اتهمت النيابة العامة ناصر الزفزافي متزعم “حراك الريف”، ومعه مجموعة من النشطاء، بتهم ثقيلة، أكدتها الأحكام التي صدرت مؤخرا في حقهم، والتي وصلت إلى عشرين سنة في حق أربعة قياديين، وهي الأحكام التي شكلت “صدمة” لعدد من المتتبعين والحقوقين، والسياسيين، الذين أجمعوا على أنها كانت “قاسية”.
ونحاول هنا أن ندقق في طبيعة التهم الموجهة للمعتقلين، انطلاقاً من الوقائع والأدلة التي تأسست عليها، من خلال مرافعة حكيم الوردي ممثل النيابة العامة التي تقدم بها لهيأة الحكم على المعتقلين، لنبحث فيها عن “المؤامرة” التي قالت النيابة العامة أن الزفزافي كان قائدها “الميداني”، و”ساهم” فيها بقية المعتقلين، وحكمت المحكمة بناءً عليها، بأحكام وصلت إلى 20 سنة، وصفها رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي، في تصريح إعلامي بـ”المخففة بالنظر إلى طبيعة التهم وعقوباتها المنصوص عليها في فصول المتابعة”.
هذه التهم بنتها النيابة العامة على مجموعة من الوقائع والأحداث، جمعت لها عدداً من وسائل الإثبات، أقرتها تقريباً المحكمة جميعها وهو ما يظهر من خلال الحكم على الزفزافي وأربعة نشطاء آخرين بعشرين سنة سجنا نافذاً.
أطروحة النيابة العامة في المتابعة بنتها على عنوان عريض وهو “المؤامرة التي دبّرها الزفزافي ورفاقه، للمس بأمن الدولة الداخلي، وفق أجندات الأطراف الانفصالية المتواجدة خارج المغرب”، حيث أن الزفزافي ومن معه من نشطاء، شكلوا تنظيماً في الداخل المغربي تمركز في منطقة الريف – شمال المغرب إسمه “الحراك الشعبي”، لينفّذوا عبره “مخططاً خطيراً لزعزعة أمن الدولة الداخلي”.
وبالنظر إلى مرافعة حكيم الوردي ممثل النيابة العامة في محاكمة الزفزافي ورفاقه، والتي جاءت في 1920 صفحة، فإن النيابة العامة استدلّت في “إلصاق” تهمة الانفصال والمؤامرة على مجموعة من المكالمات التي جمعت الزفزافي وبعض قيادات “تنظيم الداخل” أي “الحراك”، ومجموعة من النشطاء بأوروبا تقول أنهم “انفصاليين”، وينتمون إلى “حركة 18 شتنبر من أجل استقلال الريف”، التي أسسها سعيد شعو.
وحددت النيابة العامة 15 مؤشرا على ثبوث أدلتها الموجهة للزفزافي ومعتقلي “حراك الريف”، أولها ما أسمته “بالتنسيق مع أطراف خارج المغرب لزعزعة استقرار الوطن وخدمة مشروعهم بإنفصال الريف عن المغرب من خلال تلقي التوجيهات والتعليمات والتوصل بتمويلات مالية والاستفادة من الدعم اللوجستيكي”. هذه المؤشرات الخمسة عشر، نورد منها خمس مؤشرات في هذا المقال لنعود إلى باقي المؤشرات في مقالات قادمة، ومنها:
العلاقة مع الخارج:
هذا المؤشر تقول النيابة العامة، أنها أسست له من خلال علاقة الزفزافي مع عدد من الريفيين المتواجدين بأوروبا، والذين وصفتهم بـ”الانفصاليين”، وهم كل من فريد ولاد لحسن المقيم بهولاندا، والذي تم التقاط بعض المكالمات له مع الزفزافي، كما أن النيابة العامة تقول أن بعض النشطاء صرحوا خلال البحث التمهيدي أنه تكلف بإحضار مجموعة من أعلام “جمهورية الريف إلى الحسيمة، والتي استعملت في الاحتجاجات التي نظمها نشطاء “الحراك”، كما أنه هو من تكلف بمصاريف تنقل النشطاء لإستقبال محمد جلول لحظة خروجه من سجن تيفلت.
الثاني، بلال عزوز المقيم ببلجيكا، والذي تقول مرافعة النيابة العامة أنه التقى الزفزافي مراراً في الحسيمة عند قدومه إليها من بلجيكا، كما أنه حضر لعدد من التظاهرات بالحسيمة وقت “الحراك”، والخطير حسب ما اعتمدت عليه النيابة العامة في مرافعتها، من محاضر البحث التمهيدي لدى الفرقة الوطنية هو تصريح أحد المعتقلين الذي قال “إن بلال عزوز كان يتكلف بأجور حراس ناصر الزفزافي الشخصيين”، هذا الكلام نفاه المتهم أمام المحكمة فيما بعد.
الثالث، هو خالد شمروري وتقول النيابة العامة أنه انفصالي كذلك، وجمعته مكالمات مع الزفزافي، بالإضافة إلى جمال الكتابي من هولندا، وعماد العتابي، وكريم المساوي بمدريد، وعبد الصادق بوجبار من هولندا.
