خص المصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري موقع “الأول” بنص الرسالة التي بعثها إلى الرئيس الأمريكي باراك، هذا نصها:
إلى فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السيد باراك حسين أوباما
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس السيد باراك حسين أوباما
سلام وتحية وبعد،
أتوجه لفخامتكم باعتباري مواطنا مغربيا منتميا إلى تيار قد اختار الوسطية والاعتدال موقعا ومنهجا وحلا لإشكاليات التعارض والتوافق، تيار يشتغل على توسيع مساحات المشترك، والتضييق على مساحات الاختلاف في كل ساحة محلية وعلى الصعيد العالمي، ويعمل على تدبر التسويات الممكنة بين الشعوب والدول ويرفض الحكم على الناس من خلال التمثلات الذهنية والتي عادة ما تبنى على سوء المعرفة بالآخر و تغري بالقطيعة التامة. وأتوجه إليكم السيد الرئيس وأنا أستحضر خطابكم التاريخي في القاهرة – بداية ولايتكم الأولى- والذي أردتم به تدشين اللقاء والعلاقة مع العالم العربي/ الإسلامي وهو الخطاب الذي أقدر اليوم أنه قد احتوى على الكثير من المعاني التي تفيد التقارب وتخدم علاقة أمريكا بالعالم العربي والإسلامي آنيا ومستقبلا. وأتوجه إليكم وأنا أستحضر رفضكم نشر المزيد من الفوضى في سوريا والعراق واليمن وليبيا ورفضكم إن تخوض أمريكا المزيد من الحروب بالنيابة وأستحضر زيارتكم التاريخية لكوبا لجعل حد لقطيعة دامت ما يناهز الستين سنة مع هذه الجزيرة ودوركم في حل الملف النووي الإيراني بما يخدم الأمن والسلم العالميين. وقبل هذا وذاك أستحضر وأنا أتوجه إليكم الطابع التركيبي والتعددي في شخصيتكم، باعتباركم أمريكي من أصل كيني إفريقي ومسيحي من أصل إسلامي بما يؤهلكم أكثر من غيركم للتفاعل والاهتمام برسالة مواطن مغربي عربي مسلم وإفريقي .
السيد الرئيس ،
منذ منتصف السبعينات أي في خضم الحرب الباردة التي دارت رحاها بين الحلف الأطلسي وحلف وارسو ومنطقة الصحراء الغربية تعيش على إيقاع الصراع والنزاع . وإذا كان المنتظم الدولي قد نجح في إيقاف الحرب التي دارت رحاها بين الجيش المغربي وجبهة البوليساريو في شتنبر 1991 وحث الطرفين على ضرورة إيجاد حل سياسي لهذه القضية فإن التطورات الأخيرة والتوتر الذي طبع العلاقات بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة وما صاحب ذلك من إجراءات وإجراءات مضادة وتهديدات وتهديدات مضادة ، تنذر بعودة الاحتقان والاضطراب في منطقة هي أصلا متوترة ومضطربة ومحاصرة بالتحديات والتهديدات خصوصا تلك المرتبطة بالإرهاب والجريمة المنظمة في بلاد الساحل والصحراء الكبرى وجزء معتبر من إفريقيا الغربية . و إنه لمن المؤسف يا فخامة الرئيس أن يحس المغاربة اليوم بالغبن لأن العديدين ممن كنا نعتبر أنفسنا في جانبهم إبان الحرب الباردة ونتقاسم معهم الكثير من الرؤى ونشاركهم في حربهم العالمية على الإرهاب، يبدون اليوم إرهاصات تدل على إمكانية الوقوف ضدنا إما من أجل مصالح آنية غير ذات قيمة على المستوى الجيواستراتيجي أو لأنهم لا يقدرون النتائج التي قد تترتب عن هذا الأمر نتيجة عدم توفرهم على قراءة حقيقية لما يجري في منطقتنا من تفاعلات وتطورات متسارعة ولا يستطيعون التمييز بين ما هو ثابت وما هو متغير فيها . ومن الثوابت لدى المغاربة قضية وحدتهم الترابية وهي غير قابلة للتفاوض و أي قرار قد تتخذه الأمم المتحدة بشأن الصحراء يمس بهذا الثابت سيكون بمثابة دعوة وتحريض على الفتنة والفوضى والحرب و مس بوحدة كل المغرب و