نوفل البعمري
على الصعيد الشخصي كنت ممن قاطعوا تلقائيا بعض المنتجات الإستهلاكية على اعتبار أنها تمس القدرة الشرائية للمواطنين، كما أنها كانت احتجاجا على الحكومة لتراخيها في دعم الطبقة الوسطى خاصة بعد سلسلة الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها، لكن فجأة و دون سابق إنذار انطلقت بعض الأصوات للترويج لضرورة مقاطعة مهرجان موازين كمقدمة لمقاطعة مختلف المهرجانات الموسيقية و الفنية التي تكون مناسبة للترويج للسياحة سواء منها الداخلية أو الخارجية، و للمغرب ككل، إذ أنه في الوقت التي تعيش فيه بعض البلدان وضعا أمنيا صعبا و سطوة الإرهابيين فيها، ها هو المغرب ينظم مهرجاناته الفنية و يستمتع معها سكانه و شعبه بالموسيقى على مختلف تلاوينها و أنواعها، و يعطي رسالة أكيدة للعالم، خاصة و أننا تحت أنظاره منذ أن جنبنا و يجنبنا رجال الخيام العمليات و التهديدات الإرهابية التي تهدد المغرب في أمنه و سلمه بفعل يقظتهم و جاهزيتهم، أن المغرب ليس و لن يكون مثلا كسوريا التي حولتها داعش إلى مقبرة و لم يسلم من إرهابها كل ما يمت للفن بصلة من التماثيل التي تعود لقرون إلى الآلات الموسيقية و الفنانين….بل هو بلد – المغرب- منفتح و قادر على حفظ أمن شعبه و ضمان الحياة فيه.
مهرجان موازين حتى نكون واضحين واحد من المعارك الخاسرة التي قادتها مختلف الحركات الأصولية بالمغرب قصد إيقافه و إلغاءه بدءا من العدل و الإحسان التي فرضته فرضا في الجموع العامة لحركة عشرين فبراير لتتبناه، وصولا لعبد الاله بن كيران نفسه الذي جعل منه مادة دسمة لمعركته الانتخابية سنة 2011 و معه الحركة الدعوية اليوم يتم إعادة نشر فيديوهاته المحرضة على المهرجان و هي الفيديوهات إلى جانب أخرى تختبئ تارة وراء الشعب و ” فلوس الشعب” مع العلم أن حزبه تقلد رئاسة الحكومة و لم يقم بأي إجراء إجتماعي يوازي خطاب دعوتهم لمقاطعة موازين بل ما نعيشه اليوم من وضع اجتماعي خانق أدى إلى مقاطعة بعض المنتوجات الاستهلاكية اختياراته الاقتصادية هو من تسبب في هكذا مواقف و أزمة لأنه كان رئيسا للحكومة و لم يقم بما عليه القيام به، و تارة يختبئون تحت عباءة الأخلاق و الفن الراقي، دون أن يحددوا لنا ماهية المعايير الأخلاقية التي يريدونها هل هي نفسها التي أدت لفضائح أخلاقية لبعض قياداتهم الدعوية، و لمعنى الفن الراقي الذي يتحدثون عنه، و اذا ما قمنا بإطلالة سريعة على مهرجاناتهم التي تنظم في بعض مناسباتهم فهم يقصدون بالفن الراقي “موسيقى” الدف و إن كان هذا اختيارهم لكن من حق باقي المغاربة و هم الأغلبية أن يختاروا فنهم و موسيقاهم، بمعنى أن الهدف الحقيقي لوراء دعوتهم اليوم هو تحقيق حلم في الانقضاض على موازين كمقدمة لمنع المهرجانات الصيفية الأخرى ينتمي لعقيدة محافظة، و هو محاولة فرض نمط ثقافي معين ينسجم مع مرجعيتهم الدعوية و الدينية التي تعطي معنى محدد للموسيقى.
مهرجان موازين اليوم يرأسه أحيزون و قد ” رحل” عنه الماجيدي منذ سنوات، يدبر كما مختلف المهرجانات مهما كبر أو صغر حجمها دعمه المالي مقابل الإشهار.
هو مهرجان كأغلب المهرجانات التي تنظم في الصيف مجانا و مفتوح أمام الجميع للفقراء كما الأغنياء حيث يتوحد فيه الجميع أمام الموسيقى و الفن.
هو مهرجان كما باقي المهرجانات ينطلق من دعم الموسيقى و تحويل ساحاتنا العمومية إلى فضاءات للتعايش و السلم و رسالة للعالم على أن هذا الشعب حي.
إن الدفاع عن أهمية المهرجانات الموسيقية و الفنية التي تقام في الصيف هو دفاع عن المغرب المتعدد و المتنوع المنفتح.
لقد فشل الجناح الدعوي و معه العدل و الإحسان في فرض مقاطعة المهرجان و هي فقط مقدمة لوقف مختلف المهرجانات الفنية التي تقام سنويا، فإيقاف موازين سيؤدي حتما إلى إيقاف مختلف المهرجانات الفنية. لنكن منتبهين رغم أن ظاهر المعركة هو اقتصادي لكن عمقها أخلاقي و ثقافي، هو محاولة فرض نمط أخلاق و ثقافة محددتين تنطلقان من فهم مغلق للدين.
لنطرح السؤال واضحا:
هل موازين و غيره من المهرجانات هو المسؤول عن التنمية الاجتماعية و الإقتصادية في بلادنا أم اختيارات الحكومة السابقة و الحالية؟
هل المهرجانات هي من تسببت في فشل النموذج التنموي ببلادنا أم نوع التدبير الحكومي سابقا و حاليا؟
هل المهرجانات هي من عطلت الإصلاح الاجتماعي و عدم التجاوب مع المقاطعين أم اختيارات المسؤولين وعلى رأسهم الحكومة؟
هل المهرجانات هي من وصفت المقاطعين بالاشباح أم رئيس الحكومة؟
هل المهرجانات هي من خرجت تدافع عن الشركات دون أن يتم القيام بأي إجراء عملي ينهي مع الاحتكار أم المسؤولين الحكوميين؟
هناك معركة يراد لها أن تنطلق من خلال إستغلال أجواء المقاطعة لتوجيهها نحو موازين و هي تخفي نية مبيتة لفرض نمط تفكير و ثقافة معيناين يراد من خلالها نشر ثقافة محافظة ترفض الموسيقى و الفن.
شخصيا دافعت عن موازين سنة 2011 كما دافعت عن ضرورة بقاء و إحياء مختلف المهرجانات الموسيقية و الفنية و مازلت على نفس الموقف و أكثر.
الحقيقة أني ترددت كثيرا في نشر هذا الرأي بسبب ما يلاقيه المختلفون مع بعض الدعوات من تهجم و تشهير كحالة الصديقة حنان رحاب التي افتري عليها، لكن في بعض اللحظات نحتاج للتعبير عن الموقف مهما كان ثمنه لأن التاريخ لن يرحم في حال تركناهم يضربون الفن و الموسيقى في بلدنا لأنها مقدمة لأشياء أخطر و أكبر.
الرميد يعارض تعديلات مدونة الأسرة: “إذا كانت ستكرس مزيدا من الانحدار والتراجع السكاني فإنه ليس من الحكمة اعتمادها”
مصطفى الرميد* من حقنا- نحن المغاربة- ونحن نعيش في عالم قلق ومضطرب، أن ننوه بمثانة مؤسسات ب…