سارة سوجار
يعيش الشباب المغربي أزمة ثقة تجاه الأحزاب السياسية. الأمر، ببساطة، راجع لأسباب عدة، أبرزها مصداقية الفعل السياسي الحزبى ومدى جدوى المؤسسات التمثيلية في الاستجابة لمطالب الشباب.
لا يغيب عن أحد أن الشباب المغربي استطاع أن يُفند أطروحة العزوف السياسي بانخراطه الواعي والنقدي في الفعل السياسي- دون الحزبي- عبر خلال انخراطه القوي في حركة 20 فبراير ومن خلال المبادرات النضالية المتنوعة التي بَصَمَ بها العديد من المجالات والحملات المؤثرة، والتي انطلقت من الافتراضي (مواقع التواصل الاجتماعي) إلى الواقعي وكان لها الأثر الكبير والصدى الواسع.
أما الانتماء الحزبي، فقد بقي الشباب عازفا عنه متوجسا منه، بسبب اعتماده على بنية استقبال تنظيمية تتسم بالكلاسيكية ولا تستوعب التحولات السوسيو- ثقافية والحساسيات الأجيالية الجديدة. فحتى الشباب الذين اقتنعوا في مرحلة من المراحل بالانخراط في الأحزاب سرعان ما اصطدموا ببنيات تفكير وتنظيم تعزلهم وتحول دون توفير بيئة ديمقراطية حاضنة تتيح للقيادات الشابة الطموحة والمستقلة تفجير طاقاتها بأساليبها الجديدة، بما لا يخرج عن الأفكار العامة حول الديمقراطية والحداثة المسطرة في هذا الحزب أو ذاك.
بالإضافة إلى ما سلف، لا يجب أن ننسى أو نتناسى دور الأحزاب السياسية-الديمقراطية منها- في حسم نوع التغيير الذي نريد. فكل الحركات الاجتماعية والثقافية، الاقتراحية والاحتجاجية، تبقى معزولة وقاصرة ما لم تعبر عنها أو تعضدها أحزاب سياسية ذات تصورات وبرامج سياسية وثقل جماهيري. لذلك يجب دعم التجارب الحزبية والسياسية التي تطمح إلى التغيير وتعبر عن مطالب وطموحات الشباب المغربي، وهذا يقتضي أن ينصب التفكير على إبداع أشكال أفقية ولما لا عنقودية للتأسيس لحوار وتنسيق دائم بين الأحزاب الديمقراطية والديناميات الشبيبة، لا تمُرُّ بالضرورة عبر قاعدة الانخراط والانضباط الحزبي، بل تكون محكومة بالتعاقد والحرية.
في سياقنا الوطني الراهن، وبالنظر إلى البرامج الانتخابية والمشاريع السياسية المعروضة في انتخابات 7اكتوبر، أكاد أجزم أن هناك مولودا جديدا خرج من رحم النضالات الجماهيرية للشعب المغربي الذي يمتلك جذورا تمتد إلى الحركة الوطنية والديمقراطية التي أعطت جيلا من المناضلين يجمعون على أن السياسة لا تستقيم إلا بالمصداقية والنضال والقيم الإنسانية الفاضلة خارج منطق الريع والرشوة واستعطاف الأعيان ومالكي السلطة.
هذا المولود المسمى فيدرالية اليسار الديمقراطي قد يغري الشباب بتبنيه قيم الديمقراطية والحقوق والحريات، وبإيمانه بأن استقرار الفرد والوطن يمر بالضرورة عبر ضمان وضعية اقتصادية واجتماعية مستقرة، وعدالة اجتماعية حقيقية. كما أن الفدرالية قد تكون من بين التيارات السياسة القليلة التي تعطي قيمة للفكر والثقافة وحرية الإبداع، بل هي الأقرب للفنانين والمثقفين والمبدعين الواعين بشرطهم الاجتماعي ودورهم التاريخي.
هذا المولود الذي من حقنا، بل من واجبنا، جميعا أن ننتقد سيرورة عمله وبرامجه يستحق منا الدعم لأنه على الأقل سيكون صوتا لنا إلى جانب ثلة من الأصوات الشريفة التي تعبر حقيقة عن مطالب الشارع داخل المؤسسات. وهو كذلك حاضنة سياسية تمثلنا وتدعمنا في كل مبادراتنا وإبداعاتنا دون خجل ودون رهانات ذاتية مريضة.
فيدرالية اليسار الديمقراطي تجربة فريدة تعكس التطور الطبيعي للنضال السياسي المواكب للتحولات والإفرازات المجتمعية التي عاشها المغرب في العقود الأخيرة.. تجربة مفتوحة على كل الديمقراطيين، متبنية لكل المعارك المفصلية ضد الفساد والاستبداد، قريبة من تخوفات المواطن ومن معاشه اليومي رافعة لمبدأ تخليق الحياة السياسية.
بلغة أقرب إنه مشروع بخطاب جديد ومناضلين شرفاء وأفق لبناء مشترك للمشروع الديمقراطي الحداثي الحقيقي، مع كل المواطنين والمواطنات.
قد لا ترغب في التحزب وقد لا تغريك وضعية المشهد السياسي المغربي لكن صوتك لصالح الفيدرالية قد يخلط بعض الأوراق، وقد (بل من المؤكد) أنه سيرسم أملا لبناء المشهد الذي نريد والمغرب الذي نحلم به.
لن تجد مناضلا فيدراليا واحدا يعِدك بشيء غير استماتته في الدفاع عن مطالبنا جميعا لأن هذا الرأسمال الوحيد الذي عاش به هؤلاء المناضلون والمناضلات وما سيعيش به الجيل الذي بعدهم.
إنه إرث القيم والإيمان بتحرير هذا الوطن. إرثنا القديم المتجدد. فدرالية اليسار: وردة يجب أن نسقيها ونقيها من الرياح.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…