تعد البطالة في المغرب “قنبلة موقوتة” ومسألة “يجب أن تؤخذ على محمل الجد” إذ أنها تطاول أكثر من أربعة من شبان المدن من أصل 10، في مشكلة تعتبر سببا رئيسيا للقلق الاجتماعي الذي ينمي مشاعر الاحباط والاستياء في المملكة.
فبعد سبع سنوات من حركة 20 فبراير التي واكبت مرحلة الربيع العربي في المغرب، بات مستقبل الشباب موضوع الساعة أكثر من أي وقت مضى في المملكة التي شهدت في الأشهر الأخيرة حركات احتجاج غالبا ما يقودها شبان عاطلون عن العمل.
وبحسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط التي نشرت الأسبوع الماضي، فإن معدل البطالة في المملكة تخطى في نهاية 2017، 10,2% مقابل 9,9% عام 2016. وتطاول خصوصا الشبان الذين تراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما (26,5%) مع معدل بطالة وصل إلى أكثر من 42% بين شبان المدن.
وصرح المندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي لوكالة فرانس برس أن بطالة الشباب “ليست ظاهرة جديدة لكنها أصبحت بنيوية مع تراجع النظام التربوي والتنوع الضعيف للنسيج الانتاجي الوطني”.
واضاف “إن تراجع فرص العمل لا يشجع الأهل على الاستثمار في تعليم أولادهم. وهذا يساهم إلى حد كبير في تراجع النظام التربوي”.
وقال خبير الاقتصاد العربي الجعايدي ان هذه المعضلة مرتبطة أيضا ب”التباين الديموغرافي” في هذا البلد البالغ عدد سكانه 35 مليون نسمة ويحاول “اعادة تشكيل هرم الأعمار (…) مع دخول عدد اكبر من الشبان سوق العمل”.
وأضاف أن الاقتصاد المغربي بالرغم من انه استفاد من نمو بنسبة 4% بالمقارنة مع 1,2% فقط عام 2016، “لم يستحدث وظائف كافية مقارنة مع عدد الشبان الذين دخلوا سوق العمل”.
وبحسب المندوبية السامية للتخطيط فإن حملة الشهادات اكثر عرضة للبطالة من اولئك الذين لم ينهوا دراساتهم.
وحاولت الحكومات التصدي للتوتر الاجتماعي بقطع وعود باستحداث وظائف في القطاع العام. وفي شوارع العاصمة الرباط بين المباني الادارية والابنية السكنية، لا يزال “حملة الشهادات الجامعية العاطلون عن العمل” يطالبون منذ سنوات ب”حقهم” في الحصول على وظائف في القطاع العام الذي يضمن الاستمرارية.
ويعاني حملة الشهادات تراجع النظام التربوي وعدم ملائمته مع سوق العمل.
وقال اشرف (25 عاما) وهو يحمل شهادة في ادارة الاعمال “تحصل على شهادة جامعية ثم تجد نفسك في الشارع!”. وأضاف الشاب الذي يتظاهر منذ عامين “بدون نتيجة”، “تتحمل الحكومة المسؤولية!”.
وتطاول البطالة ايضا النساء مع معدل نسبته 14,7% مقابل 8,8% بين الرجال. واوضح لحليمي ان هذا الفارق يعود جزئيا الى “اعطاء الاهل اولوية للذكور على حساب الاناث” ناهيك عن التمييز في الرواتب.
وتحذر وسائل الاعلام المحلية بانتظام من ارتفاع معدل البطالة خصوصا بين الشباب، الأمر الذي يشكل “قنبلة موقوتة” وينمي مشاعر “الاستياء والاحباط”.
وكان الملك محمد السادس اعتبر في خطاب القاه في أكتوبر أن التقدم المحرز لا يعود بالفائدة على “الشباب الذين يمثلون أكثر من ثلث عدد سكان” المغرب.
أاضاف أن النموذج التنموي المغربي أصبح حاليا “غير قادر على الاستجابة” لمطالب شعبه، داعيا الحكومة الى “إعادة النظر فيه”.
ولفت إلى أن “التقدم الذي يعرفه المغرب لا يشمل مع الأسف كل المواطنين وخاصة شبابنا، الذي يمثل أكثر من ثلث السكان”، داعيا الى بلورة “سياسة جديدة مندمجة للشباب”.
وكان صندوق النقد الدولي الذي عقد مؤخرا اجتماعا إقليميا في المغرب، دعا في يناير سلطات المملكة إلى “الحد من مستويات البطالة التي لا تزال مرتفعة ولا سيما بين الشباب” فيما شدد البنك الدولي في وقت سابق على وجوب معالجة هذه المسألة “بجدية كبيرة”.
وفي نهاية المطاف غالبا ما يلجأ الباحثون عن عمل سواء كانوا من حملة الشهادات او لا، الى نظام بديل بعد ان يشعروا بالاحباط لعدم ايجاد وظائف.
وقال الجعايدي أن “الإمكانية الوحيدة لدمج الشباب عندما ينجحون في تحقيق ذلك هي السوق غير الرسمية مع هشاشة الوظائف والرواتب وغياب الضمان الاجتماعي”.
تلك هي حال مهدي (28 عاما) الذي يوزع في الرباط كتيبات دعائية مرتين في الاسبوع لقاء 50 يورو شهريا ويرسل في الاثناء سيرته الذاتية بحثا عن وظيفة ثابتة. وقال الشاب الذي تخرج من مدرسة للطهو قبل سنوات ولم يجد أبدا وظيفة “في مجاله”، “ليس لدي عقد عمل ولا ضمان صحي”.
(أ ف ب )
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…