أفرج أخيراً المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي ترأسه أمينة بوعياش، ويشغل منصب أمينه العام منير بنصالح، الناشط السابق في حركة 20 فبراير، عن تقريره بخصوص “حراك الريف”، ابتداءً من الاحتجاجات التي شهدها الريف مروراً بالاعتقالات والمحاكمات وما رافقها من نقاش وجدل و”احتقان”، وصولاً إلى الاحكام التي وصلت إلى 20 سنة سجناً نافذاً ووصلت في مجموعها إلى مئات السنين، وزعت على المئات من النشطاء والمحتجين الذين قادوا الاحتجاجات في مختلف المناطق.
وتطرق تقرير المجلس إلى مجموعة من النقاط التي كانت محل خلاف بين الحقوقيين، وشكلت موضوعاً لتقارير وبيانات وبلاغات متعددة، مثل ” ادعاءات التعذيب”، ووالواقعة التي شكلت منعرجاً في مسار الأحداث، وتغيراً كبيراً في مقاربة السلطات الأمنية للأحداث، بالإضافة إلى النقاش المجتمعي الذي واكب “الحراك” على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام عموماً.
وفيما يلي النص الكامل لملخص تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول “احتجاجات الحسيمة”:
مقدمة التقرير
يشكل تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول احتجاجات الحسيمة، الذي طال انتظاره، والذي تمت المصادقة عليه خلال جمعيته العامة الثانية، ثمرة أشهر طويلة ومضنية من الاشتغال سواء على مستوى التحريات أو على مستوى التحقق من المعلومات وتقاطعها. وذلك من خلال الوثائق، وأشرطة الفيديو، والاجتماعات وجلسات الاستماع، والشهادات، والتقصي، والزيارات المتعددة التي قام بها فريق المجلس من أجل تقديم تقرير شامل ومحايد وموثق، التزاما بدوره كضمير لدولة الحق والقانون.
يهدف هذا التقرير، الذي تمت صياغته ما بين نونبر2019 ومارس 2020، إلى تقديم قراءة حقوقية لما جرى خلال الاثنى عشر شهرًا من الاحتجاجات التي عرفها إقليم الحسيمة. ويركز، في إطار مقاربة مفتوحة وشفافة، على الممارسات المتعارضة مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تمكن المجلس من إحصائها، سواء من طرف السلطات أو من جانب المواطنين.
لن يكون من باب المبالغة أو الخطأ القول أن احتجاجات الحسيمة، والتي جاءت في سياق فريد، يتجلى في الصعوبات التي واجهتها عملية تشكيل الحكومة، قد مثلت حدثًا استثنائيًا في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية للمغرب الحديث؛ سواء من خلال مدتها أو حجمها أو انعكاساتها. لكن يعتبر المجلس ان احتجاجات الحسيمة، تميزت قبل كل شيء، بمحتوى تعبيراتها البارزة.
بمناسبة هذا التقرير، يتطرق المجلس وبطريقة مفصلة، إلى ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة التي أثيرت في هذا الملف الذي شهد العديد من التحولات والاهتزازات، وقد حرص المجلس على الكشف عن مجموع المعلومات التي يتوفر عليها بهذا الخصوص.
هذا، ويعالج هذا التقرير العديد من القضايا التي لم يسبق التطرق إليها من قبل، والتي تشمل تحليل الأخبار المضللة أو الزائفة «fake news » ولكن أيضا، خطاب الكراهية والعنف الذي ظهر على هامش الاحتجاجات.
إضافة إلى ذلك، مكّنت مبادرة الاستقبال والإنصات والتفاعل، التي اعتمدها المجلس، مع أسر وأقارب المعتقلين إلى تملك أفضل لأشكال وسير الاحتجاجات والاعتقالات التي تلتها من جهة، وتعزيز فهم أساليب ومسارات الاحتجاجات والاعتقالات التي نجمت عنها من جهة ثانية، ودعم عائلات المعتقلين بشكل مستمر وحسب خصوصية كل حالة، من جهة أخرى.
وبالموازاة مع ذلك، مكنت شهادات عناصر من القوات العمومية الذين أصيبوا بجروح أو عانوا من آثارها، من إلقاء الضوء على زاوية ظلت، لحد الآن، غير معروفة أو تم تجاهلها من قبل المواطنين. أما الباعث على هذه المبادرة فيتجلى في ضرورة تقييم وقياس كل الوقائع أو الادعاءات أو الاتهامات في إطار مقاربة موضوعية، بمنظور يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن الوضعية أو القناعة أو الرأي أو المعتقدات. كل ذلك من أجل تسليط الضوء، بشكل حصري ومخلص على مجمل المميزات التي جعلت من احتجاجات الحسيمة حدثًا لا نظير له في سياقات حقوق الإنسان بالمغرب.
علاوة على ذلك، اعتبر المجلس أن من الحصافة إدماج العديد من الأجزاء التركيبية بخصوص الاجتهادات القضائية الدولية في مجال حقوق الإنسان في هذا التقرير، إذ أن هذا الجهد، الذي يدخل في إطار صلاحيات المجلس بخصوص تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بالمواضيع المتعلقة بها وبالديمقراطية بشكل عام، اعتبر ضروريًا، ليس فقط لأغراض ديداكتيكية، بل أيضًا لإعطاء المواطنات والمواطنين نظرة عامة حول معايير ومنهجية عمل المجلس، حيث تظل المعرفة أفضل سلاح في بناء دولة الحق والقانون وأفضل ضمان لبناء مجتمع ديمقراطي.
وختاما، إن حضور مطالب الذاكرة والهوية، التي ميزت، في جزء لا يستهان به، مطالب الاحتجاجات يسائل المجلس بقوة، نظرا لمهمته المتعلقة بمتابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ولكن أيضا نظرا للأبعاد غير المسبوقة التي اتخذتها.
يأمل المجلس، إذن، من خلال هذا التقرير تقديم ما يكفي من المعلومات والتوضيحات والتأملات لتمكين القارئ من صياغة رأيه الخاص بشأن الأحداث الأليمة التي شهدها إقليم الحسيمة، والتي طبعت تاريخ الحركات الاحتجاجية في بلدنا.
1. تحديد مفهوم «احتجاجات الحسيمة»
تداولت التقارير الحقوقية والتغطيات الصحفية مفاهيم متعددة للتعبير عن ما وقع في الحسيمة خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2016 إلى أكتوبر 2017. ومن أهم هذه المفاهيم أحداث الحسيمة وحراك الريف واحتجاجات الحسيمة. ويستعمل التقرير مفهوم «احتجاجات الحسيمة»، وذلك بناء على ما يلي:
1. يستوعب مفهوم “أحداث الحسيمة” العديد من الدلالات، فقد يعني كل ما يقع، وبإطلاق. وقد يعني كل ما يقع في فترة زمنية محدودة. أي أن الحديث عن الحدث يعني معاينة بدايته ونهايته في فترة وجيزة. كما قد يعني، بالإضافة إلى ذلك، نوعا من الجدة أو الكثافة فيما وقع؛ كما في التعبير (فلان خلق الحدث). كما أن الحدث قد يعبر على ما هو سلبي كما يعبر عما هو إيجابي، فمثلا، بشاعة الجريمة وتحطيم الرقم القياسي، كلاهما يخلقان الحدث.
وبما أن مقاربة المجلس لما جرى في اقليم الحسيمة تعتمد على منظومة حقوق الإنسان والاجتهادات القانونية والقضائية ذات الصلة بالتظاهر السلمي، فان عبارة “احداث الحسيمة” لن تفي، بشكل كاف، بتحديد ظروف وملابسات وحجم ما جرى من وقائع.
2. أما مفهوم “حراك الريف ” فيكتنفه الغموض لسببين أساسيين:
• من الناحية اللغوية يستعمل «الحراك»، من فعل تحرك، بشكل مجازي، دون أن يسعف على تحقيق الدقة والضبط المطلوبين في تقرير حقوقي. كما أنه متشبع بشحنة ايديولوجية وسياسية عالية تجعله يعكس موقفا مسبقا من الوقائع التي يسعى التقرير لتوصيفها إلى جانب أنه يستعمل حراك بفتح الحاء وحراك بكسر الحاء دون تمييز.
• أما السبب الثاني، فيتجلى في أن كلمة الريف لا تؤدي وظيفتها كظرف مكان بشكل دقيق للوقائع المراد توصيفها. ومع أن هذه الوقائع حدثت في إقليم الحسيمة الذي يعتبر جزءا من منطقة الريف، فإن استعمال “الكل” (أي الريف) للدلالة على “الجزء” (أي الحسيمة)، يفتقر إلى مسوغات منطقية في هذه الحالة. كما أنه ينطوي على تعميمات غير موضوعية ويبالغ في تضخيم المجال الجغرافي لما حدث.
3. تأسيسا على ما سبق، فإن عبارة «احتجاجات الحسيمة» هي التي تضمن أكبر قدر من الدقة والموضوعية. فمفهوم الاحتجاج يعتبر أحد ركائز حقوق الانسان حيث نجد أن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة” كلها تدخل ضمن الاحتجاج. وعليه فمفهوم «احتجاجات الحسيمة»، كما يستعمل في هذا التقرير يتمظهر في الاجتماعات والتجمهرات والتظاهرات السلمية أو الاحتجاجات التي عرفت طابع عنيف. وسيطلق التقرير على بعضها عبارة “أعمال شغب” (Les émeutes) وذلك لحدة العنف الذي عرفته.
2. كرونولوجيا احتجاجات الحسيمة: 28 اكتوبر 2016- أكتوبر 2017
بدأت احتجاجات الحسيمة مع بدء مساءلة المسؤولين على وفاة السيد محسن فكري “مضغوطا” في آلة ضغط النفايات. ثم توالت الأحداث والوقائع وصولا إلى الاحتجاجات التي دامت، في شقيها السلمي والعنيف، حوالي سنة.
I. التظاهر السلمي
توصيف احتجاجات الحسيمة بالتظاهر السلمي من أكتوبر 2016 إلى مارس 2017. وذلك بتحديد العناصر التالية:
أ. المدة: دامت التظاهرات السلمية حوالي ستة شهور. وهي من أطول المدد التي سجلها تاريخ الاحتجاج السلمي في المغرب.
ب. الوقت: نظمت الاحتجاجات السلمية بالليل كما بالنهار. وقد شجع على التظاهر ليلا تزامن الاحتجاجات مع شهر رمضان.
ت. المسيرات: جابت المسيرات السلمية العديد من الشوارع. وقطعت كل واحدة منها مسافات طويلة دون وقوع أي حادث.
ث. طقطقة الأواني: لأول مرة يتم التظاهر (خلال شهر ماي) بالطرق على الأواني المنزلية من السطوح وشرفات المنازل.
ج. اللباس الأسود: نظمت مسيرتان للنساء باللباس الأسود، واحدة ليلا والثانية نهارا، مطالبة «بوقف مداهمات المنازل» وداعية الى «احترام حرمة البيوت» وإطلاق سراح المعتقلين وتحقيق المطالب.
ح. التحاق بعض المواطنين من مدن المناطق المجاورة، دون أن يؤدي ذلك إلى أي إخلال بالأمن أو تدخل من طرف القوات العمومية؛
خ. تم تنظيم وقفة احتجاجية ببوكيدارن تحولت إلى مسيرة دون حضور القوات العمومية.
II. العنف والرشق بالحجارة
يمكن القول أن أعمال العنف بدأت بعد أول محاولة اعتصام بنصب الخيام بساحة محمد الخامس حيث خلف تفريقها إصابات مختلفة. وبعد ذلك توالت أعمال العنف التي استعمل فيها الرشق بالحجارة والمقالع وإضرام النار أحيانا. وقد تميزت الاحتجاجات العنيفة بما يلي:
1. غالبا ما كانت أعمال العنف تحدث نتيجة لرفض تنفيذ نداءات تفريق التجمهرات، وأحيانا بعد الرشق بالحجارة؛
2. في الكثير من الأحيان كان المحتجون الملثمون هم الذين يبادرون إلى استعمال العنف؛
3. في الكثير من الأحيان كانت أعمال العنف تخلف إصابات في صفوف القوات العمومية؛
4. في إحدى الاحتجاجات انسحبت النساء من مقدمة الاحتجاج، ليتركن مكانهن للملثمين الذين بادروا بالرشق بالحجارة؛
5. كانت اعمال العنف تنتهي بإصابات متفاوتة وكانت تتخللها توقيفات واعتقالات، بما في ذلك إيقاف القاصرين؛
6. عرفت مظاهرات التلاميذ بكل من امزورن وبني بوعياش وبوكيدارن ومنطقة بوسلامة مواجهات عنيفة، أدت إلى إصابات واعتقالات (خلا شهر فبراير)؛
7. حاصر محتجون مروحية تقل وزراء ومسؤولين بمنطقة إساكن، ومنعوها من الإقلاع ورشقوها بالحجارة؛
والملاحظ أنه في شهر يونيو توالت الوقفات والاحتجاجات بشكل يومي تقريبا. كما تميز شهر يوليوز بتصعيد الاحتجاجات وتعدد المبادرات الحكومية والمدنية.
III. العنف الحاد
إضافة إلى الأضرار الناتجة عن الرشق بالحجارة دون تماس أو ما يقارب التماس، بين المحتجين والقوات العمومية، شهدت احتجاجات الحسيمة أعمالا عنف حاد، خصوصا في حالات التماس. ويمكن تقسيم حالات العنف الحاد بين:
تلك التي نتجت عن المواجهة بين المحتجين والقوات العمومية؛
وتلك التي نتجت عن هجوم مفاجئ على رجال القوات العمومية، دون سياق الاحتجاج.
وسجلت أعمال العنف الحاد أكثر الإصابات خطورة وأكثر الخسائر تكلفة. فعلى صعيد الإصابات أدت إلى العجز الدائم عند بعض رجال القوات العمومية. وعلى الصعيد النفسي والاجتماعي شكلت أعمال العنف الحاد صدمات عميقة ووسمت العلاقات الاجتماعية بشكل مزمن أحيانا. ولعل أكثر الأحداث تشبعا بالعنف الحاد هي الحالات التالية:
1) إحراق الإقامة 26مارس 2017
تجمع بعد زوال يوم 26 مارس 2017 ، عدد من التلاميذ من مدينة بني بوعياش وإمزورن وتماسينت بالقرب وانطلقوا في مسيرة باتجاه مدينة الحسيمة، وهناك بدأ رشق القوات العمومية بالحجارة. وتواصلت المسيرة إلى مدينة بني بوعياش المجاورة لمدينة إمزورن، مع الرشق بالحجارة تجاه سيارات القوات الأمنية. ثم ارتفع عدد المتجمهرين بشكل كبير، وقام عدد منهم بالهجوم على مقر إقامة عناصر القوات العمومية بإضرام النار أولا بحافلة النقل باستخدام الزجاجات الحارقة وإضرام النار في سيارة الشرطة وشاحنة كانت تحمل أمتعة عناصر الدعم. كما سمع ذوي انفجار قنينات الغاز بنفس الإقامة.
نتج عن هذه الأحداث العنيفة حروق وكسور وإصابات متفاوتة الخطورة، إضافة إلى وقوع العديد من رجال الشرطة من أعلى سطح البناية عند محاولتهم النجاة. ولم يتوقف الهجوم إلا بعد حضور وتدخل القوات العمومية.
2) الاحتجاج على محاولة اعتقال السيد ناصر الزفزافي
في يوم (26 ماي 2016 )، وأثناء محاولة اعتقال السيد ناصر الزفزافي تمت مواجهة عناصر الشرطة من طرف مجموعات من الأشخاص. ولم تكن مظاهر للعنف بادية في البداية. وكانت أغلب الأزقة شبه فارغة، لكن السطوح كانت مملوءة بالناس. وحوالي الساعة الثالثة بدأت أعمال العنف والرشق بالحجارة من أسطح المنازل، وقد كان عدد المتظاهرين كثيرا، ذكورا وإناثا كبارا وصغارا، وكان البعض ملثما. وبدأ رمي الحجارة من فوق الأسطح.
3) احتجاجات 20 يوليوز 2017
أكدت الإفادات ان احتجاجات 20 يوليوز 2017 عرفت في أغلبها تجمع عدد من المتظاهرين في عدة أحياء من المدينة وتخللتها أعمال عنف من طرف المتظاهرين واستعملت فيها وسائل متنوعة تركت إصابات متفاوتة الخطورة ومتنوعة على مستوى عناصر الشرطة، ومنها الاحتجاجات العنيفة بحي سيدي العابد، وقرب مستشفى محمد الخامس، ومنطقة بوجيبار، وحي أفرار.
• الاحتجاج بحي سيدي العابد
خرج عدد من المحتجين بحي سيدي العابد. وكانت النساء يتقدمن المتظاهرين، ومن الجانب الآخر، كانت الشرطيات يتواجدن أكثر في المقدمة، بينما ينتشر باقي عناصر الشرطة الذكور في الخلف. وحضر العميد ونادى ثلاث مرات وأخبر المتظاهرين بضرورة احترام القانون والتفرق.
وبعد ذلك جاء أزيد من 200 شخص من جهة أخرى وانضموا للمتظاهرين وكانوا ملثمين وبدأوا يرشقون عناصر الشرطة بالحجارة، وتراجعت النساء اللواتي كن في المظاهرة. واستمر المتظاهرون في الرشق بالحجارة والضرب بالعصي، واستمرت أعمال العنف إلى ساعة متأخرة من الليل.
• الاحتجاجات قرب مستشفى محمد الخامس بالحسيمة
عرفت مدينة الحسيمة أحداث عنف في يوم 20 يوليوز 2017، حيث أكدت الإفادات أنه تجمع عدد من المتظاهرين قرب مستشفى محمد الخامس، حيث وضع المحتجون متاريس وأحجار كبيرة وحاجزا حديديا، وعجلات مطاطية، وعمدوا إلى كسر مصابيح الإضاءة في الشارع العام. وفي حدود الساعة العاشرة والنصف ليلا، حضرت عناصر الشرطة لتفريق المتظاهرين، فبدأت أعمال العنف.
وقد كان أغلب المحتجين ملثمين وتمركزوا في أعلى الشارع حيث توجد الأزقة والمنافذ بينما عناصر الشرطة في الأسفل، وبدأوا يرشقونهم بالحجارة. فأصيب عدد من العناصر بإصابات مختلفة وبجروح وكسور متنوعة.
• احتجاجات بمنطقة بوجيبار
فوجئت عناصر القوات العمومية بعدد من المتظاهرين (حوالي 300 شخص) وضمنهم أشخاص ملثمون، قاموا بإغلاق الطريق بالأحجار، وحاصروا سيارة الشرطة والعناصر التي تواجدت بعين المكان، حيث كان المتظاهرون في أعلى الطريق وعناصر الشرطة في الأسفل. ثم بدأوا يرشقونهم بالحجارة بشكل مكثف، واستمروا في أعمال العنف، وواصلوا الاعتداءات فأصيب عدد من عناصر الشرطة إصابات بليغة وأغمي على بعضهم.
• احتجاجات حي أفرار
في حي أفرار قرب المستشفى. بدأت الهتافات، فقامت عناصر الشرطة (حوالي 20)، بتكوين حاجز أمني لأن عدد المتظاهرين كان قليلا. لكن سرعان ما تكاثر عددهم ليصل تقريبا إلى 200 متظاهر وضمنهم نساء، وفي الصفوف الأمامية أشخاص ملثمون، وجاء العميد لإنذارهم بضرورة التفرق، وفي تلك الأثناء بدأوا يرشقون بالحجارة مستعملين “المقالع” محاولين إلحاق الضرر بالعناصر الأمنية. ورغم توفر أدوات التدخل كانت التعليمات تقتضي بعدم استعمال القوة، لكن لما استفحل الأمر وبدأت الإصابات في صفوف عناصر الأمن تم استعمال القنابل المسيلة للدموع، واستطاعت إحدى سيارات الإسعاف الوصول إليهم لنقل المصابين، نظرا لأنهم كانوا يعترضونها.
• احتجاجات ظهر مسعود
تم تنظيم وقفات احتجاجية بحي “ظهار مسعود”، تخللتها أحداث عنف وشغب. وعلى إثرها تدخلت عناصر الشرطة لإيقاف بعض المحتجين. وتم وضعهم داخل سيارتي الشرطة لنقلهم إلى المفوضية. غير أنه ونتيجة أعمال إضرام النار ووضع المتاريس والحواجز، وبعد محاصرة السيارة وهي عالقة واستمرار الهجوم وأعمال العنف، أطلق الشرطي ثلاث أعيرة نارية من مسدسه الوظيفي اتجاه الأرض. وبعد استمرار التهديد الوشيك، ورغبة في مساعدة زميله أطلق نفس الشرطي رصاصتين أخرتين تحذيريتين في الهواء لتخليصه من قبضتهم.
أسفرت هذه الاعتداءات على إصابة عدد كبير من موظفي الشرطة من بينهم الشرطي مطلق الأعيرة النارية التحذيرية وزميله سائق السيارة برضوض بأنحاء مختلفة من جسديهما، كما أصيب الشخص الموقوف (م. و. ) داخل السيارة بدوره بجروح نتيجة الرشق بالحجارة. على إثرها أصيب السيد عماد العتابي بشظايا الرصاصة المرتطمة بالأرض.
