تقول النكتة الإسلامية أن جورج بوش الابن وطوني بلير في سنوات المد النيوليبرالي عقدا لقاء قمة خرجا بعده للمؤتمر الصحافي في بهو البيت الأبيض وهناك صرح الرئيس بوش لأبواق رجال الإعلام أنه وضيفه بلير قررا قتل عشرين مليون مسلم وطبيب أسنان واحد!
تبادل الصحفيون النظرات فيما بينهم ليصيحوا بصوت واحد : ولماذا طبيب اسنان واحد؟!
هنا أدار الرئيس بوش وجهه لبلير ساخرا ثم قال: هل رأيت، لن يهتم أحد لو قتلنا عشرين مليون مسلم!
انتهت النكتة التي تلقى هوى القوميين العرب الممانعين الصناديد أيضا، الغريب أن معظمهم أقام الدنيا ولم يقعدها على حدث إعدام المعمم السعودي نمر النمر و”ضرب الطم” تماما عن أربعة وأربعين سعوديا قضوا معه في نفس اليوم قنصا بالرصاص او بضربة سيف جلاد كما قال البلاغ الصحفي الرسمي، دفوعاتهم كما دفوعات متابعين من مشارب مختلفة عرب وأجانب أن النظام القضائي السعودي لا يضمن شروط محاكمة عادلة للشيخ النمر وتناسوا عمدا، غالبا، أن بقية الستة وأربعين معدوما أدينوا بالمساطير نفسها التي قضت باستحقاقهم للعقوبة، هي ما دامت مختلة وجائرة كما يرونها فكيف سكتوا عنها عند ستة وأربعين سنيا رغم هول الرقم واستنكروها بشدة لشيعي واحد..
نظرية المؤامرة حدها طنجة
قبل أيام انضمت السياسية خديجة عريب لقافلة رجال الدولة الأروبيين مزدوجي الجنسية بعد انتزاعها لرئاسة البرلمان الهولندي رغما عن أنف الفاشي خيرت فيلدرز وفي خضم ظرفية غير مواتية إطلاقا تأججت فيها الأصوات المعادية للمهاجرين العرب بعد حوادث باريس وواقعة تحرش كولون، لحسن الحظ أن نظرية المؤامرة لا تلقى انتشارا في أوروبا، حتى رائدها تيري ميسان الذي نسف حوادث 11 سبتمبر وغيرها في كتبه انتهى طريدا منسيا بين بيروت ودمشق في ضيافة حزب الله ونظام بشار.
في فرنسا بلد تيري ميسان منظومة التربية والتعليم في عهدة شابة مغربية التحقت لاحقا بأبيها المهاجر بعد طفولة قضتها غالبا بين المسيد وتربية الماعز في قرى بني سيدال بالريف، نجاة بلقاسم كانت قبل استوزارها بسنين عضوا مجلس المهاجرين المغاربة بالخارج وهي مؤسسة رسمية مغربية دستورية. الغريب أن لا صوت فرنسي وازن حتى من اليمين المتطرف الصاعد شكك في شبهة مؤامرة مغربية على الهوية والتعليم الفرنسييين لتخريج جيل فرنسي(مُتمَغرب) مثل الاعتقاد بخطة لـ(فرنسة) التعليم التي طاردت هنا الوزير الوصي رشيد بلمختار فقط لأنه قال انه لا يجيد التصريح بالعربية رغم جنسيته المغربية الأكيدة لحسن حظه. هذا ليس جديدا فمن حين لأخر نشكك في جنسية الوزراء بحثا عن جنسية كندية أو فرنسية مستورة لنُرضي منطق المؤامرة بكل أبعادها الماسونية والصهيونية التي نعشق وعبرها نفهم خيباتنا فنخلي عنا أي مسؤولية فنحن ضحايا دائما وأبدا لما يدبر لنا. وان لم نجد فيها ما يريب ننتقل لجنسية شريك العمر وديانته تفتيشا وتمحيصا شأننا شأن المشارقة الذين جعلوا الملك حسين عميلا بريطانيا حين تزوج انطوانيت غاردنر ثم نقلوا ولاءه للسي اي ايه بعد أن ارتبط بعدها بالأمريكية ليز حلبي التي تحولت الى الملكة نور. الاتهامات نفسها طاردت السادات ومبارك بسبب الأصول البريطانية لجيهان وسوزان على التوالي، في العصور التي سبقت بقرون طويلة ظهور محافل الماسونية والخطط الامبريالية والاذرع الصهونية كمشاجب جاهزة نعلق عليها إخفاقاتنا. حمّلت روايات التاريخ الإسلامي زوجات الخلفاء الأجنبيات، من السلاجقة والتركيات، كل المسؤولية عن الفوضى السياسية التي انتهت بسقوط دولة بني العباس.
