فتح الله رمضاني

الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كحزب وطني وكاستمرار طبيعي للحركة الوطنية ولحركة التحرير الشعبية كان دائما صاحب توجه متقدم بخصوص مسار استكمال وحدة المغرب الترابية، ولا مجال لاستحضار العديد من المحطات و الوثائق التي تزكي دوره الطلائعي في هذا الباب، والذي من الواجب استمراره وبنفس المنطق المنتصر للوطن وفقط الوطن وبكامل روح المسؤولية مادامت هناك ملفات لا تزال مفتوحة كوضع الصحراء المغربية و قضية سبتة و مليلية و جزر كبدانة، هذه الروح التي يجب أن تجعل أي فاعل سياسي في المغرب، يسائل ذاته أولا ثم الفاعلين في مجال الديبلوماسية المغربية ثانيا، حول أسباب تعثرنا في تحقيق مكاسب ملموسة خصوصا على مستوى قضية الصحراء المغربية وحول خلفيات ودواعي هذا الصمت الرهيب حول السليبتين سبتة و مليلية .
صحيح، بعد تدويل قضية الصحراء المغربية ومع نزعات الهيمنة الإمبريالية التي تجد في كثرة بؤر الخلاف مجالا حيويا لفرض سيطرتها و تصريف سياساتها وتكريس فهمها للعديد من المبادئ الموجهة للقانون العام الدولي، هذا الفهم الذي يخدم أولا و أخيرا مصالحها ، ومع تقمص خصوم الوحدة الترابية لدور المضطهد و المستغل كشيئ من البسيكوانتهازية التي تجد صدى عند العديد من الدول الجاهلة بحيثيات ملف قضيتنا ، أصبحت مسيرتنا نحو تحقيق تحرير كامل لأقاليمنا الجنوبية تواجه العديد من العثرات و المطبات المحكومة دائما بخلفيات سياسية و اقتصادية تجعلنا نتعامل بشيء من التكتيك و الحيطة لكي لا نحقق خسارة بطعم الربح أو ربحا يخفي خسارة.
لكن صحيح أيضا أن هناك أخطاء في طريقة تدبير الملف من طرف الديبلوماسية المغربية و أن الاستراتيجية التي ينهجها المغرب من أجل استكمال وحدته الترابية والتي أصبحت محط إجماع شعبي اليوم – بعدما كانت هناك عدة توجهات تخالف توجه القصر وتعارضه – أبانت عن قصور نجاعتها وهذا واضح على مستوى النتائج وعلى مستوى الاستدراك والتصحيح الذي حملته مضامين الخطابات الملكية الأخيرة.
إن معركة استكمال الوحدة الترابية للمغرب تفرض إشراك كل المغاربة في مستجدات الملف وتفرض انخراطهم في الآلية التي تتبعها الدولة من أجل هذا الهدف، و الأمر يفرض أيضا قراءة متجددة و تشاركية لكل المستجدات التي تطرأ على العلاقات الدولية و لكل المتغيرات التي تعرفها الخريطة السياسية العالمية. وإذا كانت الدبلوماسية المغربية قد نجحت في إقناع العديد من دول العالم و خصوصا دول أوروبا بأن مصالحهم مرتبطة بمصلحة المنطقة و بأن مصلحة المنطقة مرهونة بمغرب قوي مستقر ومتقدم فإنها قد فشلت في استغلال نواتج ما سمي بالربيع العربي من أجل تقوية حضورها الديبلوماسي إفريقيا في مقابل تقويض طرح الإنفصال.
إن دفع المغرب بضرورة إيجاد حل متوافق عليه للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية و الذي لا يرى له إطارا غير الحكم الذاتي في ظل سيادة تامة للمغرب على أقاليمه الجنوبية يجعله ملزما بالاضافة إلى التعريف به و إلى الدفاع عليه إلى تهيئة أرضية صلبة تعزز هذا الدفاع ، و لن تكون هذه الأرضية غير إسراع التوجه نحو إقرار ديمقراطية حقيقية وفرض كل ما يستتبعها من مبادئ ، حتى يصبح دفاعنا عن أراضينا، دفاعا مؤسسا على التوجه نحو مستقبل جديد ومتميز وسط المنطقة.
مع كل هذه المعطيات مفروض اليوم تقييم الرهان على عنصر التفاوض والذي يرتبط بالعديد من التحديات و بمواقف مجموعة من الدول لا تحركها إلا مصالحها، ومطلوب تأهيل و تعزيز السياسة الخارجية المغربية و تحقيق تعبئة شعبية واسعة وواعية تحركها المعرفة لا العاطفة، تؤسس للطرح الرسمي و تسير في اتجاهه حتى ندرك مغربا كامل الوحدة.
*عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية

التعليقات على دبلوماسية الديمقراطية مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…