“أصبح الوضع لايحتمل.. إبنتي تعاني أمامي ولا أدري ما عليّ فعله في هذه الظروف، حتى الطبيب قال لي أنه لا يوجد دواء يمكن استخدامه عوض “تيغاليد” والذي لم نجده في الصيدليات منذ حوالي شهر ونصف”، هكذا صرحت حكيمة والدة إحدى المريضات بمرض “ثنائي القطب”، والتي لم تجد جواباً حول سبب “انقطاع” الدواء من الصيدليات.
لقد تلقى “الأول” العديد من الشهادات من مرضى “ثنائي القطب” يصفون فيها معاناتهم مع المرض في ظلّ الانقطاع المتواصل لدواء “تيغاليد” منذ شهر، الذي يعتبر أساساً لسلسلة العلاج التي يتلقونها.
وفي هذا السياق قالت إحدى السيدات: “حاولنا التواصل مع قريب لنا في إحدى الدول الأوروبية من أجل اقتناء الدواء من هناك وإرساله لنا لكن طلب منه إحضار وصفة الطبيب ولم يسمحوا له باقتنائه.. وقد لجأنا لذلك بعد أن أكد لنا الطبيب أنه لا يوجد دواء آخر يمكن استعماله يعادل (تيغاليد)”.
وتعددت المعاناة، خصوصاً أن المصابين باضطراب “ثنائي القطب”، والذي كان يُعرف في السابق باسم “الاكتئاب الهوسي”، يعانون من حالة صحية عقلية تتسبب في تقلبات مزاجية مفرطة تتضمن الارتفاعات (الهوس أو الهوس الشديد) والانخفاضات (الاكتئاب) العاطفية. وعندما يصابون بالاكتئاب، يشعرون بالحزن أو اليأس وفقدان الاهتمام أو الاستمتاع بمعظم الأنشطة.
ويتكون “TERALITHE 250 mg”، الذي يعتبر مضاداً للذهان؛ من “الليتيوم”، هذا الأخير يتم استخدامه في حالات “ثنائي القطب” من أجل ضبط المزاج العام لدى المصاب وإلاّ فإنه سيكون معرضاً بنسبة كبيرة دون غيره لـ”الانتحار” حسب العديد من الدراسات التي أجرتها مراكز دراسات عالمية، وذكرتها مقالات علمية، وأيضاً جهات حكومية.
هذا الدواء مهمّ لحالات اضطرابات ثنائي القطب، وفي المغرب ارتفاع حالات المصابين ملحوظ حسب الأخصائيين في المجال، وبالتالي فإن انقطاع مثل هذا الدواء من الأسواق المغربية أصبح كابوساً بالنسبة للعائلات التي تكافح مع أبنائها من أجل أن يعيشوا دون مضاعفات، مع العلم، أن مرض ثنائي القطب هو مرض مزمن والمرضى يستعملون “الليتيوم” المكون الأساسي لدواء “تيغاليد” يومياً مدى الحياة لتفادي النوبات الحادة. وفي حالة النوبات الحادة يتوجب إدخال المريض إلى المستشفى، ومن المعلوم أن عدد الأسرة في المغرب المخصصة لهذه الفئة من المرضى أصلاً غير كافية.
وبالاعتماد على عدد من المصادر المفتوحة على “الأنترنت” المتخصصة في مجال الطب العقلي والنفسي يمكن أن نكتشف بسهولة أهمية مادة “الليتيوم” التي يتوفر عليها دواء “تيغاليد” بالنسبة لهؤلاء المرضى الذين قد يضيعوا من دونه وسط أهوال الهوس الشديد، وأعراضه المتمثلة في الشعور بثقة شديدة، واعتقاد الشخص بأنه الأفضل.
شعور الامتلاء بالكثير من الطاقة، سهولة التهيج العصبي، النوم لفترات أقلّ من المعتاد، زيادة الكلام، تشتت الذهن بسهولة والتحوُّل من نشاط إلى آخر، والمشاركة في أنشطة محفوفة بالمخاطر، مثل المقامرة أو الجنس، دون التفكير في عواقب ذلك، وأخطر هذه الأعراض رؤية أو سماع أشياء غير حقيقية حين يتحول الهوس إلى “الذهان الهوسي”، حيث يعتقد المريض بأنه مميز، كأن يعتقد أنه “المسيح” أو “نبي”، أو أنه عبقري جدًا أو الاعتقاد بأنه مطارد، مثل كونه مُلاحق من قبل جهات مخابراتية أو منظمات ، وغيرها من الأعراض.