في شهر غشت أعلن بلاغ للسيد الوكيل العام للملك عن وفاة السيد عماد العتابي. وقد عرفت مراسيم دفنه مواجهات عنيفة بين القوات العمومية والمحتجين بأحياء بوجيبار، حي مرموشة، حي أفرار، حي ميرادور، منطقة كورنيش صباديا وشارع الحسن الثاني. وتم إحراق سيارة تابعة للأمن الوطني. بالإضافة إلى العديد من الإصابات والاعتداء على الممتلكات.
4) شاطئ صباديا 09 غشت 2017:
حوالي الواحدة بعد الزوال، تمركز 8 من عناصر الشرطة بالقرب من مدخل كورنيش “صباديا”. وحوالي الساعة العاشرة ليلا، فوجؤوا بمجموعة من الأشخاص وهي تهاجمهم في سيارتهم، عن طريق رشقهم بالحجارة والأجسام الصلبة. كما حاصروا السيارة بشكل كلي وقاموا بنزع سياجاتها الحديدية الواقية من الجهة الخارجية دون أن يتوقفوا عن رشقها بالحجارة مما أدى إلى تكسير الواقي الزجاجي الأمامي لها.
كما تمكن المتجمهرون من نزع السياج الحديدي الخارجي لسيارة المصلحة المذكورة، قبل أن يتراجعوا إلى الخلف ويبتعدوا نسبيا عن السيارة مواصلين رشقها بالحجارة، مما أتاح لعناصر الشرطة الفرصة لمغادرتها والابتعاد في اتجاهات متفرقة تحت وابل من الحجارة والأجسام الصلبة، واستعمل شرطي الغازات المسيلة للدموع، للحيلولة دون مواصلة المتجمهرين الاعتداء عليهم بالضرب والجرح باستعمال السلاح، حيث تخطى معظم عناصر الشرطة الجدار القصير الفاصل بين الكورنيش وشاطئ “صباديا” وتوغلوا وسط الشاطئ .
تخلل عنف كذلك بين جمهور فريقين رياضيين. ونتج عن ذلك إصابة حوالي 69 بين جمهور ورجال شرطة كما تم تخريب خمس حافلات و12 سيارة منها سيارتين للشرطة.
5) الاحتجاجات المحاذية لمدينة إيمزورن
يوم 3 شتنبر 2017 على الساعة الخامسة بعد الزوال تجمهر عدد من الأشخاص، أغلبهم ملثمين ويحملون السكاكين، بأحد الجبال المحادية للمدينة وكانوا يرددون الشعارات. وعندما نادى العميد بفض التجمهر بدأوا يرشقون رجال الشرطة بالحجارة بكثافة، واثناء مقاومة عناصر الأمن للمتظاهرين أصيب عدد منهم بإصابات مختلفة وجروح وكسور.
وتم رمي أحد العناصر في حفرة وإنهال عليه المتظاهرون بالحجارة وبدأوا يجرونه ويضربه بعضهم بالسكين وأصيب جراء ذلك بجروح ومزقت صدريته الواقية.
استعملت الغازات المسيلة للدموع مرتين إحداهما لتفريق التجمهرات بحيي سيدي عابد وأخرى بشاطئ صباديا للدفاع عن النفس. واللتان عرفتا أعمال عنف وإصابات.
IV. التدابير المتخذة
– بعد متابعة المعنيين بحادثة الحاوية. تشكلت “اللجنة المؤقتة للحراك الشعبي بالريف”؛
– وفي مارس ظهر تطور في لائحة المطالب، كما تم في نفس الشهر إعفاء العديد من المسؤولين من بينهم عامل إقليم الحسيمة ومناديب وزارات التجهيز والصحة والصيد البحري ومدير المستشفى الإقليمي بالحسيمة؛
– وفي أبريل تم إعفاء باشوات بعض الجماعات الحضرية والقروية، وبعض ممثلي السلطات المحلية. وأصدرت محكمة الاستئناف بالحسيمة أحكاما (ما بين 5 و8 أشهر) في حق المتهمين في مقتل السيد محسن فكري وأداء تعويض من طرف شركتي التأمين والنظافة؛
– وبعد أسبوع، اقتحم السيد ناصر الزفزافي مسجد محمد الخامس خلال صلاة الجمعة، وتم إصدار بلاغ الوكيل العام للمك لإيقافه بداعي “عرقلة حرية العبادات داخل مسجد وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة”؛
– في شهر ماي، قام وفد وزاري بزيارة للإقليم. وكان يتكون من 6 وزراء ومدير الماء والكهرباء قصد الوقوف على تقدم الأشغال في مشروع الحسيمة منارة المتوسط؛
– وفي متم الشهر أعلن الوكيل العام للملك اعتقال السيد ناصر الزفزافي صحبة عدد من مرافقيه؛
– وفي 25 يونيو صدر أمر ملكي بإجراء بحث في سير المشاريع التنموية وافتحاص مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”؛
– إعفاء بعض الوزراء والمسؤولين من مهامهم؛
– في شهر يوليوز تم تنظيم لقاء تشاوري مع فاعلين نظمته الحكومة تحت إشراف وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان. وشارك في اللقاء ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
– وصدر عفو ملكي في 29 يوليوز على (35) معتقلا و(14) حدثا.
معطيات أولية حول ما ترتب عن الاحتجاجات:
– 814 مظاهرة، 340 منها تطلبت تأطيرا خاصا
– تفريق 60 مظاهرة؛ أي أقل من 10% من مجموع المظاهرات
– جرح 788 عنصرا من عناصر القوات العمومية: 178 عنصرا من القوات المساعدة و610 من المديرية العامة للأمن الوطني
– نقلت مصادر إعلامية عن محمد الحسين كروط، محامي المديرية العامة للأمن الوطني في مرافعته أمام محكمة الاستئناف، أن الاحداث خلفت في المجموع 902 ضحية:
– 604 رجال أمن
– 178 القوات المساعدة
– 120 الدرك
– 500 إصابة بجروح جسدية في صفوف القوات العمومية
– معاناة 111 عنصرا من عناصر الأمن من مضاعفات عقلية، منهم 34 عنصرا تحث العناية الطبية النفسية
– الحد الأقصى لمدة العجز الكلي المؤقت: 760 يوما
– عدد الأشخاص الموقوفين: 400 شخصا،
– عدد القاصرين الموقوفين : (129) منهم 45 احتفظ بهم في الإصلاحية و 84 منهم تم تسليمهم لأوليائهم.
– عدد الأشخاص الذين يقضون عقوبة سجنية إلى حدود مارس : 49 شخصا
– الوسائل المستخدمة من قبل الشرطة: الدروع الواقية والهراوات (Tonfas) وقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه
– نقل محامي الطرف المدني خلال المحاكمة أن الخسائر قدرت:
– أكثر من 25 مليون درهم خسائر مديرية الأمن الوطني
– أكثر من أربعة ملايين درهم بالنسبة للدرك
– أزيد من مليون و160 ألف درهم بالنسبة للقوات المساعدة
– توصلت السلطات بشكايات من 136 تاجر صغير، منهم 56 منهم بمدينة الحسيمة و80 آخرين بمدينة إيمزورن، يطالبون بضرورة حماية النظام العام وذلك من جراء الاضرار الجسيمة التي ألحقت بتجارتهم.
3. المس بحرية العقيدة والعبادة
اقتحام مسجد اثناء خطبة الجمعة
تعتبر أماكن العبادة في كل الأديان، فضاءات تتمتع بتقدير ومعاملة خاصتين. ولذلك يعتبر المسجد مكانا للعبادة والتعبد. كما أن صلاة الجمعة لها خصوصياتها وطقوسها الخاصة والمتمثلة في الخطبتين، والتي لا يجوز بدونهما. فالحقوق الدينية تتضمن حرية العقيدة والعبادة، وهما يحيلان إلى حق الإنسان في أن يختار العقيدة التي يريدها دون إكراه من الغير. كما يحيلان على حقه في أن يمارس العبادة والشعائر الخاصة بدينه، بمأمن من الاستفزاز أو التحرش.
في سياق تواتر احتجاجات الحسيمة، وبتاريخ 26 ماي 2017، اقتحم السيد ناصر الزفزافي المسجد أثناء خطبة الجمعة مقاطعا الإمام ومخاطبا المصلين داخل المسجد. وترتب عن ذلك حرمان المصلين من ممارسة حقهم في صلاة الجمعة، حيث أم بهم الإمام في نهاية المطاف صلاة الظهر (أربع ركعات) عوض صلاة الجمعة، وبالتالي تم حرمانهم من إتمام شعائر خطبة وصلاة الجمعة.
1. مبررات السيد ناصر الزفزافي
لقد اعتبر أن “الإمام يطبل للفساد من أجل “إركاع الريف ومن أجل أن تأتي بطاريق الخليج وتغتصب نسائنا وتغتصب أطفالنا”! كما اعتبر أن “من واجبه” تقويم “اعوجاج” الإمام، سيرا على نهج عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه). وأنه أوقف الإمام لأنه كان “يفتي” ويتفق مع “المخزن لاغتصاب النساء ومحاصرة الشباب من أجل اعتقالهم باسم الدين”. وانتفض” في وجه الإمام، الذي وصفه بـ”الدجال”، لأن حديثه عن الفتنة والاستقرار “أمر خطير”، “يعطي الشرعية للمخزن من أجل القمع” وأن اللجوء إلى الأئمة والمساجد جاء بعد “فشل” اللقاء مع المنتخبين، الذين وصفهم بـ”الخبثاء”. واعتبر أن الهدف من وراء ذلك هو “محاصرة الاحتجاجات”.
2. ما ترتب عن الاقتحام
إثر هذه الواقعة، وفي نفس اليوم، أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة بإيقاف السيد ناصر الزفزافي بداعي “عرقلة حرية العبادات داخل مسجد وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة. واعتبرت النيابة العامة، في بيان لها عقب ذلك، أن “المعني” أقدم على منع الإمام من إكمال خطبته، وألقى داخل المسجد خطابا تحريضيا أهان فيه الإمام” وأنه “أحدث اضطرابا أخل بهدوء العبادة ووقارها وقدسيتها”.
ومن جهتها استنكرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية “الإخلال بالتقدير والوقار الواجبين لبيوت الله أثناء صلاة الجمعة”، ” مما أفسد صلاة الجمعة وأساء إلى الجماعة”. واعتبرت أن ذلك “فتنة كبيرة” وأن الحدث يمثل “تصرفا منكرا” في بلد يحيط العبادات وطقوسها بأكبر قدر من الإجلال والتعظيم والوقار.
3. المرتكزات الحقوقية
بخصوص هذه الواقعة، فإن الأمر لا يتعلق بنقاش عمومي وبفضاء من الفضاءات العمومية، حيث تتواجه الآراء والمواقف محتكمه إلى الحجة والبرهان. بل نحن أمام شعيرة تعبدية، لها دلالتها القدسية، يمارسها المؤمنون بها. وإذا حدث وكان خلاف أو اختلاف حولها، فمكان التعبير عنه في الفضاء العمومي، إذ لو اكتفى السيد ناصر الزفزافي بانتقاد الخطبة خارج المسجد، لكان يمارس حقه المشروع في حرية التعبير. لكنه باقتحامه للمسجد، يكون قد اعتدى على حق الذين كانوا بالمسجد في ممارسة حرية تعبدهم وحريتهم الدينية. ولذلك فإنه قد خرق حقهم في ممارسة شعائرهم.
وقد أناطت النصوص الدولية بالسلطات العمومية، مسؤولية حماية أماكن العبادة، من كل فعل من شأنه أن يعرقل سيرها، ويؤثر على طمأنينة المتعبدين. ونظرا للترابط بين الحق في حرية الاعتقاد وحرية ممارسة العبادة، فقد اعتبرت حماية أماكن العبادة، ضمانة لحماية الحق في الاعتقاد والعبادة.
4. تجريم المس بحريات العبادة
يمثل فعل اقتحام المسجد وتوقيف خطبة الإمام خرقا لحرية العبادة وحماية فضائها. وقد اعتبرت مختلف النصوص ذات الصلة، أن حرية العبادة مكون أساسي من مكونات الحريات الدينية.
واطلعنا على العديد من الحالات المماثلة وكيف تفاعل معها القضاء، مثل حالة 3 نشطاء اقتحموا كنيسة كولون بألمانيا، في غشت 2012 تضامنا مع المعتقلات من حركة ” بوسي ريوت ” بروسيا، فتمت متابعتهم وإدانتهم. وحالة إليوزبوتون – Elois Bouton، و هي ناشطة من حركة ” فيمن ” النسائية، التي اقتحمت كنسية المادلين بباريس في دجنبر 2013. ورغم أن مبرر الاقتحام هو التعبير عن رأي متعلق بانتقاد موقف الكنيسة من حرية الإجهاض، فقد أدانتها المحاكم الفرنسية بمختلف درجاتها.
وأكدت المحكمة الأوروبية في قرارها سنة 2015 على ضمان حق المتظاهرين في التعبير وكذلك حق المصلين في أداء شعائرهم وصلاتهم وذلك بأخذ المسافة الكافية ما بين الفضائين (فضاء الصلاة وفضاء التظاهر). فالواضح هنا أن السلطات القضائية لم تعتبر اقتحام الكنائس تعبيرا عن رأي هي ملزمة بنص قوانينها بضمانه، بل رأت الأمر مسا بحرمة مكان للعبادة ولحرية المتعبدين داخله، وهي ملزمة بضمان أمنه.
4. مطالب احتجاجات الحسيمة: وقائع ومآلات
تدخلت العديد من العوامل لصياغة مطالب المحتجين بالحسيمة، التي عرفت وتيرة متصاعدة واختلاف من حيث الاستعداد للحوار من طرف العديد ورفضه من طرف بعض المحتجين. كما أن توظيف الرموز بشكل يبعدها عن معانيها الحقيقية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية المتعددة والغنية بمختلف روافدها الثقافية.
وسنعمل على تفصيل العديد من الملابسات التي صاحبتها، بما في ذلك أنواعها وتطور محتوياتها وأشكال تقديمها وتصنيفها والنتائج المترتبة عنها.
أولا: مطالب احتجاجات الحسيمة
عبر المحتجون في إقليم الحسيمة عن مطالب لا تختلف في غالبيتها عن باقي المطالب ذات الصلة بقضايا اقتصادية واجتماعية وثقافية، المعبر عنها من طرف ساكنة باقي المناطق والجهات بالمملكة المغربية. سواء عبر الأشكال الاحتجاجية التي عرفتها بعض المدن والقرى أو عبر القنوات المؤسساتية المتاحة على المستويين المحلي أو المركزي. وقد همت المطالب مجالات التعليم والصحة والثقافة والصيد البحري والرياضة والفلاحة والصناعة والتنمية والنقل والمواصلات والبيئة والسياحة الحكامة.
إن القول بأن أغلب المطالب تندرج ضمن المطالب المعبر عنها في مختلف مناطق المغرب، يستدعي التدقيقين التاليين:
لم تأت المطالب متقطعة أو متدرجة وتبعا لأسبقيات، بل جاءت متصاعدة ودون تراتبية؛
إلى جانب ذلك، فقد رفض الحوار مع المسؤولين؛
وهكذا، فمن حيث التدبير وقابلية المطالب للتنفيذ والإنجاز، يمكن التمييز بين المطالب المعتادة والتي تسمح آليات التفاوض بالتقدم في تحقيقها وتلك التي تتعلق بسوء التدبير والحكامة، وتلك التي تحتاج مساطر خاصة:
النوع الأول: مطالب ذات صلة بسوء التدبير
وهي المطالب التي تعلقت بمشاريع تمت برمجتها أو تأخر تحقيقها أو وقع تماطل في إنجازها أو تم تحويلها.
النوع الثاني: مطالب ذات علاقة بسياسة القرب:
وهي التي تهم مطالب تمت برمجتها والتي لم تنجز على الصعيد المحلي. وكان بإمكان الحوار حولها الوصول إلى تقويم موضوعي للكفاءات المحلية والتقدم في تحقيقها عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة؛
النوع الثالث: مطالب تستوجب إعمال مساطر قانونية خاصة:
وتتمثل في المطالب التي تعتمد على قوانين ومساطر محددة، وبالتالي، فإن النقاش حولها لا يمكن أن يتم إلا في إطار خاص متناسب مع خصوصياتها، ويندرج في هذا الإطار مثل نزع الأراضي بسبب المنفعة العامة وعدم تدخل وزارة الأوقاف في الأراضي التي وهبها المواطنون لأغراض دينية والملك الغابوي وتسعيرة الماء والكهرباء.
إن إدراك تنوع مطالب احتجاجات الحسيمة هو الذي يفتح الطريق أمام التقدم في اتجاه تحقيقها (بعضا أو جلا). كما أن تقديمها ككتلة واحدة وبشكل متصاعد يمكن أن يشكل تعبيرا عن الرغبة في عدم التقدم نحو الحل، والرهان على التصعيد، مما أعاق الحوار حول تحقيقها.
ثانيا: تعاطي الدولة مع مطالب المحتجين
إن طريقة تعاطي السلطات العمومية مع المحتجين ليست سوى لحظة ضمن مسار تدبيري يتميز بحضور قوي لإقليم الحسيمة في أجندة السياسة التنموية للدولة خلال العشرنيتين الأخيرتين.
1. إقليم الحسيمة في السياسات العمومية
إن إنجاز المصالحة لم يقتصر على الاشتغال على الذات والتاريخ فقط، فبقدر ما تتطلب إعادة بناء الثقة الاشتغال على الماضي، فهي تستدعي كذلك وبالضرورة مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل خاصة فيما يتعلق باضطلاع الدولة بمسؤولياتها في ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للمواطنين.
وقد عملت الدولة على إعادة تصحيح مسار التنمية في المنطقة لتدارك الخصاص المهول الذي تعرفه، خاصة قطاعات التعليم والصحة والبنيات التحتية. ويتجلى ذلك بالأساس في المشروعين المهيكلين اللذين تم إنجازهما، وهو ما يؤسس لمقاربة جديدة في التعاطي مع تنمية المنطقة بما يسمح بتدارك ما يسميه البعض ب”الدين التاريخي” للريف على الدولة.
– الطريق الدائرية المتوسطية الرابطة بين جهتي طنجة والسعيدية؛
– برنامج التنمية المجالية “الحسيمة-منارة المتوسط”؛
إلا أن تعثر أغلب هذه المشاريع والاختلالات المسجلة في تدبيرها أدى إلى فتح تحقيق بشأنها بأمر من جلالة الملك محمد السادس وقصد تحديد المسؤوليات، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو ما ترتب عنه قرارات ملكية همت بالخصوص إعفاء بعض الوزراء.
– برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية الذي يتوزع على قطاعات الصحة والتعليم والشغل والبنية التحتية بمختلف مناطق الإقليم.
2. تعاطي السلطات العمومية مع مطالب المحتجين
استنتج المجلس بطئ استجابة الحكومة، وبدرجة أقل، الهيئات المنتخبة، فلاشك أن تأخر الحوار مع أعضاء الحكومة وشبه انعدامه مع منتخبي المنطقة لمدة ستة أشهر، قد أثر سلبا على منحى الاحتجاجات، كما أن المحاولات الأولى للحوار لم تعتمد على مقاربة تشاركية.
ويسجل المجلس أن التجاوب الفعلي للحكومة، جاء في فترة كانت الاحتجاجات قد أخذت منحى تصاعديا، فقد جاء على لسان وزير الداخلية، أن جلسات الحوار تعثرت بسبب إلحاح المحتجين على إلغاء “ظهير العسكرة” ورفضهم أي نقاش آخر .
3. النتائج المترتبة عن الاحتجاجات
عرفت سيرورة التفاعل مع المطالب ثلاثة محطات أساسية، هي:
أ. محاولات الحوار: تدخلت أطراف رسمية وجمعوية ومدنية من أجل إرساء الحوار، لكن دون جدوى؛
ب. الإعفاءات من المسؤولية: إعفاء بعض الوزراء والمسؤولين، بناء على خلاصات التحقيق؛
ت. أثر الطابع غير السلمي: عقد الوزراء ومسؤولون لقاءات متعددة مع المنتخبين وفاعلين غير حكوميين، في محاولة لمناقشة المطالب، ومنها:
– في ماي 2016: تعلن وزرارة الداخلية تخصيصها حوالي 200 وظيفة لإقليم الحسيمة؛
– 21 ماي 2017 : زار وفد وزاري يترأسه السيد وزير الداخلية، ويتكون من وزراء الفلاحة والصيد البحري و التجهيز والنقل واللوجستيك والماء ووزير الصحة والتربية الوطنية والتكوين المهني و الثقافة والاتصال والمدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء، من أجل الوقوف على مدى تقدم الأشغال والمشاريع المتعلقة بالتنمية المحلية، خاصة تلك المبرمجة في مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”؛
– 12يونيو 2017: زيارة ثانية لوفد وزاري يتكون من وزراء الداخلية والتجهيز والنقل واللوجستيك وكاتبة الدولة لدى الوزارة نفسها، والمدير العام للماء والكهرباء من أجل تتبع انجاز مجموعة من المشاريع وخصوصا مشروع سد غيس ومشروع تحلية مياه البحر؛
4. حول مطلب إلغاء «ظهير العسكرة»
شكل موضوع «ظهير العسكرة» أحد المطالب الأكثر بروزا في احتجاجات الحسيمة، ومفاده أن إقليم الحسيمة يخضع لحكم عسكري. إن فحص المجلس لمختلف المقتضيات الدستورية والظهائر والنصوص القانونية بما يتطلبه ذلك من تتبع تاريخي للأحداث وباستحضار مختلف التأويلات والاجتهادات فضلا عن العناصر الواقعية، جعلت المجلس يخلص، بما لا يدع مجالا للشك إلى أن إقليم الحسيمة يعتبر إقليما عاديا، وهو ما كرسته القوانين التي تعاقبت على تنظيم التقسيم الإداري للمملكة، وهو ما يمكن معه التأكيد إذ أن كل المقتضيات القانونية المتوفرة ألغت ظهير1.58.381.
