انطلقت أولى أشغال التحضير للملتقى البرلماني الخامس للجهات، الذي سينظمه مجلس المستشارين خلال شهر دجنبر المقبل، وذلك عبر عقد لقاء دراسي تحضيري، اليوم الخميس 5 أكتوبر، بجهة درعة تافيلالت، ترأسه النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين وحضره رئيس الجهة وعدد من البرلمانيين وأعضاء مجلس الجهة.
وفي هذا الصدد، أكد النعم ميارة، في كلمة افتتاحية خلال اللقاء التحضيري، أن الملتقى البرلماني للجهات، الذي دأب مجلس المستشارين على تنظيمه، بمعية شركائه (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجمعية جهات المغرب والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم والجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات)، يعتبر إطارا مؤسساتيا مبتكرا لتنزيل روح الدستور، الذي ينص في فصله 137 على مساهمة الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين.
وقال رئيس المجلس خلال كلمته “قد حظي هذا التوجه الذي دأب عليه مجلس المستشارين وشركاؤه بدعم ملكي جسدته الرعاية المولوية السامية لأشغال هذا الملتقى”. مذكرا بمضامين الرسالة الملكية الموجهة للدورة الثانية لهذا الملتقى، والتي جاء فيها “إن اختياركم لعقد لقاءات دورية للتشاور وتبادل وجهات النظر والنقاش، بشأن تطور هذا الورش المهيكل، ليعكس بحق انخراطكم التام، وإيمانكم بالأهمية القصوى التي نوليها شخصيا لهذا الورش الإصلاحي الكبير؛ الذي يتوخى إضفاء المزيد من الديمقراطية على تدبير الشأن العام، وضمان تقاطع السياسات الوطنية والقطاعية والترابية، حول الغاية التي حددناها، ألا وهي تحقيق ما يستحقه مواطنونا من تقدم منصف ومستدام، ورفاهية وازدهار”.
وأبرز ميارة أن تنظيم هذا اللقاء الدراسي التحضيري لأشغال الملتقى البرلماني الخامس للجهات، يندرج في سياق مواصلة الترصيد والبناء على ما تحقق من تراكم منذ انطلاق ورش الجهوية المتقدمة، مضيفا “ذلك أننا مقتنعين تمام الاقتناع بأن هذا الورش يحتاج إلى دعم مستمر لتوطيد أسسه، وإبراز الإيجابيات المتعددة التي ينطوي عليها، وفي مقدمتها تطوير منظومة الحكامة الترابية وإغنائها، وتسخير كل الإمكانيات اللازمة لمواجهة التحديات التنموية في إطار السعي المتواصل لتقليص الفوارق المجالية”.
وتابع رئيس مجلس المستشارين “بالحديث عن الفوارق المجالية، فحري بالذكر أن التوطين المجالي للاستثمارات العمومية في أبعاده الحالية لا يزيد هذه الفوارق إلا اتساعا، حيث تبقى المشاريع الاستثمارية العمومية متمركزة بشكل خاص في بعض المجالات الترابية التابعة لأربع جهات فقط. ناهيك عن أن الجهات الغنية نسبيا تبقى هي الأوفر حظا للاستفادة من الإجراءات الإدارية الموجهة لتحفيز الاستثمار الخاص”.
وأضاف “بل وحتى على صعيد النفوذ الترابي لكل جهة على حدة، يلاحظ أن المجالات الترابية لا تستفيد من ثمار النمو على قدم المساواة، مما يعمق الفوارق المجالية بين الأقاليم المشكلة لنفس الجهة”.
وحسب المتحدث، فللتخفيف من حدة التفاوتات المجالية الناجمة عن تركيز الاستثمار العام والخاص، اعتمدت السلطات العمومية آليتين رئيسيتين للمعادلة تساهم فيهما الجهات بشكل كبير (بما يناهز 40٪ من الاعتمادات). ويتعلق الأمر ب “صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية” و”صندوق التضامن بين الجهات” (المادة 142 من الدستور).
مردفا “إذا كان هذا الأخير لم يفعل إلى اليوم، فإن “برنامج الحد من الفوارق الإقليمية والاجتماعية” الذي تعد الجهات المساهم الرئيسي فيه إلى جانب “صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية”، يتوفر على اعتمادات تقدر ب 8 مليارات درهم سنويا على امتداد الفترة 2017-2023، ونسبة صرف اعتماداته في تزايد مستمر. وعلى الرغم من محدودية الاعتمادات المرصودة لهذا البرنامج مقارنة بحجم الانتظارات والحاجيات، فإنه يعمل، إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (التي هي أيضا من بين المانحين)، كآلية رئيسية لتقليص التفاوتات المجالية من حيث التجهيزات والخدمات الأساسية، علما بأن هذه الآلية لا تسعى إلى معالجة التوزيع غير العادل للاستثمارات العمومية على مختلف جهات المملكة”.
وشدد النعم ميارة على أن مجلس المستشارين اختار بمعية شركائه وخبرائه، أن يتناول الملتقى البرلماني الخامس للجهات موضوع “تحرير النمو الاقتصادي عبر المجالات الترابية”، من أجل التداول في مدى ملاءمة المعايير المعتمدة في التوزيع الجهوي للاستثمارات العمومية من جهة، ومساءلة مكانة ودور الجهة كفاعل في التنمية الاقتصادية وفي النهوض بالاستثمار على الصعيد الجهوي من جهة ثانية.
وأشار إلى أن اختيار جهة درعة-تافيلالت في محطة أولى، من بين ثلاث جهات، يأتي من أجل استقصاء آراء الفاعلين المحليين بشأن هذه الأبعاد ضمن هذا اللقاء الدراسي التحضيري، الذي ستفضي أشغاله لا محالة إلى بلورة خلاصات ستشكل أرضية للنقاش ضمن أشغال الملتقى البرلماني الخامس للجهات، في أفق استشراف عناصر خارطة طريق مندمجة لتحرير النمو الاقتصادي عبر المجالات الترابية.