في محاضرة علمية ألقاها بمناسبة درس افتتاحي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، انتقد محمد أمين بنعبد الله، رئيس المحكمة الدستورية المغربية، القلة التي تشهدها عملية اللجوء إلى المحكمة الدستورية لمراجعة دستورية القوانين.
وأكد بنعبد الله، أن المحكمة الدستورية تشكل أحد الأركان الأساسية في النظام القانوني للمملكة، إلى أن دورها في مراقبة دستورية القوانين يبقى محدودًا، الأمر الذي يعطل قدرتها على أداء مهامها بكفاءة.
وأشار بنعبد الله، إلى أنه منذ عام 2017 وحتى الآن، أصدرت المحكمة الدستورية 246 قرارًا، من بينها 5 قوانين عادية، 20 قانونًا تنظيميًا، 8 قرارات متعلقة بالأنظمة الداخلية و128 قرارًا يتعلق بالانتخابات، مؤكدا أن هذا العدد يظل ضعيفًا بالنظر إلى حجم التشريعات والقرارات التي تمر عبر البرلمان والحكومة.
غياب المبادرة من الفاعلين السياسيين: مسؤولية مشتركة
واستعرض رئيس المحكمة الدستورية خلال محاضرته كيفية تشكيل الواقع الحالي. فقد بيّن أن المحكمة، على عكس ما يُفترض، لا يجب أن تكون هي التي تنتظر اللجوء إليها من قبل الفاعلين السياسيين أو التشريعيين، بل يجب أن يتم تفعيل دورها استباقيًا من خلال إحالة القوانين التي تثير شكوكًا دستورية إلى المحكمة. وقال بنعبد الله: “القضاء الدستوري لا يجب أن يكون هو الذي ينتظر طرق أبوابه من قبل الفاعلين”، مشيرًا إلى ضرورة قيام السلطات التشريعية والتنفيذية بواجبها في تفعيل هذا الدور الرقابي للمحكمة.
في هذا السياق، أشار بنعبد الله إلى أن هناك ستة أطراف مخول لها اللجوء إلى المحكمة الدستورية، وهي: الملك، رئيس الحكومة، رئيسا مجلسي النواب والمستشارين، بالإضافة إلى النواب والمستشارين البرلمانيين.
ورغم هذه الآلية القانونية التي تتيح لعدد من الفاعلين السياسيين اللجوء إلى المحكمة، شدد رئيس المحكمة الدستورية، على أن الواقع يظهر أن الآلية لا تُستغل كما ينبغي، وهذا الأمر يستدعي، حسب قوله مساءلة رئيسي مجلسي النواب والمستشارين عن تقاعسهما في تفعيل هذه الصلاحية.
اللجوء إلى المحكمة الدستورية ليس صراعًا بل ضرورة دستورية
في معرض دفاعه عن دور المحكمة الدستورية، أكد بنعبد الله أن اللجوء إلى القضاء الدستوري لا ينبغي أن يُنظر إليه باعتباره صراعًا أو خلافًا بين السلطات، بل هو ممارسة قانونية تهدف إلى “تطهير” القوانين وضمان تطابقها مع الدستور.
وأوضح أن المحكمة الدستورية ليست أداة من أدوات الصراع السياسي، بل هي أداة قانونية تهدف إلى ضمان أن تكون التشريعات صالحة دستوريًا، بحيث تظل متوافقة مع الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.
كما أشار إلى أن عدم اللجوء إلى المحكمة قد يؤدي إلى إضعاف النظام القانوني برمته، ويزيد من تعقيد الوضع التشريعي في البلاد، وضحا في هذا السياق: “اللجوء إلى القاضي الدستوري مهم ما دام أنه ليس ضد الآخر، بل هو سبيل لتطهير النصوص القانونية”. وبالتالي، يرى بنعبد الله أن تحقيق الاستقرار القانوني يتطلب تحسين آلية اللجوء إلى القضاء الدستوري بشكل أكبر.
ضرورة تحسين الأداء التشريعي
واعتبر بنعبد الله أن غياب المراجعة الدستورية لكثير من القوانين يجعل النظام التشريعي يعاني من عيوب قانونية قد تضر بالحقوق الفردية والجماعية للمواطنين.
مبرزا أن هناك العديد من القوانين التي تجري مناقشتها في البرلمان في الوقت الحالي، مثل قانون المسطرة المدنية والقانون الجنائي، التي قد تثير العديد من التساؤلات القانونية والدستورية.
وأكد أن المحكمة الدستورية يجب أن تكون هي الجهة التي تبت في هذه القوانين قبل أن تصبح سارية المفعول، وذلك من أجل ضمان توافقها مع الدستور.
وخلص بنعبد الله إلى أنه كان بالإمكان إحالة بعض القوانين السابقة إلى المحكمة الدستورية، مثل تلك المتعلقة بالجمعيات والأحزاب السياسية، حيث كانت هذه القوانين تحتاج إلى مراجعة دستورية لتحديد مدى توافقها مع الدستور، خصوصًا في ما يتعلق بالحقوق والحريات المرتبطة بتكوين الجمعيات أو ممارسة الأنشطة السياسية.
تحديد تاريخ أولى جلسات محاكمة سعيد آيت مهدي أبرز المدافعين عن ضحايا زلزال الحوز
تم تحديد يوم الاثنين 30 ديسمبر 2024، موعدًا لأول جلسات محاكمة سعيد آيت مهدي، رئيس “ت…