وبناء على ما سبق يؤكد المجلس عدم وجود نصوص قانونية ولا إجراءات خاصة لتدبير شؤون منطقة الحسيمة تؤشر على أن منطقة الحسيمة تخضع لما يسميه المحتجون “ظهير العسكرة.”
5. حرية التعبير والتجمع
تدخل حريات التفكير والتعبير وتكوين الجمعيات والتجمع في مجال الحريات الأساسية، وترتبط فيما بينها بشكل متفاعل وآني، وتؤثر مباشرة على السيرورات الديمقراطية والتمتع بجميع الحقوق. وهي من الحقوق التي تخضع لبعض القيود، التي قد يؤدي اتقاؤها إلى إمكانية حدوث الاعتداء على الغير.
ولعل أهم الإشكاليات التي تطرحها حرية التعبير تأتي من تحديد نوع القيود كي لا تصل إلى حد منع التمتع بها كحق. ولقد كان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واضحا عندما استثنى، منذ البداية، الأعمال العدوانية التي لا ريب فيها. فحظر الدعاية للحرب والدعوة إلى «الكراهية الوطنية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف». ولكن المشكلة تظل قائمة عندما يتعلق الأمر بالمدى الذي يحصر فيه التهديد بالعنف. وهل التهديد بالقول يدخل في إطار الحظر أم لا؟
فإذا كانت حرية التعبير تشكل أساس الممارسة الديموقراطية، فإن الكراهية والعنصرية يشكلان الأساس لاستبدالها بالاستبداد. لذلك بات من الضروري أن «يشمل (المنع) جميع أشكال التعبير التي تنشر الكراهية العنصرية أو كره الأجانب أو معاداة السامية أو غيرها من أشكال الكراهية القائمة على التعصب وتحرض عليها وتروج لها أو تبررها». فالاجتهاد الأنجلو ساكسوني لا يعتبر هذا الخطاب قابلا للحماية، لأن كل خطاب يشجع على العنف والكراهية لا يمكن أن يكون حقا، بل يجب اعتباره جريمة.
1. حرية التعبير
في بريطانيا، يجرم القانون هذا النوع من الخطابات التي يكون من شأنها أن تسبب الذعر أو الضيق أو الخوف لشخص عادي (أي لا يعاني من مخاوف مرضية…). وفي الولايات المتحدة، ورغم التقدير الكبير لحرية التعبير، فقد وضعت القيود عليها، بما في ذلك الكلمات المسببة للعراك (fighting words)، أي المنطوقات (المكتوبة أو الشفهية) التي تحث على العنف والعنصرية. لأن ذلك يدخل في الفعل العنيف الوشيك. ومن ذلك مثلا: خطاب التشهير والافتراء؛ الخطاب الفاحش؛ الكلمات المسببة للعراك؛ التحريض على الكراهية؛ وكل خطاب يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة.
وقد وضعت المحكمة العليا للولايات المتحدة معيار الخطر الواضح والقائم (clear and present danger) كمحدد للمنع. فإذا كان الخطر واضحا وقائما وجب منعه ومتابعة صاحبه. وقد عدل هذا المعيار باختبار براندنبورغ، والذي بني على أساس “العمل غير القانوني والوشيك”. حيث يتضمن ثلاثة عناصر: النية في إلقاء خطاب يحرض على العنف؛ الاحتمال الكبير في ارتكاب أعمال العنف؛ كون هذه الأعمال وشيكة الوقوع. وما يصدق على العنف يصدق على أعمال الشغب أو التواطؤ في التحريض عليها أو تنظيمها أو الترويج لها أو التشجيع عليها أو المشاركة فيها.
أما النقد والاحتجاج، فيظلان محميان حتى ولو كانا موجهين ضد الشرطة أو ينطويان على العدوان والفظاظة، باستثناء الكلمات المسببة للعراك، كما هو الحال بالنسبة للخطابات العنصرية الموجه ضد شخص ما، أو إهانة ضابط الشرطة بالتعبير عن الرغبة في موت والدته، أو شتمه والبصق عليه، فهذه أمور مجرمة.
شجب براندنبورغ محنة “العرق الأبيض القوقازي” على أيدي الحكومة وأدلى بتصريحات معادية للسامية والعنصرية ضد الأمريكيين من أصل أفريقي من خلال التهديد “بالانتقام” من الحكومة الفيدرالية والنظام القضائي في حالة استمرارهما في ذلك. أدين براندنبورغ لأن خطابه عبارة عن الدعوة للجريمة أو للتخريب أو لأساليب الإرهاب غير القانونية كوسيلة لتحقيق إصلاح صناعي أو سياسي.
ولكن المحكمة العليا في الولايات المتحدة ألغت هذه الإدانة، وقضت بأنه لا يمكن أن يستقيم العقاب دستوريا على فعل مجرد من القوة، وعليه فلا يمكن للعقوبة أن تكون إلا على الخطاب الذي يهدف إلى التحريض أو إنتاج عمل غير قانوني فورا أو يحرض عليه أو تنتجه.
2. حرية التجمع
حسب مجلس حقوق الإنسان والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، يشترط في التجمع لكي يتمتع بحماية القانون أن يكون سلميا وبصفة حصرية. حيث لا وجود لقيود تقيده عدا صيانة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
ففي قضية لاشمانكين، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن حماية الحق في التجمع السلمي لا «يشمل التجمعات التي يكون فيها للمنظمين وللمشاركين نوايا عنيفة أو تحرض على العنف أو ترفض أسس أي مجتمع ديمقراطي». وهو نفس ما ذهبت إليه الاجتهادات في قضية ستانكوف والمنظمة المتحدة المقدونية ضد بلغاريا (2001)؛ قضية فابر ضد هنغاريا (2012)؛ وقضية سيس ضد فرنسا (2002).
وتشمل حماية الحق في التجمع السلمي كل التجمعات غير العنيفة التي تُنظم في الأماكن العمومية والخاصة، سواء صرح بها من لدن السلطات أو لم يصرح بها، مع «مراعاة القيود المنصوص عليها في المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية». ويشمل هذا الحق مجموعة واسعة من التجمعات، بما في ذلك التجمعات السياسية والاقتصادية والفنية والاجتماعية. كما يمتد الحق أيضًا ليشمل المظاهرات المضادة، على الرغم من أن الدول ملزمة بضمان ألا تنتهك المظاهرات المضادة حق الآخرين في التجمع، كما تلتزم بحماية المتظاهرين من العمل “الاستفزازي لأي عنصر” قد يعيق عقد التجمع.
إذا كان فرض قيود على التجمع السلمي وارد، فإن على القانون أن ينص عليها. وأن «تكون متلائمة مع القيود المشروعة. وبالطبع يجب ألا تدعو للتمييز أو العداوة أو العنف أو الكراهية على أساس وطني أو عنصري أو ديني… ومع ذلك فلا يمكن لهذه القيود أن تخرج عن مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب. ويشترط في المنع الصريح للمظاهرة إذا كان ضروريًا، أن يكون له مبرر أكثر إقناعا وبعد استنفاذ البدائل الأخرى. وحتى عندما يتم ارتكاب أعمال «عنف ومخالفات عفوية» من قبل بعض المتظاهرين، فلا يجب أخذ البعض بما قام به البعض الآخر.
لا يتنافى نظام الإشعارات والتراخيص مع حرية التجمع. غير أنه أحيانا ما يخفي هذا النظام وراءه التضييق على حرية التجمع. غير أن هذا النظام يلائم بين حرية التجمع وحقوق أخرى كالحق في التنقل والمتطلبات الأمنية. ومع ذلك تذهب الاجتهادات إلى أنه لا ينبغي منع مظاهرة سلمية عفوية أو مظاهرة فقط لأنها لم تضع تصريحا. ومع ذلك فما زالت العديد من الدول تعاقب على تنظيم تظاهرة غير مصرح بها أو محظورة كفرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية، للأسباب أعلاه. ولا يجب أن تترتب عن عدم التصريح المسبق عقوبة جنائية أو إدارية. غير أن الاصطدامات التي تقع على هامش المظاهرة تخضع للقانون الجنائي.
أما الإخلال بالنظام العام فيصير شغبا عندما تكون هناك مقاومة أو اعتداء أو تهديد لضابط شرطة. وتكون العقوبة أشد على المتزعمين. ففي ألمانيا أو اليابان، يعاقب على أعمال الشغب وإتلاف ممتلكات الآخرين أو تخريبها أو تدميرها بالسجن. ويتم رفع هذه العقوبة عندما ترتكب هذه الأعمال ضد الشرطة أو الدرك، كما تكون عقوبة المشاركة في جماعة مسلحة بهدف التحضير لأعمال العنف أو التخريب أقسى.
أما قرار تفريق المظاهرة فلا يمكن أن يغيب مبدأي الضرورة والتناسب. على أن تراعى الاعتبارات التالية: لا ينبغي أن يكون التصريح المسبق شرطا كافيا لتفريق التجمع؛ لا تعتبر أعمال العنف المعزولة مبررا لتفريق المظاهرة إلا نادراً؛ يلتزم المسؤولون عن إنفاذ القانون بتبليغ وشرح أوامر تفريق المظاهرة بوضوح كافي؛ يجب ترك الوقت الكافي للمتظاهرين كي يتفرقوا، قبل إمكانية اللجوء إلى الوسائل القسرية؛ يجب توفير ظروف المغادرة للأفراد غير العنيفين والمارة المحاصرين، والموجودين في حالة هشاشة أو ضيق دون المساس بشخصهم؛ ويمكن أن تلجأ قوات الأمن إلى القوة في حالات استثنائية ودائما وفق مبدأي الضرورة والتناسب؛ التوفر على المعدات الأقل تسببا في القتل والتي تسمح باللجوء المتنوع للقوة مع احترام مبدأي الضرورة والتناسب وتسمح بالتقليص من الأضرار التي قد تلحق بالمتظاهرين. وفي كل الأحوال لا ينبغي اعتبار المشاركة في التجمهر جريمة ولا ينبغي حرمان أي شخص من حريته تعسفًا، كما يجب تفريد إجراءات الإيقاف والتأكد من أن الموقوف قد قام فعلا بخرق القانون وليس فقط لأنه وجد في مجال التظاهرة.
وينبغي للمنظمين والمتظاهرين تعيين «مخاطبين» حتى يمكن للسلطات الاتصال بهم لتسهيل المظاهرات وضمان الامتثال للقيود المفروضة قانونًا. كما يجب عليهم، قدر الإمكان، إقامة علاقات تعاون وشراكة مع السلطات المختصة وموظفي إنفاذ القانون عند التخطيط لسير المظاهرات. وفي الحالات التي يجب فيها حجز الفضاءات العامة أو في حالة توقع عدد كبير من المتظاهرين، يجب على المنظمين الامتثال لإجراءات الإخطار الطوعي.
3. حرية التجمع والتعبير في احتجاجات الحسيمة
1- حرية التجمع
من بين 814 احتجاج (وأغلبيتها دون ترخيص ولم يتم منع سوى احتجاجين إثنين) وتجمع 40 % من الاحتجاجات تطلبت تأطيرا أمنيا خاصا. و08% منها استعملت فيه القوة بسبب ضرورة النظام العام أو السلامة البدنية أو حرية التنقل. وتمت أولى الاشتباكات بين المحتجين والقوات العمومية في الخامس من يناير 2017. حيث بادر بعض العناصر إلى الرشق بالحجارة. ومنذ اشتباكات 6 فبراير، التي شهدت جرح 54 من رجال الأمن وإلى غاية شهر مارس، تم تنظيم حوالي عشرين احتجاجا دون اشتباكات، إذا استثنينا أحداث الهوليغانز.
وبخصوص المعايير الدولية الخاصة بالحق في التجمع والتعبير، يمكن القول بأن التواصل بين المحتجين والقوات العمومية كان خافتا أو منعدما. كما أن منع بعض المحتجين للبعض الآخر من التفاوض أو من رفع العلم الوطني يعد تضييقا على حرية التعبير.
2- حرية التعبير
أ. أمثلة من الخطابات المحمية قانونيا
يعتبر السب والشتم عموما من المنطوقات التي لا تضيف لموضوعات الخلاف شيئا في اتجاه الحل، لذلك كانت ممجوجة من طرف النطق السليم. إن استعمال شعارات تعكس المطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ورغم حدتها، وفي حدود عدم حثها على العنف، لا يشكل أي خرق للحق في التعبير. وكذلك كان بالنسبة لاحتجاجات الحسيمة، ومن أمثلة ذلك: “الصعلوك ” ؛ “الكركوز “؛ “كذابة ما عندناش فيهوم الثقة ربما كيخدوا القرقوبي؛ أفشل حكومة”؛ “الدكاكین السیاسیة “؛ “رؤساء الجماعا ت و بیادقھم ومخبریھم إلى الجحیم إلى مزبلة التاریخ ملعونین”؛ “سحقا سحقا للأقزام لمروجي الأوھام ” ؛”لا ثقة في الجمعیات الارتزاقیة أو الخبزیة “.
ب. أمثلة من خطابات العنف والكراهية
تحتاج السيرورة الديمقراطية إلى النقد البناء، الذي يثير عناصر النقص ويقدم البدائل القابلة للإنجاز ويعمل على إقناع الناس بها. وهناك إجماع على أن خطابات الكراهية والتحريض على العنف لا يخدمان هذه السيرورة ولا يفيدان المجتمع ويمهدان للاستبداد. وقد استعملت في احتجاجات الحسيمة العديد من التعابير التي تحرض على العنف والكراهية، ومنها:
«”باش یفھموھا راكم نتوما الأجھز ة القمعیة راكوم مھددین ، نقولو ا لكم أن تواجدكم ھنا تواجد مشبوه، و توا جد یھدد حیاتكم لیس من عندنا بقدر ما ھو من عند الدو لة المخزنیة وعلى رأسھا وزارة الداخلیة التي تغامر بحیاتكم و أرادت أن تقتلكم، و أرادت أن تنھي حیاتكم لكي تكسب الشرعیة، فلماذ ا؟ نحن نحذر و نقولھا بكل صراحة وزارة الد اخلیة تسیر إلى قتل المواطنین”.
“یریدون أن یدخلوا الریف في مستنقع من الدماء”؛ “الدو لة المخزنیة ترفض الریف والنظام یكره منطقة الریف”؛ “ولله وقسما بالله وقسما برب العزة أن لم تحققوا ملفنا الحقوقي یا ما سوف نتبع أجدادنا وستراق دماءنا على ھذه الأرض الزكیة الطاھرة “؛ “الدكاكین السیاسیة تنھب و تأكل كالثعبان ،الكثیر من الملفات تعامل معھا المخزن كما تتعامل داعش الإرھابیة ، إذن الدولة عدمیة تؤمن بالعنف والاغتیالات والموت”؛ “نقول لھم أن المعركة القادمة ستكون معكم، سنصفي خونة الدار قبل خونة الخارج “».
إن مثل هذه المنطوقات لا تضيف شيئا إيجابيا لتحليل المطالب والترافع حولها، بقدر ما تشكل تحريضا على العنف والكراهية التي تعتبر ممارسات تهدد الديمقراطية والتمتع بحقوق الإنسان.
6. ادعاءات التعذيب وحالات العنف
انطلاقا من تسجيله لنوع من الغموض في ردود أفعال الملاحظين الحكوميين وغير الحكوميين بخصوص مختلف الادعاءات الخاصة بالمعاملات السيئة، التي تخللته، فإن المجلس عمل على الرجوع، على غرار حرية التعبير، إلى المعايير الأساسية للقانون الدولي التي تحكم هذا الموضوع الهام والرئيسي لمرجعية حقوق الإنسان. وبعد التطرق لهذا الموضوع في جوانبه النظرية والمعيارية، اهتم المجلس بالظروف الخاصة التي ظهرت على هامش احتجاجات الحسيمة.
التكييف الحقوقي
استأثر نشر مقتطفات من تقرير لأطباء الذين انتدبهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان باهتمام عائلات المعتقلين والرأي العام، بخصوص ادعاءات التعذيب لعدد من المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة.
وارتأينا قبل بسط حالات ادعاءات المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة أن نذكر بالسيرورة الدولية ذات الصلة بالتعذيب وكذلك ما يرتبط به من معاملات قاسية واللاإنسانية ومهينة، وذلك لاعتماد هذه المفاهيم في تكييف ادعاءات التعذيب.
كما أننا لم نقف عند المبادئ بل بحثنا في تعليقات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والاجتهادات القضائية لعدد من المحاكم بما فيها الأوروبية والدولية في تعاطيها مع بعض حالات التعذيب بما فيها تحديدها لبعض عناصر المعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة، مما ساعدنا على تكييف ادعاءات معتقلي احتجاجات الحسيمة، وذلك انطلاقا من تصريحاتهم لوفد الخبرة الطبية المنتدب من طرف المجلس الوطني وخبرات الطبيب الذي انتدبه قاضي التحقيق وطبيب السجن.
واعتبرنا من الضروري بسط هذه المفاهيم والاجتهادات لحماية حالات ادعاءات التعذيب وتحديد حالات يمكن أن تكون ضمن المعاملات القاسية واللاإنسانية أو المهينة والحاطة بالكرامة وكذلك ضمن عملية النهوض لإشاعة المفاهيم الدقيقة ذات الصلة بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة.
أولا: ادعاءات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة
لضبط مفهوم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة والتعرف على الأفعال التي تدخل في نطاقها، لم يقف المجلس عند المبادئ العامة فقط، بل بحث في تعليقات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والاجتهادات القضائية لعدد من المحاكم بما فيها الأوروبية والدولية. وذلك بالاعتماد على تصريحات المعتقلين لوفد الخبرة الطبية المنتدب من طرف المجلس الوطني وخبرات الطبيب الذي انتدبه قاضي التحقيق وطبيب السجن. وهو ما يعتبر مساهمة في عملية النهوض لإشاعة المفاهيم الدقيقة ذات الصلة بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة.
التعذيب في القانون الدولي
تحظر القوانين والعهود الدولية التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بالإجماع في جميع أنحاء العالم. كما تحظره العديد من الاتفاقات الإقليمية. ويوفر نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الجنائية الدولية، علاوة على القانون الدولي العرفي معايير إضافية أخرى.
القاعدة الآمرة
يعكس فرض حظر التعذيب في القانون الدولي باعتباره قاعدة آمرة norme impérative)) الحظر المطلق للتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في هذا القانون. التي لا يجوز تقييدها أو اتخاذ أي تدابير مخالفة لأحكامها. ويأتي هذا الحظر مدعوما بترسانة جنائية دولية موسعة ومتشددة، مترسخة في القانون الدولي. وبعبارة أخرى، يطبق هذا الحظر بكل قوته هذه القاعدة في جميع الظروف، بما في ذلك في أوقات السلم وأوقات الحرب وأثناء حالات الطوارئ العامة، كيف ما كانت طبيعتها، بما فيها الهجمات الإرهابية مثلا.
القانون الدولي العرفي
يتألف القانون الدولي العرفي من قواعد مستمدة من “ممارسة عامة مقبولة كقانون (opinio juris)”، وهي مستقلة عن قانون المعاهدات. ورغم أنه غير مكتوب، إلا أن محكمة العدل الدولية تعتبر “العرف الدولي الذي ينبع عن ممارسة عامة مقبولة كقانون”، مصدرا ثانيا للقانون، يسد ثغرات قانون المعاهدات ويساهم في تطويره أيضًا.
التمييز بين التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة
اعتبرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أنه من غير الضروري التمييز بين السلوك الذي يشكل تعذيبا والسلوك الذي يشكل معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة؛ لأنهما يشكلان معا انتهاكًا لأحكام المادة السابعة. إلا أن الاجتهادات الدولية تميز بين التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ففي قضية إيرلندا ضد المملكة المتحدة، اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه “يبدو على العكس، بتمييزها «التعذيب» عن “المعاملة اللاإنسانية أو المهينة”، أرادت بالمصطلح الأول “إعطائه سمة خاصة من “العار” للمعاملة اللاإنسانية المتعمدة، والتي تسبب معاناة جد خطيرة وقاسية. وهو نفس التمييز الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1975، الذي ينص على أن ” التعذيب ضرب جسيم ومتعمد من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”. وعموما يتعلق الحسم في التمييز بينها بتحديد درجة الخطورة والظروف المحيطة بالفعل.
وتلخص الاجتهادات القضائية الدولية :”يختلف التعذيب عن غيره من ضروب سوء المعاملة بالطبيعة الحادة للألم أو المعاناة وشدتهما. مع العلم أن اجتهادات لا تحدد درجة الألم والمعاناة التي يبدأ معها اعتبار الفعل تعذيبا.
