ادريس الأنبوري
انتخاب الملياردير عزيز أخنوش رئيسا لحزب التجمع الوطني للأحرار خلفا للأمين العام السابق صلاح الدين مزوار، مباشرة بعد تصدر حزب العدالة والتنمية لنتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 7 أكتوبر 2016، حدث أثار الكثير من الجدل في الوسطين الإعلامي والسياسي حول خلفية هذا الانتخاب وحول مدى قدرة رجل مثل أخنوش على لعب أدوار استراتيجية وحيوية في المشهد السياسي الوطني بعد أن أحترق حزب الأصالة والمعاصرة انتخابيا وعجز عن تأمين أغلبية برلمانية تسمح له بإزاحة الإسلامين من الحكومة وإعادتهم إلى المعارضة عبر صندوق الاقتراع الذي جاء بهم إلى تدبير الشأن العام في سياق الحراك المغربي لسنة 2011.
هناك أكثر من قراءة لدخول الملياردير عزيز أخنوش إلى ساحة الصراع السياسي من موقع رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار الذي أصبحت صورته اليوم ترتبط باسم هذا الرجل دون غيره من القيادات التي اختفت فجأة من الواجهتين الإعلامية والسياسية مثل وحمد بوسعيد ورشيد الطالبي العلمي وأنيس بيرو وغيرهم من القيادات الحزبية التي ظل لها حضورها الوازن في المشهد إبان فترة قيادة صلاح الدين مزوار للحزب.
القراءة الأولى تذهب في اتجاه القول بأن الإسقاط المفاجئ لأخنوش داخل حزب التجمع الوطني للأحرار وهو الذي سبق له أن صرح لوسائل الإعلام بأنه سيعتزل العمل السياسي، يُعدّ إسقاطا انفعاليا أملته نتائج الانتخابات التي كانت مزلزلة لجهات داخل الدولة لم تكن ترغب في تصدر البيجيدي نتائج الانتخابات لأن الرهان كان معقودا على حزب الأصالة والمعاصرة كبديل منتظر للإسلاميين.
القراءة الثانية ترى أن المجيء باخنوش مجرد تكتيك سياسي غايته الأساسية هي تأمين مشاركة التجمع الوطني للأحرار في الحكومة المقبلة لا سيما وأن علاقة هذا الحزب بحزب العدالة والتنمية وبرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وصلت إلى الحضيض قبل الانتخابات التشريعية وبالتالي فإن بقاء صلاح الدين مزوار على رأس حزب التجمع بعد تصدر البيجيدي لنتائج الانتخابات معناه أن المشاركة في الحكومة أمر مستحيل…
القراءة الثالثة اعتبرت أن أخنوش أداة سياسية مؤقتة لممارسة البلوكاج السياسي خلال مرحلة معينة يمكن أن تمتد لسنة حتى يتسنى للدولة إعادة ترتيب أوراقها لأن نتائج انتخابات السابع من أكتوبر 2016 كانت صادمة وتحتاج إلى تقييم دقيق للوقوف عند الأخطاء التي ارتكبت وسمحت للبيجيدي بتصدر نتائج الانتخابات بزيادة نسبة مهمة في عدد المقاعد مقارنة مع انتخابات 2011 رغم أن هذا الحزب ارتكب أخطاء كبرى في تدبيره للشأن العام كان يفترض أن تؤثر عليه انتخابيا…
وهناك من قرأ في قيادة أخنوش للأحرار وهو المعروف بقربه من القصر بداية نهاية المشروع البامي الذي ارتبط في مرحلته الأولى باسم صديق الملك فؤاد عالي الهمة وفي مرحلته الأخيرة باسم صديق صديق الملك إلياس العمري. تسليم مشعل الصراع مع إسلاميي العدالة والتنمية إلى ملياردير من حجم أخنوش معناه تغيير أداة الصراع مع هؤلاء من صراع يعتمد على الأداة الأيديولوجية إلى صراع يعتمد على سلطة المال والنفوذ الاقتصادي.
ومهما تعددت القراءات والتحليلات فالثابت أن الدولة لا ترغب خلال المرحلة الراهنة في التخلص من مشاركة الإسلاميين في تدبير الشأن العام لأن المعطيات السياسية التي ترتبط بنتائج الانتخابات والأخرى التي لها علاقة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية في البلاد على ضوء عدد من المؤشرات المادية الملموسة لا تسمح بأي مغامرة.
من هذا المنطلق، فوجود الملياردير عزيز أخنوش على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار خلال هذه المرحلة، وجود مؤقت زمنيا ويرتبط بتنزيل أجندة مؤقتة وهذا هو التفسير المنطقي لحالة “البلوكاج” السياسي التي تجاوزت شهرها الخامس بسبب عجز رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران على تكوين الأغلبية البرلمانية التي تسمح له بتشكيل الحكومة.
من غير المستبعد أن يلعب عزيز أخنوش دور حصان طروادة ويكون المستفيد في آخر المطاف هو حزب الأصالة والمعاصرة الذي يرفض مبدئيا الدخول لحكومة الإسلاميين ولكن هذا السيناريوا يبقى واردا في حالة تشكيل حكومة وحدة وطنية لا سيما وأن هناك تطورات خطيرة تجري على الأرض بسبب مناوشات خصوم الوحدة الترابية للملكة في الكركرات أصبحت تستدعي توحد الجبهة الوطنية وتجاوز أي انقسام سياسي مراعاة للمصلحة العليا للبلد.
الرهان على دور المال والأعيان في اي انتخابات سابقة لأوانها رهان فاشل والتدافع مع الإسلاميين من خلال أدوات سياسية تفتقد للمصداقية والتجربة يشبه الحرث في البحر. كما أن استبدال البام كأداة اديلوحية للصراع السياسي مع الإسلاميين بحزب التجمع الوطني للأحرار الذي لم يحصد أكثر من 37 مقعد برلماني في آخر انتخابات خيار انتحاري لا حس استراتيجي فيه.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…