميرات والأمراء إلى باريس

التعليقات على اقترحت على الهمة مصالحة الملك ومولاي هشام .. وهذا ما قاله لي مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…