عبد الله كيتو (و م ع)
تتجه أنظار عشاق كرة القدم، لاسيما بأمريكا الجنوبية، مساء اليوم السبت، صوب ملعب مونومينتال بالعاصمة البيروفية ليما لمتابعة نادي ريفر بلايت الأرجنتيني وهو يحاول انتزاع لقبه الخامس في مسابقة “كوبا ليبرتادوريس”، وبالتالي تأكيد أحقيته به في السنة الماضية، وفريق فلامينغو البرازيلي، الذي يراوده حلم استعادة مجد قاري غاب عنه منذ 38 سنة خلت.
ولعرس كروي من حجم نهائي “ليبرتادوريس” تفاصيله وترتيباته الخاصة، لاسيما أنه سيقام بمباراة واحدة بعد كل الأحداث التي صاحبت المباراة النهائية السنة الماضية. وأما إقامته بالمنطقة فلا شك يختصر على عشاق ومحبي الفريقين مسافات التنقل خاصة أنصار ريفر بلايت، الذين لم ينسوا بعد عناء السفر السنة الماضية إلى مدريد، التي احتضنت ذهاب النهائي أمام ناد آخر لا يقل رمزية في تاريخ الأرجنتين والمنطقة هو بوكا جونيورز، وإن كان التتويج باللقب قد عوض عن التعب والمشقة.
وشاءت الصدف أن يستهل ريفر مشواره في البحث عن لقبه الثاني على التوالي بالعاصمة البيروفية حيث حل ضيفا على “أليانثا ليما” في مباراة بالملعب الوطني انتهت مجرياتها بالتعادل بهدف لمثله، قبل أن يواصل مطاردة حلمه معرجا على دول الشيلي والبرازيل والباراغواي وكله أمل في الحفاظ على اللقب.
وأما فلامينغو، صاحب الشعبية الجارفة في البرازيل حيث يقدر عدد أنصاره بنحو أربعين مليون مشجع، فيمني النفس في أن يعانق لقبه الثاني في هذه البطولة القارية، ويقطع حبل العقود العجاف الطويلة التي لازمته منذ 1981، تاريخ فوزه على كوبريلوا الشيلي.
وإذا كان ريفر سيلعب المباراة النهائية بالمدينة التي بدأ بها الدفاع عن اللقب فإن الفريق البرازيلي كان قريبا من أن يخوض النهائي الثاني له في هذه المسابقة بالملعب الوطني بسانتياغو، وهو الملعب ذاته الذي حمل فيه كوبا ليبرتادوريس قبل نحو 38 سنة، إلا أن الوضع هناك جرى بما لا يشتهي الفريق البرازيلي إذ دفعت الاضطرابات الاجتماعية، التي تفجرت في الشيلي منذ 18 أكتوبر الماضي، اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم (الكونميبول) لنقل المباراة النهائية إلى ملعب مونومينتال بليما.
ويعد نهائي “كوبا ليبرتادوريس” بين ريفر وفلامينغو أهم مباراة سيحتضنها هذا الصرح الرياضي منذ تسعة عشر عاما من افتتاحه، لاسيما وأنه صار أكبر ملعب بالبيرو وأحد أكبر المنشآت الرياضية بأمريكا الجنوبية بسعة تزيد عن ثمانين ألف متفرج.
وكل المعطيات تؤشر وتصب في اتجاه واحد ألا وهو أن نهائي مساء السبت يعد بالإثارة والتشويق لاسيما وأن المباراة ستقام على أرض قارة يتنفس أهلها عشق كرة القدم، فضلا عن كون الفريقين يمثلان بلدين أنجبا نجوما في عالم كرة القدم لطالما سحروا العالم بفنياتهم ولمساتهم البديعة، بل إن الندية لا تغيب متى كان طرفا اللقاء أحدهما برازيلي والآخر أرجنتيني فرقا أو منتخبات. إنها فرصة الجمهور أيضا للتغني واستحضار بريق بلاده الكروي الماضي والحاضر، ولما لا النيل من صورة الخصم.
وليس هذا فحسب، فحتى المواجهات الدولية ال 12 التي التقى فيها ريفر وفلامينغو تكاد تؤكد أن لا مفاضلة لأحد على الآخر وإن كانت كفة الأفضلية تميل فيها بشكل طفيف للأرجنتينيين، الذين حسموا خمسة لقاءات لصالحهم مقابل أربعة انتصر فيها البرازيليون بينما كان التعادل سيد الموقف في ثلاث مباريات.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها فلامنغو وريفر بليت رسميا على مستوى بطولة كوبا ليبرتادوريس إذ سبق أن تواجها في أربع مباريات في عامي 1982 و2018، كما التقيا أربع مرات في كأس أمريكا الجنوبية (1991 و1993) ومثلها في كأس ميركوسور (2000).
وأما عن أول مواجهة رسمية بين النادي البرازيلي والأرجنتيني في كوبا ليبرتادوريس فتعود إلى 1982، وهي المباراة التي تمكن خلالها فلامينغو من هزم ريفر بلايت بثلاثة أهداف مقابل لا شيء بالعاصمة بوينوس آيريس قبل أن يؤكد النتيجة بمعقله بريو دي جانيرو بأربعة أهداف لهدفين.
وتبقى آخر مواجهة رسمية بين ممثلي قطبي كرة القدم الجنوب أمريكية في هذا العرس الرياضي تلك التي جمعتهما العام الماضي ضمن مرحلة المجموعات بالمسابقة القارية ذاتها، وانتهت بلا غالب ولا مغلوب ذهابا وإيابا.
وانتهت المباراة الأولى بين الفريقين بالتعادل بهدفين في كل شبكة في البرازيل ثم بنتيجة البياض بملعب مونومينتال ببوينوس آيريس ما مكن الفريقين من التأهل إلى دور ال 16 من المسابقة خلال 2018، وهو العام التي انتصر فيه ريفر في مباراة “أم النهايات” بسانتياغو برنابيو بمدريد على خصمه الأبدي بوكا جونيورز.
وهكذا، يعد نهائي السبت، الذي يقام لأول مرة بمباراة واحدة في تاريخ بطولة كوبا ليبرتادوريس الممتد على مدى نحو 60 عاما، بطبق كروي يختزل الندية التاريخية بين الأرجنتين والبرازيل قطبي كرة القدم الجنوب أمريكية ويحتفي ببريق البلدين الكروي، وفيه أيضا يسعى ريفر بلايت تأكيد علو كعبه في المسابقة، ويحلم فلامنغو بلقب طال انتظاره لما يقرب من أربعة عقود.