معايير تحديد فعل التعذيب
لكي تكون المعاملة “تعذيباً”، يجب أن تفي بكل معيار من المعايير الخمسة لتعريف التعذيب […]، وهي كالتالي: (1) يجب أن ينتج عن الفعل ألم أو معاناة جسدية أو عقلية حادين؛ (2) يجب أن يكون الفعل متعمدا؛ (3) يجب أن يكون الفعل لغرض محظور؛ (4) يجب أن يرتكب الفعل موظف عمومي أو بتحريض منه أو بموافقته الصريحة أو الضمنية من قبل شخص يخضع لسلطته أو سيطرته؛ (5) ألا يكون الفعل ناتجا عن عقوبات مشروعة.
التعذيب في مقابل العقوبات المشروعة
لا تعتبر العقوبات المشروعة تعذيبا، تنص اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه لا يتضمن “الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات مشروعة أو المصاحبة لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.” وقد أكد كل من مقرر الأمم المتحدة الخاص والهيئات الدولية بضرورة تأويل مصطلح “العقوبات القانونية” في سياق القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأوضح المقرر الخاص المعني بالتعذيب بأن “أي شكل من أشكال العقوبة البدنية يتعارض مع حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. هذه العقوبات غير قانونية حسب القانون الدولي وتنتهك بذلك الآليات الدولية لحقوق الإنسان […]” .
بدورها اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الحظر الوارد في المادة 7 لا يقتصر “على الأفعال التي تسبب ألما بدنيا فحسب، بل إنه يشمل أيضاً الأفعال التي تسبب للضحية معاناة عقلية. وترى اللجنة، فضلاً عن هذا، أن الحظر يجب أن يمتد ليشمل العقوبة البدنية، بما في ذلك العقوبات المفرطة باعتبارها عقابا جنائيا أو تدبيرا تربويا أو تأديبيا.” (على النحو المنصوص عليه في الإطار الثاني).
لا يمكن اعتبار أية عقوبة جنائية، رغم كونها ذات قيمة في القانون الوطني، متوافقة مع أحكام القانون الدولي. إذا كانت تجيز أفعال مكونة للتعذيب أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة. وذلك نظرا للطبيعة الآمرة والمطلقة لحظر التعذيب.
تكييف ادعاءات التعذيب والمعاملات السيئة مع احتجاجات الحسيمة
تطبيقًا للمبادئ والشروط المحددة أعلاه، قام المجلس بفحصً لمختلف التقارير وآراء الخبراء الطبيين، سواء طبيب السجن والوفد الطبي للمجلس والطبيب الذي عينه قاض التحقيق، وكذا الشهادات التي أجرتها فرقه والمعلومات الواردة في ملفات كل معتقل. من أجل تكييف الادعاءات المقدمة.
وشرع المجلس أولاً في التحقق من المصادر المختلفة الموجودة تحت تصرفه قبل تقييم كل حالة ادعاء على حدة. ولاحظ بالتالي أنه من الحالات 40 التي تمت بخصوصها الفحص، قسمها إلى خمس مجموعات.
وانطلاقا من تسجيله لنوع من الغموض في ردود أفعال الملاحظين الحكوميين وغير الحكوميين بخصوص مختلف الادعاءات الخاصة بالمعاملات السيئة، التي طبعها، فإن المجلس سارع إلى الرجوع، على غرار حرية التعبير، إلى المعايير الأساسية للقانون الدولي التي تحكم هذه القضية الهامة والرئيسية لمرجعية حقوق الإنسان. وبعد التطرق لهذا الموضوع في جوانبه النظرية والمعيارية، اهتم المجلس بالظروف الخاصة التي ظهرت على هامش احتجاجات الحسيمة.
وصف المجلس الادعاءات التي قد تتوفر فيها عناصر مكونة لفعل التعذيب أو الادعاءات التي يمكن تكييفها ضمن المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عندما يتم استيفاء هذه المعايير جزئيًا فقط.
يدرك المجلس الصرامة الشديدة التي اختارها في تصنيفه. وينبع ذلك من خيار تبني مثل هذا المعيار الصارم من إرادته المعلنة لضمان الحق في السلامة الجسدية قبل أي شيء آخر، بالإضافة إلى تفعيل الضمانات الدستورية والتزامات المغرب في هذا المجال. ولكن أيضًا بسبب الرغبة في التوسع في اعتبار البعد النفسي لسوء المعاملة.
واعتمادا على هذه العناصر صنفنا الحالات حسب المجموعات التالية:
المجوعة الأولى: ادعاءات قد تتوفر فيها عناصر فعل التعذيب
تم تجميع الادعاءات التي قد يتوفر فيها أحد عناصر فعل التعذيب (أو أكثر) كقاعدة آمرة، وكما تحددها المواثيق والاجتهادات الدولية أي: التي تنتج الألم والمعاناة وناتجة عن نية وقصد ولهدف ممنوع وأن يكون الفاعل موظفا عموميا ودون أن يدخل في إطار العقوبات المشروعة.
• محمود بوهنوش
صرح بأنه تعرض للضرب أثناء إيقافه أدت إلى جروح. ونتف شعر لحيته أثناء الحراسة النظرية، كما تعرض للسب والشتم.
واستنتج كل من طبيب المجلس أو طبيب السجن في تقريريهما، وجود ألام على مستوى العنق مع غياب آثار العنف على الجسم.
• الحسين الإدريسي:
صرح السيد الحسين الإدريسي بتلقيه لضربات على اليد بواسطة دباسة (agrafeuse)، وعاين طبيب المجلس وجود آثار تبدو متوافقة وتصريحات المعني بالأمر.
واستنتج الفحص الطبي الذي أمر به قاض التحقيق عدم ثبوت أي علامات أو آثار اكلينيكية على مستوى الجلد تبرر ادعاءاته.
• زكريا أضهشور:
صرح السيد زكريا أضهشور بأنه كان ضحية الدوس على كاحله الأيسر أثناء نقله إلى مفوضية الشرطة بالحسيمة. كما تلقى الصفعات بنفس المفوضية. وتم نتف شعر لحيته مع تهديده بإحراقها.
وقد سجل طبيب المجلس في تقريره توافق التصريحات مع الاثار التي يحملها. ولم يسجل الفحص الطبي الذي أمر به قاضي التحقيق أي آثار متوافقة مع تصريحات المعني بالأمر.
المجموعة الثانية: ادعاءات باستعمال المفرط للقوة
في هذه المجموعة أدمجت الحالات التي بينت الفحوصات الطبية (المتعددة) المتعلقة بهم بأن الجروح أو الكدمات أو الندوب مثلت قرائن للاستخدام غير المتناسب للقوة، وهي الحالات التي قاومت خلال الإيقاف.
• وظيف الكموني:
صرح بأنه ضرب بالعصي على صدره ووجهه. وأثناء محاولته أن يحتمي من الضرب تلقى ضربات على يده اليمنى.أخذ إلى المستشفى، حيث خضع للتقييم الاشعاعي.
سجل طبيب السجن وطبيب المجلس ان الاثار ناتجة عن الاستعمال القوة المفرطة لمقاومته الايقاف
له سوابق عدلية وقضى سنة سجنا على السرقة الموصوفة.
• ناصر الزفزافي:
صرح السيد ناصر الزفزافي بأنه تعرض للضرب بعصا أثناء مداهمة الشرطة مما أدى إلى إصابة فروة رأسه التي ستتم خياطتها في وقت لاحق. وأضاف بأنه بعد تقييده ويداه خلف ظهره، تلقى لكمة على عينه اليسرى وأخرى على البطن في حين أدخل شخص آخر عصا بين فخذيه (فوق ملابسه). وأضاف أنه تلقى اللكمات والركل على طول جسمه.. صرح للطبيب الشرعي أنه كان «يفضل أن يعذب بدل أن يهان لفظيا« .
وأكد الطبيبان أن ما تعرض له يمكن أن يرجع لاستخدام غير المتناسب للقوة أثناء الإيقاف.
وأوصى بقوة بإجراء تقييم وتتبع نفسي لجميع السجناء.
صرح محاموا السيد الزفزافي أنه لم يتعرض لأي تعنيف أو تعذيب حينما أحيل على الفرقة الوطنية .
• مراد الزفزافي :
صرح السيد مراد الزفزافي بتلقيه للكمات على وجهه لمقاومة إيقافه.
وتم فحصه من طرف الطبيب المعين من قاضي التحقيق ومن الوفد الطبي للمجلس معا، والذي استنتج أن تصريحاته متوافقة مع ادعاءات الاستعمال المفرط للقوة لمقاومته الإيقاف.
• عبد الكريم بوكري:
صرح السيد عبد الكريم بوكري بتلقيه لضربات بالهراوات أثناء اعتقاله. وخلص الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق وطبيب المجلس ما يتوافق مع استعمال القوة.
• يحيى فقيه:
صرح السيد يحيى فقيه بتلقيه الضرب بواسطة الراديو المتنقل (talkie walkie) أثناء إيقافه. كما تلقى العديد من اللكمات أثناء نقله لمفوضية الشرطة. واستنتج الأطباء استعمال القوة بعلاقتها بالآثار الموجودة
إلياس تونايوش:
صرح بأنه تلقى ضربات في جسمه وإهانات وشتائم من طرف القوات العمومية التي أوقفته.
وسجل طبيب المجلس وطبيب السجن أن الأثار الموجودة ذات الصلة باستعمال القوة
• بلال أحباطي:
صرح السيد بلال أحباطي (قاصر) بأنه تلقى العديد من الضربات على الوجه والكتف الأيسر أثناء إيقافه. كما تلقى اللكمات على كل أجزاء جسمه وتم شتمه وإهانته من طرف رجال الشرطة المتواجدين في سيارتهم.
سجل طبيب السجن وطبيب المجلس والطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق، توافق
تصريحاته، مع الاستخدام غير المتناسب للقوة لمقاومته الإيقاف.
• طارق العنيسي:
صرح السيد طارق العنيسي بأنه أوقف وهو يحمل الحجر بين يديه. وأنه كان ضحية لاستعمال القوة أثناء إيقافه ونقله إلى مفوضية الشرطة. وعاين الفحص الطبي توافق مع ادعاء استعمال القوة أثناء إيقافه.
• عبد الحق الصديق :
صرح أنه حاول الفرار، قبل أن يتراجع ويقدم نفسه، مؤكدا أنه تعرض لدفع قوي مع باب المنزل، مما أدى إلى جرح على مستوى حاجبه الأيسر؛ وصرح بأنه كان ضحية شتم وسب أثناء إيقافه وخلال نقله إلى مفوضية الشرطة المركزية بالحسيمة وخلص الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق وطبيب المجلس. توافق تصريحاته مع الاستخدام غير المتناسب للقوة خلال الإيقاف.
المجموعة الثالثة: ادعاءات المعاملة القاسية أو اللاإنسانية
تم الاعتماد، في تصنيف هذه الحالات، على اجتهادات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان والمحاكم الدولية التي اعتبرت أن كل ما هو خارج العناصر المكونة للتعذيب تدخل ضمن حالات المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وذلك طبقا ما تقدمنا به أعلاه.
• عادل هاشمي:
صرح السيد عادل هاشمي بتلقيه العديد من الضربات بالهراوات على مستوى الرجلين والرأس. كما كان يتعرض للضربات كلما مر رجل شرطة من أمامه. ولما فحصه الطبيب في المستشفى بناء على تعليمات الوكيل العام للملك. استنتج الأطباء توافق ادعاء التعرض لمعاملة قاسية ولاإنسانية أثناء الاعتقال.
• عبد الكريم السعدي:
صرح السيد عبد الكريم السعدي بأنه تعرض للضرب على أجزاء بجسمه أثناء نقله إلى مقر المفوضية. وأمر وكيل الملك بإجراء الفحص الطبي وكذلك طبيب المجلس، الذي توافق مع ادعاء التعرض لمعاملة قاسية ولاإنسانية أثناء الايقاف.
• سليمان الفحلي:
صرح السيد سليمان الفحلي بأنه حاول الفرار. وأنه كان ضحية انتقام من طرف عميد الشرطة الذي يعمل بمفوضية الشرطة المركزية بالحسيمة. وقد سبق له أن قدم السيد الفحلي شكوى بسبب الخيانة الزوجية ضد زوجته ونشر ملصقا وفيديو يهدد فيهما بتصفية هذا العميد. وصرح بأن العميد قد انقض عليه بمجرد ما وصل إلى مفوضية الشرطة من خلال إمساكه من شعره وصفعه عدة مرات.
وسجل طبيب المجلس الوطني والطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق توافق التصريحات مع إدعاء المعاملة الإنسانية
المجموعة الرابعة: ادعاءات المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة
صرح أغلب الموقوفين والمعتقلين تعرضهم لأشكال مختلفة من السب والشتم والقذف والإهانات اللفظية، سواء أثناء الإيقاف أو في سيارات الشرطة أو أثناء الاعتقال الاحتياطي أو خلال إنجاز المحاضر أو لتوقيعها. واعتبارا لطبيعة هذه الادعاءات لم يتمكن المجلس من التأكد منها أو تفنيدها.
المجموعة الخامسة: حالات لم يتم ثبوت تعرضها لعنف
اعتمدنا على استنتاجات الخبرة في ادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية لتوصيف الحالات بعدم تبوث تعرضها لأي عنف.
عبد الكريم التاعرايتي:
صرح السيد عبد الكريم التاعرايتي بأنه تلقى الضرب على فخضه الأيمن ووضع أحد رجال الشرطة منشفة ذات رائحة كريهة على فمه قبل أن يضع له الأصفاد ويسقطه على الأرض إلى جانب شخصين موقوفين آخرين.
سجل طبيب المجلس ان الفحص لم يبين شيئا يذكر..
• فؤاد السعدي:
صرح بأنه تمت معاملته معاملة سيئة خلال التوقيع على المحضر. تم فحصه من طرف الطبيب بأمر من قاضي التحقيق. لم يبين الفحص الطبي شيئا يذكر.
• سمير تيغدوين:
صرح السيد سمير تيغدوين بتلقيه للعديد من اللكمات على مستوى الكتف أثناء اعتقاله. فحصه طبيب السجن دون تسجيل شيء يذكر.
• عبد الواحد الكاموني:
صرح السيد عبد الواحد الكاموني بتلقيه للعديد من اللكمات على مستوى الحوض والرجل اليمنى أثناء نقله إلى مقر الدرك وأن رجليه كانتا مقيدتين وأنه وضع في المرحاض وضرب على رجليه.
الفحص الذي أجراه طبيب السجن والطبيب المعين من طرف المجلس بينا أنهما لم يلاحظا شيئا يذكر.
• ابراهيم بوزيان:
صرح السيد ابراهيم بوزيان بتلقيه للتهديد ليوقع محضر الاستماع. فحص من طرف طبيب شرعي بناء على تعليمات القاضي. لم يبين الفحص الطبي شيئا يذكر.
• فؤاد السعيدي:
صرح السيد فؤاد السعيدي بأنه عومل معاملة سيئة أثناء توقيعه للمحضر. لم يبين الفحص الطبي شيئا يذكر. وكذلك كان رأي الفحص الذي أجراه الطبيب الشرعي بناء على تعليمات قاضي التحقيق.
• يوسف الحمديوي:
صرح السيد يوسف الحمديوي بأنه تم إرغامه على توقيع محضر الاستماع. تقرر بأن يتابع الدعم النفسي كما كان عليه الحال قبل اعتقاله. فحص من طرف طبيب شرعي بناء على تعليمات قاضي التحقيق. ولم يبين الفحص الطبي شيئا يذكر.
• أشرف اليخلوفي:
صرح السيد أشرف اليخلوفي بكونه كان ضحية إهانات وشتائم أثناء إيقافه وأثناء نقله إلى مفوضية الشرطة بالحسيمة. لم يبين الفحص الطبي شيئا يذكر.
• محمد المجاوي:
صرح السيد محمد المجاوي بكونه تلقى تهديدات أثناء الاستنطاق. وكان ضحية إهانة وشتائم أثناء إيقافه وأثناء نقله إلى مفوضية الشرطة بالحسيمة. لم يلاحظ طبيب المجلس الوطني شيئا يذكر.
• نوري أشهبار:
صرح بأنه كان ضحية صفعات متتالية على أذنيه بمقر المفوضية. وبأنه قيد إلى أعلى ويديه إلى وراء ظهره. استنتج الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق وطبيب المجلس الوطني خلال فحصه بأن لا شيئ يذكر.
• عثمان بوزيان:
صرح بإرغامه على توقيع المحضر وأنه تعرض للشتائم والسب. خلص الفحص الطبي بأمر من قاضي التحقيق بأن لا شيئ يذكر.
• وسيم بوستاتي:
صرح بأنه لم يرغم على توقيع المحضر لكنه تعرض للسب والشتم. وخلص الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق بأن لا شيء يذكر مع توصية بالمتابعة النفسية.
• عبد الحميد الينصاري:
صرح بأنه تعرض لتهديدات خلال التوقيع على المحضر. واستنتج الفحص الطبي من طرف الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق والمجلس بأن لا شيئ يذكر.
• رشيد أمعروش:
صرح أنه تعرض للركل. واستنتج الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق والمجلس بأن لا شيء يذكر.
• محمد فاضيل:
أكد في تصريحه على أنه نتف شعر لحيته أثناء تواجده بالمفوضية كما تعرض للسب والشتم. واستنتج طبيب المجلس بأن لا شيئ يذكر.
• جمال بوحدو:
صرح بأنه تعرض للصفع والضرب على العنق. استنتج طبيب المجلس بأن لا شيء يذكر وأوصى بقوة بضرورة متابعة الدعم النفسي.
• ريبع الأبلق:
صرح بضربه مرات عديده على الوجه ولساعات. واستنتج طبيب السجن والطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق وطبيب المجلس، بأن لا شيء يذكر.
وكان السيد ربيع الابلق قد أعلن دخوله في اضراب عن الطعام خلال يوم الفحص من طرف الطبيب.
• أيمن فكري:
صرح بأنه تم إيقافه أمام منزله وهو يهيأ الأحجار. وتم ضربه على البطن.
استنتج الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق وطبيب المجلس عدم وجود آثار للعنف لكن هناك آلم في الكتف الأيمن. تم فحصه من طبيب المجلس وهو في حالة سراح مؤقت.
• شكير المخروط:
حسب الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق؛ لا شيئ يذكر.
• محمد حاكي:
حسب الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق؛ لا شيئ يذكر.
• الحبيب الحنودي:
حسب الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق؛ لا شيئ يذكر.
• أحمد حزات:
حسب الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق؛ لا شيئ يذكر.
• عبد الخير اليسناري:
حسب الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق؛ لا شيئ يذكر.
• محمد المهدال:
حسب الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق؛ لا شيئ يذكر.
• عمر بوحراس:
صرح السيد عمر بوحراس بأنه عذب وتم تكسير أسنانه أثناء العنف الذي مورس عليه. وقد تم فحصه من طرف طبيب السجن عند ايداعه بالمؤسسة السجنية. وهذا ما أكده خلال الاستنطاق التفصيلي. وحسب المعلومات والإفادات خلال المحاكمة والشواهد والوصفات الطبية، فأن السيد عمر بوحراس تم فحصه فور دخوله المؤسسة السجنية 2 يونيو 2017، ولم تبدو، حسب طبيب السجن، أي علامة من علامات العنف وصرح أن الشرطة الوطنية تعاملت معه تعاملا جيدا.
وبتاريخ 7 يونيو 2017، واستجابة لطلب زيارة طبيب الأسنان، تم فحصه في نفس التاريخ، وتبين أن الضرس 36 متآكل بفعل التسوس ونخرت السوسة الجزء الظاهر من الضرس فوق اللثة ولم يتبقى غير الجذور. وقام طبيب الاسنان باقتلاع ضرسين من الجذور وسلمهما للسيد عمر بوحراس.
ولم يعاين الطبيب أي آثار جروح على مستوى الخد على الجهة الداخلية المقابلة للضرس 36.
واستمعت المحكمة للطبيب بالمركب السجني ولطبيب الأسنان، حيث أكد هذا الأخير أنه «لا يمكن لأي شخص تحمل الألآم الناتجة عن تكسير المفاجئ لأحد الأضراس أو الأسنان، لأن شرايين الضرس تكون حية ومكشوفة وتخلف آلاما شديدة جدا لا يمكن تحملها”.
تم إيداع السيد عمر بوحراس السجن يوم 2 يونيو 2017 بينما تم فحصه من طرف طبيب الاسنان بعد الالام التي أحس بها يوم 7 يونيو .
• خير الدين شنهوط:
صرح بأنه تعرض للكلمات والصفع خلال إيقافه ونقله. واستنتج طبيب السجن وطبيب المجلس بعدم وجود أي شيء يذكر.
كما أوصى طبيب السجن بمتابعة العلاج الجلدي الذي وصفه طبيب المعني بالأمر بالناظور.
