أكد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، في افتتاح الدورة 17، أن حصيلة الجمعية متباينة حد التناقض.

وقال الطالبي العلمي في كلمته الافتتاحية للدورة المقامة بالمغرب، أن التأسيس كان في غمرة، وعلى خلفية، انفراجات كبرى في العلاقات الدولية: نهاية الحرب الباردة، ومفاوضات أوسلو وما آلت إليه في مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط واتفاقيات واشنطن التي توجت هذا المسلسل، ثم إطلاق مسلسل برشلونة الذي ثبَّتَ البعد البرلماني وألح عليه كآلية لإسناد الشراكة الأرومتوسطية”.

وتساءل العلمي، أين نحن من الآمال التي أطلقتها مجموع هذه الديناميات؟

وشدد رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط أننا في الواقع أمام حصيلة متباينة حد التناقض.

وأبرز أن “شراكاتنا الاقتصادية حققت الكثير من المكاسب بفضل حيوية وانخراط القطاع الخاص والدعم الحكومي والمؤسسي في الضفتين، والتزام الاتحاد الأوروبي مشكورا، في مشاريع مهيكلة، كما تتيسر المبادلات وتتنوع بفعل الاتفاقيات المتقدمة الثنائية ومتعددة الأطراف”.

واضاف “كانت السنوات الخمسة عشر التي تلت إطلاق مسلسل برشلونة مليئة بالحوارات السياسية ومتعددة الأطراف بين ضفتي المتوسط على المستويات الحكومية والبرلمانية وبين الجماعات الترابية، وعلى مستوى أوساط الأعمال، والجمعيات المدنية، والجامعات وبين الأكاديميين، مما شكل انفراجا حقيقيا في المنطقة، إذ وُقِّعت العديد من اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد الأروبي والبلدان الشريكة في جنوب وشرق حوض المتوسط”.

وفتحت هذه الشراكات آفاق واعدة للمبادلات التجارية وتحرير الأسواق، وتوطين الاستثمارات وإقامة المشاريع المشتركة، وكتبت شراكتنا عددا من قصص النجاح في مجال المشاريع الصناعية المشتركة والبيئة والاقتصاد الأخضر والفلاحة والصيد البحري. يضيف العلمي

وأكد المتحدث، “أننا حققنا عددا من الأهداف في مجال حقوق الإنسان والنساء وفي المساواة بين الجنسين، والتعاون بين المجتمعات المدنية، والحكامة والدعم المؤسساتي خاصة من خلال برامج التوأمة المؤسساتية التي يمولها الاتحاد الأروبي والدعم من أجل التنمية، ويظل الأساسي هو ما تربحه بلداننا من خلال التنسيق الأمني والعمل المشترك ضد الإرهاب والتطرف، وهو ما مكننا، معا، من إحباط مخططات إرهابية مقيتة وتفكيك العديد من الخلايا الإرهابية. وهي مناسبة لتوجيه التحية والشكر لأجهزة الأمن في بلداننا”.

وزاد :”لقد تطلبت الشراكة، من بين ما تطلبته، إصلاحات جريئة في بلدان الجنوب التي انخرطت فيها، وهي إصلاحات ملاءمة لها كلفتها الاجتماعية والمالية، وتتطلب من القطاعين العمومي والخاص أن يستجيب لمعايير ومتطلبات الجودة الأروبية في وقت وجيز، في الوقت الذي استغرق ذلك عشرات السنين من التراكم في البلدان الأعضاء في الاتحاد الأروبي، وإذ ندرك أن أمر الإصلاحات هو حاجة وطنية داخلية وطنية، وليس استجابة لأي ضغط، فإنه ينبغي مع ذلك أن ندركَ أن الإصلاحَ مكلفٌ، وأنه يحتاج إلى التراكم”.

وأوضح أنه، بقدر حاجة الاتفاقيات والآليات التي تجمعنا، إلى التحصين، وإلى كفالة أمنها القانوني، وحمايتها من ادعاءات جماعات الضغط، ومن أصحاب المصالح، ومن “الطُّعون” الجاهزة والنمطية، بقدر حاجة شراكتنا الأرومتوسطية عموما إلى التجديد على مستوى الحوار السياسي والمؤسساتي الذي يؤطر العلاقات والمبادلات بين القطاعات وفي الأنشطة الأخرى.

وأورد أن الأمر يتعلق بحاجةٍ ماسة لبعثِ الثقة من جديد في شراكتنا، ومن أجل أجوبة في مستوى أسئلة السياق الراهن، وفي مستوى التحديات الجديدة/القديمة التي تواجهها منطقتنا الأرومتوسطية.

هذا وأستعرض العالمي بعضا من هذه التحديات التي يجب العمل على رفعها، ليستعيد الحوض الأرومتوسطي أدواره ومركزه الكوني وإشعاعه.

وقال: “لقد كان لما سمي “بالربيع العربي” أثارٌ مدمرة على بعض بلدان شرق وجنوب المتوسط، إذ استغلت العديد من الجماعات، الفترات الانتقالية، وضعف الدولة لإشاعة الفوضى وعرقلة بناء المؤسسات الوطنية. وقد عمق التدخل الأجنبي من هشاشة هذه الأوضاع التي نجم عنها حركاتُ نزوحٍ ولجوء وهجرات”.

وشدد على أن “النزاع في الشرق الأوسط يظل محور النزاعات الإقليمية، إذ تناسلت عنه العديد من النزاعات الأخرى. وتظل قضية الشعب الفلسطيني جوهر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. وينبغي في هذا النزاع أن نتوجه إلى جوهر المشكل، والمتمثل في إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في الاستقلال وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، دولة ذات سيادة، قابلة للحياة، وتعيش في سلام وتعايش مع باقي دول المنطقة”.

وعلى المدى القريب ينبغي ألا تقبل المجموعة الدولية، بغير كفالة حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتوفير الحماية له، لينعم بحقه في الحياة، وفي الأمن وفي المؤسسات الوطنية وفي الهوية.

ومرة أخرى، فإن القيم الإنسانية اليوم ممتحنَةٌ والضمير الإنساني أمام مسؤوليات تاريخية.

وعلينا أن نتذكر دائمًا أنه مالم تتم تسوية قضايا الشرق الأوسط على أساس العدل والقانون الدولي، فإن منطقتنا الأورومتوسطية ستظل رهينةَ عدم الاستقرار والنزاعات والفوضى.

وسواء بحكم التاريخ، أو الجغرافيا السياسية، أو باسم الضمير الإنساني والقيم، والمصالح، والحرص على المستقبل فإن تسوية النزاع العربي الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية، هو مسؤولية أرومتوسطية بالأساس. إنها فرصة لاستعادة دور مجموعتنا في وقف هذا الدمار الاستراتيجي في كل الأبعاد.

التعليقات على الطالبي العلمي: حصيلة الاتحاد من أجل المتوسط “متباينة حد التناقض” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة “فياتريس”

فرض مجلس المنافسة غرامة تقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة “فياتريس” بق…