قال العباس الوردي الباحث والأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بالرباط، إنه من المنطقي ووفقا لما تمليه الممارسة الديمقراطية في مجموعة من الدول أن يفتح السيد رئيس الحكومة الباب على مصراعيه أمام جميع الأحزاب السياسية، للتفاوض من أجل تعويض الوزراء المعفيين، ذلك أن مسألة الإعفاء تخص جميع المكونات السياسية ببلادنا. فلنتابع هذا الحوار القصير.
1- ما تقييمك للإعفاءات التي مست عددا من المسؤولين السياسيين والإداريين في الأسابيع الأخيرة؟
* إن تفعيل مبدأي المحاسبة والمساءلة الدستوريين قد تم البدء في التعاطي معهما بشكل مباشر خاصة بعد الإشارات التي سبقت هذه الإعفاءات من طرف جلالة الملك للمسؤولين الوزاريين، الإداريين وكذا الترابيين في مجموعة من الخطب الملكية السامية، التي لطالما تطرقت إلى التذكير بأنظمة اللاتركيز واللامركزية وكذا الجهوية كأساس للتنمية المستدامة ببلادنا، وتحدثت عن سياسة القرب من المواطن وخاصة فيما يتعلق بتدبير خدمات القرب تدبيرا جيدا، والقضاء على البيروقراطية بمختلف تجلياتها، كما ذكرت بضرورة الحرص على مواكبة إنجاز المشاريع إلى أن يتم إخراجها إلى حيز الوجود إلى أن جاء الزلزال السياسي الذي أشار جلالته إلى إمكانية اللجوء إليه إذا ما تطلب الأمر ذلك غير أن المسؤولين استمروا في اعتماد سياسات لم ترق بتاتا لتطلعات الملك والشعب، ما أدى إلى تفعيل دور المجلس الأعلى للحسابات الذي أدى إلى توزيع مسؤولية تأخر المشاريع التنموية التي تم تدشينها من قبل من طرف الملك، وبالتالي فمسألة إعفاء المسئولين هي تحصيل حاصل لتنفيذ مقتضيات الوثيقة الدستورية لسنة 2011، التي يشكل كل من مبدأي المساءلة والمحاسبة عمادا لها، لذلك يجب على كل المسئولين التقاط فحوى هذا التمرين الدستوري وإسقاط تمثلاته على أرض الواقع وذلك من خلال تحملهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم وإقرار الديمقراطية التشاركية كأساس لحل المعضلات الني تعترض تنفيذ المشاريع التنموية على أرض الواقع.
2- هل تعتقد انه سيكون هناك تعويض للوزارء المعفيين فقط، أم سيحدث تعديل حكومي موسع؟
* من الواضح جليا على أن بلاغ الديوان الملكي الذي صدر بشأن إعفاء هؤلاء الوزراء، قد ترك مسألة الانفتاح على أحزاب أخرى أو تعويضهم من داخل الأغلبية الحكومية الحالية بيد رئيس الحكومة، وبالتالي فمن المنطقي ووفقا لما تمليه الممارسة الديمقراطية في مجموعة من الدول أن يفتح السيد رئيس الحكومة الباب على مصراعيه أمام جميع الأحزاب السياسية، ذلك أن مسألة الإعفاء تخص جميع المكونات السياسية ببلادنا، لذلك فمن وجهة نظري أن الطريق الأصلح هو الانفتاح على جميع مكونات الخريطة السياسية ببلادنا، وذلك إذا ما أردنا المضي قدما بمشاريعنا التنموية بطريقة تشاركية، ذلك أن الحكومة تعبر عن كل المغاربة وبالتالي فمسألة تعويض الوزراء الذين تم إعفائهم يجب أن توكل لكل الأحزاب التي اختار المواطنون أن تمثلهم على مستوى تدبير الشأن العام.
3- هناك من يعتبر أن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يطبق بشكل انتقائي، هل تؤيد نفس الطرح؟
* مخطئ من يؤمن بالتطبيق الانتقائي لمبدأي المساءلة والمحاسبة، ذلك أن المغرب وانطلاقا من الموقع الاستراتيجي الذي أصبح يضطلع به على المستوى الدولي عموما والإفريقي بصفة خاصة، وانطلاقا من القواعد التي تأسست عليها الوثيقة الدستورية الحالية، لن يقبل بفشل السياسات التنموية الكبرى التي تم تسطيرها من أجل الدفع قدما بمساره التنموي ومن ثمة بلوغ الدول المتقدمة في هذا الباب، وبالتالي فمن يتحمل المسؤولية يجب عليه إما أن يقوم بواجباته كلها أو أن لا يتحملها، ومن هذا المنطلق فعلى جميع المسئولين نهج سياسة الباب المفتوح “OPEN DOOR” مع جميع القطاعات الحكومية، وذلك من أجل العمل بصفة تشاركية لا بيروقراطية، ومن ثمة التغلب على الصعاب بطريقة جماعية قوامها المصلحة الوطنية أولا.