• عابد بنهدي:
صرح بأنه تم إيقافه والحجر بيديه والسكين في جيبه. وصرح بتعرضه لضربات بالعصي وضربات على مستوى الكتف الأيمن. له سوابق بأحكام عن السرقة الموصوفة والضرب والجرح. فحص من طرف طبيب السجن والوفد الطبي للمجلس، فاستنتجا أن لا شيء يذكر بخصوص ادعاءاته. وأوصى طبيب السجن بمتابعة علاجه الجلدي حسب ما وصفه طبيبه السابق بالناظور.
• ابراهيم زغدود:
صرح بأنه تعرض للصفع والضرب خلال إيقافه والحراسة النظرية وخلال التوقيع على المحضر. وتبعا للفحص الذي أجراه الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق لم يجد شيئا يذكر من تلك الادعاءات.
وللإشارة فإن الأطباء أوصوا بالدعم النفسي للمعتقلين.
ثانيا: من أجل التمييز بين الاحتجاج السلمي والعنف
استكمالا لمكونات تقريره بشأن الأحداث التي عرفتها مدينة الحسيمة والمناطق المجاورة، تم تكليف فريق من المجلس تحت إشراف السيدة الرئيسة لعقد لقاءات مع عدد من عناصر الشرطة الذين تعرضوا للعنف خلال هذه الأحداث. وبتاريخ 5 دجنبر 2019 عقد لقاء أولي مع السيد مدير مديرية الضابطة القضائية، وتلاه استماع لمجموعة من عناصر الأمن الذين تعرضوا لاعتداءات وأعمال عنف تراوحت آثارها بين الخطيرة والمتوسطة. وبتاريخ 12 دجنبر 2019 تم الاستماع لمجموعة ثانية، ليصبح عدد المستمع إليهم 19 فردا من عناصر الشرطة.
1. منهجية جلسات الاستماع
نظرا لضرورة إكمال التقرير المتعلق بأحداث الحسيمة، بشكل موضوعي وتجنبا للتقديرات الشخصية، تمت جلسات الاستماع لأفراد القوات العمومية ضحيا العنف وفق المنهجية التالية:
1. من حيث المبدأ، يشمل رصد انتهاكات حقوق الإنسان جميع الانتهاكات بغض النظر عن السن والنوع والمهنة والأصل الاجتماعي والمكانة الاقتصادية والرأي السياسي وما إلى ذلك. ولهذا الاعتبار تم الاستماع لعناصر الشرطة؛
2. تمت عملية الاستماع بناء على محاور مهيأة قبليا تغطي تسلسل الأحداث والظروف العامة وموقع المستمع إليه فيها ، دون أن إلغاء إمكانية التفاعل التلقائي. وتم إنجاز محضرين سرديين للأحداث المروية، كل على حدة. وبعد إنجازهما والمقارنة بينهما وإعادة استرجاع الوقائع عن طريق التحقق المزدوج، تم إنجاز التقرير التركيبي الحالي؛
3. تم اختيار عينة من رجال الأمن ضحايا العنف، بحيث تتمثل فيها كل الحالات ذات الأهمية الخاصة من حيث نوعية الإصابات ودرجة خطورتها والأثار المترتبة عنها وتنوع الأحداث من حيث مواقعها وأشكال فض المظاهرات التي أدت إلى ما أدت إليه؛
4. تم الاستماع لأفراد القوات العمومية، ضحايا العنف، بشكل فردي ودون وجود أي شخص آخر.
2. الأماكن التي عرفت أحداث عنف حاد
من خلال الاستماع الذي تم مع مجموعة من عناصر الأمن الذين تعرضوا لاعتداءات من طرف المتظاهرين، تبين أن الاحتجاجات التي عرفتها هذه المناطق كانت متعددة وتواريخها متفرقة إلا أن بعضها اتسم بمظاهر العنف الحاد ضد أفراد قوات الأمن وأسفرت عن إصابات مختلفة. أدلى المستمع إليهم من ضحايا الاعتداءات بتصريحات تفيد تفاصيل ما جرى في الأماكن التالية:
1. إضرام النار في إقامة عناصر الشرطة بمدينة إيمزورن تاريخ 26 مارس 2017؛
2. الاحتجاج عن محاولة اعتقال السيد ناصر الزفزافي في يوم 26 ماي 2016؛
3. الاحتجاج خلال شهر رمضان بحي سيدي العابد؛
4. احتجاجات 20 يوليوز 2017 المركبة: أكدت الإفادات أن هذه الاحتجاجات، عرف أغلبها تجمع عدد من المتظاهرين في عدة أحياء من المدينة وتخللتها أعمال عنف من طرف المتظاهرين واستعملت فيها وسائل متنوعة تركت إصابات مختلفة الخطورة ومتنوعة على مستوى عناصر الشرطة، ومنها الاحتجاجات ذات طابع عنف حاد، قرب مستشفى محمد الخامس، ومنطقة بوجيبار، وحي أفرار.
أ. الاحتجاجات قرب مستشفى محمد الخامس بالحسيمة
ب. احتجاجات بمنطقة بوجيبار
ت. احتجاجات حي أفرار
ث. احتجاجات ظهر مسعود
5. الاحتجاجات المحاذية لمدينة إيمزورن يوم 3 شتنبر 2017؛
6. حادث شاطئ صباديا.
ثالثا: شهادات بعض رجال الأمن
تسبب في هذه الاعتداءات، حسب الإفادات، مجموعة من الأشخاص وأغلبهم ذكور فيهم القاصرون وكانوا ملثمين في أغلبهم. وقد تجاوزت أعمال العنف الأشخاص بل تم الاعتداء وتخريب شاحنة الإطفاء وسيارة الإسعاف (مدينة إيمزورن)، والممتلكات العامة والخاصة. وقد استعمل المتظاهرون عددا من وسائل التخريب والعنف ومنها:
الرشق بالحجارة؛ استعمال “المقلاع”؛ استعمال العصي؛ تكسير الزجاج والسيارات، وإتلاف وتخريب الممتلكات؛ استعمال الأسلحة البيضاء؛ رمي الأحجار من أسطح المنازل؛ صب الزيت الساخن على عناصر الشرطة؛ إضرام النار (الإقامة، السيارات، العجلات المطاطية …)؛ الزجاجات الحارقة؛ اعتراض سيارات الإسعاف وشاحنة الإطفاء ومنعها من الوصول لأماكن الأحداث ونقل المصابين؛ تكسير أضواء الإنارة بالشارع العام. وتجسيدا لحجم الأضرار البدنية والنفسية التي تعرض لها بعض رجال الأمن، نورد فيما يلي تفاصيل بالمهم فيما وقع.
الحالة الأولى: (ص. ف.)، ضابط أمن، ازداد بتاريخ 19 أكتوبر 1982
في يوم 26 ماي 2016 ، لم تكن هناك مظاهر للعنف وأغلب الأزقة كانت شبه فارغة، والسطوح ممتلئة بالمحتجين. وبعد فترة، وحوالي الساعة الثانية والنصف بدأ الرشق بالحجارة من فوق السطوح من طرف العديد من المحتجين، كان بعضهم ملثما. وبتعبير «دارونا الوسط، السطح كان عامر، غير البوليس والسطوحا… والحجر كيطيح بحال الشتا، وأنا معنديش الكاصك… شير علي واحد بياجورة كبيرة للراس… وتشتتات». كان المحتجون ينهالون على رجال الشرطة بالحجارة من كل جانب ومن فوق السطوح. ولما وقع الاعتداء لم يتوقف الرشق بالحجارة، وسقط المعني على الأرض مغمى عليه.
وقد نتج عن هذه الإصابة جرح غائر في رأس السيد السيد (ص. ف.) وهذا ما استدعى القيام بعملية جراحية في الحسيمة، استمرت من الثالثة بعد الظهر إلى الحادية عشرة ليلا. ثم نقل، لديه عجز دائم وتوقف عن العمل أكثر من سنتين.
الحالة الثانية: (م. د.)، حارس أمن، ازداد بتاريخ 3 مارس 1988.
باغته المحتجون «طيحوني فحفرة ديال 3 متر د الغرق. وبداو كيضربوا بالحجر والحديد… حيدولي البوكليي وبقاو مجرجريني …» حيث تعرض للضرب بالخشب والحديد «ضربة بالموس فالمرفق د اليمين وضربوني بعصا للوجه … والماس ولي كان … الجيلي كامل مثقب بالماس… ملي بانت لي الطوموبيل د البوليس. تكركبت مع الحدورة وطلعت فالسيارة د البوليس».
واثناء مقاومته، أصيب بجرح غائر بالسلاح الأبيض على مستوى ذراعه والعديد من الكدمات على وجهه. كما أصيب بكسر في مرفقه مما استلزم إجراء عملية جراحية ووضع قطعة حديدية فيه. توقف عن العمل نصف سنة وله عجز شبه دائم.
الحالة الثالثة: (ح. م.)، مقدم شرطة، ازداد بتاريخ 31.05.1989 .
تفاجأ، هو وزملاؤه بهجوم عدد من المحتجين كان العدد محدودا قبل أن يتحول إلى حوالي 400 متجمهر. وبدأوا برشق سيارات الشرطة بالحجارة وقنينات المولوطوف.
أصيب بكسور في رجليه بعد أن احترقت يداه عندما كان في السطح. وفي المستشفى أجريت له عملية جراحية مستعجلة على رجله اليمنى، لكنها لم تكلل بالنجاح «لحقاش ضارت الرجل والمفصل هبط على خوه، ولا العضم كيتحك مع العضم».
وقد ترتب عن ذلك عاهة مستديمة تتمثل في أن “ما بقاتش الرجل كتدور ”
7. حول محاكمة المتابعين على خلفية احتجاجات الحسيمة
قرر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، واعتبارا للحق الأساسي في محاكمة عادلة ومتابعة محاكمات المعتقلين على خلفية الاحتجاجات التي عرفتها منطقة الحسيمة. والتي تمثلت بمحاكمة لكل معتقل على حدة بملف خاص، وتهم واثباتات من طرف النيابة العامة.
I. ملاحظة اعمال المعايير الدولية للمحاكمة العادلة
1. الحق في العلنية يسجل المجلس توفر شرط العلنية وذلك:
– القاعة المخصصة للجلسات كانت مفتوحة طيلة أطوار المحاكمة، حيث حضر للجلسات مجموعة من الملاحظين والملاحظات من المغرب ومن الخارج، ووسائل الإعلام الوطنية والدولية الى جانب عائلات المتهمين والضحايا وأصدقائهم.
– اعلان المحكمة في نهاية كل جلسة عن موعد الجلسة المقبلة وتوقيتها.
– تم الاستماع الى المتهمين والمناقشات وتلاوة الحكم في جلسات علنية.
2. الحق في الاخبار بأسباب الاعتقال
– تفيد محاضر الشرطة القضائية اشعار جميع الموقوفين بأسباب اعتقالهم، غير أن عددا منهم نفوا اشعارهم بذلك خلال البحت التمهيدي.
3. الحق في المثول فورا أمام قاضي التحقيق
– أحيل جميع المشتبه فيهم فور تقديمهم الى النيابة العامة التي فتحت لهم ملفي تحقيق وتمت احالتهم على السيد قاضي التحقيق.
– أثار عدد من المشتبه فيهم ادعاءات بالتعذيب، وأمر قاضي التحقيق بعرضهم على فحص طبي.
4. الحق في التواصل مع العالم الخارجي
– تفيد محاضر الشرطة القضائية تمكين جميع الموقوفين من حقهم في اشعار عائلاتهم بوضعهم رهن الحراسة النظرية، وبأماكن تواجدهم، غير أن عددا منهم نازعوا في ذلك.
– تم تمكين الموقوفين من الحق في الاتصال بالدفاع، وقد قام عدد من المحامين بزيارة المعتقلين؛
5. الحق في الطعن في مشروعية الاعتقال
– أثار عدد من الموقوفين عدم مشروعية قرار ايقافهم، لكونهم لم يكونوا مشاركين في الاحتجاجات، كما نازع بعضهم في مدى توافر حالة التلبس عند توقيفهم.
II. ملاحظة المبادئ الإجرائية للمحاكمة العادلة
1. الحق في المحاكمة أمام محكمة مستقلة محايدة مختصة ومنشأة بموجب القانون
خلال مرحلة الاستئناف تقدم دفاع المتهمين بمذكرة التشكك المشروع الى محكمة النقض، أثاروا فيها غياب حيادية المحكمة عندما صرح رئيس الجلسة بان القضية المعروضة عليه لا تمثل جريمة سياسية، وقد رفضت محكمة النقض طلب الإحالة معتبرة أنه: “ليس فيما عرضه (دفاع المتهمين)، بشأن تسيير الجلسة في مرحلة التأكد من هوية وحضور المتهم، (..)، ما يوحي بأن الهيئة القضائية (..)لا تتسم بالحياد ..”.
ومن حيث الاختصاص نازع دفاع المتهمين في اختصاص المحكمة، وقضت المحكمة برد الدفع، لكون قرار الإحالة من اجل الاختصاص جاء طبقا للقانون ولعدم إمكانية مناقشتها لقرار محكمة النقض.
2. الحق في الاخبار الفوري بالتهم
– كان رئيس الهيئة، يقوم فور التأكد من هوية كل متهم بإشعاره بالتهم المنسوبة اليه.
3. الحق في حضور المحاكمة
– يتجلى توفير هذا الشرط من خلال عدة إجراءات قامت بها المحكمة، أهمها:
• حرصها على التأكد من التوصل بالاستدعاءات بالنسبة للمتابعين في حالة سراح؛
• الحرص على التأكد من احضار المعتقلين والتأكد من هويتهم؛
• الحرص على مناقشة وسائل الاثبات بشكل حضوري؛
• الحرص على أمر كاتب الضبط بالانتقال للسجن المحلي لتلاوة ما راج في الجلسة، على المتهمين الذين رفضوا المثول أمام المحكمة.
4. الحق في الدفاع
– تشكل دفاع المتهمين من حوالي 65 محامية ومحام من مختلف الهيئات، منهم 15 فقط تابعوا المحاكمات. أما دفاع الطرف المدني فقد تكون من أربعة محامين من هيئة الرباط والدار البيضاء.
5. الحق في مساعدة مترجم
– تم الاستعانة بموظف الشرطة اثناء البحث التمهيدي للقيام بالترجمة.
– خلال جلسات المحاكمة تم توفير مترجم للريفية للمتهمين الذين طلبوا ذلك.
6. مبدأ احترام قرينة البراءة
– اعتبر دفاع المتهمين أن وضعهم في فضاء زجاجي داخل القاعة، خرق لقرينة البراءة لكونه من بين الحالات التي تشير إلى أن المتهم مذنب قبل أن يحكم عليه.
– أوضحت النيابة العامة أن قاعة الجلسات مهيئة بفضاء زجاجي شفاف أعد خصيصا لاستقبال وجلوس جميع المتهمين المعتقلين وهم غير مقيدين بالأصفاد، ومرفوقين بالحراس، الى حين مثول كل واحد منهم أمام رئيس الهيئة لاستنطاقه.
7. الاستماع للمتهمين
– استمعت المحكمة للمتهمين في إحدى وأربعين (41) جلسة، أي ما يقارب نصف الجلسات التي شهدتها أطوار المحاكمة.
– أتاح رئيس الهيئة الفرصة لكل متهم لإثارة ظروف اعتقاله ووضعيته بالسجن، ومكنه من عرض وبسط قضيته أمام المحكمة بالشكل الذي يريد، وباللجوء للوثائق التي أنجزها مسبقا، وكذا بالرجوع لنسخ المحاضر والتعليق على ما ورد فيها.
8. وسائل الاثبات
– سجل المجلس أن المحكمة اعتمدت على الفيديوهات والصور والرسائل النصية وتسجيلات المكالمات الهاتفية والتدوينات والحوالات المالية، الى جانب الشهود كوسائل اثبات، مع التأكيد على أن محاضر الشرطة القضائية هي مجرد معلومات في القضايا الجنائية.
9. الشهود:
– بلغ عدد الشهود أربعة وثلاثين (34 ) شاهدا وشاهدة. عند أخد المعلومات المتعلقة بهم، كان الرئيس يسأل كل شاهــــد عن هويته، دون الاستفسار عن وجود علاقة عمل تربطه بأحد المتهمين، كما لم يتم تخصيص قاعة للشهـود للمكوث فيها، إذ كانوا يجلســـــون في بهو المحكمـــة.
10. ادعاءات التعذيب
– نازع عدد من المتهمين في شأن مصداقية التصريحات الصادرة عنهم خلال مرحلة البحث التمهيدي، بحجة أنها انتزعت منهم تحت الاكراه والتعذيب.
– استفاد غالبية المعتقلين أثناء فترة الوضع في الحراسة النظرية من زيارة دفاعهم، ولم تسجل أي شكاية من طرف الدفاع بتعرض موكليهم للعنف أثناء فترة البحث التمهيدي.
– تصريحات عدد من الموقوفين أثناء مرحلة الاستنطاق الابتدائي أمام قاضي التحقيق بحضور دفاعهم، والتي أكدوا فيها عدم تعرضهم للعنف.
– تصريحات بعض أعضاء دفاع المتهمين لوسائل الإعلام بعدم تعنيف السيد ن ز من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وأن العنف الظاهر عليه حصل أثناء مقاومة إيقافه بالحسيمة.
– الفحص الطبي الذي أمر به قاضي التحقيق على المعتقلين، خلصت نتيجته إلى إثبات عدم تعرضهم لعنف جسدي، ماعدا المتهم ع ص، بخصوص جرح أفقي على مستوى عينه اليسرى في طور الالتئام. والمتهم م ب، الذي تبين أنه يعاني من صعوبة في تحريك رأسه وادعى وجود آلام على مستوى عضلات الجسم الخلفية، ولم يثبت الفحص الطبي المعين من طرف قاضي التحقيق وجود أية آثار أو علامات اكلينيكية على مستوى الجلد تبررها.
– نتائج تقارير الفحص الطبي لأطباء المؤسسة السجنية فور إيداع المعتقلين والذي قام بتحديد الوضعية الصحية لكل الحالات، والتي في أغلبها عادية.
– التقرير الطبي للسجين ع ب من طرف طبيب الأسنان بالمؤسسة السجنية بناء على أمر قاضي التحقيق وبناء على الادلاء بشهادته.
– تصريح مدير مركز الإصلاح والتهذيب بعين السبع حول تصريحات ب أ و م ب بأنهما يحسان بتوعك وبعض الآلام على مستوى كتفهما الأيسر جراء احتكاك تعرضا له خلال فترة الحراسة النظرية، حسب تصريحهما لإدارة السجن؛ وأفادت المعاينة الأولية لمدير المركز أنه لا تظهر عليهما أي آثار للضرب أو العنف.
11. الحق في المحاكمة دون تأخير مبرر
– احترمت المحاكمة مبدأ صدور الحكم داخل الأجل المعقول، خاصة وأن المدة التي استغرقتها تبدو معقولة بالنظر الى عدد المتهمين والشهود وطبيعة التهم موضوع المحاكمة.
12. الحق في الاستئناف
– تم تخويل المتهمين الحق في التقاضي على درجتين، وعرضت القضية من جديد على أنظار غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وقد عرفت هذه المرحلة إعلان المتهمين عن طريق ن ز قرارهم بمغادرة قاعة المحكمة إلى حين تلبية طلبهم بالمثول خارج الفضاء الزجاجي؛
– قرار المحكمة مواصلة المناقشة في غياب المتهمين بعد استنفاد الإجراءات القانونية؛
– تكريس المحكمة حق إعطاء الكلمة لدفاع المتهمين رغم انسحاب مؤازريهم؛
– تقدم دفاع المتهمين بإخبار لهيئة المحكمة بعدم أخذ الدفاع للكلمة والتزام الصمت بناء على رغبة مؤازريهم. (ما عدا دفاع المتهم ح م).
13. الطرف المدني
– وفق مذكرة دفاع الطرف المدني تجلت الأضرار والاصابات الناجمة عن الاحتجاجات فيما يلي:
• العدد الاجمالي للمصابين 607 مصابا، من ضمنها 185 مصابا تم إنجاز ملفات حوادث الشغل لفائدتهم.
• فقدان ما يزيد عن 22.960 يوم عمل، للموارد البشرية للمديرية العامة للأمن الوطني.
• وقد حكمت المحكمة بتعويض رمزي لفائدة الطرف المدني مقدر في درهم واحد بناء على طلبهم.
8. تحليل للمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول احتجاجات الحسيمة
اعتمد المجلس على المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي كأحد مصادر التوثيق وتقاطع المعلومات. ونظرا للحجم الكبير للتداول ولخطورة الانتهاكات التي تم نشرها بمواقع التواصل الاجتماعي وبنشر فيديوهات عن أحداث لا صلة لها بما جرى بالحسيمة. قررت رئيسة المجلس الانكباب على تداول المعطيات ذات الصلة بحقوق الانسان، وذلك بتعيين فريق لمتابعة نشر المعلومات وتدقيقها مع ما جرى في الواقع، فوقف الفريق على وجود معلومات ذات طبيعة “انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان” تم تداولها بشبكات التواصل الاجتماعي، لكن ليس لها أي علاقة بما جرى في إقليم الحسيمة، وهذا ما يصطلح عليه “أخبار زائفة أو تضليل”:
– نشر معلومات زائفة تمس جوهر عملية حماية حقوق الانسان؛
– تبخيس عمل الفاعلين في مجال حقوق الانسان، بما فيهم المؤسساتيين وغير المؤسساتيين؛
– تهييج الرأي العام الوطني والدولي حول أفعال غير واقعة؛
– التأثير على سلمية الاحتجاجات؛
– خلق تقاطبات حادة على مستوى الرأي العام وتغييب العقلانية والمنطق في التعاطي مع الإشاعة.
