يختلف العديد من المهتمين بالتصنيف والتأريخ كثيرا حول هوية القرع الأحمر أو اليقطين الأحمر أو كما يعرف لدى عامة الناس ب”الكرعة الحمراء” (الكرعة الدكالية). بين من يصنف “الكرعة الحمراء” ضمن خانة الخضر ومن يرتبها ضمن الفواكه، لكن الجميع يتفق على أن مكانتها محفوظة في الذاكرة الفردية والجماعية وأن الإقبال عليها قائم منذ القدم.
وتختلف “الكرعة الحمراء” لونا وحجما ومذاقا عن بقية الأنواع الأخرى، كما تختلف طرق استعمالها من منطقة إلى أخرى، حيث تجد لها مكانة متميزة في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والغذائية والصحية والتجميلية.
وتعتبر “الكرعة الحمراء” صنفا من أصناف سلسلة المنتوج الفلاحي التي يطلق عليها بشكل عام اسم “اليقطين”. وتتميز “الكرعة الدكالية” بمميزات تختلف عن باقي الأصناف الأخرى، إذ تنفرد بكبر حجمها ولونها الأحمر المائل إلى البرتقالي، وقدرتها على مقاومة الحرارة والبرودة، حيث يتم تخزينها والاحتفاظ بها للاستهلاك طيلة السنة.
ولاتتطلب زراعة “الكرعة الحمراء” جهدا كبيرا، فهي تفرض فقط التوفر على بذور مختارة لزرعها في أرض فلاحية مهيأة سلفا ومخضبة ومخمرة بالسمد الطبيعي، المصنوع من فضلات الماشية، مع الاعتماد كثيرا على سقيها في أيام الإنبات الأولى.
واشتهرت مناطق كثيرة بدكالة بالإقبال على زراعة القرعة الحمراء منذ القديم، خاصة بأولاد افرج وأولاد حمدان وضواحي أزمور وهشتوكة وأولاد غانم وسيدي عابد، في الوقت الذي لم تكن فيه وسائل السقي متوفرة، إذ كان الفلاحون يعتمدون على مياه الأمطار فقط.
وتطورت زراعة هذا المنتوج الفلاحي كثيرا بعد اعتماد الري، وانتقلت إلى الزمامرة وسيدي بنور وبولعوان والولجة، التي أصبحت إحدى أهم مصادر إنتاج “الكرعة الحمراء”.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد مدير المديرية الجهوية للفلاحة، احساين رحاوي، أنه تم زرع 290 هكتارا من القرعة الحمراء خلال الموسم الفلاحي الحالي، علما أن هناك مساحة إضافية تزرع بعد عملية الحصاد، مضيفا أنه ينتظر أن يصل حجم المحصول هذه السنة إلى 9200 طنا مقابل 5850 طنا في السنة الماضية.
وأوضح رحاوي أن شروط ومتطلبات زراعة القرع الأحمر، تتطلب توفير حقول تمتاز بدرجات حرارة معتدلة لضمان نمو جيد للجذور ما بين 22-25 درجة، كما تتطلب وجود تربة خفيفة غنية بالمواد العضوية وسقي متوازن ونسبة مقبولة من الحموضة.
وتحتاج نباتات القرع الأحمر إلى تسميد مضبوط بسماد العمق عند تحضير حفر الزرع، وإلى عناية خاصة، إذ أنها تبقى عرضة لعدة أمراض تعيق نموها وقد تعصف بها إن لم يتم الانتباه لها في الوقت المناسب.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس التنمية الفلاحية لدى المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي عبد العزيز أوعقا، أن الأمراض والحشرات التي تتعرض لها هذه الزراعة كثيرة وتختلف حسب المناطق والفصول، وتعتبر التدابير الوقائية فعالة لحماية النباتات.
وفي السنين الأخيرة لم تعد زراعة “القرعة الحمراء” حكرا على منطقة دكالة، بل تجاوزتها إلى مناطق أخرى بفضل السياسة المائية، وأصبحت مناطق سوس والخميسات والمنطقة الشرقية من أكبر مزودي السوق الداخلية بهذا المنتوج.
