لليوم الثاني على التوالي استهدفت ضربات أمريكية فجر السبت قاعدة للحوثيين اليمنيين في صنعاء ردا على هجماتهم في البحر الأحمر. فيما تتزايد المخاوف الدولية من أن تثير هذه الضربات توسّع رقعة النزاع في قطاع غزة الفلسطيني.
وجاء في بيان للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية (سنتكوم) “القوات الأمريكية نفذت ضربة ضد موقع رادار في اليمن” نحو الساعة 3:45 صباحا بالتوقيت المحلي السبت (00:45 ت غ).
ونقلت قناة “المسيرة” التابعة للحوثيين عن مراسلها في صنعاء قوله إن “العدو الأمريكي البريطاني يستهدف العاصمة صنعاء بعدد من الغارات”.
فيما صرح نصر الدين عامر، المسؤول في جماعة الحوثي لقناة الجزيرة إنه لم تقع إصابات في الضربة الأمريكية، وتعهد برد “حاسم وقوي”. وأضاف “لا إصابات ولا جروح ولا خسائر مادية ولا بشرية”.
وأوضحت “المسيرة” أن الضربات استهدفت قاعدة الديلمي الجوية شمال العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران منذ عام 2014.
وتأتي هذه الضربات لليلة الثانية على التوالي في أعقاب أسابيع استهدف خلالها الحوثيون سفنا تجارية يشتبهون في أنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامنا مع قطاع غزة الذي يشهد حربا مع إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ونشرت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا بوارج في البحر الأحمر وشكلت واشنطن تحالفا بحريا دوليا لحماية الملاحة في المنطقة التي تمر عبرها 12% من التجارة العالمية.
ووجهت واشنطن ولندن تحذيرات متكررة للحوثيين من “عواقب” ما لم يوقفوا هجماتهم على السفن، قبل شنهما فجر الجمعة ضربات على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين في مناطق عدة في اليمن تخضع لسيطرتهم.
وحذر الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة من “إجراءات مباشرة” أخرى لضمان حرية الحركة للتجارة الدولية “عند الحاجة”.
وردا على ضربات الجمعة، توعد الحوثيون بالرد مؤكدين أن المصالح الأمريكية والبريطانية باتت “أهدافا مشروعة”.
وليل الجمعة السبت، أكد جنرال أمريكي أن الحوثيين أطلقوا صاروخا بالستيا مضادا للسفن في ما اعتبره “ردا انتقاميا”، لكنه لم يُصب أي سفينة.
وأعلن الحوثيون الجمعة أن “73 غارة” استهدفت مواقع عسكرية في العاصمة صنعاء، ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، مؤكدين سقوط خمسة قتلى في صفوف عناصرهم.
إلا أنّ الجيش الأمريكي تحدث عن استهداف 30 موقعًا عسكريا في 150 ضربة.
وتحدث بايدن عن “ضربات ناجحة ضد عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها الحوثيون لتعريض حرية الملاحة للخطر” في “رد مباشر” على هجمات الحوثيين على السفن.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن الضربات كانت “ضرورية” و”متناسبة” و”دفاعا عن النفس”.
وقال حلف شمال الأطلسي إنها ضربات “دفاعية وتهدف للمحافظة على حرية الملاحة”.
في بيان مشترك، أعلنت الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدانمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة، أن “هدفنا يبقى متمثلا في تهدئة التوتر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر”.
وعقب ضربات الجمعة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى “عدم تصعيد الوضع بشكل أكبر، من أجل السلام والاستقرار في البحر الأحمر والمنطقة”.
وتثير الضربات على اليمن مخاوف من توسع رقعة النزاع في قطاع غزة.
لكن البيت الأبيض أكد الجمعة أن واشنطن “لا تسعى إلى نزاع مع إيران” التي تقود “محور المقاومة” ويُعتبر الحوثيون جزءا منه إلى جانب حزب الله اللبناني وفصائل عراقية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.
وبعد ضربات الجمعة، قال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي سيبحث الأسبوع المقبل إرسال قوة بحرية أوروبية للمساعدة على حماية السفن في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين.
كما أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على شركتي نقل بحري في هونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة، بتهمة دعم الحوثيين.
وتعيق هجمات الحوثيين حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي تمر عبره 12% من التجارة العالمية. وقد تسببت بمضاعفة كلفة النقل، نتيجة تغيير شركات الشحن مسار سفنها حول جنوب أفريقيا.
وتظاهر مئات آلاف اليمنيين الجمعة في العاصمة صنعاء تنديدًا بالضربات وتضامنا مع الفلسطينيين، تحت مظلة الأعلام اليمنية والفلسطينية.