النيابة العامة قالت إن الزفزافي جمعته اتصالات عديدة بهؤلاء، حيث كان يتلقى “توجيهات” منهم، و”تعليمات”، بل وكذلك الدعم اللوجستيكي، حسب روايتها، وهو الأمر الذي نفاه الزفزافي أمام المحكمة.
التنسيق لمخطط سري:
المؤشر الثاني هو “التنسيق لمخطط إجرامي سري تمت برمجته خلال فترة الصيف”، حيث وصفته مرافعة النيابة العامة على أن الزفزافي ورفاقه، “خططوا له بسرية تامة ودقيقة”، والهدف منه هو، كما قالت “المس بسلامة الدولة الداخلية، وزعزعة استقرار البلد”، لتقوم النيابة العامة والتي تجسد سلطة الاتهام، بربط المؤشر الأول بالثاني “لحبك” التهم وتأكيد أطروحتها عبر ما اعتبرته دلائلا.
واستندت النيابة العامة في علاقة بهذا المؤشر بورود كلمة “برنامج” في مكالمة جمعت بين الزفزافي وخالد شمروري المقيم بهولندا والذي تصفه النيابة العامة بـ”الانفصالي” حيث جاء في كلام هذا الأخير أنه “سيبعث للزفزافي برنامج للعمل يحمل طابع السرية من أجل تطبيقه رفقة نبيل أحمجيق، في الصيف”.
بالإضافة إلى مكالمة ثانية جمعت بين الزفزافي وعز الدين ولاد خالي علي، والذي تصفه النيابة العامة بـ”الإنفصالي”، يقول فيها خالي علي للزفزافي “راه دايرك في البروغرام”.
ومكالمة ثالثة التقطها الفرقة الوطنية جمعت بين الزفزافي و شخص مجهول من بلجيكا، يقول هذا الأخير للزفزافي “معركتنا ستكون في الصيف”.
بالإضافة إلى الواقي من الرصاص الذي تقول مرافعة النيابة العامة أن الزفزافي تحصل عليه من الخارج، فإنها (النيابة العامة) بنت تهمها على كل هذا بالرغم من أن ناصر الزفزافي أنكر هذا “المخطط المفترض”، الذي واجهته به النيابة العامة، معتبراً أنه كان يتحدث مع الجميع ويسمع للجميع، ولم يكن يتآمر كما يتم اتهامه.
الإصرار على مقاطعة الحوار:
المؤشر الثالث ودائما حسب مرافعة النيابة العامة المطولة، هو”الإصرار على مقاطعة الحوار مع السلطات المختصة لقطع الطريق على أية محاولة لاحتواء الوضع وإيجاد حلول للمطالب المعلن عنها وضمان الوقت لتنفيذ المخططات السرية ضد الأمن الداخلي للمغرب”.
هذا المؤشر من ضمن المؤشرات التي تقول النيابة العامة أنها تبني تهمة “المؤامرة”، من خلال عدد من الوقائع، أهمها أن الزفزافي “كان يرفض الحوار مع السلطات المختصة لتأجيج الأوضاع”، وحسب النيابة العامة ومرافعتها فإن هذا الفعل تأسس على مكالمات أهمها واحدة جمعته بشخص مجهول من بلجيكا، قال له فيها “لا تتكلم مع الوالي لأنك أهم منه، وجه خطابك لأعلى سلطة”.
الخطاب التحريضي:
بالإضافة إلى الخطاب الذي اعتمده الزفزافي والذي وصفته النيابة العامة بـ”التحريضي”، معتمدةً في ذلك على عدد من الفيديوهات التي تفوه فيها الزفزافي بعبارات مثل “المخزن الغاشم”، الضابط عصام “إرهابي، عنصري..خسيس..مجرم”، وعدد من العبارات المماثلة والتي تقول النيابة العامة أن فيها “تحريض على موظفي الدولة، وزعزعة لاستقرارها”.
“الحراك” كتنظيم سري:
وتكشف مرافعة النيابة العامة أن كل هذه الأفعال التي تؤسس لـ”مؤامرة” حسب روايتها، فهناك “تنظيم سري” اسمه “الحراك الشعبي”، كان الأداة لتطبيقها على أرض الواقع، وقد نظم نفسه في لجان، وهي لجنة الدعم وللوجستيك، الإعلام والتواصل، لجنة المالية، لجنة تحديد مسار المسيرة، لجنة الاستقبال، لجنة حماية المنصة، لجنة اليقظة والحرص، ولجنة الشعارات، بالإضافة إلى لجان وظيفية مؤقتة تشكل قبل كل شكل احتجاجي، حسب ما نسبته محاضر الفرقة الوطنية للمعتقل نبيل أحمجيق والذي حكم عليه إلى جانب كل من الزفزافي وسمير إغيد، ووسيم البوستاتي، بـ20 سنة سجناً.
ملتمسات النيابة العامة الكتابية المدلى بها عقب المرافعة الشفوية في ملف الزفزافي ومن معه
انتهاء “أزمة” إضراب المحامين.. فرضوا على وهبي “التنازل” في مجموعة من النقط وهذه أهم الاتفاقات
أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب رسمياً، أمس الاثنين، إنهاء مقاطعة الجلسات في مختلف …