من موسكو الصغيرة الى قندهار الصغيرة
حسب خبر طريف نشرته مواقع إخبارية فرنسية فمدينتان كونغوليتان تتنافسان بشراسة حول من تستحق لقب(باريس الصغيرة) وتستعينان للحسم بصور مقارِنة مع باريس في العمران، الجسور والأنهار مع فارق فاضح في الجمال والنظافة طبعا.
باريس الصغيرة Petit Paris اسم تربيت عليه، هكذا كنت أسمع أبناء بلدتي يصفون بزهو المدينة نسبة إلى الحي الأوروبي ذي المعمار الكولونيالي الجميل الذي أقامه المعمرون الفرنسيون حول المدينة العتيقة وقصبتها بعد أن دانت لهم البلدة أخيرا، كنت اعتقده اسما موازيا مسجلا باسمها الى جانب اسم اخر هو موسكو الصغيرة كان مناضلون يساريون من أبناء البلدة يقولون تارة إنهم سمعوه من مذيع مشرقي في راديو القسم العربي لـ BBC وتارة أخرى نقلا عن مذيع فرنسي في راديو فرنسا الدولي يبدو انه على اطلاع واسع بحركيتها السياسية و الثورية!
و قد “أحياني الله” حتى نجحت في البكالوريا والتحقت بالجامعة بعيدا، كانت صدمتي قوية حين التقيت بزملاء دراسة قادمين من مدن اخرى كولونيالية خالصة أسموها أمام دهشتي (باريس الصغيرة) كما شهد بها المستوطنون الفرنسيون حسب رواياتهم الواثقة، آخرون من مدن عمالية بحق وحقيق تباهوا بأنها اشتهرت عالميا بـ”موسكو الصغيرة” كما سماها السوفيات أنفسهم وليس مذيعا مغمورا كالذي في دفوعاتي الضعيفة، اكتشفت ساعتها حقيقة الخدعة، كيف أننا لسنا وحدنا على هذا الكوكب من ننازع هذا اللقب المستباح وطنيا دون دليل إلا “قالوا له” كما ردد المحامي خليفة خَلَف خلَف الله خِلْف خلاف في مرافعته بمسرحية لعادل إمام ، فكانت تلك نهاية أسطورة باريس وموسكو الصغيرتين عندي على الأقل.
راهنا مع كل هذا المد المستفز في العمران القبيح مع جحافل الباعة الذين احتلوا الشوارع وأخبار الانفلاتات الأمنية من هنا وهناك، بعد أن كنا لزمن نتماثل ولو مخدوعين بباريس وموسكو نجدنا نزحف بثقة نحو وضع “برونكس الصغيرة ” و”قندهار الصغيرة”..
“ديالي اكبر من ديالك” كلاكيت ثاني مرة
“سقطة الشاطر بألف” كما يقولون. بنكيران بدعابة مرتجلة في لقاء حزبي داخلي في غمرة اندماجه المتحمس في الدفاع عن ذمة ساعده الأيمن السوسي جامع المعتصم، استدرج مفكرا رزينا بحجم احمد عصيد إلى السقوط في رد منفعل حين صرح أن “فطور السوسي راه أغلى من غذاك يا ابن كيران”. أمر لا يليق بمثقف عضوي نخاله كونيا. المفروض أن يتسامى عن أي نعرة إقليمية ضيقة، وأن يكون منيعا ضد الوقوع في فخ الاستفزاز الذي يعتمده هو نفسه في مواضيعه النقاشية المثيرة، والذي ناور ضده بمهارة خلال الشهور السابقة رغم كل خرجات وفخاخ الشاعرة مليكة مزان.
قبل بنكيران انتفض نشطاء امازيغ ضد سكيتش عبد الرحمن أو عابد المعروف بإيكو حول الشلح والحانوت واضطر وهو الامازيغي ان يعتذر لسوء الفهم خوفا من المقاطعة!
ما بال “خلقنا اصبح ضيقا” كما يقول الاصطلاح المشرقي، فهذه الحواجز لم تكن موجودة من قبل في ثقافتنا الشعبية حيث لا حدود مناطقية أمام التنكيت شأننا في ذلك شأن جيراننا في الشمال الذين ينكتون على بخل اليهودي والاسكتلندي وسذاجة البلجيكي وبرود الانجليز دون أن يتسبب الأمر في إطلاق قضايا معاداة السامية أو اشعال أزمة ديبلوماسية بين الدول. هذه الحساسية الطارئة علينا لو تعممت لزحفت خارج سوس، وحينها سنقول وداعا للنكتة المغربية بعد أن يستفز الجبلي والبركاني والعروبي في فطنتهم، والفاسي في صلابته، والمراكشي في ميولاته والكازاوي في “عياقته”..
كيف يعقل أن تتفاخر أنك شارلي “je suis Charlie”، تنافح عن خيارك هذا فتقنع، تم تفاجئنا أنك تتحسس من سكيتش وقد تتظاهر ساخطا ضد دعابة أو فلتة لسان.
لتدم القشابة واسعة كما كانت، فالأمر لا يستحق. اضحكوا ومولاها ربي.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…