ويطلق اسم اليقطين على عدد من أنواع “الكرعة”. ويعرف اليقطين عادة عند المغاربة ب”الكرعة السلاوية” أو “السلاوي” ويختلف شكلا ولونا عن بقية أنواع الكرعة الأخرى.
ويتميز اليقطين بتنوع أشكاله، فقد نجد مثلا المكور وينقسم إلى قسمين، يطلق على الأول “الكرعة الحجية وتتميز بجلد أحرش نسبيا والكرعة الرطيلية وهي تتوفر على جلد ناعم الملمس. كما ظهر في السنوات الأخيرة نوع جديد أطلق عليه اسم “الكرعة مولات الصاية” وهو نوع يستعمل كثيرا في الزينة نظرا لشكله الغريب ولونه البرتقالي الناصع.
وأكدت الحاجة فاطنة بنت اعلي أن عائلتها اعتادت منذ سنوات زراعة “القرعة الحمراء” في حقول الذرة، إذ يتم جمعه ووضعه فوق سطوح البيوت أو في مخازن التبن للحفاظ عليه إلى ميقات الخريف والشتاء، حيث يستعمل عادة في “الكسكس” المصنوع من الذرة ويعرف ب”باداز”.
ومع توالي السنوات، ظهرت أنواع جديدة تفرعت عن “الكرعة” نتيجة تدخل جيني من قبل المختصين في علوم الزراعة، منها ما يطلق عليه اسم “الكورجيت” الذي يشبه إلى حد كبير “الكرعة السلاوية”.
وبعيدا عن الاستعمالات التقليدية، تفتقت عبقرية الطهاة على اختراع طرق جديدة لاستعماله في العصير والمربى ومستحضرات الحلويات.
وبما أن العديد من المهتمين بفنون الطبخ يعتبرونه فاكهة لتوفره على حبوب، فإنهم اهتموا باستخراج زيت معين من حبوبه، يستعمل في مستخلصات طبيعية للزينة لتليين بشرة الوجه وعلاج تساقط الشعر، دون الحديث على استعمال هذه الحبوب في مداواة عسر الهضم ومحاربة طفليات الجهاز الهضمي.
وتعد بذور القرع الأحمر مصدرا غنيا بالأحماض الذهنية، كما تتوفر على كمية مهمة من الألياف ومحتوى البروتين.
وتحتوي القرعة الحمراء على عدد من العناصر الغذائية الغنية بالفيتامينات، خاصة فيتامين (أ) وفيتامين (ب6) وفيتامين (ج) وفيتامين (B1)، بالإضافة إلى بعض المعادن مثل المغنيسيوم والفسفور والحديد والكالسيوم والبوتاسيوم والنحاس، ونسبة مهمة من الماء ومواد مضادة للأكسدة والسكريات والألياف الغذائية والكربوهيدرات والبروتينات والبيتا كاروتين.
يعتبر سوق الجملة بالجديدة أحد أهم مصادر تموين التجار بالتقسيط ب ” الكرعة الحمراء”.. ويعرف يوم كل خميس توافد العديد منهم لاقتناء ما هم في حاجة إليه.
وفي هذا الصدد، صرح مدير السوق، بدر الدين بوعلي، أن تجار هذا المنتوج يبيعون حوالي 10 أطنان منه كل أسبوع للتجار الموجودين بمختلف الأسواق التابعة لدكالة.
من جهته، أكد مصطفى الحركاتي، مستخدم منذ حوالي 20 سنة بالسوق نفسه، أن الإقبال يكثر على “القرعة الحمراء” انطلاقا من شهر ماي ويستمر إلى شهر غشت، حيث يبدأ في التراجع نظرا لتراجع الإنتاج.
التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة
أعلن حزب التجمع الوطني للأحرار، أنه تابع بابتهاج كبير جلسة العمل الملكية، التي كلف الملك، …