خلق مشروع تصميم تهيئة الرباط، الذي تم نشره مؤخرا، جدلا واسعا حيث أشار إلى إمكانية هدم عدد من أحياء العاصمة، خاصة في أحزمة البؤس يمقاطعة اليوسفية، كدوار الحاجة وحي المعاضيد وحي أبي رقراق، التي تشهد كثافة سكانية كبيرة والتي تعاني من ضيق في الأزقة التي تحول في بعض الأحيان من ولوج سيارات الإسعاف أو المطافئ في حالات الطوارئ وغياب بعض التجهيزات الأساسية.
وأوضحت مصادر من داخل مجلس مدينة العاصمة، أن المستشارين لا يزالون يحاولون “فك طلاسم” تصميم تهيئة الرباط الذي لم يوضح عددا من الأشياء، مؤكدا أن أغلب الفرق تتدارس ما جاء في هذا المشروع، وستعتمد في مجملها على خبراء ومهندسين للتمكن من تكوين تصور واضح، بحيث أن عددا من النقاط الواردة في التصاميم لن يفهمها إلا مهندس خبير.
ذات المصادر كشفت لـ”الأول”، أن هناك احتمال أن ترمي الأغلبية بمجلس المدينة الكرة إلى الدولة فيما يخص الأحياء الثلاثة المعنية بإعادة تصميمها، وذلك للإكراهات التي سترافق هذه العملية في حالة عمد المجلس إلى أن يتكفل هو بإعادة هيكلتها، حيث تتعلق المسألة بتوسعة عدد من الأزقة وهدم عدد من المنازل واحتمال اللجوء إلى نقل عدد من الساكنة وإعادة إقطانهم، وهو ما سيعقد مهمة تنفيذ هذا التصميم في حين يمكن لوزارة الداخلية ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن تجد حلولا ملائمة بالإضافة إلى تحمل المسؤولية السياسية عن هذه العملية.
وحسب المؤشرات الخاصة بالمشروع، الذي اطلع عليه “الأول” فإن الرؤية التنموية تستهدف البستان على مساحة 236 هكتار وهضبة عكراش على مساحة 1136 هكتار، كما تستهدف 9 مناطق بالمدينة تمتد على مساحة 487 هكتار، و7 مناطق تجديد حضري على مساحة 141 هكتار، و14 محورا ثانويا، و4 محاور نشطة، بالإضافة إلى 262 هكتار مساحات خضراء مخططة لزيادة نسبة المساحات الخضراء من 75 متر مربع/ساكن إلى 80متر مربع/ساكن.
المستشارين الجماعيين لم يتم استشارتهم لإبداء الرأي قبل عرضه على العموم
عدد من المستشارين الجماعيين الذين تم تواصل معهم من طرف “الأول”، أكدوا في المجمل على أنهم لا يزالون يتدارسون التصميم الذي يحتاج وقتا، من أجل إبداء الرأي عبر الاجتماعات التي ستشهدها المقاطعات.
وفي سياق متصل، عقدت لجنة التعمير والبيئة بمجلس مقاطعة اليوسفية، اجتماعا لها بمقر المجلس، صباح يوم الجمعة 5 غشت 2023، تم تخصيصه للدراسة وإبداء الرأي بخصوص مشروع تصميم التهيئة الأخير، في حدود الدائرة الترابية لليوسفية.
واعتبر المستشار الجماعي عبد الله العزاوي عن حزب العدالة والتنمية، خلال الاجتماع، بأن “تصميم التهيئة خلق نقاشا كبيرا وزوبعة في جميع الأحياء بمقاطعة اليوسفية” مؤكدا أن المجلس ملزم بتقديم إجابات.
وأشار المستشار الجماعي في فيديو تم نشره في صفحة فرع الحزب بالمقاطعة المذكورة، إلى أن تصميم التهيئة للرباط، وضع أمام العموم للمناقشة، مبرزا أن هذا المشروع تم طرحه دون الرجوع إلى المستشارين في مرحلة الإعداد، “يعني نحن المستشارين لم يتم أخذ رأينا القبلي رغم أننا ممثلين للساكنة”.
وحسب العزاوي فإنه “تفاجأ” بإدخال حي الإنبعاث المهيكل بشوارع ومرافق، ضمن مشروع التهيئة حيث قال “تفاجأت في حي، حضرت تدشينه، لما كنت صغيرا، وهو حي الانبعاث، مهيكل، بشوارع، ومرافق، ويمكن تصنيفه ضمن الأحياء الراقية، وتم إدخاله في الهيكلة المستقبلية، (كاين شي حاجة تما ماشي هي هاذيك)”.
