تشغل مارينا وولكر منصب المديرة المساعدة للاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين (ICIJ) الذي كان وراء تحقيقات صحافية ذات صدىً عالمي ك”سويس ليكس” في عام 2015 (الذي كشفت عنه صحيفة لوموند) و”وثائق بنما” في عام 2016. تعودُ بنا في هذا الحوار إلى تأسيس الاتحاد وبروز صحافة البيانات.

ترجمة هشام منصوري بتصرف عن لوموند (LE MONDE).

أجرى الحوار “جيرار دافي” و”فابريس لوم” وترجمه من الانجليزية إلى الفرنسية “جيل بيرتون”.

– هل أبدع المُبلِّغون (lanceurs d’alerte) طريقةً جديدة للفِعل؟

المُبلغون ليسوا وليد اللحظة. لقد قدّموا منذ القديم خدمات طويلة للمجتمع من خلال كشفهم عن حالات الفساد والشّطط في استعمال السلطة، معرضين أنفسهم بذلك- في كثير من الأحيان – لمخاطر كبيرة. إنهم يلعبون دوراً هاما في المجتمع من خلال المطالبة بمحاسبة أصحاب النفوذ، سواء كانوا داخل مؤسسة حكومية أو مجلس إدارة أو في مصنع. لكن الجديد اليوم، كما عبر عنه جون دو؛ المبلغ المجهول الذي يقف خلف تسريبات “وثائق بناما”؛ هو أن الوصول إلى المعلومات بات أكثر سهولة وكذا توزيعها بشكل كبير عبر الحدود. هذا ما لاحظناه مع قضية البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي كشف عنها موقع “ويكيليكس” وكذا مع ملفات وكالة “ناسا” [الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء] ثم مصرف HSBS (سويس ليكس) وتسريبات “وثائق بناما”. يتوقع جون أن تكون الثورة القادمة رقمية وربما قد بدأت بالفعل.

– هل جاء إنشاء الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين (ICIJ) استجابةً للحاجة إلى التحرك الجماعي عبر الحدود؟

نعم. فقد تصرّف الصّحافيون لوقتٍ طويل كذئاب منعزلة. لقد كان كل واحدٍ منهم يشتغل في زاويته الخاصة. لم يعُد هذا النموذج مُجدياً في مجتمعٍ مُعولمٍ حيث الشركات والشرطة، بل وحتى المجرمون، يتعاونون عبر الحدود. تمّ إنشاء الإتحاد لكسر نموذج الذئب الوحيد هذا واستبداله بشبكةٍ ومجتمعٍ من الصحفيين تجمعهم الثقة المتبادلة ويتعاونون حول تحقيقات ذات أهمية عالمية. مقالاتنا أكثر قوة وفعالية لمّا نتبادل المعلومات ونشتغل عبر الحدود. الأثر أعظم والوقْع عالمي.

– هل يجب أن ينخرط الصحفي في الفعل أم يقوم بالملاحظة؟

تكمُن وظيفة الصحفي في الملاحظة غير أنها ليست ملاحظةً سلبية. يتوجب عليه أن يطرح الأسئلة ويهتم بالناس ويربط الاتصالات ويعمل بلا كلل من أجل كشفِ الحقيقة.

– هل الحاجة المُلِحة إلى الفعل هي ما حفّز مساركِ المهنية؟

الصحافة الاستقصائية هي أولاً وقبل كل شيء خِدمةٌ عامة. إنها ليست عملاً اعتبارياً أو سهلاً ولا مرتفعَ الأجر. أقوم بهذا العمل لأنني أؤمن أن تحقيقاتي تخدُم المصلحة العامة. يمكن للتحقيقات الصحفية، شريطة أن تكون جيدة، أن تُغير العالم لأنها توفر للمواطنين – بفضل المعلومات المنشورة والمقالات المُقنِعة- الوسائل للمطالبة بهذا التغيير.

– كيف تصِفين نفسك، كصحافية مُلتزمة أم كمناضلة؟

من دُون أي تردد، كصحافية ملتزمة. من المهم توضيح الفرق بين الصحافي والمناضل. المناضلون يدافعون عن وجهات نظر معينة وينظمون حملات لنشر أهدافهم. أما الصحافيون الاستقصائيون فيتوجب عليهم النظر إلى المشكلة من جميع الزوايا بغية التوصل إلى استنباط الحقيقة. تكمُن مهمتنا في التنقيب العميق عن الأشياء التي يريد البعض إبقاءها في الخفاء وتسليط الضوء عليها. إنها تتجلى في محاسبة الأقوياء وفضحِ الفساد والجريمة والشطط في استعمال السلطة، سواء أكان ذلك في اليسار أو اليمين، في الحكومة أو المعارضة وأيّاً كانت هوية مرتكبي تلك الجرائم. إن الكشف عن هذه الحقائق، عن طريق مقالات دقيقة ومُقنعة، هو ما يسمح لمن لهم دور الدفع نحو إجراء التغييرات السياسية وكذا المسؤولين السياسيين بالمرور إلى الفِعل.

–  فِيمَ يُلهِمك مصطلح “مناضل”؟

المُناضل هو شخصٌ يتماهى مع قضيةٍ معينة ويُناضل من أجلها بغرض توليد تغييرٍ معين. الكلمات التي تتبادر إلى ذهني عندما أفكر في كلمة “مناضل” هي الشغف والالتزام والتغيير والمخاطر الشخصية والمجتمع والمصلحة العامة.

التعليقات على حوار.. مارينا وولكر مفجرة “وثائق بنما”: “بإمكان صحافة التحقيق تغيير العالم” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…