ليس دفاعا عن الوزيرة بسيمة الحقاوي
مصطفى الفن
كنا نعتقد، والله يشهد، أن ذلك “الانقسام”، الذي وقع بين المغاربة في قضية الخطة ألوطنية لإدماج المرأة في التنمية، أصبح جزءا من الماضي مع مجيء الملك محمد السادس إلى الحكم وميلاد مدونة جديدة حول الأسرة.
نعم كنا نعتقد أن الأمر كذلك، لكن ها هو مسؤول في قناة “عمومية” يحاول أن يعيد عقارب الساعة المغربية إلى الصفر أو إلى المجهول.
السي عمر الذهبي، الذي يشغل مهمة رئيس تحرير جميع هيئات تحرير “قناة ميدي 1 تيفي”، عاد ليقصف من جديد الوزيرة بسيمة الحقاوي لأنها في نظره لم تتكلم عن قضية فتاة الحافلة إلا بعد مرور يومين.
الذهبي، الذي يتقاضى راتب وزير من ضرائب المحجبات وغير المحجبات من دافعي الضرائب، رفع سقف قلة الصواب عاليا وطالب من الحقاوي أن تخرج إلى العلن لتشرح موقفها من نساء يختلفن معها في طريقة اللباس أو تعرصن للاعتداء بسبب لباسهن.
ونسي السي الذهبي أن هذه الوزيرة التي يهاجمها بهذا العنف اللفظي والعنصري وبشكك في “سلامتها الأيديولوجية والفكرية” هي ليست وزيرة في حكومة بلا رئيس أو في دولة بلا حاكم.
إنها وزيرة في الحكومة المغربية ومعينة من طرف الملك محمد السادس الذي يتحول في المجالس الوزارية إلى رئيس مباشر لجميع الوزراء.
والسي الذهبي يعرف كل هذا جيدا، لكنه بهذا الموقف الطارئ في حياته من الحجاب والمحجبات فهو يعبر في حقيقة الأمر عن “هوى” جزء من الرأسمال الإماراتي الذي تم ضخه في هذه القناة ذات سياق.
وليس سرا أن السي الذهبي هنا عبر عن موقف استئصالي من الدين وليس من المتدينين ليس لأنه يؤمن بذلك.
بل فقط ليرضي الإماراتيين الذين لا ينظرون بعين الرضا التام إلى النموذج المغربي الذي اختار إدماج الإسلاميين في السلطة خلافا لأنظمة سياسية أخرى رمتهم في السجون.
فماذا يعني هذا؟
هذا معناه أن السي عمر الذهي لم يعد يتحرك كموظف يشتغل تحت إمرة مسؤولين مغاربة يسكنون في الرباط
لا.
السيد أصبح يعتبر نفسه أجيرا عابرا للحدود وأن باطرونه الفعلي هو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي يسكن بدولة الإمارات.
نعم إن الأمر بهذه الخطورة عندما يصبح السي الذهبي يضبط ساعته ليس حسب توقيت الرباط وسلا وما جاورهما، بل حسب توقيت “أبوظبي” ودبي ورأس الخيمة..
وأنا هنا لا أهاجم زميلا في المهنة لم يمسسني بسوء يوما ما، وإنما أحاول أن أعلق الجرس فقط خشية أن يفعلها البعض منا فيؤدي ثمنها الكل.
السي عمر الذهبي هو رئيس تحرير في قناة عمومية لا غير، وهو غير معروف حتى كصحافي وليس له قراء ولا معجبون ولا معجبات.
بل أستطيع أن أقول إن فشله في مجموعة من التجارب الصحفية هو الذي قاده إلى هذا السطو على هذا المنصب الحساس.
والذي لعب دورا مهما في وصول عمر الذهبي إلى هذا المنصب هو باطرونه السابق في “أوجوردوي لوماروك” السي خليل الهاشمي الإدريسي، المدير العام الحالي لوكالة المغرب العربي للأنباء.
وأنا أقول هذا لأني أعرف جيدا أن السي الذهبي جيء به إلى هذا المنصب ليس اعتبارا للكفاءة والمؤهلات، بل فقط لملء الفراغ لأن المرشح الأصلي اعتذر عن القيام بهذه المهمة.
أكثر من هذا، فما كان لتدوينة عمر الذهبي أن تبلغ الآفاق لولا انتماؤه لقناة عمومية.
أقصد القول ان السيد هو تقريبا لا شيء بدون هذا الانتماء النبيل والمشرف له ولكل المنتمين لهذه المؤسسة الإعلامية العمومية.
وقد جرب السي عمر الذهبي كيف أنه عجز عن إدارة فريق من بضعة صحفيين في جريدة الهاشمي عندما كان البعض منهم يصفق عليه الباب ويغادر الى الأبد احتجاجا على “سلطوية مرضية” بتعبير واحد من بعض الضحايا.
وكان المطلوب من زميلنا عمر أن يراعي هذا الوضع الاعتباري وهذا الامتياز الذي يفرض عليه واجب التحفظ والانشغال بثقوب الذات.
أما إذا كان يعتبر نغسه غير معني بهذا التحفظ وأنه حر في التعبير عن موقفه وآرائه العنصرية ضد فئة من النساء المغربيات فما عليه سوى أن يقدم استقالته.
لماذا؟
لأن تصريف مثل هذه المواقف العدوانية من داخل قناه محسوبة على الإعلام العمومي سيزرع الشك وسيخلق عداوات مجانية لقناة تحظى باحترام فئات عريضة من المجتمع.
نعم مهمة السي عمر الذهبي هي تنظيف باب قناته أما التفرغ لتنظيف باب البيت الحكومي فقد يفهم منه أن الدولة غير جدية في الإصلاح لأنها تسمح لموظفيها العمومين بأن يهاجموا الوزراء الإسلاميين دون غيرهم من الووراء.
فهل يستطيع السي عمر الذهبي، الذي هاجم ب”شجاعة” نادرة أن ينتقد مثلا ولو بنصف كلمة مسؤولا ساميا في الأمن أو المخابرات أو وزيرا من وزراء المخزن؟
أكيد لا.
إذن أمسك عليك قناتك يا عمر ولا تحاول أن تخفي في نغسك ما الله مبديه لأنك تسيء إلى البلد ووالد وما ولد.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…