العباس الوردي*

أصبحت عدوى الوسط العائلي بفيروس كورونا تعتلي هرم نسبة الحالات التي أصبحت تعرفها الخريطة الصحية ببلادنا، وهو ما تم التعبير عنه غير ما مرة عبر التصريحات الرسمية للوزارة الوصية على القطاع، الأمر الذي يؤشر على أن معركتنا مع هذا الوباء لازالت مستمرة ولكن ليس من خلال بارومتر الحالات الوافدة وإنما عبر مقياس الحالات المحلية التي أصبحت تمثل نسبة أكثر من 80% من عدد الإصابات المعلن عنها يوما بعد يوم.

ونحن نعيش بداية الأسبوع الثالث من الحجر الصحي الذي يشكل نقطة مفصلية في التصدي لهذه الجائحة، ومواكبة لمنحنى تطور الوباء بالمملكة، يمكننا القول بـأن تغلغل العدوي داخل الأوساط العائلية يفرض علينا ضرورة الأخذ بعين الاعتبار لجملة من التدابير الاحترازية والمتمثلة أساسا في:

أولا: إحداث وحدات للقرب المخبري على مستوى الأحياء

يعلم الجميع بأن عدوى فيروس كورونا تتفشى بطريقة سريعة على المستويين الدولي والوطني، وعلى أساس ذلك وجب التفكير في خلق أو إحياء وإعادة تجهيز وحدات للتحليل المخبري على مستوى جميع أحياء المملكة، مما سيمكننا من التفاعل وبسرعة مع الحالات المستجدة ومن ثمة إخضاعها للاستشفاء المباشر وبالتالي ضمان عدم تفشي الفيروس على مستوى هذه البؤر التوترية التي أصبحت ترخي بظلالها على منحنى الإصابات ببلادنا، ناهيك عن إمكانية تجهيز وحدات مخبرية متنقلة كفيلة بتسهيل مأمورية القائمين على تدبير هذه المهام ومن ثمة تحقيق عدد كبير من التحاليل المخبرية في اليوم ، هاتين المكنتين سواء في شقها الستاتيكي الوحدات المخبرية القارة أو في جانبها المتنقل ستمكننا لا محالة من القيام بعملية فريدة عنوانها التحاليل المخبرية عبر أبواب العائلات ، ومن خلال ذلك ضمان القيام بعملية الحصر المتقدم للحالة الوبائية ببلادنا.

ثانيا: تعبئة بنيات استشفائية للأحياء

الزيادة في عدد البنيات الاستشفائية بالأحياء، وذلك من خلال استغلال أمثل للمراكز الصحية المتواجدة بكثرة عبر تراب جل جهات المملكة الاثنتي عشر ناهيك عن إمكانية الزيادة في الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الإقليمية والجهوية، ذلك أن حالة القوة القاهرة والظروف الطارئة تقتصي من الوزارة الوصية إلى جانب مختلف الفاعلين المباشرين وغير المباشرين تسخير كل الطاقات المادية ، البشرية واللوجستيةالكفيلة بإعادة الوضع الصحي ببلادنا إلى نصابه.

ثالثا: تعبئة وتكوين المجتمع المدني لتدبير هذه الجائحة الأممية

إن جميع المؤشرات الحالية تنم على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في تدبير تداعيات هذه الجائحة على الفرد والمجتمع، وعلى أساس ذلك وجب توسيع رقعة مشاركة الفاعل الجمعوي ولكن قبل ذلك تكوينه من قبل جميع الفاعلين تكوينا سريعا كفيلا بتمكينه من مسايرة الخطة الاستراتيجية المسبقة الإعداد، ذلك أن منظمات المجتمع المدني موطنة بمجموع أحياء المملكة وبالتالي فإن إشراكها في تدبير هذه الظرفية سيمكن ومن دون شك في القيام إلى جانب السلطات بعمليات:

التحسيس ؛
التربية ؛
التواصل.

رابعا: خلق وحدات للرصد الوبائي بالأحياء

بما أن العائلات موطن تفشي الوباء حاليا ببلادنا ، وعطفا على الدور الذي يمكن أن تقوم به فعاليات المجتمع المدني إلى جانب السلطات العمومية ،  يمكننا الاستعانة  بخلق مراصد جمعوية للرصد الوبائي ،تتمثل مهمتها الرئيسىة في القيام بعمليات تتبع ومواكبة الأسر التي تظهر عليها آثار العدوي ومن ثمة تسهيل مأمورية الفعل الرسمي ، ولمالا خلق الرقم الأخضر الجمعوي ألو جمعيتي-، هذه الإمكانية وإن تم تفعيلها ستمكننا من تنزيل آلية القرب في عملية الرصد الوبائي على مدار الأربعة والعشرين ساعة، ومن ثمة التمكن من رسم خريطة للأحياء خاصة برصد الوباء في جميع أحياء المملكة ومن ثمة ترصده ومواجهته بهدف القضاء عليه.

خامسا: القطع مع وحدات التبضع غير المهيكل

تشكل نقط البيع الغير المهيكل تجمهرا لأعداد كبيرة من المتبضعين ما يشكل بؤرة قاتمة لاتساع رقعة استفحال الفيروس ببلادنا وخاصة بجهات :

الدار البيضاء سطات ، جهة الدار البيضاء –سطات ؛
جهة فاس مكناس؛
جهة الرباط سلا القنيطرة؛
جهة مراكش اسفي.

سادسا: تعميم حالة الطوارئ بالأحياء والجهات التي تعرف أكبر نسب للعدوى

بالنسبة للجهات الأربعة من المملكة والتي تشهد تزايدا في عدد الإصابات المؤكدة ،فإنه من المجدي الزيادة في تقييد حركة الجولان بها خلال فترة الحجر الصحي ، مما سيمكن لا محالة :

أولا: من وضع الأصبع على بؤر العدوى العائلية على وجه الخصوص؛

ثانيا: الحد من انتشار الوباء بهذه الأخيرة.

تعبئة جميع وحدات الطب البيولوجي والاستشفائي للقطاع الخاص

سابعا: التفاعل مع مختلف هذه المقترحات لا يمكن أن يتم بمعزل عن إشراك القطاع الخاص من :

مراكز التحاليل الأحيائية ؛
المصحات الخاصة؛
شركات الأدوية والمواد الصيدلية؛
الصيادلة.

ذلك أن الميدان الصحي ببلادنا يعج بكفاءات عالية في هذه المجالات، وبالتالي فدعوة هذه المراكز إلى المشاركة في تدبير هذه الجائحة سيمكننا ومن دون شك من التنزيل السليم لبرنامج مكافحة الداء من داخل الأحياء .

إن الحد من توغل هذا الفيروس ببلادنا ، يدعونا إلى تنزيل سياسة للقرب الوبائي ، كفيلة بعزل حالات العدوى بالأحياء في إبانها ، وبالتالي الحد من زحف الوباء ومحاصرته في بؤرته.

* أستاذ القانون العام جامعة محمد الخامس بالرباط

التعليقات على ألفية فيروس كورونا وآفة العدوى العائلية بالمغرب.. رؤية جديدة لكيفية التعاطي مع الجائحة مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

توقيف أربعة أشخاص بسلا والقنيطرة بتهمة ترويج المخدرات

تمكنت عناصر الأمن الوطني بمدينتي سلا والقنيطرة، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة ال…