معين شقفة
هذا هو العنوان الذي اختاره أحد كتاب صحيفة معاريف اليمينية الإسرائيلية والذي يريد من خلاله أن يعُطي القارئ تصوراً متخيلاً بأن إسرائيل تتهددها مخاطر “داعش” مثلها مثل باقي دول المنطقة والعالم باسره، ومن جهة أُخرى يريد أن يُقدم الخبرة الإسرائيلية في استراتيجية القتال التي يتميز بها جيشها على حد تعبير الكاتب الذي يُقدم النصائح للتحالف الدولي ويحثهم على بناء استراتيجية قتالية لمحاربة ارهاب “داعش” وهذا ما ينقص التحالف الدولي الذي تم الإعلان عنه منذ ما يقارب العام والذي ترى إسرائيل بأنه تحالف فاشل لأنه لا يمتلك استراتيجية الهدف والقتال، وهذا الفشل هو نفسه الذي سيتيح لها الفرصة الذهبية بأن تكون أحدى الدول المنضمة علانية لهذا التحالف وليست مجرد دولة كأي دولة بل دولة تمسك بقبضتها زمام الاستراتيجية والهدف الذي تريده هي بعيداً عن كل الهوامش التي يسعى التحالف الدولي للقضاء عليها. فلو نظرها لأسماء الدول التي تدعي إسرائيل توسع “داعش” فيها سنجدها كالتالي: العراق، سوريا، لبنان، فلسطين، مصر، وهي نفسها الدول التي تحقق لبني صهيون هدفهم الأكبر في ما يسمى “بإسرائيل الكبرى” التي تبدأ حدودها من نهر الفرات وتنتهي بنهر النيل وما بينهما تكون “مملكة بني صهيون”، فمن هذا المنطلق يجب اعادة النظر بدل المرة الواحدة ألف مرة في من يقف خلف “داعش” ومن يجني ثمار ما تقوم به هذه الظاهرة الارهابية التي تعيث في الأرض فساداً وتحتل وتستوطن وتدمر وتقتل وتحل الخراب فقط في الدول العربية والإسلامية، وما استهدافها لدول اوربية إلا لقطع الطريق على العرب لبناء علاقات مع الغرب على أسس عادلة، مثل الضربات الارهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس والتي تم تنفيذها في الوقت الذي كان قصر الاليزيه قد بدأ العمل للاعتراف الرسمي بدولة فلسطين وبحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وفي نفس الوقت الذي كانت حكومة فرنسا تتوجه نحو مراجعة حساباتها الداخلية والخارجية اتجاه علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية وفي الوقت نفسه الذي كان اليمين الفرنسي يتقهقر وكاد صوته العنصري أن يخفت ويغيب كلياً عن السياسة الفرنسية الرسمية اتجاه العرب والمسلمين وفي ظل عودة الاتزان والتوازن في المسافة الفرنسية مع كل مكونات القوى والجاليات الموجودة فوق الأراضي الفرنسية وانتهاج سياسة تحافظ على الكيل بمكيال واحد وهذا على اختلاف ما كان في السابق حيث أن الكيل كان حتى نهاية عام 2014 يميل دائماً لصالح اللوبي الصهيوني أحد الداعمين الرئيسيين لليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يقف على رأس قيادته بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية، هذا هو ما تقدمه داعش على طبق من ذهب لإسرائيل في تحقيق أهدافها التي عجزت عنها منذ النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني وما تلاها من انتكاسات عربية، وهذا ما يجعل إسرائيل تستهدف خصوم “داعش” من العرب فقط من جهة، ومن جهة أخرى استهداف الجيش السوري بضربات هدفها اضعافه ليس بهدف سقوطه بقدر ما هي ضربات لترويضه على الطريقة الإسرائيلية التي تريدها وتنفذها مع دول جوار فلسطين المحتلة، التي أصبحت على علاقات سلام وحُسن جوار وتبادل تجاري وسياحي واستخباري وعسكري مع إسرائيل والتي وصلت إلى حد التمييز عن العلاقة التي تربط هذه الدول العربية بالفلسطينيين أنفسهم. علينا ألا نتفاجئ فنحن في زمن البترودولار وقوة تأثيره على وحدة الأشقاء الذين خروا سجداً أمام مصالحهم الدونية وأصبحوا عبيداً لخوفهم، وجعلوا من أنفسهم ومن دولهم مجرد آبار نفط وتخلف وقهر تمتلكها إسرائيل، صديقتهم اللدودة وشقيقتهم اللقيطة التي ينامون في أحضانها معتقدين أنهم في دفئ الحصن المنيع ولا يعلمون أنهم بين فكي ثعلب.