تهديد لأمنه واستقراره الشيء الذي سينعكس سلبا على أمن واستقرار منطقة حساسة وحيوية بالنسبة للعالم ولا أظن أن هذا الأمر وخطورة انعكاساته تخفى على المهتمين والمتتبعين العارفين بالشأن المغربي. وليس معنى هذا سيدي الرئيس أن المغاربة يرفضون البحث عن حل سياسي لقضية الصحراء الغربية٠ حل ليس فيه غالب ولا مغلوب، حل يستجيب لطموح سكان الصحراء عبر تمتيعهم بحكم ذاتي موسع الصلاحيات ويحافظ على وحدة الإقليم مع المغرب. وأملنا أن تساهم بلادكم بما لها من وزن عالمي على تحديد الزوايا الحادة لخلافات الفرقاء في هذه القضية وتدويرها وإنجاح كل المساعي لحلها على أساس منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا واسع الصلاحيات وتعينوا القائمين على القرار في المنطقة المغاربية بتجاوز سلبيات سنوات الصراع والقطيعة في هذه الجهة من العالم ، والتفكير الجماعي في مواجهة التحديات التي تفترض تطوير العمل إقليميا وجهويا عبر بناء علاقة تكامل وشراكة عادلة وقائم على تطوير الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتنمية، بدل القطيعة والانفصال ومن أجل تجاوز معيقات الراهن خدمة لاستقرار المنطقة ومستقبلها.
السيد الرئيس ،
يعيش العالم على إيقاع توترات و يعاني من العديد من الأزمات والاضطرابات و الفوضى وأصبح محاصرا بالتحديات والتهديدات بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة و الاختلالات الاجتماعية ناتجة عن سوء توزيع الثروات والتلوث وندرة المياه والظهور أمراض جديدة وعودة أخرى اعتقد العالم باختفائها نهائيا. كما يعاني من تحولات مناخية وتهديدات بسبب انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة عبرالقاريين ، مما يفرض قيام تعاون دولي مستند لنظام عالمي قادر على مواجهة هذه التهديدات والأزمات لما فيه مصلحة البشرية، حلمنا وأملنا أن تكون صياغته صياغة إنسانية جماعية تنبني ابتدءا على إعادة العلاقة بين الشعوب والأمم على أساس التعاون والتعارف والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم الإفساد في الأرض. نظام عالمي سيكون بالتأكيد متعدد الأقطاب تقوده قوى عظمى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وتلعب فيه قوى جهوية ودول محورية دورا بارزا في مجالاتها الحيوية الإستراتيجية وفي استتباب الأمن والسلم العالميين. وهذا ما فهمناه على الأقل من الرسالة التي بعثتم بها إلى بعض القوى المتصارعة في الشرق الأوسط. من هذا المنطلق أملنا سيدي الرئيس أن تدفع بلادكم، بما لها من وزن وقوة تأثير على الساحة الدولية وداخل مجلس الأمن ، منطقة شمال إفريقيا وتحديدا البلدان المغاربية وخصوصا المغرب والجزائر إلى الوصول إلى تفاهمات تاريخية لتجاوز المعيقات بين دول حكمت عليها الجغرافية والتاريخ والدين واللغة بالتعاون والتنسيق بما يساعد على تجنب الكثير من المنزلقات والتوتر ويعين على استتباب الأمن والسلم ويساعد على نهضة وتنمية المنطقة. فوحده إتحاد جهوي أو قوة إقليمية مغاربية ستتيح لهذه المنطقة الحصول على المكانة التي تليق بها في الخريطة الجيواستراتيجية العالمية كمدخل غربي للعالم العربي والإسلامي وتتيح لها أن تؤدي بفاعلية الدور المطلوب في التنمية ودعم السلم في الغرب الإفريقي وبلاد الساحل والصحراء الكبرى بحكم العلاقات التاريخية والدينية والثقافية والاقتصادية المشتركة.
وتقبلوا سيدي الرئيس عبارات الاحترام و التقدير
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…