استعرض السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في أوسلو، رؤية المغرب الملتزمة وخياره الاستراتيجي الذي لا رجعة فيه، لحماية حقوق الأطفال أثناء النزاعات المسلحة.
وأبرز هلال، في كلمة يوم الاثنين خلال افتتاح الجلسة العامة للمؤتمر الدولي في أوسلو حول “حماية الأطفال أثناء النزاعات المسلحة”، أن لدى المغرب “رؤية ملتزمة لحماية حقوق الطفل والنهوض بها، وذلك بفضل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والانخراط الشخصي لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل وسفيرة الأمم المتحدة للطفولة، والتي حازت سموها على جائزة أبطال مبادرة الأمم المتحدة “جيل طليق”، التي تمنحها اليونيسف”.
وأشار، بهذه المناسبة، إلى أن المملكة اتخذت مجموعة من الإجراءات في إطار احترام التزاماتها على المستويين الوطني والدولي، مسجلا أن المغرب انضم، وعلى الصعيد القانوني، إلى مجموع ترسانة القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لحماية وتعزيز حقوق الطفل.
وذكر السفير بأن المملكة كانت من أوائل البلدان التي وقعت وصادقت على البروتوكولات الإضافية الثلاثة لاتفاقية حقوق الطفل، بما في ذلك البروتوكول المتعلق بالأطفال والنزاعات المسلحة، إلى جانب التزامها بمواءمة تشريعاتها الوطنية بشكل منتظم مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وعلى مستوى القانون غير الملزم، يضيف هلال، وقع المغرب وصادق على مبادئ باريس، ومبادئ فانكوفر، وإعلان المدارس الآمنة، ملاحظا أن التشريع الوطني المغربي ينظم الخدمة العسكرية في صفوف القوات المسلحة، وهو أمر تطوعي ومحدد في سن الثامنة عشر، وفقا للقانون الدولي.
وعلى الصعيد الترافعي، أشار هلال إلى أن المغرب يعمل بشكل نشط لضمان احترام حقوق الطفل والنهوض بها فعليا سواء في المملكة أو عبر العالم.
وأوضح، في هذا السياق، أن المغرب يواصل الترافع من أجل حماية الأطفال، وذلك في جميع الحالات، بما في ذلك الإنسانية، مذكرا بأن المملكة استضافت بالرباط، في 22 مارس 2022، الندوة الدولية حول “حماية الأطفال خلال الأزمات الإنسانية”، التي تتوجت باعتماد “نداء الرباط”، والذي يتضمن توصيات ملموسة، تدعو المجتمع الدولي وتلزمه بتعزيز جهود حماية الأطفال وتبادل الممارسات الجيدة لمنع ومكافحة التجنيد العسكري للأطفال وكافة أشكال استغلالهم في مناطق الأزمات، على ضوء القانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان.
وأشار الدبلوماسي أيضا إلى أن المغرب نظم في جنيف، في 21 نونبر 2022، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، لقاء حول “تجنيد الأطفال من قبل الميليشيات المسلحة”، بمشاركة ممثلين عن حكومات، ووكالات تابعة للأمم المتحدة والمجتمع المدني.
كما ذكر السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة بتأسيس الائتلاف المدني للترافع من أجل حماية الأطفال بمخيمات تيندوف، بالرباط في 12 فبراير 2022، لحماية الأطفال في مخيمات اللاجئين، لا سيما مخيمات تيندوف، مبرزا أن المغرب يعد عضوا نشطا داخل “مجموعة أصدقاء الأطفال المتأثرين بالنزاعات المسلحة”، ومقرها في جنيف.
وعلى الصعيد المؤسساتي، أفاد الدبلوماسي بأن المرصد الوطني لحقوق الطفل، الذي ترأسه الأميرة للا مريم، يعد مؤسسة رائدة وفعالة تضطلع بتتبع تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل، بهدف تعزيز حمايتها بشكل دائم، داخل جميع الهيئات، وفي كافة المجالات، وجميع الحالات.
وسجل، كذلك، أن برلمان الطفل في المغرب يضطلع بدور حاسم في مشاركة الأطفال بصفتهم شركاء في التنمية، مضيفا أن هذه المؤسسة المدمجة تبرز أهمية الحوار وتواصل الأطفال في ما بينهم من جهة، ومع باقي المتدخلين من جهة أخرى، مما سيمكن من توعية الأجيال القادمة بضرورة حماية حقوق الأطفال.
وتطرق هلال إلى إنشاء المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال، بالداخلة في 31 مارس 2022، موضحا أن مهمة هذا المركز تتمثل في جمع وتقديم معطيات دقيقة ونوعية وكمية من أجل تعميق البحث والمعرفة حول ظاهرة الجنود الأطفال في النزاعات المسلحة، وتوفير استجابات موجهة وفعالة للقضاء على هذه الظاهرة.
وعلى الصعيد الإقليمي، سلط السفير الضوء على العمل النشط للمغرب داخل المنظمات الإقليمية، من أجل تعزيز الوقاية من التجنيد العسكري للأطفال ومكافحته. وبمبادرة من المغرب، تبنى مجلس جامعة الدول العربية قرارا في مارس 2022، يقضي بالتصدي لظاهرة تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، و”خطة عربية شاملة للحد من عمليات تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة والإرهابية””.
وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي، اعتمد المغرب، خلال رئاسته لمجلس السلم والأمن، في أكتوبر 2022، إعلانا بشأن “حظر تجنيد الأطفال واستغلالهم في حالات النزاع”، مسجلا أن هذا الإعلان يدين بشدة استمرار تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل القوى والجماعات المسلحة، والمنظمات الإرهابية في القارة الإفريقية، ويسلط الضوء على أهمية خطط العمل الوطنية الشاملة لتعزيز الجهود الرامية إلى وضع حد لتجنيدهم واستخدامهم من قبل هذه القوى والجماعات المسلحة، والتسريح وإعادة الإدماج الأسري وفرض إلزامية التعليم.
وأضاف أن هذا الإعلان يشدد كذلك على ضرورة دمج حماية الطفولة في آليات الإنذار المبكر وآليات الوقاية من النزاعات وتسويتها، وإرساء وتعزيز السلم، وكذا إعادة الإعمار بعد انتهاء النزاعات.
وشدد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، في الختام، على أن المملكة تنضم إلى الالتزام العالمي من أجل بذل كل الجهود “لضمان حماية الأطفال في النزاعات المسلحة والحفاظ على مستقبلنا المشترك”.
وإلى جانب هلال، يضم الوفد المغربي المشارك في هذا الحدث كلا من سفيرة المغرب لدى مملكة النرويج وجمهورية إيسلندا، نبيلة فريدجي، وماجدة موتشو، الوزير المفوض بالبعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة بنيويورك.
ويضم المؤتمر الدولي في أوسلو، الذي نظمته حكومة النرويج، ممثلي حكومات ومنظمات أممية والمجتمع المدني، بهدف التفكير بشأن السبل والوسائل الكفيلة بتحقيق تعبئة دولية، من خلال إجراءات ملموسة، لحماية الأطفال، والحيلولة دون تجنيدهم بطرق غير قانونية وإرسالهم للقتال، والسهر على عدم انتهاك حقوقهم الأساسية في أوقات الحروب.