وفي هذا السياق قال الدكتور أنور رضى الطبيب نفساني والأخصائي في الأمراض النفسية في اتصال مع “الأول”، إنّ “تيغاليد وهو مادة (الليتيوم) عبارة عن دواء يستعمل في علاج حالة مرض ثنائي القطب ويعطي فعالية كبيرة في استقرار المزاج، وبالنظر إلى أن هذا المرض هو مرض مزمن فيتعين على المرضى أن يستعملوا هذا الدواء بشكل يومي مدى الحياة، بحيث يمنح لهم هذا الدواء الاستقرار النفسي. للأسف في هذه الأيام العديد من المرضى لا يجدون هذا الدواء المهم وهو ما يجبرنا على تغيير استراتيجية العلاج وذلك يجعل المريض في خطر دائم خوفاً من وقوع انتكاسة في المرض، لأنه بمجرد أن يستقر المريض بدواء معين واستراتيجية للعلاج معينة من الأفضل عدم تغييرها”.
وأضاف الدكتور أنور: “كل هذا والليتيوم المنقطع حالياً من الصيدليات هو في المرتبة الأولى من بين معدلات المزاج بالنسبة لمرض ثنائي القطب ويستعمل كذلك بالنسبة للاكتئاب الحاد ذو الأفكار الانتحارية بحيث يلعب دورا كبيرا للحد من هذه الأفكار، وبالتالي فبالنسبة لي كطبيب هذا الدواء مهم كثيراً وهناك الكثير من المرضى يستعملونه وكلما استطعنا تدارك هذه الوضعية من أجل عودته إلى الأسواق سيكون الأمر مفيداً، ويجب أن يكون هناك استشراف دائم للمخزون خوفاً من تكرار هذا المشكل”.
من جهة أخرى في المغرب تختصّ شركة “MAPHAR” للأدوية بتصنيع وتوزيع هذا الدواء، وحاول “الأول” التواصل مع مسؤولي الشركة لكن من دون أن نتلقى جواباً كافياً، الجواب الوحيد الذي وصلنا من إحدى موظفات الشركة عبر الهاتف أن هناك “نفاذ في مخزون” دواء “تيغاليد”، وهذا سبب انقطاعه في السوق.
من جهته، قال محمد لحبابي رئيس كونفدرالية نقابات الصيادلة في اتصال معه: “دواء (تيغاليد) غير موجود في السوق منذ أزيد من شهر ونصف، من دون أن نعرف السبب، وعلى مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة الإجابة على هذا السؤال لأنها الجهة المخول لها ذلك”.
وحاول الموقع الاتصال بمسؤولي وزارة الصحة من أجل إعطاء التوضيحات اللازمة المتعلقة بسبب انقطاع هذا الدواء المهم في حياة فئة من المغاربة، سواءً تعلق الأمر بالمكلفين بالتواصل أو مدير مديرية الأدوية والصيدلة، وحتى ديوان وزير االصحة خالد آيت طالب لكن من دون جدوى.
في حين كشف مصدر مطلع لم يرغب في ذكر إسمه، أن سبب انقطاع دواء “TERALITHE” من السوق المغربية هو أن “الشركة المكلفة بتصنيعه وتوزيعه “MAPHAR”، لا تتوفر على مخزون من المادة الأولية وهي “الليتيوم” الذي تقوم باستيراده من الخارج”.
وتابع ذات المصدر، “الشركة لا تعلم بالضبط التاريخ الذي ستصلها فيه شحنة (الليتيوم) وبالتالي ليس هناك موعد محدد لاستئناف طرح دواء (TERALITHE)” في السوق، ومعه تستمر معاناة مرضى “ثنائي القطب” إلى اجل غير مسمى.
انتهاء “أزمة” إضراب المحامين.. فرضوا على وهبي “التنازل” في مجموعة من النقط وهذه أهم الاتفاقات
أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب رسمياً، أمس الاثنين، إنهاء مقاطعة الجلسات في مختلف …