وصل البابا فرنسيس مساء أمس الأحد إلى أبوظبي، في مستهل زيارة تاريخية هي الأولى لحبر أعظم إلى شبه الجزيرة العربية، مهد الإسلام.
وحطت طائرة البابا في ابو ظبي قبيل الساعة 22,00 بالتوقيت المحلي (18,00 ت غ)، وكان في استقباله في المطار ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وإمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب.
ومن المقرر أن يقيم البابا قداسا تاريخيا ينتظر أن يشارك فيه نحو 135 ألف شخص في ملعب كبير في أبو ظبي.
وقبل استقلاله الطائرة متوجها الى دولة الامارات دعا الباب الى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن، حيث تقود الإمارات مع السعودية تحالفا عسكريا ضد المتمردين الحوثيين، في حرب قتل فيها نحو 10 آلاف شخص غالبيتهم من المدنيين منذ بدء عمليات التحالف.
وقال البابا عن الهدنة التي تم التوصل إليها في السويد في دجنبر، أنه “يوجه نداء إلى الجماعة الدولية والأطراف المعنية كي تلتزم يالاتفاق الذي تم التوصل إليه، ويضمن توزيع المواد الغذائية ويعمل من أجل خير الشعب”.
وأضاف في عبارة مرتجلة لم ترد في نص خطابه الأصلي، “إنني أتابع بقلق كبير الأزمة الإنسانية في اليمن. لقد تعرض السكان للإنهاك بسبب النزاع الطويل وكثير من الأطفال يعانون الجوع، لكننا لا نستطيع الوصول إلى مستودعات الطعام”.
ولفت الحبر الأعظم إلى “أن صرخة هؤلاء الأطفال وذويهم ترتفع إلى حضرة الله”.
ورحب وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بزيارة البابا لدولة الإمارات واعتبرها “لحظة تاريخية للحرية الدينية”.
وقبل قداس الثلاثاء يشارك البابا في حوار ديني الاثنين مع شيخ الأزهر أحمد الطيب ومسؤولين دينيين آخرين.
ويعيش نحو مليون كاثوليكي، جميعهم من الأجانب، في الإمارات حيث توجد ثماني كنائس كاثوليكية، العدد الأكبر مقارنة مع الدول الأخرى (أربع في كل من الكويت وسلطنة عمان واليمن، وواحدة في البحرين، وواحدة في قطر).
وكتب البابا في حسابه على موقع تويتر قبيل انطلاق طائرته “أزور هذا البلد كأخ، لنكتب صفحة حوار معا، ونمضي في مسار السلام سوية”.
وتتبع الامارات إسلاما محافظا، لكنها تفرض رقابة على الخطب في المساجد وعلى النشاطات الدينية فيها، وتعتبر أحد أبرز مناهضي الإسلام السياسي في العالم العربي.
وتتوقع السلطات الإماراتية مشاركة أكثر من 130 ألف شخص في قداس الثلاثاء في ملعب لكرة القدم، الأول من نوعه في شبه الجزيرة العربية، وسيكون بحسب وسائل إعلام محلية الأكبر في تاريخ الإمارات.
وتشهد الامارات منذ صباح الأحد تساقط أمطار على العديد من مناطقها وبينها أبوظبي، إلا أنه من المتوقع أن تتوقف الأمطار قبل صباح الثلاثاء.
وفي الطائرة التي أقلته إلى الإمارات قال البابا لدى علمه بأنها كانت تمطر في أبو ظبي “في هذه البلدان، يعتبر هذا بشائر خير”.
ومنذ الساعات الأولى لصباح الأحد، اصطف مئات تحت المطر أمام كاتدرائية القديس يوسف في العاصمة الإماراتية، التي سيزورها أيضا البابا صباح الثلاثاء، أملا في الحصول على آخر التذاكر لحضور القداس.
ووقفت الأميركية الحامل كولينز كوشيه راين (39 عاما)المقيمة في الإمارات بانتظار تذكرتها. وقالت لوكالة فرانس برس “إن مجيء البابا يفتح المجال أمام محادثات حول التسامح يجب أن يسمعها كل العالم”.
