1- فبراير “إم روج”
لهذا الشهر القصير في أيامه، البارد في أحوال طقسه، الساخن في ذاكرة جيلنا.
لهذا الشهر وقع عجيب علينا نحن الذين تمدرسنا بمنطق الإكراه البدني، فكلما هلَّ فبراير الذي كنا ننتظره بفارغ الصبر إلا و تحررنا من حجرة الدرس وقصدنا قاعة الأنشطة كموهوبين في مختلف التعابير الفنية كالمسرح والموسيقى و الخطابة والكتابة و… و…
قصدنا قاعة الأنشطة استعدادا للاحتفال بعيد العرش تاركين وراءنا الحجرة والدرس والأستاذ والتلاميذ “غير الموهوبين”.
طيلة هذا الشهر الفضيل من كل عام حيث نهيئ أعمالَ مكررة في المدارس الأخرى وفي مختلف الاستعدادات السابقة وتتعلق أساسا بداءِ فقدان فلسطين وبالمناعة الوطنية لاسترجاع الصحراء وتأكيد مغربيتها، و بهزليات تتعلق في الغالب بوضعية البدوي وهو تائه في المدينة حيث يتعثر في تسمية الأشياء وتهجي الأسماء العصرية، وكثير من الأغاني كأغاني الجيل والآلة الأندلسية والأناشيد الحماسية، ثم الخطب التي كان يتكلف بها بعض الأساتذة من محترفي احتفالات عيد العرش حيث كانت تؤديها إحدى الفتيات المجتهدات و اللطيفات والمقربات من الإدارة عن طريق القرابة العائلية أو المدرسية.
كنا نهيئ كل ذلك في انتظار عرضه على اللجنة لكي تنتقي الغث من السمين، وكنا نفوز دائما لأننا مشاركين في كل تلك ( الخالدات). نسعد بالبقاء في التداريب نسعد بشيطنة زادنا الذي يسعفنا به الشارع الحر نحو هذا المعسكر الوطني، كنا أيضا روادا بررة لدور الشباب التي أسعفتنا هي أيضا بالانحراف نحو الفكرة اليسارية لأن هناك من كان يتربص بنا من أصحاب اللحى والشعور الصاعدة إلى السماء تماما كما
هو شكل اليطوبيا…
كانت هذه الأنشطة تقذف بنا نحو الأحلام ونحو الأضواء لنصير نجوما صغيرة تملأ المدينة وذالحي والمدرسة ودار الشباب وكنا كلما تقدمنا في المراهقة وفي الانغراس في تربة الفكرة اليسارية ابتعدنا عن عيد العرش و أقواسه وراياته ولافتاته الحاملة لشعارات المجد والنصر والتاريخ التليد، هكذا استهلكنا واستهلكنا شهر فبراير من كل سنة مدرسية وكأنه ضرورة قيمية في سلوك المؤسسة العمومية وصداها في صدور جيل كان يكره المدرسة ويحلم بالتغيير.
2- فبراير الشارع
انحسرت الأفكار الثورية وبحت الأغنية الملتزمة وطلع جنريك الفيلم الهادف في النادي السينمائي وتفرق العشاق وانفرطت الحلقة الطلابية في الجامعة وأغلقت المجلات وخرج المعتقلون من السجون وعاد المنفيون و ظهر أغلب المختفين وتصالح معظمهم مع الجلادين و تاب الجلادون و لو بدون اعتذار و شاخ الزعماء بل ومات أغلبهم دون أن يبدلوا تبديلا و دون أن يدونوا مذكراتهم ودون أن يفشوا كثيرا من الأسرار…
و فجأة (باغتنا) الربيع، كانت الشعوب في الشوارع وعلى قناة الجزيرة تريد إسقاط الأنظمة… فخرج فبراير من شهور السنة كشهر استثنائي مرة أخرى وانحشر في حشود المتظاهرين من الشباب المغربي و تفاوتت الشعارات ما بين ميزان الإصلاحي والثوري وما بين الإسلامي والليبرالي تحقق جزء من المطالب والجزء الكبير الذي لم يتحقق صار “استثناء مغربيا” يركبه أمثال بنكيران وهو يشهد على الاحتجاجات المتفرقة بمراوح الشعبوية المزمجرة ويرفع صوته فوق حناجر الشارع بأنه لن يحصل شيئا إذا ما صارت السنة بدون شهر فبراير و“علاش لاّ”.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…