“كيف أصبحت هكذا”
كل إنسان له اختيارات في الحياة، ولكل اختيار من هذه الاختيارات حكاية يتداخل فيها الذاتي والموضوعي، ويحضر فيها أشخاص ووقائع وكتب ومواقف… وتغيب تفاصيلها عن الناس حتى يعتقد بعضهم أن الكاتب أو المبدع ولد بكامل الوعي والإبداع الذي عرفه به الناس، أو أن الإسلامي ولد إسلاميا واليساري يساريا…
مع الكاتب والمناضل اليساري حسن طارق
إعداد: علي جوات
لا أستطيع تحديد تاريخ محدد لالتحاقي بالعمل السياسي، لكن ثمة عناصر عديدة ساهمت في ذلك أولها الأسرة، فأبي كان اتحاديا، ومناضلا نقابيا، وأعتقد أن تعاطفه عندما كان طالبا مع حزب الشورى والاستقلال، هو أحد العوامل الأساسية التي جعلته يلتحق بالاتحاد الاشتراكي، لأن أغلبية الشوريين التحقوا فيما بعد بالإتحاد.
كانت جريدة حزب الإتحاد الاشتراكي، حاضرة دائما في منزلنا بالإضافة إلى كتب عديدة في الفكر والأدب، كانت تعج بها مكتبة الأسرة. أما عائلة أمي فكانت استقلالية، وجدي الحاج علي عمر، كان من مؤسسي حزب الاستقلال بمدينتي البهاليل، وهو من جملة الذين أقسموا على المصحف قبيل التحاقهم بخلايا حزب الاستقلال. وأتذكر عندما ترشح أحد أخوالي باسم حزب الحركة الشعبية وكيف أن جدي لم يصوت عليه، وأعطى صوته لمرشح حزب الاستقلال. وأتذكر كذلك أنه في إحدى الحملات الانتخابية التي كنت قد شاركت بقوة فيها لصالح أحد مرشحي الاتحاد الاشتراكي، ولم يكن منافسه في نفس الدائرة سوى خالي، الأمر الذي جعل أمي في حرج مع عائلتها، لكنها تمكنت من التغلب على ذلك بدبلوماسية كبيرة.
ومن العوامل المهمة التي أثرت بشكل كبير في تكويني، كانت الجمعية المغربية لتنمية الطفولة، التي التحقت بها منذ الطفولة، وشاركت في العديد من أنشطتها ومخيماتها الصيفة، حتى أنني لم أتمكن من زيارة البحر إلا بفضلها. ففي هذه الجمعية حضرت أحد الملتقى الوطني لرفاق الجمعية، وأنا في عمر 14 سنة، وكانت النقاشات أنذاك بين مناضلي “رفاق الشهداء” اللجنة الإدارية (حزب الطليعة) وبين مناضلي الاتحاد الاشتراكي، فوجدت نفسي بعد ذلك في قلب إحدى الخلايا التنظيمية التابعة لـ”اللجنة الإدارية” (الطليعة) ولا أخفيك سرا أني بالرغم من أنني لم أنتمِ تنظيميا لحزب الطليعة إلا أنني كنت متعاطفاً معه فكرياً وثقافياً.
في الجمعية المغربية لتربية الشبيبة (لاميج )، تحملت المسؤولية داخل مكتب الفرع بالرغم مع أني لم أكن قد بلغت السن القانوني لذلك مما اضطرني إلى أن أكون في عضوا المكتب من دون أن يتم دفع اسمي إلى السلطات.
من العوامل الأخرى التي كانت حاسمة في اختياراتي الفكرية والسياسية، أنني أنتمي إلى جيل يسميه أحد أصدقائي جيل نهاية التاريخ، جيل أحداث كبيرة مثل انهيار حائط برلين، وسقوط المعسكر الشرقي بالإضافة إلى أحداث قومية أخرى. لقد كان التحاق أغلب شباب جيلي بالعمل السياسي والحزبي من بوابة القضايا القومية، فأنا أتذكر أني قدت إضرابات وأنا تلميذ لحظة الهجوم الأمريكي عل
الجامعة أيضاً كانت مرحلة مهمة في حيات،ي وقد تقاسمت لحظات الدراسة والنضال مع العديد من الإخوان من بينهم الصحفي توفيق بوعشرين، وعبد العلي حمي الدين، وأحمد مفيد، وحسن التايقي.. وما زلت أتذكر عندما دخل علينا مسؤول الطلبة الاتحاديين، خالد المصلوحي، بجامعة ظهر المهراز بفاس، ونحن في حصة الأستاذة رقية المصدق، وألقى كلمة تأبينية رائعة في حق الفقيد عبد الرحيم بوعبيد.
بعد كل هذا تدرجتُ في عدة مسؤوليات محلية ووطنية على مستوى القطاع الطلابي والشبيبة والحزب كذلك، لكن هناك عامل آخر مهم ساهم في تعرفي على السياسة، وهو مدينتي البهاليل. فهذه المدينة، وبالرغم من صغرها، إلا أنها مدينة مسيسة، حملت صراعاً لا يزال متجذراً وسط الأسر التي عاشت فيها، وهو الصراع بين الشوريين والاستقلاليين والذي يمتد إلى حدود اليوم بأشكال متعددة.
بحكم مروري بالجامعة، كان من المفروض علي أن ألتهم الكتب التهاما، ومن المفكرين والكتاب الذين تأثر بهم بشكل كبير هو مهدي عامل، فرغم مرور تقريباً خمسة وعشرين سنة مازلت أستطيع أن أستظهر بعض المقاطع من بعض كتبه مثل “نقد الفكر اليومي” وغيرها. بالإضافة إلى تأثري بكتابات محمد عابد الجابري في جريدة “الاتحاد الاشتراكي”.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…