I. النقاش المفاهيمي
لازال النقاش حول المصطلحات مستمرا، حيث يعتبر البعض ان مصطلح “الأخبار الزائفة” ليس دقيقا على اعتبار أن الأخبار هي معلومات يمكن التحقق منها، كما جاء في دليل اليونيسكو “الصحافة، “الأخبار الزائفة والتضليل – كتاب للتدريب على الصحافة”، الذي أضاف أن “التضليل يستعمل عموما للأفعال والمنشورات التي تقام بطريقة إرادية (في الغالب مدبرة) من أجل خلق الارتباك والتلاعب بالجمهور عبر تقديم معلومات غير أمينة له”. بينما تعتمد الأمم المتحدة مصطلح التضليل عوض فايك نيوز.
II. مرتكزات قرار المجلس لمتابعة تداول أخبار التضليل
أوصى تقرير للمفوضية الأوروبية في 2018 بعنوان “مقاربة متعددة الأبعاد للتضليل حول الأخبار الزائفة والتضليل الالكتروني “برصد مستمر بحجم وتقنيات وأدوات وتحديد طبيعة والآثار (مفترضة) لتضليل المجتمع، …، تعريف ورصد خريطة مصادر التضليل والميكانيزمات التي تساهم في تضخيمه إلكترونيا، …، نشر المعرفة مع وسائط الإعلام الإخبارية قصد تقوية وعي الجمهور بخصوص التضليل”.
من أبرز التحديات التي يطرحها الانترنيت بشكل عام ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل خاص، في هذا الشأن، تلك المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة للأفراد أو الخصوصية و الانغلاق، أو ما يعرف ب “غرف الصدى” ( echo chambers) أو “الفقاعات” و”الشرانق”، والخوارزميات (algorithms) التي تغربل المحتوى الذي يدخل إليها ليتناسب مع أفكارنا ومُعتقداتنا (filter bubbles)، بالإضافة إلى التضليل وانتشار المعلومات الزائفة أو الكاذبة أو الخاطئة (“فايك نيوز”) واستغلال هذه الفضاءات للتحكم في الرأي العام واستقطابه وتوجيهه والتأثير على سلوكه (behavior) واختياراته (مثلا خلال الفترات الانتخابية)، دون الحديث عن السلامة (خاصة سلامة الأطفال) والتحرش والتضييق على النساء.
وأكد المجلس الدولي لحقوق الانسان في دورته 38 (قرار رقم A/HRC/38/L.10) على أن “الحقوق التي يتمتع بها الأشخاص خارج الانترنت يجب أن تحظى بالحماية أيضا على الأنترنت، ولاسيما حرية التعبير”، وأعرب عن ” القلق إزاء انتشار التضليل (أو “Désinformation”) والدعاية (Propagande) على الانترنت واللذين يمكن تصميمهما وتنفيذهما بحيث يؤديان إلى التضليل وانتهاك حقوق الانسان والخصوصية وإلى التحريض على العنف والكراهية والتمييز والعداء”.
وأبرزت دراسة حديثة للبرلمان الأوروبي آليات الدعاية أو البروباغندا (Propaganda) وتقنياتها، التي يتم استخدامها في الخطاب ومنها:
– التكرار المستمر لشعار أو فكرة، لتصبح سائدة ومقبولة؛
– استغلال الرموز أو الشخصيات، خارج سياق الاحتجاج والمطالب؛
– التضليل وذلك بعرض الحقائق أو وجهات النظر بشكل مخادع أو مضلل؛
– مناشدة الخوف أو الغضب أو الإحساس بالظلم من أجل التأييد والتعبئة؛
– بالإضافة إلى نشر الإشاعة وأخبار غير مؤكد من صحتها، دون الحديث عن مهاجمة الخصوم بدل مناقشة المقترحات ودفوعاتهم ومهاجمة المؤسسات وتبخيسها.
III. شبكات التواصل الاجتماعي واحتجاجات الحسيمة
كانت شبكات التواصل الاجتماعي فاعلا رئيسيا باحتجاجات الحسيمة، وذلك من حيث تردد الاحتجاجات بها.
1- مدخل لفهم آليات اشتغال مواقع التواصل الاجتماعي
عرفت مواقع التواصل الاجتماعي تطورا ملحوظا في عدد مستخدميها وفي آليات اشتغالها. فالتزايد المستمر في أعداد مستخدمي هذه المواقع وعدد البيانات (صور، فيديوهات، تدوينات، مقالات، …) دفعها إلى تبني سبل “لتنظيم المحتوى” بشكل آلي. تسعى آليات تنظيم المحتوى، أو ما يعرف بالخوارزميات، على مواقع التواصل الاجتماعي إلى “ترتيب” المحتوى الذي يظهر على الصفحات الشخصية للمستخدمين انطلاقا من محددات عديدة. كما أوضح زوكربيرك مؤسس فيسبوك أن “كل مستخدم معرض لأكثر من 1500 منشور كمعدل يومي بينما لا يشاهد على صفحته سوى أقل من 100 منشور.
يتجلى كذلك دور آليات تنظيم المحتوى في اقتراح إعلانات بنفس منطق المحددات السالفة، أي “إعلانات مشخصنة” قادرة على جذب المزيد من التفاعل كما يبرزه المبيان أسفله (الرسم على اليسار يبين تفاعل المستخدم بين المحتوى المقترح من طرف الآليات والمحتوى المنشور اعتباطيا، أما الرسم على اليمين فيبين تفاعل المستخدمين مع الاعلانات المقترحة آليا والمنشورة اعتباطيا):
من هذا المدخل، وكما تبين الأبحاث الحديثة، أنه في سياق دراسة “العلاقة بين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الاحتجاج في مدن عدة عبر العالم منها موسكو، كييف، إسطنبول، أنقرة، القاهرة، طرابلس، أثينا، مدريد، نيويورك، لوس أنجلس، هونك كونك…، تولد مصادر البيانات الرقمية والنظم الجديدة لتجميعها على الشبكة كما هائلا من الملاحظات التي ستكون مفيدة إلى حد أقصى في فهم أسباب ونتائج السلوك السياسي”.
2- احتجاجات الحسيمة ووسائل التواصل الاجتماعي
وبناء على المعايير كما قدمناها أعلاه، انكب فريق المجلس على بلورة محددات منهجية تحليلية لما جرى بشبكات التواصل الاجتماعي:
– الحيز الزمني المحدد لهذه الملاحظة ينطلق من فاتح يناير 2016 إلى أواخر نونبر 2019؛
– تم تحديد الكلمات المفتاحية التالية: ريف، حسيمة، ن. ز.، حراك، م. ف. (وترجماتها باللغات الفرنسية والاسبانية والإنجليزية والألمانية والهولندية)؛
– ومكنا هذين العنصرين من:
o تحديد الأيام التي كان التفاعل بها مرتفعا بخصوص موضوع الدراسة؛
o ربطها بالوقائع الكرونولوجية الموثقة؛
o تحديد مصادر النشر الأكثر تفاعلا في الموضوع.
– تمت دراسة بعض المنشورات الأكثر “تفاعلية” والتأكد من صحتها حين يتعلق الأمر بنشر الأخبار؛
– تمت دراسة 10 صفحات على فيسبوك الأكثر تأثيرا لتحليل المحتوى لفائدة هذه الدراسة؛
– التركيز على عينة من الحسابات على موقع تويتر الأكثر تفاعلية في الموضوع لدراسة سوسيوتقنية؛
– الأدوات التقنية المستعملة: sparktoro، twitonomy، google، facebook، twitter، youtube،..
3- معطيات ودلالات
– في الحيز الزمني موضوع الملاحظة، تم تسجيل مشاركة أزيد من 43 ألف مشارك (صانع محتوى) وأكثر من 302 ألف مادة منشورة انطلاقا من الكلمات المفتاحية المحددة في المنهجية.
– عرفت الفترة الممتدة من ماي إلى يوليوز 2017 ذروة التفاعل والنشر بخصوص الموضوع، كما عرف شهر يونيو 2018 وأبريل 2019 ذروتين نسبيتين في التفاعل.
– بخصوص المنشورات، تبين الدراسة أن 31 بالمائة من المساهمين في الموضوع من النساء مقابل 69 بالمائة من الرجال، و17 بالمائة منهم لديهم اهتمام بالسياسة و24 بالمائة فقط هم من الصحفيين، وأن 19 بالمائة فقط من الناشرين في الموضوع هم مقيمون بالمغرب.
– عند دراسة المواقع الإخبارية الأكثر تأثيرا نجد أنها بنسبة 100 بالمائة مواقع غير مغربية.
4- تحليل للمحتوى – رصد لبعض الأخبار الزائفة والتضليل والبروباغندا والإشكالات الحقوقية
انطلاقا من 302.000 ألف مادة منشورة وجدنا أكثر من 10.000 الاف مادة ذات محتوى زائف ومغلوط. ونظرا لهذا الكم الهائل، قمنا بالانصباب على المواد التي أخذت حيزا كبيرا من التفاعل، وحملت إشكالات حقوقية بارتباط مع المرتكزات الأممية والإقليمية التي أوردناها في تقديم هذا التحليل من حيث محتوى هذه الأخبار والمنشورات وأخذا بالاعتبار المعطيات كما فصلناها سابقا.
9. تفاعل المجلس مع المعتقلين وعائلاتهم على خلفية احتجاجات الحسيمة
قام المجلس الوطني لحقوق الانسان، عبر فرق ولجن، بمهام الرصد والتتبع لوضعية المعتقلين ومرافقة العائلات منذ أن أخذت الاحتجاجات طابع غير السلمي بالحسيمة سواء بسجن الحسيمة وبعد نقل جزء من المعتقلين من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، وايداعهم بالسجن المحلي عين السبع أو بعد توزيعهم على عدد من المؤسسات السجنية حيث بلغت عدد المهمات الحقوقية والزيارات التي قام بها المجلس ولجنه الجهوية منذ بداية الاعتقال الى غاية فبراير 2020، أكثر من 240 زيارة. يمكن إجمالها وباختصار كالتالي :
1- تحسين ظروف الاعتقال
– قام فريق المجلس بزيارات تفقدية ووقائية لكل المعتقلين وعبر مختلف المؤسسات سواء بمبادرة منه، أو بناء على صلاحياته أو بناءا على طلبات او تظلمات تقدم بها المعتقلون أنفسهم أو أسرهم أو دفاعهم أو بمناسبة خوض عدد من المعتقلين إضراب عن الطعام في مناسبات مختلفة.
– متابعة زياراته بعد إصدار الأحكام للمرحلة الاستئنافية وتوزيع المعتقلين على عدد من المؤسسات السجنية التي بلغ عددها في تلك المرحلة 17 مؤسسة سجنية، حيث قامت اللجن الجهوية على امتداد التراب الوطني، وأحيانا مركزيا، بمتابعة اوضاع المعتقلين بدائرة نفوذها.
– وتابع المجلس الحالات التي بلغت إلى علمه من خلال زيارات آنية، حيث عمل مع ادارة السجن، على ايجاد حلول لها، وتيسير الاستشفاء خارج المؤسسات السجنية .
– دعم المجلس كل الملتمسات والطلبات.
– استجاب المجلس لملتمس المعتقلين وعائلاتهم بشأن إيجاد صيغة ملائمة لتوفير النقل لفائدة عائلاتهم،
– تم تخصيص جناحين بالكامل للمعتقلين بعد أن كان كل واحد في زنزانة منفردة تتفاوت في حجمها من زنزانة إلى أخرى. وتم تزويدهم بجهاز التلفاز، والبعض أصبح في جناح المصحة.
2- الحبس الانفرادي
تناولت العديد من أحكام القانون الدولي وتدقيق المساطر مسألة الحبس الانفرادي
وتطبيقا للمعايير الدولية، بخصوص تواجد المعتقلين ناصر الزفزافي وحميد المهداوي في زنزانة انفرادية، فقد قام المجلس بزيارتهما وتفقده لأوضاعهما :
بالنسبة للسيد ناصر الزفزافي
منذ إيداعه بسجن عكاشة بالبيضاء بتاريخ 26 /5/2017 إلى غاية 31/08/2018، وهو يتواجد بزنزانة انفرادية مساحتها حوالي 4.5 متر مربع، أي أكثر من 3 متر مربع توجد بها نافذة مشبكة، ومرحاض على امتداد السرير الذي ينام به بتهوية كافية، ونظيفة، إضافة إلى النظافة البدنية، بلباس نظيف للمعتقل.
– وضعه بزنزانة انفرادية ليس بسبب عقوبة تأديبية أو بناء على طلبه، وليس بسبب خطورة سلوكه.
– أوضحت إدارة السجن أن تسريبا لتسجيلات صوتية من داخل السجن تتنافى ومصلحة التحقيق القضائي.
– طالب إلحاقه مع باقي المعتقلين والسماح له بإجراء الفسحة بشكل جماعي مع باقي المعتقلين، وبالسماح بإجراء الزيارة جماعيا مع باقي العائلات كما هو مخصص للمعتقلين الاخرين
– أعلن بجلسة 25/05/2018 دخوله في اضراب بسبب العزلة التي يعاني منها .
– بتاريخ 31 غشت 2018 تم تجميع جميع المعتقلين بما فيهم ناصر الزفزافي في جناح واحد.
– وتم مراعاة خلال تواجده بزنزانة انفرادية المتطلبات الخاصة بالفسحة اليومية ا، والزيارة العائلية، والمكالمة بالهاتف . كما تم تمكين المعتقل من الفحص الطبي من طرف طبيب المؤسسة السجنية، ومتابعة المجلس الوطني لوضعيته الصحية.
بالنسبة للسيد حميد المهداوي
أودع السيد المهداوي بغرفة كبيرة تبلغ حوالي 14 متر مربع، تتوفر على ثلاثة نوافذ صغيرة تمر بها إنارة ضعيفة وتتطلب إشعال مصابيح الكهرباء، وبها مرحاض منعزل ودوش.
صرح للفريق أنه لا يشتكي من اي سوء معاملة داخل السجن وأنه يستفيد من الفسحة والزيارة بشكل منتظم.
كما تم تمكين المعتقل من الفحص الطبي من طرف طبيب المؤسسة السجنية، ومتابعة المجلس الوطني لوضعيته الصحية.
– لم يسبق للسيد حميد المهداوي أن اشتكى من وجوده بزنزانة انفرادية.
بخصوص الادعاءات بأن معتقلين خضعا للحبس الانفرادي إلى درجة المعاملة القاسية، يود المجلس أن يذكر أن الحبس الانفرادي لا يشكل “في حد ذاته شكلاً من أشكال التعذيب”، ولكنه يمكن أن يشكل معاملة قاسية واللاإنسانية ومهينة عندما يكون طويلاً ومتى كان “مقترنا بالعزلة الاجتماعية المطلقة” وذلك بالنظر إلى التأثير القاسي على تدمير الشخصية التي يمكن أن تسببها.
وفي كلتا الحالتين، فإن المعتقلين لم يمنعا من تلقي زيارات العائلة، ومحاميهم والتواصل عبر الهاتف والمتابعة الطبية، ولم يحرما من ممارسة أوقات فراغهم داخل السجن حسب رغبتهم، ولم يسجل الأطباء أي أثر نفسي لوضعهم في حبس انفرادي.
3- تتبع حالة المضربين عن الطعام
عمل المجلس الوطني لحقوق الانسان ولجنه الجهوية على المتابعة الصحية، لكل المضربين عن الطعام، بمختلف المؤسسات السجنية وقد استعان المجلس في هذا الامر، بعدد من الاطباء انتدبهم لهذه المهمة. ومنها على الخصوص:
– قام المجلس بتنسيق وتفاعل مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بزيارة مختلف المعتقلين المحكومين على خلفية أحداث الحسيمة بعد نقلهم يوم 11 أبريل 2019 من سجن عين السبع 1 وعكاشة بالدار البيضاء، إلى المؤسسات السجنية لكل من سجن فاس وطنجة والحسيمة والناظور وتطوان.
– وخلال هذه الزيارات، قام المجلس بالتقصي والبحث بشأن ظروف الاستقبال والاعتقال والحالة الصحية للمعتقلين، من خلال مقابلات فردية وجماعية مع المعتقلين واجتماعات عقدها مع مدراء السجون المذكورة والمسؤولين على الصحة. كما تحقق المجلس من سير زيارات العائلات والأقارب للمعتقلين.
– حرص المجلس من خلال وفود اللجان الجهوية بكل من فاس وطنجة، والتي ضمت في عضوية بعضها أطباء، على تتبع، بعناية خاصة وبشكل منتظم ومستمر، الحالة الصحية للمعتقلين المضربين عن الطعام (أكثر من 15 زيارة ومكالمات هاتفية يومية).
– وترافع المجلس عن سمو الحق في الحياة واحترام المعايير الدولية للاعتقال خلال جلسات الاستماع واللقاءات مع المعتقلين.
وبناء على التزام المندوبية العامة لإدارة السجون على القيام بمجهود إضافي لتجويد ظروف الاعتقال وحسن سير زيارات العائلات، تم الاتفاق ليلة 25 أبريل 2019 على وقف المعتقلين للإضراب عن الطعام.
حالة السيد ربيع الابلق
– بعد متابعته لإضرابه أكد المجلس لوالدة السيد ربيع الأبلق، المعتقل بالسجن المحلي طنجة 2 على خلفية أحداث الحسيمة، يوم الخميس 31 أكتوبر 2019 في اتصال هاتفي، خبر فك إضرابه عن الطعام.
– تجدر الإشارة إلى أن والدة السيد الأبلق كانت قد قامت بزيارته صحبة رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان طنجة- تطوان- الحسيمة.
4- ادعاءات التعذيب
حالة السيد ناصر الزفزافي
بعد اطلاع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم السبت 26 يناير 2019، على ما تداولته الصحافة المكتوبة والمواقع الإلكترونية حول الوضعية الصحية للسيد ناصر الزفزافي (hémiplégie) ، المعتقل بالسجن المحلي عين السبع 1 بالدار البيضاء، وبقرار من رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تم انتداب فريق مكون من ثلاثة أعضاء من بينهم طبيب شرعي، وذلك للتحري بخصوص وضعيته الصحية والاطلاع على ملفه الطبي.
– انتقل الفريق إلى عين المكان، حيث عقد لقاءات مع إدارة المؤسسة السجنية والطبيبين العاملين بالسجن المحلي ومع السيد ناصر الزفزافي، الذي تم الكشف عليه. كما تم الاطلاع على الملف الطبي للمعني بالأمر وعلى تسجيلات ما وقع يوم السبت 26 يناير 2019.
– أعد الفريق تقريرا عاما حول الزيارة، بما فيه ملحق تفصيلي حول الوضع الصحي للسيد ناصر الزفزافي.
– وعليه، أكد المجلس أن السيد ناصر الزفزافي قد خضع يوم 26 يناير 2019 لسبعة فحوصات طبية في اختصاصات مختلفة، من طرف أطباء متخصصين بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، كما أجريت له ثلاثة كشوفات طبية.
– أوضح تقرير الطبيب الشرعي المنتدب من طرف المجلس أن الحالة الصحية للسيد ناصر الزفزافي لا تثير أي قلق، وأوصى إدارة السجن باستكمال الفحوصات الإضافية
واستنتج المجلس أن الفحوصات الطبية التي تم إنجازها لا تتوافق وتصريحات المعني بالأمر من حيث ادعاءات التعذيب.
زيارات المعتقلين بسجن راس الماء
عقب الإجراءات التأديبية المتخذة في حق المعتقلين برأس الماء وإدعاءات التعذيب التي تم تداولها بالصحافة بما فيها المكتوبة أو الالكترونية:
– قام المجلس بإيفاد وفد، نسق عمله، رئيس اللجنة الدائمة المكلفة برصد انتهاكات حقوق الإنسان (عضو المجلس) وطبيب شرعي، يومي 7 و8 نونبر 2019، للمؤسسة السجنية تيفلت 2 وتولال 2 (مكناس) ورأس الماء (فاس) وعين عائشة (تاونات) وسجني تازة وكرسيف، حيث تم نقل المعتقلين المعنيين بالإجراءات التأديبية المعلن عنها الأسبوع الماضي. خلال هذه الزيارات، تمكن وفد المجلس من:
– زيارة للزنزانتين التأديبيتين التي تم وضع المعتقلين الستة بها، وكذلك مقر العيادة بالنسبة لشخصين آخرين؛
– إجراء لقاءات على انفراد مع كل معتقل من المعتقلين المعنيين، تراوحت مدتها ما بين ساعة وساعتين، بعد الحصول على موافقة مستنيرة من المعنيين بالأمر، بأماكن تضمن السرية؛
– التحري بشأن ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة التي تم نقلها من قبل أفراد من عائلات المعتقلين ومنابر إعلامية؛
– إجراء فحص طبي على جميع المعتقلين المعنيين؛
– الاطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة عند وقوع الأحداث؛
– إجراء مقابلات مع حراس المؤسسات السجنية المعنيين.
