نظمت المجموعة الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية الخاصة بمناقشة السياسات العمومية وتقييمها حول موضوع “التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح”، اليوم الأربعاء بمجلس المستشارين، لقاء دراسيا تناول موضوع “مقاربة المجتمع المدني في تقييم سياسات التعليم والتكوين”.
ويأتي تنظيم هذا اللقاء الذي ساهم في تأطيره مجموعة من الخبراء والأكاديمين وممثلي المجتمع المدني، في إطار سياسة الانفتاح التي تنهجها المجموعة الموضوعاتية من أجل اشراك كافة الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين في جلسات للنقاش الموضوعاتي وتقاسم وجهات النظر بشأن تقييم وتجويد سياسات التعليم والتكوين ومقاربة الإصلاح على نحو تعميم التعليم وتحسين جودته والحد من الهدر المدرسي.
وفي كلمة له باسم رئيس وأعضاء المجموعة الموضوعاتية ذاتها، أكد البرلماني مصطفى الدحماني، أن المجتمع المدني مدعو إلى الانخراط والمساهمة في تقديم مقترحات برامج سواء المتعلقة بمحو الأمية أو التي تهدف إلى الحد من الهدر المدرسي والجامعي باعتباره قوة اقتراحية مهمة في تثمين مكتسبات المنظومة التربوية وتقديم تصورات وحلول لبعض الإشكالات والاختلالات التي تواجهها.
وأضاف الدحماني أن جمعيات المجتمع المدني تعتبر مشتلا حقيقيا لتأطير الطاقات الوطنية الواعدة وفق مقاربة تعاقدية تقوم على التعاون بين مختلف الفاعلين في الفضاء المدرسي والجامعي، وذلك في إطار الديمقراطية التشاركية، مُتطلعا إلى أن يشكل هذا اللقاء محطة أساسية لتبادل الأفكار والتجارب حول تحسين مستوى الأداء التربوي وتعزيز مكانة المنظومة التربوية والتعليمية.
كما لفت المستشار البرلماني إلى الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية في 10 أكتوبر 2014، والذي حث من خلاله على ضرورة إيجاد حل لإشكالية لغات التدريس وتجاوز الخلافات الإيديولوجية التي تعيق الإصلاح واعتماد والمناهج الملائمة لمتطلبات التنمية وسوق الشغل، إلى جانب إعطاء كامل العناية بالتكوين المهني، ولإتقان اللغات الأجنبية لتأهيل الخريجين لمواكبة التقدم التقني والانخراط في المهن الجديدة للمغرب.
من جهتها، أبرزت ممثلة الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، حليمة غياث، في كلمة لها خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال اللقاء الدراسي، أن إشراك جمعيات المجتمع المدني في إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية موضوع يكتسي صبغة دستورية على قدر كبير من الأهمية، مؤكدة أن هذا اللقاء يعتبر ترجمة فعلية للتوجيهات الملكية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس كما تضمنها خطاب جلالته بمناسبة عيد العرش لسنة 2007.
وفي هذا السياق، استحضرت غياث تأكيد الملك على أنه “ومهما كانت مشروعية الديمقراطية النيابية التقليدية، فإننا نرى من الضروري استكمالها بالديمقراطية التشاركية العصرية. الأمر الذي يمكننا من الاستفادة من كل الخبرات، الوطنية والجهوية، والمجتمع المدني الفاعل، وكافة القوى الحية للأمة”، منوّهة بالجهود التي يبذلها البرلمان في مجال الديمقراطية التشاركية على المستويين القانوني والمؤسساتي.
وأوضحت غياث أن المستوى القانوني تعكسه المقتضيات القانونية التي تضمنها النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان سواء تلك المعبرة صراحة عن تبني الأحكام الدستورية ذات الصلة بالديمقراطية التشاركية وكذا تلك التي تعكس حرص المجلسين على الانفتاح والتواصل مع هيئات المجتمع المدني، فيما يرتبط المستوى المؤسساتي بإحداث المجلسين لدى مكتبيهما لجنة العرائض وتعيين أعضائها، إلى جانب انخراطهما في البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة في إطار الشراكة التي جمعت الوزارة ووزارة الداخلية ومجلسي البرلمان.
من جانبه، اعتبر المستشار البرلماني عزيز بوسليخن عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن التنزيل الأمثل للإصلاح كما جاء في أحكام القانون الاطار 51.17 يرتكز على ثلاثة مبادئ أساسية، تتعلق بترسيخ مبدأ الانصاف وتكافؤ الفرص وتحقيق جودة التعلمات الاساسية، إلى جانب الحكامة الناجعة الضامنة للفعالية والمردودية.
وفي هذا السياق، دعا بوسليخن إلى التركيز على ثلاثة مداخل للإصلاح، وهي “المتعلم” من التلميذ والمتدرب والطالب الذي من المفترض وضعه في صلب البرامج والمشاريع التنموية للمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ثم “الأستاذ” بمفهومه الواسع أي المكون والمؤطر والمربي الذي يعد الركيزة الأساسية لربح رهان الجودة وضمان التعلمات الاساسية، إلى جانب “البنية التعليمية” من مؤسسات مدرسية وجامعات ومعاهد ومراكز التكوين المهني التي تعتبر دعامة للتمييز والانفتاح واكتساب القيم وروح المواطنة.
وأشار البرلماني إلى أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب يشيد ويدعم ما تقوم به الحكومة من أجل الارتقاء بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، داعيا إياها إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز حكامة المنظومة والتقائية مكوناتها بهدف تحقيق نهضة تربوية وطنية عبر اعتماد تنزيل مقتضيات القانون الإطار 51.17 الذي يعتبر ترجمة لمضامين الرؤية الإستراتيجية لإصلاح التعليم 2015- 2030.
جدير بالذكر أن أشغال هذا اليوم الدراسي تناقش في جلسات موضوعاتية ثلاثة محاور رئيسية، تتعلق بتقييم سياسات وبرامج التربية الوطنية والتعليم الأولي، وتقييم سياسات وبرامج التعليم العالي والبحث العلمي، إلى جانب تقييم سياسات وبرامج التعليم والتكوين.