حاول عدد من المنتسبين لحزب العدالة والتنمية، تقديم خرجة عبد الإله بنكيران الأمين العام السابق للحزب، ليلة أمس في المؤتمر الوطني السادس لشبيبة الحزب، بمثابة “نزوة نفسية” فقط، وهو الأمر الذي لا يستقيم منطقيا، ويحاول إظهار بنكيران بوضع “المجذوب” الذي لا يتحكم في نفسه، عندما يجد نفسه أمام الميكروفون.

بنكيران، رجل سياسة مجرب، يعرف متى يتكلم، وماذا يقول، والدليل، أنه التزم الصمت منذ إعفائه من تشكيل الحكومة، إلى غاية ليلة أمس. المسألة الثانية، التي يجب الانتباه إليها، أن بنكيران صرح أمس، مبررا رفضه للتكريم من طرف شبيبة “البيجيدي”، بكون التكريم يكون للأشخاص الذين تقاعدوا، وهو ما يعني أن الرجل لازال يمارس السياسة، ومن موقع “المسؤولية”.

ومن الضروري أيضا طرح السؤال، حول الصفة التي تحدث بها بنكيران أمس، رغم أنه لم يعد يتحمل أي مسؤولية قيادية على المستوى التنظيمي لحزب العدالة والتنمية، باستثناء عضويته في المجلس الوطني إلى جانب العشرات، خاصة في جلسة عامة لمؤتمر شبيبة الحزب، وليس في ندوة أو لقاء خاص، تم استدعاؤه له لإلقاء محاضرة من واقع تجربته في السياسة وتدبير الشأن العام، بل جلسة رسمية، يحضرها ضيوف أجانب ووسائل الإعلام بكل أطيافها.

الطريقة التي تحدث بها بنكيران أمس، ومهاجمته لعزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، تؤكد أن هناك اتفاق على تبادل الأدوار بين بنكيران والعثماني، حتى ولو نفى الأمر عدد من قيادات الحزب الإسلامي.

الواقع الملموس وليس محاكمة النوايا، يقول أن بنكيران يستعد للعب الدور الذي كان يقوم به عبد العزيز أفتاتي في عهد بنكيران نفسه، وتفسير ذلك يجد مبرره في كون حزب العدالة والتنمية لايستطيع العيش بدون خطاب المظلومية، وبأنه مستهدف من طرف “التماسيح والعفاريت”، وقد حاول سعد الدين العثماني رئيس الحكومة والأمين العام الحالي للحزب الإسلامي، لعب نفس الدور، لكنه لم ينجح فيه مثلما كان يبرع فيه بنكيران، عندما صرح قبل أيام بأن الجهات التي كانت تستهدف بنكيران، لازالت تستهدف تجربته هو أيضا.

بنكيران لم يكن ليطلق النار على أخنوش والمحيط الملكي وإدريس لشكر، لو لم يكن لديه ضوء أخضر من القيادة الحالية لحزب العدالة والتنمية، والدليل أنه صرح طيلة الشهور الأخيرة، أنه لا يريد أن يحرج الحكومة، ويريد أن يتركها تشتغل بدون ضغوط. فما الذي تغير، حتى يخرج بنكيران هذه الخرجة؟.

أليس بنكيران نفسه هو الذي كان يقول أنه هو من طلب من أخنوش أن يكون وزير فلاحته سنة 2012، عندما التقاه  في الجزائر. وبأنه رجل “معقول ويعمل بجد”، أليس هذا هو أخنوش نفسه الذي انتظره بنكيران أسابيع كاملة، منذ تعيينه يوم 12 أكتوبر 2016، إلى غاية 29 أكتوبر تاريخ عقد التجمع الوطني الأحرار لمؤتمره الوطني وتكريس أخنوش كرئيس رسمي لحزب الأحرار، من أجل التفاوض معه حول مشاركة التجمع في الحكومة. فما الذي تغير؟.

يبدو أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر، ويبدو أن الهزائم المتوالية لحزب العدالة والتنمية في أغلب الانتخابات الجزئية التي تم إجراؤها في الشهور الأخيرة، والاكتساح الذي حققه حزب التجمع الوطني للأحرار، والتي وصلت إلى درجة تخليه عن الترشح في أربعة دوائر معادى، من أجل فسح المجال لحلفائه ومساعدتهم للحصول على مقاعد، وعلى رأسهم حزب الاتحاد الاشتراكي الذي فاز بمقعدين، واسترجع بذلك فريقه النيابي، وهو ما يؤهله للمطالبة باحتفاظ لحبيب المالكي برئاسة مجلس النواب، في نهاية 2018، جعل قيادة العدالة والتنمية، تشعر بالخطر وتقرر الخروج للعب بورقة بنكيران، مادام قد تم تجريبها سابقا، وأتبتث نجاعتها.

النقطة الأخيرة التي تتبث أن بنكيران كان يتكلم من موقع المسؤولية، ومن موقع الشخص الذي يعرف ماذا يقول وماذا يفعل، هي، إعلانه بشكل لا مراء فيه، “إننا لن نتخلى عن أخينا عبد العالي حامي الدين”، رغم ما يعنيه هذا الموقف من تحد لجهات عديدة.

 

التعليقات على الهجوم على أخنوش.. هل كان باتفاق بين بنكيران والعثماني؟ هذه مؤشرات تؤكد ذلك.. مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

قلق متزايد بشأن مصير الكاتب بوعلام صنصال بعد توقيفه في الجزائر

طالبت دار النشر الفرنسية “غاليمار” الجمعة بـ”الإفراج” عن الكاتب ال…