هادي معزوز
أي رئيس حكومتنا المحترم الذي تحقق له ومن حيث لا يدري، حلم رئاسة الحكومة لأول مرة في تاريخ المغرب المعاصر، إعلم بداية أن أي سبيل لتحقيق المراد المنشود ليس يتحقق إلا بالتفاف الشعب حولك، حيث يشعرون بالتغيير مثلما ينعمون بالإصلاح الذي وعدتهم به في برنامجك الانتخابي خلال تلك اللحظة المعلومة، ويتمتعون بحرية عيشهم بقدر ما يلحظون لمساتك الإيجابية طبعا، عندها نقول قد تمكنت من الربط بين ما تقوله في عز الحملات الانتخابية، وبين ما تقوم به اليوم، لكن شتان بين ما نقول وبين ما نقوم به، من ثمة عفوا إذا قلنا لك أنك لا تفرق بين القول والفعل.
رئيس حكومتنا المحترم، لا شك أن دستور 2011 قد بوأك منزلة، ومنحك صلاحيات لم يستطع أعتى المناضلين نيلها من القصر، وإن كلفهم ذلك حياتهم وأسرهم وتاريخهم، لكن ها أنت تطل علينا كالفارس الذي يمتطي حصانه الطائر، تطل علينا وفي يدك عديد الإيجابيات التي منحت إليك بفضل تلك الحناجر التي كانت تصدح في كل آن وحين، وإن كنت من الرافضين لنضالاتهم بدعوى الفتنة، فإن لهم في نهاية الأمر كبير فضل على ما أنت عليه اليوم، لكن وبينما كان من منحك صوته يعتقد فيك الرجل الذي يقول كي ينفذ، فإذا بظنه يخيب حيث أصبحت الرجل الذي يقول كي يقول، لهذا عفوا إن اعتبرناك ظاهرة صوتية لا غير.
رئيسنا الذي أصبح يتسيد الإعلام الرسمي، وغير الرسمي، المقروء والمسموع… أناشدك بأن تعود ولو مرة واحدة إلى ذاتك، إلى نفسك غير الأمارة بالسوء، وإلى جوهرك الثابت، كي تتعرف عنك أكثر، فلتكن لك الجرأة إذن لتشخيص حالتك، لتقف عند كل كبيرة وصغيرة، آنذاك ستدرك لماذا أنشأ الإنسان المارستان، ومستشفيات الأمراض العقلية، ومراكز الاستماع، ربما تعرف جواب ذلك، وأنت النبيه الذي يفهم الأشياء في كبرها كما في صغرها، في مُهِمِّها وتافِهِها، حينئذ وحينئذ فقط ستعرف سواء في دواخلك، أو في بوحك إلى الآخرين، أنك كنت بطل بيع الوهم، مثلما كنت سيد تزيين البشاعة بماكياج عشوائي، لهذا فأنت العارف الأكبر بما سيحصل عندما سنقوم بهاته الجريمة في حق كل ما هو جميل، وعليه فإني أناشدك العفو إن قلت مثيل هذا الكلام.
عزيزنا الغالي، وصاحبنا الوقور، دائما أتساءل بين قرارة نفسي المذنبة في حقك، هل تدري بما تقوم به اليوم؟ وهل أنت واع بما تفعله في كل الأشياء التي وضعت عنها يدك الطاهرة؟ من ماهو اجتماعي إلى ما هو اقتصادي مرورا بالسياسي والثقافي والتنظيمي… الحقيقة أن أهل مكة أدرى بشعابها، وبما أن العالم سريالي فإني أرى أنك ما تعرف جوابا عن هاته الأسئلة، لأنك مشغول جدا في هاته الأيام بشأن البحث عن ولاية ثالثة، الغرض منها البقاء على رأس الحكومة من أجل إتمام المشاريع الكبرى التي ستجعلنا ننافس كبريات الدول، أو العمل على تأجيل المؤتمر الوطني إلى ما بعد الانتخابات التشريعية التي لا زلت لا تعرف تاريخها لأنه لست أنت من يحدد موعدها، صراحة أجد لك عذرا وأنت الذي يجمع بين رئاسة الحكومة ورئاسة الحزب، ويا له من عمل جبار تضحي فيه من وقتك لأجل المغرب والمغاربة، وكجماع للقول في ما ذكرته أعذرني كثيرا إن اعتبرتك تغرد بعيدا جدا عن السرب.
