فاطمة الزهراء أفقير

في سياق ارتفاع أصوات الهيئات النسائية وتزايد مطالب الفعاليات الحقوقية بضرورة رصد مدى تطبيق مدونة الأسرة بعد مضي 15 سنة على إقرارها في أفق تعديل فصولها تعديلا شموليا، سجلت دراسة ميدانية حديثة أن هناك نوع من التماطل والتعطيل الإجرائي على مستوى تطبيق الفصل 49 من مدونة الأسرة، الذي يقضي بإمكانية الاتفاق على تدبير تعاقدي للممتلكات المتحصلة طيلة العلاقة الزوجية بين طرفي هذه العلاقة في حال نهايتها لسبب من الأسباب الموجبة لذلك.
هذه الدراسة الميدانية التي أشرفت جمعية صوت المرأة الأمازيغية على إنجازها بتمويل من السفارة البريطانية، وتم تقديم نتائجها أمس الجمعة فاتح فبراير بالرباط، أبرزت مضامين نتائجها أن شريحة واسعة من المواطنين المغاربة تجهل وجود هذا الفصل ولا علم لها بتفاصيله، فيما يسود نوع من التخوف في صفوف الرجال الذين اطلعوا على مقتضيات هذا الفصل، إذ يزعمون بأنه يتيح للمرأة سرقة مجهودات الرجل في حالة الموافقة على تطبيقه.
فضلا عن ذلك، خلص هذا البحث الميداني، الذي استغرقت مدة إنجازه 8 أشهر، إلى أن المحددات السوسيوثقافية تبقى حاسمة في قرار تطبيق أو عدم تطبيق النص القانوني ومتقدمة على أي اعتبار قانوني؛ خصوصا في ظل صياغة اختيارية وغير مرفقة بأية آليات ملزمة للتنفيذ أو عدم التنفيذ. فيما تمثلت أبرز خلاصة، في اعتبار مسألة تغيير القوانين أو تجويدها تبقى غير كافية لتحوز القوة العملية لما تقضي به، بل يتعين أيضا بالموازاة مع ذلك، الاشتغال أكثر على تهييئ ذهنيات مستهدفيها والاستعداد للانخراط العملي في تفعيلها.
الطيب العيادي، أستاذ باحث في السوسيولوجيا، المشرف على الدراسة، أفاد بأن العدول لا يقومون بتاتا بإبلاغ الزوجين عند إبرام عقد الزواج بمقتضيات الفصل 49 من مدونة الأسرة، بالرغم من تنصيص فقرة منه على إلزام العدلين بإشعار الطرفين عند زواجهما بأحكام الفصل سالف الذكر، على أن يتم تضمين هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج.
وتابع الطيب العيادي في معرض مداخلته على هامش الندوة ذاتها، موضحا أن أغلب النساء في وضعية طلاق اللواتي تم استجوابهن تمنين لو عاد بهن الزمن للوراء لتتمكن من تطبيق الفصل 49 من مدونة الأسرة ومن ثمة توثيق العقد الملحق، بدل وضعية الهشاشة التي أصبحن يتخبطن فيها بعدما تحصلهن على الطلاق، بالمقابل أقر بوجود إجماع شبه كلي في صفوف فئة المتزوجين على جهلهم التام بالفصل، موضوع الدراسة.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن تطبيق أو عدم تطبيق الفصل 49 ليس وقفا فقط على الزوجين، بل يمتد ليتدخل في ذلك فاعلين آخرين؛ يأتي في مقدمتهم العدول الذين يضطلعون بمهام الإخبار به والحرص على تنفيذه، ثم القضاة من خلال الحكم بما يراعي مبادئ العدل والإنصاف اتجاه مجهودات الزوجة بما يحفظ حقوقها ويمكنها من وسائل العيش الكريم.
من جهتها، دعت المحامية فتيحة شتاتو إلى ضرورة تعديل الفصل 49 من مدونة الأسرة ليصبح أكثر وضوحا في كيفية توزيع الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، مشيرة في هذا الصدد إلى أن المشرع لم يكن جريئا بهذا الخصوص ولم يحسم في إشكالية هل يعتبر العمل المنزلي عملا منتجا ويخول، إثر ذلك، المطالبة بالكد والسعاية وهل يعد مساهمة من المرأة تؤدي إلى إنماء مال الأسرة دون تمييز؟ مشيرة في الآن ذاته إلى أن المرأة غير ملزمة بالأعمال المنزلية، معللة موقفها بالقول:” لا وجود في الشريعة لنص من هذا القبيل”.
في نفس السياق اتجهت مداخلة أنس سعدون، عضو نادي قضاة المغرب، الذي نادى بضرورة تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة لتشمل العمل المنزلي، إلى جانب إدراج الاتفاق المالي في صلب عقد الزواج، مؤكدا أنه بعد العمل بمدونة الأسرة لأزيد من 14 سنة، تبين وجود عدة مشاكل على مستوى تطبيق مقتضياتها، لاسيما في الشق المتعلق بوعي النساء بحقوقهن، مما يستوجب، من وجهة نظره، مراجعة شاملة لهذه المدونة في اتجاه إقرار المساواة بين الجنسين المنصوص عليها في دستور 2011.

التعليقات على اقتسام ممتلكات الزوجين بعد الطلاق.. دراسة تسجل الجهل الكلّي للمغاربة بالفصل الذي ينظمه في المدونة مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

أخنوش: نراهن على إرادتنا السياسية القوية والهيكلة الحكومية الجديدة لتطوير التجارة الخارجية