خالد الجامعي

بعد سلسلة من المضايقات، تمكنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من الحصول أخيرا على فضاء تعقد فيه مؤتمرها الحادي عشر. قد لا تصدقون الأمر، لكنها الحقيقة فعلا.

لماذا إذن كل هذا التماطل والتأخير؟

السبب بكل بساطة هو أن هذه الجمعية، ومنذ أشهر، موضوعة في نقطة تسديد العديد من مسؤولي وزارة الداخلية، الذين يشنون حرب استنزاف ضروس وحملة مضايقات متواصلة على الجمعية: رفض تسليم وصولات الإيداع للمكاتب التي يتم تجديدها، منع الأنشطة.. ناهيك عن التدخلات العنيفة واستعراض العضلات، في خرق سافر للقانون، داخل مقرات الجمعية.

والكل يتذكر كذلك الخرجات المدوية للسيد حصاد داخل قبة البرلمان. خرجات أرفقها بتهديدات شبه مضمرة واتهامات للجمعية، مثل التخابر مع جهات أجنبية وتلقي تمويلات من مصادر غير معلومة.

طبعا، اسم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لم يُذكَر بشكل مباشر، لكن “إياك أعني واسمعي يا جارة” كما قال الشاعر سهل بن مالك الفِرازي!!

بيد أن الأمر بالنسبة إلى السيد حصاد لا علاقة له إطلاقا بالغزل!!

الأمر بعيد كل البعد عن ذلك!!

إن المعاملة العنيفة لوزارة الداخلية لم تقتصر فقط على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بل طالت العديد من جمعيات المجتمع المدني والمشرفين عليها، كما هو الحال بالنسبة إلى المعطي منجب المتابع حاليا أمام القضاء. كما لم يسلم الجسم الصحفي بدوره من أذى بعض المسؤولين الحكوميين، مثلما هو الحال بالنسبة إلى الصحفي حميد المهداوي رئيس تحرير موقع بديل.انفو. وهو ليس الوحيد كذلك. ويكفي الاطلاع على التقرير الاخير الصادر مؤخرا عن الخارجية الأمريكية والذي يرصد في شق منه وضعية حقوق الإنسان بالمغرب.

جدير بالذكر أن السيد رئيس الحكومة ومعه السيد الرميد المكلف بالعدل والحريات، قد رشقا عددا من المثقفين والصحافيين بالسهام، ونعتوهم بأقدح الأسماء.

طبعا، هؤلاء “المسؤولون الكبار” لم يحركوا ساكنا أمام تحركات وزير الداخلية. صمتهم هذا جعل منهم شركاء في “الجريمة”، شأنهم شأن العديد من الأطراف الحكومية وعدد من أحزاب المعارضة.

وطبعا هذه العودة القوية للداخلية لم تكن لتتم من دون موافقة المركز الحقيقي للسلطة: الديوان الملكي.

وهنا لا داعي للتذكير بأن السيد بنكيران ليست له أية “سلطة” على وزير الداخلية في الحكومة التي يترأسها، وبالأخص على الأجهزة الأمنية.. والكل يعرف هذا.

هكذا، فإننا نشهد على العودة المظفرة لـ”أم الوزارات” كما كانت عليه أيام ادريس البصري.

الأمر هنا تحصيل حاصل!!

فقد “عادت حليمة إلى عادتها القديمة”

يبقى السؤال هنا: لماذا كل هذا التحامل على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟

بالنسبة إلى المتحكمين الحقيقيين في دوائر القرار، فإن هذه الجمعية التي تعتبر إطارا فعالا وذا مصداقية، تجعلهم ينظرون إليها خيفة كسلطة مضادة لهم.

بالفعل، فعبر توفرها على ما يناهز مائة فرع، استطاعت الجمعية المغربية أن تمارس مراقبة مدققة على ممثلي كل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، بحيث فضحت ونددت بالعديد من الانتهاكات والتجاوزات وأشكال ممارسة الشطط في استغلال النفوذ.

كما أن هؤلاء المتحكمين في دواليب القرار لم ينسوا بعد، ولا أظنهم سينسون، الدور الذي لعبته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في صفوف حركة 20 فبراير وكذا دورها داخل تنسيقيات مناهضة غلاء المعيشة، وهي أدوار يمكن أن تساهم بها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مجددا في المستقبل.

لذا، لم يكن أمام سلطة من هذا النوع إلا أن تتعرض لهذه الجمعية بالتضييق، طالما أنه يصعب القضاء عليها بشكل نهائي.

كما أن السؤال الآخر الذي ينبغي طرحه هو: لماذا لم يتوانَ المتحكمون في القرار في طرد صحافيين أجانب ومحاميين وممثلي منظمات دولية، من دون أن تحتج سلطات البلدان التي ينتمي إليها هؤلاء “المطرودون”، أو تستنكر ذلك بشكل واضح؟

يبدو أن البلدان الغربية، المنغمسة حاليا في حربها ضد الإرهاب الجهادي الذي يستهدفها، لا تريد أن تستفز عداوة المغرب، خصوصا وأن هذا البلد يبدي تعاونا فعالا معها في حربها هذه. لذلك، فلتذهب إلى الجحيم حقوق المواطنين المغاربة، فهي حقوق لا تعدو كونها تفاهات وهراءً في أعين حكام هذه البلدان.

وإلى الجحيم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وعاشت الحرب على الإرهاب، أما الهايج وأصدقاؤه من عصابة الحقوقيين، فـ”احنا وراهم والزمن طويل”، يهمس المخزن بخبث.. !!!

التعليقات على إلى الجحيم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان !! مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

أخنوش من قمة الرياض: المغرب يتوفر على تصور متكامل ومبتكر لتدبير ندرة المياه يرتكز على 5 محاور رئيسية منها الطرق السيارة للماء ومحطات التحلية