قال عبد الله ساعف، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، إن “مرحلة وباء “كورونا” قوت الدولة، رغم حضورها سابقا، وكثفت إمكانية الفعل التي بين يديها، ورسخت مشروعيتها، وجعلت الهالة التي تحيط بها أكبر، وأحيت سلطتها من جديد، وهو ما خلق علاقة جديدة بينها وبين المجتمع”، مقابل تراجع كبير لباقي الفاعلين من الأحزاب السياسية والنقابات والقوى المجتمعية.
ساعف سجل خلال مشاركته في ندوة علمية نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، تحت عنوان: “قراءة أكاديمية في المشهد السياسي” أمس الثلاثاء، نمو الدولة الأمنية، وفاعلية وهيكلة الدولة العلمية الصائبة في ممارساتها، على عدة مستويات، وازدياد مكانة ودور وقوة حجم الدولية الثقافية، بالإضافة إلى تقدم الدولة الاجتماعية، بالنظر إلى الإصلاحات الكبرى، التي عرفتها المملكة، في السنوات الأخيرة، والتي زادها الوباء دينامية خاصة”، لافتا إلى أن “الدولة الاجتماعية كانت هدفا أساسيا للمملكة قبل كورونا”.
وأضاف ساعف أنه “مقابل قوة الدولة، في هذه المرحلة، ضعف موقع وأداء وأهمية مختلف الفاعلين السياسيين، أغلبية ومعارضة ونقابات ومجتمعا مدنيا، ما جعل المشهد السياسي مشتتا ومقسما، لا تظهر حدود بين أطرافه إذ لم يعد واضحا ما يميز كل قطب عن الآخر”، مسجلا “خفوتا في حيوية ودينامية الفعل السياسي” حيث وصف التنوع في المشاريع، التي يحملها كل طرف، بـ”النسبي جدا”.
واعتبر وزير التعليم في عهد حكومة التناوب أن “أهمية الأدبيات الحزبية، التي كان لها طابع مقدس، تراجعت من قبيل الوثيقة الأيديولوجية، والبرنامج الانتخابي”، مؤكدا أن “مشاريع الدولة باتت تتجاوز بكثير مشاريع الأحزاب، وتظهرها كتصورات صغيرة وتفصيلية لا ترقى إلى مستوى يليق بفاعلين سياسيين”.
من جهة أخرى، أقر ساعف بـ”وجود توتر اجتماعي، بسبب غلاء المعيشة والتضخم، الذي لا نعرف بعد، إن كان محليا أو مستوردا، إلا أنه لم يصل إلى لحظات التعبئة المجتمعية، التي عرفها تاريخ المغرب” .
واعتبر الوزير الأسبق أنه ورغم هذه الصعوبات والتوتر الاجتماعي، لكن لا وجود لأزمة اقتصادية أو ندرة في الموارد بالمغرب، بل بالعكس توجد وفرة، وهذه هي المفارقة، حيث المداخيل كانت كبيرة من تحويلات المهاجرين والإنتاج الفلاحي، والفوسفاط، والمنتوجات الصناعية، وتسهيلات المؤسسات المالية تشير إلى أريحية مالية.
وفيما يخص المخاطر الخارجية اعتبر ساعف أن “المملكة وصلت إلى مستوى لم يعرفه مغرب الاستقلال سابقا، خصوصا اتجاه جيراننا، وما تفرضه هذه الوضعية من ناحية التسلح استعدادا لكل الفرضيات، والضغط الممارس على الجهاز الدبلوماسي، والتحالفات، والتحالفات المضادة”.