لطيفة البوحسيني *
المغرب النافع بمعايير المكتب الوطني للسكك الحديدية هو المغرب الممتد من الدار البيضاء إلى طنجة.. فهذا الجزء من المغرب ومن المغاربة يلقى اهتماما خاصا من لدن المكتب، حيث تتوفر له وسائل نقل من طراز عال جدا وبجودة عالية وباحترام للوقت والنظافة وتعامل جد راق من طرف القيمين على قطاراته الفائقة السرعة.
أما المغرب غير النافع، فهو ذلك الذي يمتد إلى الجهة الشرقية من الوطن، حيث القطار في حالة مأساوية، لا من حيث جودة الخدمات ولا من حيث النظافة وخصوصا ما يهم التهوية.
حينما “يسخط” عليك الله والوالدين وحتى الأسرة والزوج والأصدقاء، تجد نفسك مسافرا في قطار تُشغل فيه “ثلاجة التبريد” ليلا وفي عز شهر نونبر .. تتوجه المرة الأولى إلى المراقب كي يخفض أو يلغي وظيفة التبريد.. يرد عليك بلطف، لكن لا شيء يتغير.. تنتظر مروره ساعات بعد ذلك، تعيد الطلب، فيحاول إقناعك باعتماد حجج غبية، بكونه قام باللازم، لكن لا شيء حصل.. فتصبر وتكابر.. لكن، تستمر الثلاجة وبرودتها في التوغل في جسدك، فتنقض على عنقك لدرجة يصبح معها من الصعب جدا تحريكه…
فتستغل فرصة تغيير المراقب، لتعاود الطلب …لكن هذه المرة، تغضب وتسعر و”تكشكش” وتعربد وترغي وتزبد، ليتم بعدها إحضار السيد التقني الذي يقوم بمحاولة تثمر النتيجة التالية:
سيدتي، هناك عطب حقيقي لا حل له الآن، ويستحيل إصلاحه، فما عليك إلا الصبر…(تنوض تعضو ولا شنو تدير فراسك؟)
نعم.. المكتب الوطني للسكك الحديدية، فضّل في إطار استراتيجيته “البليدة” أن يعيد بناء كل المحطات الممتدة على التراب الوطني، واستثمر فيها ميزانية ضخمة وفتح فيها محلات تجارية لمختلف “الماركات” ومعها عددا مهما من “السناكات” والمقاهي والمطاعم، تخال معها المغاربة خارجون للتو من مجاعة عظيمة…
مقابل هذا، لم يتم الاهتمام بالقطارات والعربات التي يركبها الناس ويقضون فيها وقتا طويلا للتنقل بين الجهات، والتي لا فائدة للمحطات دونها وفي غياب العناية بها، فقد تُركت على حالها وتراجعت خدماتها ولا فرق فيها بين الدرجة الأولى والثانية ولا حتى العاشرة…ولا تهم راحة ركاّبها ولا حتى الحد الأدنى لاحترام آدميتهم (حالة المراحيض مزرية وعلى كل المستويات).
عدت إلى بيتي ومعي غضب كبير على اختيارات مؤسسة مغربية كبيرة، آخر ما تهتم به هي خدمة المواطنين وتحقيق نوع من التوازن بين مختلف جهات الوطن والتخلص من إرث استعماري، قسم المغرب إلى نافع وغير نافع.
وعدت كذلك وأنا مريضة بعد أن توغل البرد في جسدي، غير قادرة على استئناف الأسبوع ولا القيام بالتزاماتي المهنية والشخصية
فشكرا للمكتب الوطني للسكك الحديدية على مجهوداتك القيمة في خدمة الصالح العام وتمتيع الناس على قدم المساواة بالحق في تنقل مريح.
* أستاذة جامعية وناشطة حقوقية
بنشعبون من “باريس انفرا ويك”: البنية التحتية المستدامة مجال متميز للتعاون بين المغرب وفرنسا
أكد المدير العام لصندوق محمد السادس للاستثمار، محمد بنشعبون، اليوم الاثنين بباريس، أن مجال…