في ضوء الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، حيث أقدمت إيران على إطلاق 250 صاروخًا تجاه إسرائيل كردٍ فعلٍ على اغتيال حسن نصر الله وإسماعيل هنية، يتجدد الصراع الإسرائيلي الإيراني بأبعاد جديدة.

هذا الصراع الذي يشكّل أحد أعقد الملفات في المنطقة، حيث يتداخل مع قضايا جيوسياسية ودينية، ويمتد على مدار عقود طويلة، متضمنا مواجهات غير مباشرة عبر حروب بالوكالة، وتصعيدات عسكرية متكررة، وضغوط دبلوماسية.

البدايات: أيديولوجيات متضاربة وعلاقات متوترة

بدأ العداء بين إسرائيل وإيران بشكل واضح بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

فقبل الثورة، كانت العلاقات بين البلدين تسير بشكل جيد نسبيًا في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، الذي اعتُبر حليفًا لإسرائيل والغرب في مواجهة القوى العربية المناهضة لإسرائيل، لكن سرعان ما تحول الأمر مع وصول آية الله الخميني إلى الحكم، لتتغيّر المعادلة بشكل جذري، وأصبحت إيران تُعد إسرائيل كيانًا غير شرعي، وبدأت في دعم حركات المقاومة مثل حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين، مما أدى إلى تحول العلاقة إلى عداء صريح.

حروب بالوكالة

مع مطلع الألفية الجديدة، شهد الصراع تصاعدًا واضحًا عبر الحروب بالوكالة، بحيث لعبت إيران دورًا محوريًا في دعم حزب الله، الذي شكّل تهديدًا كبيرًا لإسرائيل على الحدود اللبنانية.

كما كانت حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله محطة بارزة في هذه الصراعات، إذ أظهرت أن طهران قادرة على تهديد إسرائيل من خلال دعم وكلائها في المنطقة، بالإضافة إلى دعم إيران حركات فلسطينية كحماس والجهاد الإسلامي، ما منحها نفوذًا إضافيًا في محيط إسرائيل دون الدخول معها في مواجهة مباشرة.

الملف النووي

يمثل البرنامج النووي الإيراني أحد أهم القضايا التي تعمق الصراع بين إسرائيل وإيران، بحيث تخشى إسرائيل بشدة من حصول إيران على قدرات نووية، وتعتبر ذلك تهديدًا وجوديًا.

في المقابل، تؤكد إيران أن برنامجها النووي سلمي، لكن التطورات المستمرة وتبادل التهديدات زادا من حدة التوتر، كما أسهم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018 وتشديد العقوبات على إيران في تأجيج الخلاف بين الجانبين.

الحروب الإلكترونية والاغتيالات: أبعاد جديدة للصراع

إلى جانب الصراعات العسكرية التقليدية، اتخذ الصراع بين إسرائيل وإيران بُعدًا جديدًا من خلال الهجمات الإلكترونية وعمليات الاغتيال السرية.

وتشير تقارير دولية إلى أن إسرائيل نفذت هجمات إلكترونية استهدفت منشآت نووية إيرانية، من بينها الهجوم الشهير على منشأة نطنز، كما نفذت إسرائيل عمليات اغتيال استهدفت علماء نوويين إيرانيين، كان أبرزها اغتيال محسن فخري زاده في 2020.

صراع على السيطرة الإقليمي

الصراع الإسرائيلي الإيراني لا يقتصر على المواجهات العسكرية، بل يشمل أيضًا سباقًا على النفوذ في الشرق الأوسط.

وتسعى إيران لتوسيع نفوذها من خلال دعم الأطراف الموالية لها في العراق وسوريا واليمن، بينما تعمل إسرائيل على بناء تحالفات جديدة مع دول الخليج، كما تجلى في اتفاقيات أبراهام.

هذه التحالفات تهدف إلى تشكيل جبهة ضد التمدد الإيراني في المنطقة، ما يعكس تناقضًا بين مشروعين إقليميين: مشروع إيران الداعم لـ”محور المقاومة” ضد إسرائيل، ومشروع إسرائيل لتعزيز نفوذها وتحالفاتها في مواجهة هذا المحور.

التعليقات على أبرز محطات الصراع الايراني الإسرائيلي.. من الثورة إلى الحروب بالوكالة والاغتيالات السرية مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

المحكمة الدستورية تنتقد قلة اللجوء إليها وتدعو لتفعيل دورها الرقابي

في محاضرة علمية ألقاها بمناسبة درس افتتاحي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعي…