نوفل البعمري
(محام)
الجميع يتابع أطوار محاكمة معتقلي احتجاجات الحسيمة؛ وتتغير نظرتنا بحسب رؤيتنا للاحتجاجات وطبيعة الحركة الاحتجاجية الجماهيرية التي خلقتها في أرض الواقع، بل أحيانا من قد تجد من يتابع بكثير من الاهتمام أطوارها وهو مقتنع بإدانة المتهمين، كما قد تجد من هو مقتنع ببراءتهم لكن في النهاية الكلمة الفصل للقضاء الذي سيقول كلمته بعد مناقشة الملف في دفوعاته الشكلية المرتبطة بالاجراءات المسطرية التي أطرت اعتقال المتهمين وعملية تفتيش منازلهم ومدى قانونية مختلف الإجراءات التي تم القيام بها من طرف الضابطة القضائية وهي دفوعات تنطلق من الدستور وقانون المسطرة الجنائية وتعتبر معركتها في ساحة العدالة من المعارك القانونية المهمة جدا، ثم الموضوعية المتعلقة بالوقائع نفسها، ومتابعة النيابة العامة أو قاضي التحقيق في قرار إحالته ومدى مطابقة الوقائع المنسوبة للمتهمين مع المحاضر نفسها التي تعد مجرد بيانات مادمنا أمام جناية، ومع فصول المتابعة وأركان الجرائم المتابعين من أجلها سواء في جانبها المعنوي أو المادي، وهذا النقاش القانوني والحقوقي جد مهم، ويجب أن يكون ونشجعه لأنه في نهاية المطاف لا ينتصر لهذا الطرف أو ذاك لكن في عمقه ينتصر للعدل والعدالة؛ ينتصر للقانون؛ ينتصر للمغرب ولسياقه التاريخي الذي تمر منه المحاكمة.
في كل ذلك خرج عضوان من هيئة دفاع المتهم -وهو بريء حسب الدستور إلى أن تثبت إدانته- يتهمان أمينا عاما لحزب سياسي بكونه أراد الانقلاب على الملك والتآمر عليه، ونسبا هذا التصريح للزفزافي وهو تصريح جد خطير لا يبرىء موكلهم بل إذا ثبت لابد وأن تضاف متابعة أخرى للزفزافي وهي عدم التبليغ عن جناية وأية جناية، هي الانقلاب على الملك، بعيدا عن الصخب السياسي والإعلامي الذي أحدثته هذه التصريحات لابد وأن نتساءل، وأنت في معرض الدفاع عن موكلك وهو متابع في الأصل بتهم ثقيلة هل تبحث له عن طرق النجاة أم تورطه وتعمل على إضافة وقائع أخرى أنت أكثر العارفين أن عدم التبليغ عنها يعاقب عليها القانون؟؟
بل أصبح سؤال آخر يطرح نفسه بجدية هل هناك رغبة في تبرئة المتهمين أم أن استمرار اعتقالهم وإدانتهم هو ما يحرك مطلقي هذه التصريحات ونسبتها لموكلهم؟
بل أكثر من ذلك؛هل إطلاق تصريحات ونسبها لمتهم يعد ذلك من صميم المحاكمة العادلة التي تحدث عنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والدستور؟ أم فيها خرق لهذه القواعد من خلال استغلال وضعية المتهم وتوريطه في وقائع من نسج الخيال؟
تخيلوا، إلياس العمري يحمل الهاتف ويتصل بالزفزافي ويقول له بكل سهولة سي الزفزافي واش نتعاونوا في إسقاط الملك؟؟
إنه ليس الخيال فقط؛ بل العبث بعينه، العبث بالقانون وببذلة المحاماة وقسمها؛ العبث بمصالح الموكلين ودفعهم إلى الهاوية.
المحاكمة العادلة تم خرقها اليوم وللأسف من طرف دفاع الزفزافي، تم خرقها انتصارا لرغبة في تصفية حساب سياسي مجاله هو الميدان وليس ساحة العدالة وليس العبث بحرية الزفزافي الزفاف ومن معه، لأن من يعتقد أن هكذا تصريح يبرئه فهو يبيع لعائلة المتهمين الوهم ويوظفهم في لعبة سياسوية قذرة.
يسجل التاريخ أن المحاكمة العادلة اختل ميزانها وخرقت ليس من طرف النيابة العامة ولا الهيئة المعينة في الملف بل من الدفاع، من حماة القانون والحقوق والحريات.
لست هنا في مجال الدفاع عن إلياس العمري، فهو قام بما يجب القيام به وأصدر محاميه بلاغا في الموضوع، بل دفاعا عن حق ناصر الزفزافي في محاكمة عادلة.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…