عبد المجيد الفرجي*
لا نمن على البلد حينما نستحضر اسمه ونقدمه من منطلق الواجب والانتماء له في محفل أكاديمي، إعلامي أو فني..
لكن نحس بكثير من الغبن حينما نكتشف أن مالا عاما يصرف باسمك (وزارة الجالية) من أجل لقاءات تنظمها الوزارة الوصية؛ فيما تُحدَّد لوائح المدعوين إليها من طرف القنصليات، التي تحكم بعضها إن لم أقل كلها العقلية الأمنية. بحكم التكوين “الداخلي” لكثير من القناصلة.
مناسبة هذا الحديث، أني توصلت بخبر تنظيم المنتدى التشاوري الثاني لجمعيات المجتمع المدني، يوم الأربعاء 01 غشت، فقررت زيارة مقر استقبال المشاركين قبل يوم من انطلاق التظاهرة في إحدى الفنادق الفخمة بالعاصمة الرباط، للتسجيل بغية متابعة أشغال المنتدى المذكور.. فكان الرد من السيدة المحترمة المسؤولة بوزارة الجالية: يلزمك أن تكون ضمن اللائحة التي بعثتها القنصلية حيث مقر إقامتك بالخارج.
أنا: هل أنت ممثلة لوزارة الخارجية أم وزارة الجالية!؟ من حقي كمواطن مغربي مقيم بالخارج وفاعل جمعوي: عضو مكتب مسير لجمعية انتيلوكو/ البيكولو نشينيما السينمائية، وصفة رئيس مؤسس وتنفيذي لجمعية “أكازا نوسترا” متعددة الثقافات، أن أساهم في النقاش الدائر في بلدي حول المجتمع المدني لأبناء الجالية، والحضور دون ضرورة تأشير القنصلية على ذلك. لقد حضرت هنا من مالي الخاص وأقطن قريبا من هنا مع عائلتي،بمعنى لا أريد فندقا ولا تذكرة سفر كما يستفيد الآخرون دائما.
هي: إنها مشكلتك لأنك لا تتواصل مع القنصلية.
جوابي: سيدتي ليس من واجبي أن أتواصل مع القنصلية وأن أخبرها بأنشطتي.. أظن أن مؤسسة، القنصلية كمرفق عمومي هي من يجب أن تقوم بهذا الدور، خصوصا حينما تكتب الصحافة الإيطالية عن الأنشطة الثقافية التي أزاولها أو تتويج فني شخصي يذكر فيه اسم المغرب.
هي: كان عليك أن توجه دعوة إلى القنصل لحضور الأنشطة.
أنا (وقد أحسست باستفزاز مبين): سيدتي ليس مفروضا علي أن أوجه دعوات للسيد القنصل، حتى يرضى علي لأحضر لقاءات تنظمها وزارتكم. وحتى يطمئن خاطرك سيدتي لست إنسانا صداميا، فقد عملت بهذا البرتكول مرة في بدايتي بأرض المهجر، حينما وجهت دعوة لقنصل سابق بتورينو لحضور يوم مغربي نظمته رفقة طلبة مغاربة وأجانب أصدقاء للمغرب.. وعندما قدم السيد القنصل حينها، سألني عن أسباب عدم استشارته في تنظيم النشاط أو الاتصال بالجمعية الفلانية.. فكان ردي حينها: سيدي الكريم؛ ليطمئن قلبك لسنا من البوليزاريو ولا من العدل والإحسان. نحن طلبة مستقلون وهذه مبادرة خاصة ونحس معها بأننا سفراء أكثر من الدور الرسمي للسفير.. نظر إلي حينها القنصل نظرة غير ودية، وقال لي بعد أن استفرد بنا نحن ثلاثة طلبة بالحي الجامعي “فيلا كلاريتا”، نهاية يوليوز 2010: بما أن لك هذه العلاقات مع الطلبة الإيطاليين وغيرهم من الأجانب، لماذا لا ننظم رحلة إلى الصحراء المغربية مدة أسبوع خلال نهاية دجنبر، كلشي على حسابنا “واكلن شاربن دايرن”… أجبته ببساطة: سيدي القنصل.. نحن مستقلين في قراراتنا ومنفتحين على التواصل مع مؤسسات الدولة المغربية بمنطق الاحترام المتبادل.. كل واحد يقوم بدوره، لكن ما تقوله الآن؛ ما كان عليك أن تنطقه، لأنه غير مقبول منك.. غضب الرجل، ثم انصرف.
كان من المفروض أن يحضر قنصل المملكة المغربية بتورينو في ذلك المساء لعرس على الطريقة المغربية كتتويج لتظاهرة اليوم المغربي؛ الذي حضره نائب عمدة المدينة (كرولياسكو) و مديرة “مؤسسة الحق في الدراسة الجامعية” (أكبر مؤسسة مانحة وداعمة للطلبة والباحثين الجامعيين بشمال إيطاليا).
لقد مضى السيد القنصل حينها… واكتفى ببعث رسالة نصية عبر الهاتف الخلوي، مما جاء فيها: ” نعتذر على عدم حضور العشاء.. المهم راه عرفناكم شكون نتوما”. وهي العبارة الملتبسة التي تفيد أكثر من معنى.. أقرب إلى لغة المخزن التهديدية أكثر من لغة الدبلوماسية المفروض أن يجيدها لسان القناصلة.
حينما علمت موظفة وزارة الجالية بهذا التفصيل، لم تعلق. وظلت صامتة. بعد برهة سألتها هل من جواب، إن كان متاحا لي المشاركة في هذا المنتدى التشاوري أم لا.
هي: ممكن غدا تجي ونسجلوا معلومات ديالك، ولكن نتا راك ماشي من المدعوين.
أنا: سيدتي أنا ناشط جمعوي هناك وهذه وثائق تثبث قولي.. فإذا لم توجهوا إلي أنتم الدعوة، فأنا أوجهها لنفسي الآن من منطلق واجب المسؤولية اتجاه نفسي وبلدي الذي لي فيه حق وعلي حق اتجاهه.. هل ممكن تسجيل اسمي والتنظيم الذي أرغب تمثيله أم لا. وكذلك مدي ببرنامج المنتدى.
هي: لا ما يمكنش.. حيت انتا ما شي من المدعوين. ما كاينش في الليستا اللي صيفطت لينا القنصلية ديال تورينو. ممكن تجي غدا ونسجلوا معلوماتك ونعطيوك البرنامج.
وهكذا استفتيت قلبي واستخرت.. فقررت ندير بناقص.. ومامشيتش كاع! حيت درت اللي عليا، وواجبي أضحى أن لا أشارك بما يشبه المقاطعة صوب لقاء تشاوري تضع أسماء الجمعيات المشاركة فيه القنصليات وما يصاحب بعضها من تدجين لجمعيات تسيء لصورة المغرب بدعم رسمي من حيث يدرون أو لا يدرون. ولي في ذلك أمثلة بالدليل والبرهان.
* إعلامي وفاعل ثقافي مقيم بإيطاليا
أمام تزايد الانتقادات.. الحكومة الألمانية تفتح تحقيقا لكشف ما إذا كان بالإمكان تفادي هجوم ماغديبورغ
تعهّدت الحكومة الألمانية الأحد بفتح تحقيق لكشف ما إذا كان بإمكان أجهزة الاستخبارات منع وقو…