كشف المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في أحدث تقرير له حول أقسام قضاء الأسرة خلال الفترة الممتدة من 2017 2021، أن زواج القاصرين، مازال يسجل ارتفاعا مهولا رغم الطفرة النوعية التي حققتها مدونة 2004.
وأشار المجلس في تقريره، إلى أن قضايا زواج القاصرين، خلال الفترة ما بين 2017 و2021 بلغ 128391 طلبا للإذن بزواج القاصر، بمعدل سنوي قدره 25678 طلبا.
وأكد التقرير أن نسبة طلبات زواج القاصر المقدمة إلى المحاكم خلال السنوات الخمس، ناهزت 10,88 في المئة بمعدل سنوي 25678 طلبا لزواج القاصر من بين معدل يوازي حوالى 235846 طلبا للزواج، غير أن المحاكم لم تقبل جميع الطلبات المقدمة إليها، ما أدى إلى انحسار نسبة طلبات زواج القاصر في حدود 46 في المئة من طلبات زواج القاصر المقدمة للقضاء والتي تمثل 5 في المئة من مجموع عدد طلبات الزواج المقدمة للمحاكم. أي أن معدل زيجات القاصرين التي أذنت بها المحاكم كان في حدود 11812 إذنا كل سنة.
ويسجل التقرير أن الإحصائيات المذكورة قد لا تعبر بالضرورة عن العدد الحقيقي لحالات زواج القاصرين، باعتبار أن بعض الزيجات قد يتم دون توثيقها أو تقديم طلبات بشأنها إلى المحاكم.
وأبرز المصدر أن الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشها بعض الأسر تساهم في الدفع في اتجاه تزويج الفتيات بشكل مبكر، مشددة على أن زواج القاصر ينتشر بشكل أوسع في الأوساط الفقيرة والهشة التي تنتشر فيها الأمية والجهل، والتي تتسم في الغالب بمحدودية دخلها ونشاطها في القطاع غير المنظم.
وأشار التقرير إلى أن الأوساط التي تعرف عددا كبيرا من حالات تزويج الفتيات القاصرات بشكل مبكر، تتمسك بالصور النمطية التقليدية التي تحصر دور المرأة في الاعتناء بالبيت ورعاية الأبناء، كما كشف أنه كلما غاب الاستقرار والتفاهم والتوازن داخل الأسرة، إلا وارتفعت احتمالية تزويج الفتاة القاصر فيها، حيث بلغت نسبة القاصرات اللواتي نشأن في وسط غير مستقر 74.30 في المئة من مجموع الفتيات المتزوجات بشكل مبكر، بينما تنخفض هذه النسبة بشكل كبير في الأسر التي يسود فيها التفاهم والتعاون ويتشارك كل أفرادها في اتخاذ القرار.
وشدد المصدر الدراسة من جانب آخر، أن زواج القاصر ينتشر بشكل أكبر في الأوساط ذات المستوى التعليمي المتدني والمحدود، مبرزا أنه “كلما ارتفع المستوى التعليمي للقاصر وأسرتها وللخاطب أيضا إلا وانخفضت نسبة الزواج المبكر، وبالتالي فإن الزواج المبكر يدخل في علاقة عكسية مع المستوى التعليمي، فكلما ارتفع أحدهما انخفض الثاني، وهكذا فأغلب حالات هذا الزواج تتم في وسط مستواه التعليمي متدن لم يتجاوز في الغالب المستوى الابتدائي”.
وقد المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى أن “نسبة مهمة من الفتيات المقبلات على الزواج المبكر، كن يعانين من عدم الاستقرار الأسري، إما بسبب وفاة أحد الأبوين أو طلاقهما، أو هجر أحدهما المنزل أو معاناته من إعاقة، مسجلا أن أغلب أسر القاصرات تغيب عنها فكرة تنظيم النسل، فتعرف ارتفاعا كبيرا في عدد أفرادها، وبين هؤلاء تكون نسبة الإناث مرتفعة أكثر بالمقارنة مع الذكور”.