وأكد من جهته الايرلندي شين غالاغير أن الحماسة تغمره لحضور القداس.
وقال غالاغير “أنا في غاية الحماسة. لقد جاء (البابا) إلى إيرلندا بالقرب من مقر اقامتي في غشت الماضي، لكنني لم أتمكن من رؤيته لأنني كنت مضطرا للمجي إلى هنا”.
وتابع “إن مجيئه إلى هنا، حيث أعمل وأقيم، أمر رائع، خصوصا وأنه بلد مسلم. سيكون أسبوعا عظيما”.
وفي الشوارع الرئيسية في أبوظبي وتلك المؤدية إلى مجمع الكاتدرائية، علقت أعلام الفاتيكان والإمارات بالإضافة الى أعلام اللقاء الديني الذي سيحضره البابا الاثنين، تحت مسمى “لقاء الاخوة والانسانية”.
واحتلت زيارة البابا العناوين الرئيسية في الصفحات الأولى للصحف المحلية الأحد. وعنونت صحيفة “الخليج” بالخط العريض “أهلا وسهلا بابا الفاتيكان”.
وكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه بتويتر “هي زيارة تحمل قيمة إنسانية عظيمة تضيف بها دولتنا صفحة جديدة في تاريخ التآخي والتسامح”، مضيفا أن الزيارة “تؤكد للعالم نهج دولتنا في التسامح والتعايش السلمي”.
ووجه المسؤول الإماراتي انتقادا إلى قطر لسماحها بإقامة الشيخ يوسف القرضاوي، المقرب من جماعة الاخوان المسلمين، على أراضيها، إنما من دون أن يسميه أو يسمي الدولة الجارة، معتبرا أن بلاده تستضيف “المحبة”، بينما قطر تستضيف “الإرهاب”.
وكتب “شتان بين من يستضيف مفتي العنف والإرهاب ومن يصدر فتاوى تبرر استهداف المدنيين، ومن يستضيف بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر في حوار المحبة والتواصل”.
والعلاقات مقطوعة بين الامارات والسعودية والبحرين ومصر من جهة، وقطر من جهة ثانية، على خلفية اتهام الدول الأربع للدوحة بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة، وهو ما تنفيه قطر.
تقدم الإمارات نفسها على أنها مكان للتسامح بين الأديان المختلفة، وتسمح بممارسة الشعائر الدينية المسيحية في العديد من الكنائس، كما هو الحال في الدول الخليجية الأخرى، باستثناء السعودية التي تحظر ممارسة أي ديانة غير الإسلام.
لكن الإمارات تواجه انتقادات من منظمات حقوقية لدورها في الحرب الدائرة في اليمن المجاور حيث قتل آلاف المدنيين، وتتعرض لاتهامات بملاحقة ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
وصدر الحكم قبل يوم من بداية سنة جديدة أطلقت عليها الإمارات اسم “عام التسامح”، في دولة تضم حكومتها وزيرا للتسامح.
والأحد، وجهت منظمة هيومين رايتس ووتش الحقوقية رسالة إلى البابا فرنسيس.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة في بيان “رغم تأكيداتها على التسامح، لم تظهر حكومة الإمارات أي اهتمام حقيقي بتحسين سجلها الحقوقي”.
وتابعت “مع ذلك، فقد أظهرت مدى حساسيتها بشأن صورتها العالمية، وعلى البابا فرنسيس توظيف زيارته للضغط على قادة الإمارات للوفاء بالتزاماتهم الحقوقية في الداخل والخارج”.
الرميد يعارض تعديلات مدونة الأسرة: “إذا كانت ستكرس مزيدا من الانحدار والتراجع السكاني فإنه ليس من الحكمة اعتمادها”
مصطفى الرميد* من حقنا- نحن المغاربة- ونحن نعيش في عالم قلق ومضطرب، أن ننوه بمثانة مؤسسات ب…