وتابع “إدراج حي المودة، (لي هو حي راق..)، غير مفهوم كيف تم إدراجه في مجال الهيكلة المستقبلية”، مضيفا “ونود أن نعرف لماذا، أما التحجج، أنها منطقة شديدة الإنحدار، نقول أن الرباط كله، فوق هضبة، السويسي فوق هضبة، ونريد أن نبني فوق هضبة عكراش”. كما طالب بإحضار تصميم التهيئة وعزله عن خريطة وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، “لكي نعرف مصير حي أبي رقراق وحي لاحونا”.
المواطنون متخوفون من هدم منازلهم بعد نشر جماعة الرباط لمشروع تصميم التهيئة
حري بالذكر أن عبد الصمد هيشر، المدير العام للمصالح، أعلن وبتفويض من رئيسة جماعة الرباط، أسماء أغلالو، عن “مشروع تصميم تهيئة الرباط”.
وجاء في الإعلان المؤرخ في 11 غشت الجاري، أن “مشروع تصميم تهيئة الرباط وضابطته قد تم إيداعهما بمقر جماعة الرباط الواقع بشارع محمد بلحسن الوزاني حي النهضة (البهو الرئيسي) وذلك خلال فترة مدتها شهرا واحدا تبتدئ من تاريخ 24 غشت 2023”.
وأوضح المصدر ذاته، أن “ملفا وسجلا سيوضعان لهذا الغرض في متناول العموم قصد إدراج ملاحظاتهم وذلك بنفس المقر وأثناء أوقات العمل الرسمية”.
وفي إطار متصل، وجه عدد من سكان الحي الإداري- المطارات، تعرضا على تصميم التهيئة، إلى رئيسة المجلس الجماعي لمدينة الرباط ومديرة الوكالة الحضرية، وإلى والي جهة الرباط سلا القنيطرة، وذلك على ما ورد في التصميم فيما يخص الحي الإداري.
واعتبر الساكنة، في التعرض الذي اطلع عليه “الأول”، أن الحي المذكور يعتبر من أقدم أحياء مدينة الرباط ويمتاز بفضائه الواسع، وهو الذي يمتد من تقاطع شارع محمد السادس وشاع تادلة ثم تقاطع شارع الحوز وشارع سوس يوجد الحي الإداري- الطائرات محاطا بمجموعة من العمارات مكونة من أربعة طوابق، مجموعة عمارات روض الأندلس، ومجموعة عمارات شارع تادلة، ومجموعة عمارات زنقة أولاد البوزيري، ومجموعة عمارات الوفاء، ومجموعة عمارات التعليم، ومجموعة مدارس طارق ابن زياد.
وطالب السكان الموقعين على التعرض بمراجعة تصميم التهيئة بما يحافظ على نسق وجمالية الحي ويتماشى مع الحاجيات المتزايدة لطلب السكن، لامتياز القرب من وسط المدينة والمصالح الإدارية والمرافق التجارية وذلك عبر الترخيص لبناء عمارات من ثلاثة طوابق وأكثر، كما هو الحال بالنسبة لمجموعة العمارات السالفة الذكر.
من جهة أخرى سجل عدد من سكان الفيلات والإقامات، تعرضات وطعون، بعدما تم فتح هذا الباب للعموم من قبل مجلس مدينة الرباط، حيث أن عددا من الفيلات والإقامات الفخمة المملوكة لعدد من الشخصيات النافذة، بالشريط الساحلي بمنطقة المنزه بالرباط، باتت مهددة بالهدم، وهي التي بنيت في وقت سابق فوق أراض مملوكة للدولة.
وعلى ما يبدو أن مشروع تصميم تهيئة الرباط، الذي طرح مؤخرا للعموم، سيخلق نقاشا واسعا وجدلا، بين المنتخبين على مستوى المقاطعات من جهة ومجلس المدينة والوكالة الحضرية من جهة أخرى، خصوصا في ظل الحاجة لتوضيح عدد من الإجراءات الواردة فيه، فكيف سيتم التعاطي مع هذا المشروع ومع مطالب الساكنة وممثليهم على السواء بتوضيح وكشف كيفية تعامل مجلس المدينة والوكالة الحضرية مع الإشكالات والتعقيدات التي سترافق هذا التصميم؟.
النقابات تتبادل الانتقادات أمام لقجع بسبب مشروع قانون الإضراب
شهدت جلسة المناقشة العامة لمشروع قانون المالية بمجلس المستشارين، صباح اليوم الأربعاء، تباد…