رشيد أفيلال

327627_158143487605284_1678164644_o

إذا كان هناك من نجاح حققه الاستقلاليون في مؤتمرهم السابع عشر فهو إثارة انتباه كل المغاربة من خلال الصراع الداخلي الذي أطلق عليه إعلاميا “حرب الصحون”. لقد ذكّرني ذلك بما كان الرسام السوريالي الشهير، سلفادور دالي قد قام به، وهو في بداية مساره الفني، بالولايات المتحدة الأمريكية، عندما صدم سيارته بالواجهة الزجاجية لـ”قاعة العروض” التي كان يعرض فيها لوحاته ليلفت انتباه الأمريكيين لأعماله التي ستنال لاحقا شهرة واسعة. يومها تحدث الأمريكيون عن رسام صدم سيارته بالواجهة الزجاجية لـ”قاعة العروض” أكثر مما تحدثوا عن أعمال دالي العظيمة.

حادث التراشق بالصحون، رغم عرضيته، حيث لم يتعدَّ عشر دقائق، ليعود الإخوة الخصوم إلى قاعة الاجتماع لمناقشة أوراق اللجان والمصادقة عليها في جو ديمقراطي، فإنه نال من الكلام و”التحليل” و”التحريم” أكثر مما ناله المؤتمر كله.

اليوم الثاني من المؤتمر سيعرف دخول المرشحين للأمانة العامة للحزب، حميد شباط ونزار بركة يدا في يد، كأن شيئا لم يكن، حيث قرأ جميع المؤتمرين نشيد الحزب كرسالة مفادها أن الخصم الحقيقي هو ذلك الذي يتمنى نهاية حزب الاستقلال.

تلك هي قوة حزب الاستقلال التى تذكرنا بكل الضربات التى  تلقاها بفعل جبروت الحماية الفرنسية التي سجنت ونفت معظم قياديي الحزب الوطني العتيد، الذين لم يزدهم ذلك إلا صمودا ومقاومة حتى من داخل السجون ومن خارج أرض الوطن في المنافي. ويبقى نداء القاهرة للزعيم علال الفاسي بعد نفي جلالة المغفور له محمد الخامس، ذا دلالات عميقة، حيث أصبح معها هذا اليوم عيدا وطنيا بالمغرب.

إنه تاريخٌ لم يكن المغاربة، وفي طليعتهم الاستقلاليون، يقاومون فيه بالصحون بل بالرصاص الحي، وكان الانخراط في صفوف حزب الاستقلال معناه اختيار طريق مظلمة، طويلة وشاقة. كل ذالك من أجل الدفاع عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

اليوم تغيرت الأحوال وأصبحت الصحون تخيف أبناء الفايس بوك الذين لم تعد تهمهم المساهمة في العمل السياسي أو الانخراط فيه، ولعل الانتخابات البرلمانية الجزئية بمدينة تطوان، حيث لم تتعدَّ نسبة المشاركة % 5 وهو رقم له معاني ودلالات قوية ومخيفة.

في تقديري، ما قدمته “حرب الصحون” من خدمة للرأي العام لم يقدمها لمؤتمر حزب الاستقلال بعض القياديين في الحزب لا يتقنون سوى علم الأرقام من أجل الحفاظ على مقاعدهم.

دعونا نستعير من الثقافة الإغريقية حكمة تقول إن تكسير الصحون هو فألُ خيرٍ وطالعُ يُمنٍ واستشرافٌ لغد أفضل. فبفضل “حرب الصحون” تم  فتحُ نقاش وطرحُ أسئلة أهمها: من المسؤول عن هذا الوضع الكارثى الذي أصبح حزب الاستقلال يتخبط فيه؟

 

التعليقات على مؤتمر حزب الاستقلال بين سلفادور دالي والحكمة الإغريقية مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…