– الاطلاع على محتوى تسجيلات الفيديو، وتجميع الشهادات ومقارنتها والفحوصات الطبية التي تم إجرائها وكذا جميع المعلومات التي تم الحصول عليها، فإن المجلس خلص إلى ما يلي:
أ. من خلال مشاهدة تسجيلات الفيديو تحقق وفد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه في يوم الخميس 31 أكتوبر 2019، رفض المعتقلون الستة مغادرة الفناء بجوار مركز المراقبة والعودة إلى زنزانتهم لأكثر من ساعتين؛ وهو ما أكده المعتقلون خلال المقابلات الفردية؛
ب. تم إخضاع جميع المعتقلين فور نقلهم من سجن رأس الماء إلى المؤسسات السجنية الأخرى لفحص طبي، باستثناء حالة واحدة؛
ت. يتأكد من خلال المعلومات التي قام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتجميعها وقوع مشادات بالفعل بين حراس السجن واثنين من المعتقلين، أسفرت عن بعض الكدمات بالنسبة للمعتقلين الاثنين وشهادات توقف عن العمل بالنسبة للحراس؛
ث. لم يتم ملاحظة أي أثر للتعذيب في حق المعتقلين؛
ج. خلال الزيارات التي قام بها وفد المجلس إلى سجني تولال 2 وعين عائشة، وقف المجلس على الظروف المزرية للزنزانات التأديبية؛ التي لا تتوفر فيها الإنارة والتهوية، بشكل لا يحترم مقتضيات المقتضى 13 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء؛
ح. أعلن بعض المعتقلين الدخول في إضراب عن الطعام منذ نقلهم إلى الزنزانات التأديبية. وفقًا للمعلومات المؤكدة التي يتوفر عليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فقد تم إيقاف هذا الإضراب عن الطعام.
وحرص المجلس الوطني لحقوق الإنسان على إبلاغ المعتقلين المعنيين بالعناصر المرتبطة بممارسات التعذيب وبعدم توفرها في الحالات التي تخص كل واحد منهم.
5- تفاعل المجلس مع عائلات المعتقلين
واكب المجلس مطالب عائلات المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة كما تفاعلت الرئيسة بشكل مباشر معهم، ومنها:
– القيام بالوساطة والتفاوض مع المندوبية العامة لإدارة السجون لمناقشة طلبات الأسر ومعالجة بعض الأمور المرتبطة بشروط ونظام الزيارة العائلية من أجل تحسين تواصل المعتقلين مع العالم الخارجي،
– مواكبة زيارات عائلات المعتقلين للسجن المحلي عين السبع والتي وصلت إلى 51 زيارة.
– تم تخصيص حافلة لنقل الاسر اسبوعيا للزيارة، في المرحلة الاولى، من الحسيمة الى البيضاء. ومرة كل اسبوعين، فيما بعد ذلك، وقد استمر هذا الوضع، الى ان صدرت الاحكام استئنافية،
– وبناء على تجديد الطلب من طرف المعتقلين واسرهم، في بداية 2019 فقد استأنف نقل الاسر، من الحسيمة الى كل من فاس وطنجة، وبعد توزيع المعتقلين، بسجن فاس على عدد من المؤسسات السجنية، احتفظ بنقل عائلات المعتقلين بسجن طنجة 2
– بعد انتهاء مسطرة التقاضي على مستوى محاكم الاستئناف، بكل من الدار البيضاء والحسيمة وجرادة، اعلنت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوم 12 مارس 2019 عن إرادتها في استقبال امهات وأسر المعتقلين على خلفية أحداث كل من الحسيمة وجرادة.
وتم الشروع في هذه العملية، باستقبال الامهات والاسر، ما بين شهري ماي ويونيو2019 ، وقد توخى المجلس الوطني لحقوق الإنسان من هذه الاستقبالات :
أولا : فتح باب النقاش مع الاسر بشكل مباشر، من أجل تسيير التواصل وتسهيله.
ثانيا : الاستماع للجميع من أجل ضبط تسلسل الأحداث التي وقعت بإقليم الحسيمة وما ترتب عليها.
ثالثا : تدقيق المعطيات حول لحظة الاعتقال.
وقد بسطت العائلات أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تدرج الأحداث على مستوى الزمان والمكان، وما نتج عن ذلك من اعتقالات وظروفها، وكذلك المتابعات التي ترتبت عنها.
وقد كانت هذه اللقاءات فرصة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، للتأكيد على ثوابت عمله في هذا الموضوع، المبنى أساسا على المقاربة الحقوقية، كما تم تحديدها في قانونه المحدث له، وكما مارسها على أرض الواقع.
وفي نفس السياق، وبناء على طلب بعض الجمعيات الحقوقية، والديناميات المدنية التي تابعت احتجاجات اقليمي الحسيمة وجرادة. استقبلت السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كل من جمعية ” ثافرا للوفاء والتضامن” والمبادرة المدنية من أجل الريف، و” لجنة الحسيمة للتضامن”، حيث عرضوا أمام المجلس وجهات نظرهم بخصوص ما جرى.
10. استنتاج عام
تشكل الجوانب الخاصة وغير المسبوقة التي ميزت احتجاجات الحسيمة، بالنسبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي استعرض التقرير بعض الأمثلة عنها، مرحلة متطورة في إطار سيرورة توسيع الفضاء العام للمواطنين في ظل عزوف أو نفور (aliénation) متزايد من الهياكل السياسية التقليدية.
لن يعود المجلس إلى أسباب هذه الدينامية، حيث يكفي الرجوع في هذا الإطار إلى الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 29 يوليوز 2017 بمناسبة عيد العرش من أجل تشخيص موجز لهذه الوضعية.
إلا أنه من المفيد التذكير بأنه كان لمعدلات البطالة والأمية، التي لا تزال مرتفعة على الرغم من حجم الاستثمارات التي خصصت لهذه المنطقة، إلى جانب أزمة التمثيلية وآثار الاستقطاب التدريجي (polarisation) الذي يشهده الحقل السياسي المغربي، تأثيرات سلبية متشابكة، أدت في بداية الامرً إلى تنامي الشعوبية ثم إلى تطرف متزايد للضواحي التي يبقى ادماجها السياسي والاقتصادي محدودًا.
أضف إلى ذلك ايضا خصوصية مسار المصالحة التاريخية بالمنطقة الجاري منذ سنة 2000 في المغرب. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة، في حينها، كانت على وعي “بأن أحداث الريف 1958-1959 تتطلب بحثًا أكاديميًا معمقا (جمع شهادات الضحايا والفاعلين والاطلاع على الأرشيفات المكتوبة بما فيها تلك المتوفرة في الأرصدة الوثائقية الأجنبية وعمل جدي لإجراء التقاطعات الضرورية والتحليل…)، وهي مهام لم تستطع الهيئة بلوغ نتائج متقدمة بصددها” .
وحتى مع مراعاة الجهود التي يبذلها المجلس الوطني لحقوق الإنسان على مستوى تعويض ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها المنطقة (70 ملفاً وردت على هيئة الإنصاف والمصالحة/ 1463 مستفيداً من التعويض المادي والإدماج الاجتماعي/ 21 ملفاً عالقا حتى الآن)، تبقى المهمة بعيدة عن الإنجاز الكامل، كما لا يمكن ادعاء تنفيذ جميع توصيات الهيئة.
ولعل المستجد يتمثل الآن في هيمنة البعد الاقتصادي في مسار الإنصاف والمصالحة بالنسبة للساكنة، حيث يلاحظ المجلس، من خلال تحليل مختلف الشعارات والمطالب، أن مسألة الذاكرة تطرح بأبعاد اقتصادية، بالإضافة إلى الأبعاد الأخرى – السياسية والثقافية، وهي مصالحة يرى المحتجون أنها غير متكافئة، لم يستفد منها سوى نخبة محدودة فشلت في مهامها التمثيلية.
تتعلق “المصالحة” المقصودة هنا بالأحرى بالتعويض عن التهميش الاقتصادي ومنظومة غياب الحكامة الذي تحد من ولوج الشباب للفرص.
إن ما يثير القلق هو هذا المزيج من العزوف والاستقطاب أديا، في حالة احتجاجات الحسيمة، إلى تطرف عنيف على المستويين اللفظي والجسدي، مشوب بخطاب مشترك للتحريض على الكراهية، يكشف عن قبول تمييزي للهوية. لقد أضحى الانتماء الجهوي بمعناه الضيق والتقوقع على الهوية الجهوية، المعيار الوحيد الذي يتشكل على أساسه الوعي السياسي للشباب بالمنطقة.
وفي هذا الصدد، دعا المجلس إلى وضع عقد اجتماعي جديد يعتبره امتدادا لمجهودات التنمية وكمرحلة جديدة من عملية المصالحة السوسيو-اقتصادية التي بدأت بالفعل في المنطقة.
من جانبه، سيعمل المجلس قريبا على إحداث وحدة خاصة لدى رئاسة المؤسسة لتتبع إعادة تأهيل الذاكرة بالمنطقة. كما ستنشر الشهادات التي جمعتها هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بتاريخ المنطقة. وسيكون افتتاح متحف الريف لحظة فارقة في تاريخ الذاكرة الجماعية بالمنطقة لا يمكن تجاهل رمزيتها.
11. خلاصات وتوصيات عامة
اعتبارا للمدة وحجم الاحتجاجات وعلى طابعها السلمي تارة والغير السلمي تارة أخرى وما ترتب عنها؛
وبناءا على الإشكالات والانتهاكات ذات الصلة بحرية التعبير والتجمع؛
اعتمادا لادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة؛
نظرا للسيولة الاستثنائية لانتشار الاخبار الزائفة بخصوص ما جرى؛
وتبعا لمعايير المحاكمة العادلة ؛
واسترشادا بمعايير لحقوق الانسان والاجتهادات القضائية الدولية ؛
فإن المجلس يقدم الخلاصات والتوصيات التالية:
I. خلاصات
• مطالب المحتجين :
1. تميزت مطالب المحتجين بالزيادة المضطردة في عناصرها وبتطور وتيرتها؛
2. تقديم المطالب ككتلة وعدم قابليتها لتراتبية، عقد عملية المخاطب من طرف المحتجين؛
3. حدد توصيف المطالب أن بعضها يعتمد إجراءات قانونية ومساطر إدارية مركبة؛
4. تبين من خلال البحث الدستوري والقانوي والتنظيمي ان مطلب “إلغاء العسكرة” لاغ من ذاته؛
5. لا شك أن تأخر الحوار مع أعضاء الحكومة وشبه انعدامه مع منتخبي المنطقة لمدة ستة أشهر قد أثرت سلبيا على منحى الاحتجاجات. كما أن المحاولات الأولى للحوار لم تعتمد على مقاربة تشاركية. ويسجل المجلس أن التجاوب الفعلي الحكومة جاء في فترة كانت الاحتجاجات قد أخدت منحى تصاعدي
6. فوتت أعمال الشغب والاحتجاج ذات الطابع العنيف الفرصة للحوار حول مطالب لترصيد مشاريع التنمية في مواجهة ضعف التمدرس وارتفاع نسبة البطالة والنهوض بالحسيمة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا؛
7. تسجيل أهمية الجانب الهوياتي، بارتباط مع ذاكرة المنطقة التي ساهمت في تأسيس المطالب على “المظلومية” و “الاستثنائية”؛
8. تشترك بعض مطالب المحتجين ما بين الاجتماعي والاقتصادي والثقافي مع مطالب احتجاجات أقاليم أخرى، كما انفردت بمطالب ذات بعد تاريخي وفي شكل تقديمها وفي متطلبات الحوار حولها؛
9. يمكن القول، اتسمت الحكومة بالتباس وعدم الانسجام أو الاتفاق تتراوح بين التنديد والمطالب بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة.
• طبيعة الاحتجاجات وما ترتب عنها :
10. توسعت الاحتجاجات لتشمل أشكال تدبير برنامج الحسيمة منارة المتوسط، بعد أن كانت مرتبطة بفتح تحقيق حول حادثة الوفاة. وقد مرت الاحتجاجات المطالبة بذلك في جو سلمي. وتمكن المحتجون من تنويع أساليبهم وأوقاته عبر مسيرات كبيرة الحجم. وكانت هذه الاحتجاجات مؤطر أحيانا من طرف القوات العمومية وأحيانا دون وجودهم؛
11. من بين الاجتماعات والتجمعات الثمانمائة وأربعة عشر (814) التي شهدتها الحسيمة، على مدى اثنا عشر (12) شهرا، تطلبت 40% من الاحتجاجات تأطيرا خاصا من قبل السلطات العمومية وحوالي 8% فقط من الاحتجاجات تم استخدام القوة. لمبررات الحفاظ على النظام العام والسلامة الجسدية للأشخاص وضمان حق المواطنين في التنقل؛
12. في جميع هذه الاحتجاجات الثمانمائة وأربعة عشر وبدون استثناء، لم يقم المحتجون بتقديم أي طلب للحصول على أي تصريح أو إشعار، رغم أن تنظيم هذه المظاهرات كان مخططا له ولم يكن عفويا في غالبيته؛
13. في بعض الأحيان ، لم تقدم الشرطة الحماية الكافية للأفراد من المتظاهرين العنيفين (21 أبريل 2017 أو بعض الصحافيين مثلا(
14. تجذر عنف الحركة الاحتجاجية قابله استخدام متزايد للقوة من جانب السلطات العمومية. وعندما كان استخدام القوة ضروريا في بعض منها، فقد كان بالإمكان أن تكون غير مفرطًة، خصوصا أثناء تفريق التجمهرات والإيقافات؛
15. حرمان المصلين من ممارسة حقهم في صلاة الجمعة، ومن إتمام شعائر خطبة وصلاة الجمعة مما يعد مسا حرية العبادة وحماية فضائها.. وذلك خلال اقتحام السيد ن. ز المسجد أثناء خطبة الجمعة مقاطعا الإمام ومخاطبا المصلين؛
16. يعتبر المجلس إلقاءه لخطاب من على سطح منزل وهو في حالة الفرار نموذجا ملحوظا لخطاب التحريض على العنف والكراهية الذي انتشرت نماذجه خلال الاحتجاجات. ويذكر في هذا الصدد أنه لا يمكن تبرير مقاومة أي إيقاف، تحت أي ظرف كان، في دولة يسودها القانون؛
17. يمكن تصنيف الاحتجاجات بين فترتين من أكتوبر 2016 إلى مارس 2017، بأنها حافظت على الطابع السلمي بينما طبعتها، بعد تاريخ 26 مارس 2017، عنف وأحيانا عنف حاد؛
18. تسجيل حالة وفاة يمكن وصفها، ضمن ملابسات وقوعها، بأنها عملية دفاع عن النفس؛
19. غياب تام للتواصل بين المحتجين والقوات العمومية خلال سنة من الاحتجاجات؛
20. يؤشر تعاطي السلطات العمومية مع الاحتجاجات التي لم تكن مصرح بها أو التي لم يتم الاشعار بها من أي جهة منظمة، على تأويل حقوقي يفتح الباب لتغيير النصوص القانونية ذات الصلة؛
21. يعبر المجلس عن قلقه من الطبيعة المتعمدة للعديد من حلقات العنف، حيث تبين من خلال ذلك أن المحتجين كانوا مستعدين بشكل واضح للاشتباكات. فبالإضافة إلى ارتداء اللثام أو الأقنعة، كان الأخطر حمل بعضهم لأسلحة بيضاء، وبالخصوص أثناء اعتقالهم، وهذا أمر يصعب الدفاع عنه، دون الحديث عن العدد الكبير جدا لحالات استخدام العنف اللامشروع، وذلك منذ ماي 2017 (بنسبة 80٪)، التي غيرت بشكل جدري طبيعة الاحتجاجات التي شهدها إقليم الحسيمة؛
22. انفردت احتجاجات الحسيمة بإعفاء وزراء ومسؤولين جهويين ومحليين وتشكيل لجنة للتفتيش وافتحاص من طرف المجلس الأعلى للحسابات.
• المس بحرية العقيدة والعبادة
23. إن أماكن العبادة ليست فضاءات للتدافع وتصارع المواقف والرؤى. ولو كان لها أن تكون كذلك، لفتحت أبواب التوترات والعنف بين المواطنين. و لذلك، فإن معايير حقوق الانسان، حتى و هي تؤكد على حرية الأفراد في الفكر و العقيدة، تشدد على مهمة الدولة في تدبير هذه الحرية وتنظيمها حينما يتعلق بالعبادة.
• ممارسة حرية التعبير والتجمع:
24. استعمال العنف اللفظي سواء من المحتجين أو من القوات العمومية، التي عليها الاحتفاظ بواجب السلوك النموذجي رغم الأوضاع الصعبة التي عاشتها؛
25. تسجيل أعمال شغب واستعمال العنف اللامشروع خلال فترات من الاحتجاجات، ترتبت عنها إصابات بليغة جدا لبعض عناصر القوات العمومية وصلت إلى ما بين سنتين وشهور من العجز لعدد منهم؛
26. يستنكر المجلس طبيعة الخطابات المتبادلة الحاطة من الكرامة ، التي لا يمكن سوى أن تؤدي إلى تفاقم العنف من كلا الجانبين والتي ما كان لها في نظر المجلس أن تكون؛
27. تسجيل تهديد وتعنيف مواطنين الذين لم يتقاسموا مع بعض المحتجين نفس الرأي؛
28. أثار انتباه المجلس خلال تدقيق المعطيات وتقاطعها أن عدد كبير من المعلومات غير واقعية و غير صحيحة (التضليل والبروبكندا) وقد تم تداولها بشكل كبير على شبكات التواصل الاجتماعي وتفاعل معها عدد كبير من المواطنين خارج وداخل المغرب؛
29. تم نشر معلومات زائفة تمس جوهر عملية حماية حقوق الانسان؛ في اطار عمليات ممنهجة ومنظمة ما بينها (twitter raids) ؛ وتبخس عمل الفاعلين في مجال حقوق الانسان، بما فيهم المؤسساتيين وغير المؤسساتيين وتهييج الرأي العام الوطني والدولي حول أفعال غير واقعة؛ والتأثير على سلمية الاحتجاجات وخلق تقاطبات حادة على مستوى الرأي العام وتغييب العقلانية والمنطق في التعاطي مع الإشاعة؛
30. شهدت الاحتجاجات سيولة استثنائية في تدفق المعلومات الخاصة بها حيث فاق العدد الإجمالي، الذي تم دراسته من طرف فريق المجلس 10000 منشور؛
31. جاءت أغلب المنشورات كميا حول موضوع احتجاجات الحسيمة (انطلاقا من الكلمات المفتاحية الأكثر تمثيلا والمعتمدة) من مصادر خارج المغرب حيث أن أزيد من 81 بالمائة هم من خارج المغرب، وهي بالتالي خارج منطقة الاحتجاجات (إقليم الحسيمة). كما أظهر المسح على موقع تويتر بكون نصف التغريدات حول الموضوع كان من بلدان أوروبا الغربية، واذين هم مستخدمين أكثر استهلاكا على الشبكة من نظرائهم في منطقة الحسيمة وفي المغرب؛
32. يستنتج المجلس وانطلاقا من عينة حسابات تويتر الأكثر تأثيرا، أنها محدثة إبان الاحتجاجات وخصوصا بعد صدور الأحكام كما انها هي حسابات مترابطة بشكل قوي ومنظمة بشكل أقوى؛
33. اعتبارا لتحليل الفيديوهات المباشرة على فيسبوك، يتبين أن الخطاب المتضمن يعبر عن حمولات دينية واستغلال الذاكرة والرموز والشخصيات خارج السياق بالإضافة لبث التشهير والتضليل (واشكالات حقوقية أخرى) تساهم في تأجيج المشاعر وخلق تقاطبات عنيفة والتحريض، على اعتبار الكم الهائل من المشاهدات والتفاعلات، والتي عرفت ارتفاعا كبيرا في الفترة الممتدة بين منتصف أبريل ونهاية ماي 2017.
• وسائل فض التجمهر :
34. رغم أن المحتجين كان من الممكن أن يكونوا عنيفين ومسلحين ومقاومين – وهو ما يتطلب استخدام القوة لتجنب الأذى والخطر الذي يشكلونه، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يؤكد أنه بمجرد ما يتم تحييد الشخص، فلا يجوز التمادي في استعمال العنف. حيث لا يمكن اعتبار أن مواطنا ملقى على الأرض أو مصفد اليدين يمكن أن يشكل تهديد؛
35. يسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بارتياح عدم استخدام أي أسلحة أو وسائل نارية خلال اثني عشر شهراً من الاحتجاجات؛ وفي مرات القليلة جدا التي تم استعمال خراطيم المياه او الغازات المسيلة للدموع كانت بعد الإنذارات القانونية؛
36. أذا كانت الضرورة دعت لفض عدد من الاحتجاجات فإن مبدأ التناسب في استخدام القوة لم يحترم دائمًا.
• ادعاءات التعذيب وأعمال العنف:
37. ميز المجلس في تصنيفه في ادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية ما بين عناصر المكونة لفعل التعذيب وعناصر المعاملة القاسية واللاإنسانية، وذلك طبقا للاجتهادات القضائية الدولية.