أستاذنا الكبير، ألم تعد بعد إلى صورك القديمة مقارنا إياها بالجديدة؟ كي ترى مدى تغير هيأتك حيث دفء الكرسي قد يقينا من عدة أمراض مزمنة، كالنحافة والشيخوخة والتجاعيد والاكتئاب وعدم الثقة في النفس، لهذا أحييك كثيرا، وأشد على يدك، بخصوص هذا الاكتشاف العبقري في مجال الطب، من ثمة سيوصي الأطباء النزهاء مرضاهم بضرورة الجلوس ولو لبرهة صغيرة من الزمن على كراسي وزاراتك تفاديا للأمراض سالفة الذكر، وربما تكمن هنا حكمتك الكبيرة في هذا الأمر وأنت المحفوف بعشرات الوزراء الذين حصل لهم نفس ما حصل لك، حيث كنت دوما غاضبا زمن معارضة حزبك الشهمة، وها أنت اليوم تبين عن أسنانك ضاحكا وساخر، مؤلفا لجملة من النكات العبقرية والتي لو أنشأت جائزة نوبل للنكات ستكون الفائز بها فوق كل مقاييس، فسبحان الذي أعطى ولم يأخذ، وسبحان الذي بأمره تجري الأمور، إذن وبدون لغة الخشب تقبل اعتذاري إن قلت الحقيقة كاملة.
سيدنا الوقور، تذكر جيدا أقوالك قبل وبعد رئاسة الحكومة الشكلية، تذكر عندما كنت تقلب الدنيا ولا تقعدها عن مهرجان موازين، عندما كنت تصرخ بقوة عالية حول قضية صفوف المعطلين، حول جودة التعليم البعيدة، حول الشأن الصحي، حول مستويات جامعاتنا ومدارسنا، وحول أكل أموال الناس بالباطل، لكن وبما أنك وقور وذكي زمانه، فقد كشفت لنا عن المستور الذي لم نكن نعرفه من قبل، ألا وهو تلك العفاريت والتماسيح التي تعيق وتقاوم مشاريعك الإصلاحية الكبرى، لكن من كان يقول بأنك ستلتقي في يوم من الأيام بكريستين لاغارد، وستحكي لها نكتة وحيدة من نُكَتِكَ المضحكة، ومن كان يدري آنفا بأنك ستصبح المهندس الأول لكبريات مشاريع الوطن، آه فقد ساهمت نزاهتك وساهم ذكائك في الوصول إلى ما أنت عليه، لهذا فأنت سائر نحو التغلب عن تلك العفاريت والتماسيح ونشر غسيلها مثلما هو أمام الملأ كي يكونوا عبرة للآخرين وأنت السيد الذي يكره كل أشكال الفساد، فاعذرني مرة أخرى إن كنت قد اعتبرتك متقنا لفن الضحك على الذقون.
حبيبنا وصفينا، بفضلك أصبح المغاربة يتابعون حلقات الأجوبة مباشرة من قبة البرلمان، والتي يتفضل بها سيادتكم الموقر حول إنجازات حكومتك التي لا تعرف عن بعض أفرادها إلى النزر اليسير، مثلما يشكرك الشعب المغربي عن هاته الزيادات الجديدة، ضاربا القدرة الشرائية لمدخول نسبة كبيرة من الناس والتي لا تتعدى دولارا أمريكيا في اليوم. بالتالي أنصحك بالاعتراف ولو لمرة واحدة، لأني أخاف من أن تصاب بمرض النسيان، ونحن في حاجة ماسة إلى سماع صوتك، وإعمال عبقريتك، فغوا مرة أخرى إن جانبت الصواب وقلت بعض الأشياء التي لا تمت بأية صلة للواقع.