محمد سموني 

22218202_1462667207122345_3515159313907447594_oانقطعت الأمطار، فتسبب ذلك في كارثة سيدي بولعلام التي أودت بحياة أزيد من 15 امرأة حججهن إلى مقر جمعية “للإحسان” من أجل الحصول على قفة تحتوي زيتا وطحينا، بسبب تدافع ساكنة من أفقر الجماعات القروية المتواجدة بالقرب من مدينة الصويرة.

واليوم نزلت بعض قطرات المطر، فأظهرت عورة البنيات التحتية، فانهارت قنطرة، لم يمضِ على إحداثها سنة، لتبتلع شاحنة، وانزلقت حافلة بدورها بين الجديدة ومراكش ليصاب عدد من ركابها ويُفقد رضيع في هذه الحادثة.

في كلا الحادثتين، يخرج بعض الناس ليربطوا الأحداث بقضاء الله وقدره. وبكل صلافة خرجت إحدى سيدات الأعمال ممن يعتمدن في “البيزنس” على الحساب والتخطيط والتوقع لتحمل مسؤولية وفاة الـ15 امرأة لانقطاع الأمطار، دون أن يرف لها جفن أو تتجه وهي المستشارة ونائبة رئيس مجلس المستشارين لمساءلة سياسة الدولة في الفلاحة من خلال المخطط الأخضر الذي كلف الدولة الملايير دون أن نرى أي تدابير توقعية داخل هذا المخطط للسنوات العجاف.

نعم، لا يكفي أن يكون الله مع الفقراء، وأن يخضع موتهم ومحياهم إلى قطرات تنزل كشر لتغرقهم، بسبب عدم توفر بنيات تحتية تصمد أمام المئات المللترات من الأمطار، التي تخلف وراءها الكثير من الكوارث من انزلاقات وفيضانات تحصد في الغالب “غلة” الفلاح وممتلكته وأرواح عائلته، وأيضا عدم توفر أي سياسة توقعية من قبل المشرفين على السياسة “الفلاحية” والتنمية القروية التي يدبّر وزير الفلاحة الملايير من الدراهم بإشرافه على صندوق لا يخضع لوصاية رئيس الحكومة في التوقيع، ولا يحدث أي تدابير لتعويض الفئات التي تنتظر المطر لتعيش عن انقطاع المطر.

وبالعودة إلى إحصائيات “الحليمي”، الذي يحلو له دائما انتقادات المؤشرات العالمية لتصنيفات الفقر والتنمية البشرية، فقد كشف مؤخرا في إحدى الدراسات التي أنجزتها مندوبيته إلى أن عدد الفقراء في المغرب تراجع من ” 7,5 مليون فرد سنة 2004 إلى 2,8 مليون سنة 2014″.

كما انتقل معدل الفقر متعدد الأبعاد، حسب ذات الدراسة دائما، من % 25,0 إلى 8,2% خلال نفس الفترة و من 9,1% إلى 2,0% بالوسط الحضري، ومن 44,6% إلى 17,7% في الوسط القروي. وبذلك تكون ظاهرة الفقر المتعدد الأبعاد ظاهرة قروية بامتياز حيث يعيش 85,4% من مجموع الفقراء بالوسط القروي سنة 2014 مقابل 80,0% سنة 2004.

هذه هي الفئة التي تنتظر أمطار “الخير” التي بدونها تعيش سنة تحت خط الفقر، وللأسف فإن كثرة هذه الأمطار تحولها إلى “شر” يجرف “الخير” المنتظر ومعه أرواح هؤلاء الفقراء الذين لا يكفي وجود الله معهم بقضائه وقدره، بل يجب أن يعمل المسؤولين في مختلف القطاعات على تخفيف هذا “القدر” بسياسات عمومية موجهة لهؤلاء 2,8 مليون فقير بتعويضهم عن الحرمان من التعليم، بالنسبة للبالغين الذي يساهم لوحده، حسب دراسة الحليمي، بـ34% في الفقر على المستوى الوطني.

وتوفير التمدرس لأبناء هذه الفئة، التي يسهم عدم تمدرس الأطفال بدوره بحوالي 21,3% في مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، وأيضا التدخل لتخفيف الحرمان من الولوج للبنيات التحتية الاجتماعية الأساسية، التي تساهم كذلك بـ 19,7% في الفقر متعدد الأبعاد، حسب أرقام المندوبية الرسمية عن الإحصاء وليس مؤشرات المنظمات التي تنتقد وتصنف المغرب في ذيل التصنيفات سواء في التعليم أو التنمية البشرية…

* إشارة: العنوان مأخوذ من عنوان الفيلم التسجيلي للمخرج اللبناني برهان علوية “لا يكفي أن يكون الله مع الفقراء”.

التعليقات على لا يكفي أن يكون الله مع الفقراء  مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…