38. وصف المجلس الادعاءات التي قد تتوفر فيها عناصر مكونة للتعذيب أو الادعاءات قد يمكن تكييفها ضمن المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عندما يتم استيفاء المعايير بها وادعاءات باستعمال العنف لمقاومة الإيقاف وحالات لم يؤكد الفحص تصريحات المعنيين؛
39. تقاطعت استنتاجات الفحص الطبي ما بين طبيب السجن والطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق أو استشارة الوفد الطبي للمجلس في أغلب الادعاءات؛
40. تمت ممارسة العنف ضد القوات العمومية بالرشق بالحجارة وغيرها أثناء فض التجمهرات؛
41. تمت مفاجئة القوات العمومية باستعمال عنف حاد غير مشروع ؛
42. يسجل المجلس ان المعتقلين تمتعوا بتواصل دائم مع عائلاتهم ومحاميهم واستفادوا من حصص المكالمات الهاتفية ومن الفسحة الضرورية ومتابعة طبية مستمرة، ولم يسجل أي حالة اعتقال في غرفة واحدة تستوفي الظروف الكارثية، “للعزلة” بالمعايير الدولية.
• ملاحظة المحاكمات:
43. يسجل المجلس أن محاكمة المتابعين في احتجاجات الحسيمة أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تميزت بما يلي:
• تم استيفاء معيار “استقلال” المحكمة، وفقا لدستور 2011 وأن السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية (107)، وأن قضاة الحكم لا ينقلون ولا يعزلون إلا بمقتضى القانون (108 المقتضى القانوني). كما يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء (109) – نصت المادة 48 من النظام الأساسي للقضاة على أنه: “تطبيقا لأحكام الفصل 109 من الدستور، لا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط، ويجب على كل قاض اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية “.ويسهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، ولا سيما فيما يخص استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم (113 )؛
• المحكمة التي بتت في القضية منشأة بموجب القانون، وقد منع الدستور إحداث محاكم استثنائية (127)، كما أن إحالة القضية من محكمة الاستئناف بالحسيمة (مكان وقوع الاحتجاجات) الى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تمت بقرار من محكمة النقض من أجل الأمن العمومي، طبقا للفصل 272 من قانون المسطرة الجنائية؛
• كانت المحاكمة علنية، وكان المتهمون حاضرون في الجلسة، سواء خلال المرحلة الابتدائية أو خلال الاستئناف؛
• تم النطق بالأحكام في جلسة علنية، وتم الالتزام بأجل معقول بين فترة الاعتقال والنطق الحكم، وقد لوحظ احترام منح الأجل المعقول لإعداد الدفاع؛
• فيما يتعلق بالحق في احترام قرينة البراءة، والذي كفله الدستور(23)، وقانون المسطرة الجنائية (المادة 1)، فيلاحظ أن البلاغات التي صدرت عن النيابة العامة لم تمس بقرينة البراءة، ولم تعلن عن أي موقف مسبق بخصوص منحى المحاكمة. كما لم يتم التصريح بمضمون عناصر المحاكمة، وبأن تقديم الإثباتات ضد المعتقلين من اختصاص النيابة العامة. ويسجل المجلس لجوء عدد من أعضاء دفاع المتهمين إلى مناقشة محاور وأطوار المحاكمة بوسائل الإعلام المختلفة بما فيها الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي؛
• بخصوص احترام الحق في عدم اكراه المتهم على الاعتراف بالتهمة الموجهة اليه أو الشهادة ضد نفسه يقر القانون المغربي الحق في الصمت (66 ق م ج)، ولا يعتد بأي اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو الاكراه (293). كما هو منصوص عليه في المادة 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو العقوبة مهينة؛
• تشير محاضر الشرطة القضائية الى اشعار جميع المتهمين بحقهم في الصمت بينما عارض بعض المعتقلين ذلك ويلاحظ المجلس مثلا أن المعتقلين ناصر الزفزافي وربيع الابلق مارسا حقهما في عدم تجريم أنفسهما بعدم الحواب على عدد من الأسئلة اثناء البحث التمهيدي. كما تمسك المتهم جمال بوحدوي بحقه في الصمت طوال فترة المحاكمات.
44. ويذكر المجلس بالاجتهاد القضائي المغربي وقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان ل16 يونيو 2015 في قضية
SCHMID-LAFFER c. SUISSE. (Requête no 41269/08) حيث استخلصت بأن عدم الإخبار بالحق بالصمت لم يمس بعدالة المحاكمة، لأن البحث لم يمثل سوى عنصرا ثانويا بالمقارنة مع عناصر لإثباتات الأخرى؛
45. وسجل المجلس ان اثباتات النيابة العامة كانت عديدة في ملفات المحاكمات، نازع عدد من المتهمين، خلال مرحلة التحقيق وأثناء أطوار المحاكمات، في اشعارهم بحقوقهم خلال مرحلة الاستماع إليهم من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كما نازعوا في صحة الاعترافات الصادرة عنهم لكونها انتزعت تحت الاكراه والتعذيب؛
46. ويسجل المجلس أن اثبات الوقائع استند أساسا على فيديوهات مسجلة من طرف المعتقلين أنفسهم، وصور وتسجيلات المكالمات الهاتفية وعبر الواتساب وتحويلات مالية وتدوينات عبر موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) وتصريحات الشهود وحالات “ضغط على إعجاب j’aime ” لتدوينات ، أكثر من الاعتماد على تصريحات المتهمين المدونة في محاضر الشرطة. كما تم ابراز ان عملية التنصت والتقاط المكالمات تمت بأمر قضائي وطبق القانون؛
47. بالنسبة لطلب دفاع المتهمين عرض كافة تسجيلات المكالمات الهاتفية الملتقطة وعرض فيديوهات أخرى لا توجد ضمن وثائق الملف، اعتبرت المحكمة أنها معنية فقط بالتسجيلات الواردة موضوع القضية وبخصوص الأفعال محل المتابعة والأشخاص المتابعين، دون باقي التسجيلات والفيديوهات. كما اعتبرت أن الفيديوهات التي طالب دفاع المتهمين بعرضها تتعلق بوقائع أخرى لا علاقة لها بالوقائع محل المتابعة ؛
48. تم احترام مبدأي تساوي الإثباتات (égalité des armes) ومسطرة التعارض (contradictoire). ذلك أن كل طرف تمكن من الدفاع عن موقفه بدون عراقيل وبدون نقصان (désavantage) وتمكنت كل الأطراف من عناصر الملف ومن إثباتات ضد المعتقلين وتقديم ملاحظاتهم بخصوصها، والتي تم فحصها؛
49. تم احترام مبدأ الفورية،( principe d’immédiateté) حيث أن كل المتهمين وبدون استثناء تمكنوا من مواجهة الشهود بحضور القاضي. كما تمكنوا جميعا من طرح أسئلتهم (والتي كانت تأخذ طابعا عدائيا وقدحيا اتجاه شهود الطرف المدني). وكذلك إمكانية مساءلة صحة عناصر الإثباتات المقدمة من طرف النيابة العامة، خاصة الحاسمة في منحى المحاكمة؛
50. ولم يسجل المجلس أي رفض من طرف المحكمة بخصوص فحص الإثباتات المقدمة من طرف الدفاع. كما أنها لم ترفض أي عنصر كان بإمكانه تبرئة المتهمين؛
• البحث في ادعاءات التعذيب
51. تم البحث في ادعاءات التعذيب وفق القواعد العامة وبالأخص في المواد 73و74 و134 و293 من ق.م.ج حيث اخضع قاض التحقيق جميع المتهمين للفحص الطبي والاستماع الى شهادة الاطباء وادماج التقارير الطبية بالملف؛
52. كما تم فتح بحث في شكايات بعض المتهمين بشأن العنف الذي تعرضوا له اثناء ايقافهم من طرف الشرطة القضائية بالحسيمة؛
53. لم يتم اشعار المتهمين ودفاعهم بنتائج البحث؛
54. يسجل المجلس ان حالات ادعاءات التعذيب لم تحظى بالتداول والمناقشة الكافيين بخصوصها خلال المحاكمات؛
55. ويذكر المجلس بإصدار المحاكم المغربية-عبر مختلف الدرجات-أحكاما قضت ببطلان محاضر الشرطة القضائية لثبوت انتزاع اعترافات المتهمين بالإكراه أو العنف. وذلك طبقا للمادة 15 من اتفاقية التعذيب (la règle d’exclusion)، كما هو بحكم محكمة النقض بعد إدانة المتهم من أجل الأفعال المنسوبة إليه دون مراعاة لظرف التعذيب البدني الذي تعرض له، وبجعل القرار المطعون فيه ناقص التعليل وينزل بمنزلة انعدامه. كما هو الحال بالنسبة لمحكمة الاستئناف بأكادير التي قضت ببطلان المحضر بسبب التعذيب ؛
56. لم يسجل المجلس أي عائق للمشاركة الفعلية للمعتقلين الذين تمكنوا من الاستماع والمتابعة والتدخل خلال المناقشات . ويبدو أن تصريحات هيئة الدفاع بخصوص بإبقاء مؤازريهم بالفضاء الزجاجي يمس بقرينة البراءة ومشاركتهم في محاكماتهم، بدون أساس، لان رئيس الهيئة، كان ينادي على كل متهم على انفراد، ويمثل أمامه خارج الفضاء الزجاجي الى جانب دفاعه؛ كما ان الفضاء الزجاجي كان مجهزا بالوسائل الأساسية من كراسي لمتابعة المحاكمة بشكل مريح كما كان المعتقلون يتوفرون على أقلام ودفاتر لتسجيل ملاحظاتهم ؛
57. أثارت بعض الأسئلة التي وجهتها المحكمة الابتدائية الى بعض المتهمين احتجاجا من طرفهم ومن طرف الدفاع، لكونها تمس بحياد المحكمة، من بينها سؤال وجه لأحد المتهمين، عما إذا كان “مغربيا”، وقد وضحت المحكمة بأن الغرض من هذا السؤال هو تحديد الدافع وراء أفعال المتهم وسبب ارتكابه للأفعال المزعومة، بعيدًا عن أي تحيز ضده؛
58. تم الاستماع الى شهود الاثبات والنفي بحضور المتهمين ومناقشتهم، في لم يتمكن الدفاع من تقديم اثباتات أخرى، فإذا كان الحق في الصمت حقا للمتهم فإنه لا يمكن أن يكون حقا للدفاع حسب القانون؛
59. بناء على طلب دفاع المتهمين، لاستدعاء بعض الشهود من الشخصيات العامة مثلا (Mark Zuckerburg) رفضت المحكمة استدعائهم لكون الطلب غير مبررً وغير منتج. ويعتبر المجلس أن طلب الاستماع لهؤلاء الشهود لم يكن معللا ووجيها بما يكفي بالنظر إلى موضوع التهمة. ولا وجود لعلاقة مباشرة بين الشخصيات العمومية ووقائع موضوع المتابعة. كما فحصت المحكمة، بشكل ناجع، هذه الطلبات وبررت رفضها بأسباب كافية بأن هذا الرفض لا يضر بالمحاكمة العادلة في مجملها. وتطبيقا لهذه المعايير، يستنتج المجلس بأنه لم يكن هناك أي رفض للاستماع لأي شاهد ناجع في هذه القضية؛
60. استجابت المحكمة لطلب تعيين مترجم للريفية، رغم أن النيابة العامة اكدت أن بعض المتهمين يفهمون العربية التي تستعملها المحكمة، وأن التحقيق تم بالعربية دون معارضتهم؛
61. احترمت المحاكمات حقوق الدفاع، ولا سيما الحق في إبلاغ كل متهم بطبيعة الاتهام الموجه ضده والحق في الحصول على الوقت اللازم لإعداد دفاعه؛ والحق في الحصول على مساعدة محام من اختياره؛ والحق الحصول على استدعاء واستجواب والتمكن من استجواب شهود النيابة العامة. والحق في الحصول على مساعدة مترجم مجانا؛
62. لم تعترض المحكمة على تصريحات المتهمين ولم تعمل على مقارنتها بالمحاضر، بل النيابة العامة هي التي كانت تقوم بهذا الدور، خصوصا بالنسبة لبعض المتهمين المتابعين بتهم متعلقة بالمس بالنظام العام للدولة؛
63. تم الاستماع الى شهود الاثبات وشهود النفي واجراء المواجهات بينهم طبقا للقانون؛
64. تكلم جل المتهمين بحرية عن ظروف اعتقالهم؛
65. تم تخصيص حيز زمني متكافئ ومتناسب للمناقشة بين الأطراف؛
66. ويعتبر المجلس أن الأحكام الصادرة في حق المتهمين، المدانين والمبرئين، اعتمدت على أسس قانونية
II. توصيات
• حرية التظاهر السلمي
واعتمادا على مدة وحجم الاحتجاجات والنتائج التي ترتب عنها فإن المجلس يوصي:
1. احترام حق التظاهر السلمي، كمكسب من مكتسبات المسار الوطني في اختياراته الديمقراطية وحقوق الإنسان بما فيها إيجاد صيغ للتعاون مع السلطات العمومية في حفظ النظام العام، وضمان ممارسة حق التعبير والتجمع؛
2. إعمال التأويل الحقوقي للحق في التظاهر السلمي، بغض النظر عن التصريح أو الإشعار؛
3. احترام الحق في السلامة الجسمانية للمحتجين وعناصر القوات العمومية؛
4. العمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية التي تؤطر تدخل القوات العمومية وفقا للمبادئ الدولية في هذا الشأن؛
5. يجب ألا يكون هناك استخدام مكثف لسلطات الإيقاف والبحث. ويجب تفريد أي استخدام لسلطات الإيقاف والتفتيش، وكذلك اعتقال المتظاهرين واحتجازهم، وأن يتم ذلك على أساس وقائع محددة؛
6. مطالبة السلطات العمومية بالتواصل مع الرأي العام بخصوص فض التظاهرات؛
7. يقع على عاتق الدولة واجب الحماية الفعالة للمتظاهرين، إلى جانب الأشخاص آخرين، من أي شكل من أشكال التهديد والعنف من طرف أولئك الذين يرغبون في منع الاحتجاجات أو تعطيلها أو عرقلتها، بما في ذلك “العناصر المستفزة” والمناوئة للمتظاهرين.
8. يقع على عاتق السلطات حماية المواطنين غير الراغبين المشاركة في المظاهرات.
• حرية التعبير والرأي
9. يؤكد المجلس أن أشكال الخطاب التي تحرض على العنف والكراهية والعنصرية والتمييز لا تتمتع بالحماية بأي حال من الأحوال، كما هو الحال أيضا بالنسبة إلى أي خطاب يمس ب “سمعة الآخر “، حيث إن هذه الأشكال من الخطاب تشكل، بالإضافة إلى كونها بعيدة كل البعد عن ممارسة حرية التعبير، مسا خطيرا بالمبادئ التي يتوجب حمايتها والنهوض بها في مجتمع ديمقراطي؛
10. العمل بتوصية دراسة مركز أبحاث البرلمان الأوروبي “بإنشاء خوارزميات تحفز التعددية وتعزز قدرات المستخدمين … وبأن تمنح لمستخدميها إمكانية اختيار مستوى التعددية المطلوب، … وبإعطاء الأولوية للأخبار المعتمدة أو ذات الصلة بالخدمات العامة”؛
11. دعوة المؤسسات الإعلامية المهنية “باعتبار التغطية النقدية للأخبار الزائفة والتضليل وتقديم المعلومات المدققة كأحد العناصر الأساسية لخدمات الصحافة والإعلام، تطبيقا لأدوارها في مراقبة المجتمع، وبخصوص النقاشات ذات الاهتمام العمومي “؛
12. دعوة الرأي العام بتوخي الحذر من حيث مصادر المعلومات والأخبار، وبالتقصي في صحتها وواقعيتها وحماية بذلك وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها أداة لنشر الأفكار والآراء والتناظر؛
13. دعوة الحكومة المغربية باتخاذ التدابير الضرورية لانفتاح الاعلام العمومي على كل الآراء والتعابير ومتابعة الأحداث بمهنية وابراز للتعددية، احتراما للتوصيات ذات الصلة بحرية التعبير والحق في التماس المعلومة الصحيحة والتعددية؛
14. مطالبة البرلمان المغربي بتحيين التشريعات الوطنية انسجاما مع الاتفاقيات الدولية بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، تماشيا مع توصية المقرر الأممي الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير في تقريره بخصوص التقنين على الشبكة “لخطاب الكراهية” “لتعريف حصري للمصطلحات التي تشكل محتوى ممنوع … وأن تراجع التشريعات بخصوص خطاب الكراهية لكي يجيب على متطلبات الشرعية والضرورة والتناسبية و المشروعية، و أن تحظى هذه التشريعات بمشاركة وازنة للجمهور”؛
• مراجعة مقتضيات قانونية
15. يجدد المجلس دعوته الى تغيير صياغة الفصل 206 من القانون الجنائي في اتجاه تدقيق العناصر التكوينية لجريمة المس بالسلامة الداخلية وصورها ؛
16. إضافة مقتضى جديد يتعلق بالعنف في الفضاء العمومي والتحريض عليه في سياق التظاهر ؛
17. تجريم العنف غير المشروع، بما يضمن ممارسة الحق في التعبير والتجمع والتظاهر السلمي؛
18. ادماج الحق في الطعن في كافة القرارات المتعلقة بسلب الحرية خاصة الوضع تحت الحراسة النظرية؛
• ادعاءات التعذيب
19. تخصيص مقتضيات إجرائية خاصة بالبحث والتحقيق في ادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة؛
20. عدم تحميل المعتقل عبأ إثبات ادعاءات التعذيب؛
21. المصادقة على بروتوكول إسطنبول دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛
22. مطالبة السلطات المعنية بتعميق البحث حول حالات اعتبر المجلس أنها يمكن أن تتوفر فيها عناصر فعل التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، بما يضمن حق المعنيين بالأمر في الانتصاف
23. مطالبة السلطات المعنية بنشر نتائج البحث؛
• معايير محاكمات عادلة
24. اعتماد التسجيل السمعي البصري أثناء استجواب الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية، وتوسيع حق حضور الدفاع خلال مرحلة البحت التمهيدي؛
25. ضرورة مراجعة قانون المسطرة الجنائية لملاءمته مع الالتزامات الدولية، خاصة على مستوى:
• تقوية دور الدفاع خلال مرحلة ما قبل المحاكمة، بحضوره أثناء مرحلة البحت التمهيدي؛
• ادماج الحق في الطعن في كافة القرارات المتعلقة بسلب الحرية؛
• السماح بحضور الجلسات السرية لملاحظي المحاكمات المنتدبين من طرف المجلس الوطني لحقوق الانسان.
• السياسة العمومية
26. تقييم البرامج التنموية بعلاقتها بالأثر على ولوج التعليم والصحة والتشغيل ومراجعة المؤشرات ذات الصلة ؛
27. إعطاء أهمية للجوانب الاجتماعية والاقتصادية في برامج السياسة العمومية ذات الصلة بالحسيمة وإشراك المواطنين والمواطنات في صياغة البرامج المستعجلة؛
28. تفعيل الآليات الجهوية لتمكين النساء من المشاركة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية؛
29. وضع برامج للنهوض بالثقافة والفن والمسرح والموسيقى مع الاخذ بعين الاعتبار الدينامية المحلية وادراجها ضمن الزمن المدرسي بما ينهض بثقافة الحوار والتناظر، عبر وسائل متنوعة بما فيها العالم الرقمي؛
30. تفعيل توصيات تقرير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص برنامج التنمية المجالية للحسيمة.
• تعزيز القدرات بخصوص فض التجمهر
31. تعويض عناصر القوات العمومية التي أنهكت سلامتها الجسمانية لها خلال أعمال العنف غير مشروع والتكفل بالحالات التي تعاني من العجز الطويل الأمد؛
32. نظرا للصعوبات والاهمية التي تمثلها مهام حفظ النظام والامن فمن الضروري تعزيز القدرات النفسية والتقنية والمهنية؛
ويعلن المجلس عن :
قرار إحداث وحدة لحفظ الذاكرة إلى جانب رئاسة المجلس من أجل الانكباب على النهوض بالتاريخ المغربي بكل روافده ودعم إعماله بالمناهج والمقررات التعليمية؛
مشروع وضع برنامج مشترك مع المكتب الوطني للتكوين المهني لتسهيل ولوج المعتقلين الذين أفرج عنهم في برامج تعزيز قدراتهم المهنية و التعليمية؛
استعداده للتعاون مع جمعية هيئات المحامين في اعداد رأي حول مشروع قانون مهنة المحاماة ؛
التزامه بالعمل مع كل الفاعلين لمناهضة كل خطابات الكراهية والعنف لترصيد مكتسبات في مجال حقوق الانسان؛
انكباب معهد الرباط ادريس بنزكري لحقوق الإنسان على ترجمة عدد من الاجتهادات سواء القانونية أو القضائية ذات الصلة بالقضايا الراهنة لحقوق الإنسان لما يعضد المراجع المستعملة من طرف مختلف الفاعلين ؛
نشر دراسة حول التظاهر السلمي بعلاقته مع الأشكال الجديدة لممارسته.
أمام تزايد الانتقادات.. الحكومة الألمانية تفتح تحقيقا لكشف ما إذا كان بالإمكان تفادي هجوم ماغديبورغ
تعهّدت الحكومة الألمانية الأحد بفتح تحقيق لكشف ما إذا كان بإمكان أجهزة الاستخبارات منع وقو…