فجرت المسلسلات التي تعرض ضمن سباق الدراما الرمضاني الحالي غضب عدة أوساط بالبلاد، بدعوى إساءتها لمهن معينة وبعض الانتماءات العرقية والجهوية.

الزوبعة ابتدأت مع رفض الجسم التعليمي لشخصية “علي” معلم محاربة الأمية في مسلسل “أولاد مي ايزة”، حيث اعتبرها تسيء إلى المهنة، مطالبين بمقاطعة القناة المنتجة للمسلسل، ووقف بثه، لينضاف بعدها إلى قائمة المحتجين كل من أهل طنجة، بدعوى تشويه لهجتهم في مسلسل “دار النسا”، زائد الرودانيين بسبب اتهامهم بالشعوذة في مسلسل “الشياطين لا تثوب” وأعوان السلطة بسبب سلسلة “صلاح وفاتي”.

وهو ما يطرح بقوة مسألة التمييز بين الواقع وأعمال الخيال، لدى المواطن المغربي، ومدى تقبله لتسليط الضوء على أعطابه في الأعمال فنية؟

الناقد الفني، كريم واكريم، يرى في هذا السياق أن “الاحتجاجات على الأعمال الفنية لم تكن في محلها، لأنها تخلط بين الشخصية والشخصية المؤداة والممثل نفسه”.

وأوضح واكريم في تصريح خص به موقع “الأول”، أن “الشخصية المجسدة للدور لا يعني أنها تنتمي إلى قطاع معين، كونها شخصيات خيالية، ومن يتماها معها فالمشكل فيه، وليس في العمل الفني”.

وشدد المختص في المجال، على أن “العمل الفني لا يمكن محاكمته ولا إصدار أحكام عليه سوى من داخله، بطريقة فنية ومن شخص أو هيئة معينة تتقن الأدوات الفنية”.

وبخصوص غضب أهل طنجة من تشويه لهجتهم في مسلسل “دار النسا”، قال الناقد الفني، أن هذا يدخل في الحكم الفني، لأن العمل يعطينا الإيهام إلى أن هذه الشخصيات تنتمي إلى مدينة طنجة، لذلك يجب على الممثلين إتقان لهجتها، وهو ما لم يتوفق فيه معظم الشخصيات المشاركة في عمل.

وهذا لا يمكننا من الدفاع عن الأعمال التي هوجمت وأصدرت ضدها بلاغات، لأنه سواء السيتكوم الذي تم مهاجمته أو السيتكومات الأخرى، فهي لاترقى لدرجة الأعمال الجيدة”.

وأضاف: “مثلا سيتكوم “أولاد مي ايزة” الذي تم الهجوم عليه، فهو عمل لا يرقى للعمل الكوميدي الحقيقي، لأنه لا تتوفر فيه شروط الكوميديا”.

وواصل: “للأسف أغلب الأعمال التلفزيونية الكوميدية أو الدرامية التي تبث خلال الموسم الرمضاني لا تتناول قضايا حقيقية أو هموم المواطن، التي إذا تم تناولها بشكل فني جيد ستعطينا أعمالا جيدة”.

وأتم واكريم حديثه متأسفا: “أغلب المواضيع مكررة، نشاهدها دائما في أغلب المسلسلات ولا يتم التناول قضايا المجتع بشكل الفني”.

من جهته شدد الناقد مصطفى الخضاري على أن “العمل يحاكم فنيا وجماليا وليس قضائيا، لأن المواضيع والشخصيات التي يتناولها العمل تكون قابلة للنقاش في إطار النقد”.

واعتبر المختص في تصريحه لـ”الأول” أن “الخلط بين الشخص والشخصية، وبين الممثل والشخصية التي يتقمصها، وبين الفرد كسلوك وبين المهنة كممارسة يعكس فقر ثقافتنا الفنية”.

وزاد أن “الجمهور المغربي مازال يخلط بين الشخص ككينونة مستقلة بذاتها، وبين الشخصية الدرامية التي هي من صنع خيال الكاتب، وهو ما ينتج لنا مثل هذه الاحتجاجات”.

وطالب الناقد ب”عدم محاولة تصوير المجتمع المغربي كملائكة معصومين من الخطأ”، موضحا أنه “ليس كل من يمارس هذه مهنة معينة فهو شريف ونزيه وكفء، لذلك يتطلب التمييز بين السلوك الفردي وبين المهنة كقيمة اجتماعية”.

وخلص الناقد مصطفى الخضاري إلى أنه كان ينبغي على هذه الفئات المحتجة مساءلة الجهات المسؤولة عن السمعي البصري بشأن رداءة الأعمال الرمضانية، عوض أن تحاسب شخصيات تخييلية.

التعليقات على الغضب تجاه شخصيات في “الأعمال الرمضانية”.. هل المغاربة مستعدون لمشاهدة أعطابهم في الدراما الفنية؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

طلبة الطب يعلقون كل الخطوات الاحتجاجية تفاعلا مع دعوات الحوار

قرر طلبة الطب والصيدلة تعليق كافة الخطوات الميدانية المتضمنة في برنامجهم الاحتجاجي، وفسح ا…